المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : ألام المسيح



دانة
2009-12-19, 08:04 AM
كتاب "الام المسيح ... رؤية نقدية إسلامية " قرأته وأحببت أن أنقل لكم شيئا من الذي ورد فيه ، الكتاب للأستاذ ياسر أنور وقد قدم له الدكتور عبد العظيم المطعني .سنبدأ بمقدمة الموضوع...



تأبى الحقيقة دائما إلا أن يكون لها وجه واحد ، إنها لا تجيد ارتداء الأقنعة , كما أنه ليس من أهدافها أن تضلل البشر ، إنها واضحة كالشمس ، ناصعة البياض كالثلج ، تقف على قارعة الطريق المستقيم تنادى على بنى البشر ،ولكن - وياللأسف – قليلون هم الذين يلتفتون إليها . والأكثرون يواصلون السعى دون أن يتحسسوا مواضع أقدامهم ، وكلما لاح بارق حق , أسدلوا ستار العمى فوق أعينهم ، وكلما هتف هاتف صدق ، هشموا أحرفه بحجارة اللامبالاة ، فتناثر صوته في غياهب المجهول . سقط الكثيرون فى هوة التيه ، ولكنهم يصرون على أنهم يمتلكون الحقيقة


"وما كان الله ليظلمهم ، ولكن كانوا أنفسهم يظلمون" . سورة العنكبوت آية 40

إننى فى هذا الكتاب أحاول أن أخلع بعض الغمام من الآفاق ، ذلك الغمام الذى تم تثبيته بمسامير الوهم , ليخفى وجه الحقيقة الملائكى . إننى أحاول أن أقترب من "الآخر" قليلا ، أحاول أن أمد له يدى لنسير معا فى طريق النور, كما أننى أتفهم جيدا كل التراكمات التاريخية والبيئية والنفسية ، تلك التى حالت بينه وبين التعرف على ذاته ، وإن أسوأ ما يمكن أن يواجهه الإنسان هو أن يجهل ذاته . لا صوت يعلو فوق صوت الحوار , هذا هو شعار عصر العولمة , حوار السياسات والأديان , لقد بدأت جبال الجليد في الذوبان , و ها هي الأسوار الشائكة تلفظ أنفاسها .

تمثل الكتب المقدسة معينا لا ينضب من الأفكار والتصاوير والمعاني والدلالات , ولا يوجد مثقف ولا كاتب ولا شاعر لم يستمتع بالإبحار في الكتب المقدسة , وكذلك روائع الأدب العالمي , باعتبارها ميراثا مشتركا لكل البشر .

إنني في هذه القراءة الجديدة لنصوص التوراة والإنجيل , أحاول أن ألملم شتات بعض الدلالات الجديدة التي تتخفى حينا وتتبدى أحايين , تلوح وتتوارى , تبوح وتصمت , تلمح وتصرح من خلال نصوص ساحرة وربما مراوغة .

إن نصوص العهد القديم والجديد تتميز بثراء الدلالات , ولقد طالب القرآن بتحكيم التوراة والإنجيل , فما المانع إذن من إعادة قراءة الكتب "المقدسة "للوصول إلى دلالات تتفق في مضمونها مع حقائق القرآن؟ , وبذلك نقلل من مساحات الخلاف مع الآخر, ونمد جسور التقارب والتفاهم .


"قل يا أهل الكتاب لستم على شئ حتى تقيموا التوراة والإنجيل وما أنزل إليكم من ربكم" سورة المائدة آية 68
"وليحكم أهل الإنجيل بما أنزل الله فيه ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الفاسقون" .سورة المائدة آية 47




الحقائق التي ذكرها القرآن فيما يتعلق بالمسيح عليه السلام :

1- عيسى عليه السلام ولد من عذراء, فماذا قال الإنجيل ؟
2-المسيح لم يصلب ؟ فهل أشار الإنجيل إلى ذلك ؟ .
3- المسيح دعا إلى عبادة الله الواحد , هل ذكر الإنجيل هذا الأمر؟
4- ماذا قال المسيح عن محمد صلى الله عليه وسلم ؟


منهج البحث:

1-الاعتماد على نصوص العهد القديم والجديد .
2-تفسير مصطلحات الإنجيل وفق معطياتها التاريخية والعقدية , أي من منظور العهد القديم .
3-عند تعارض نصين من الإنجيل لا يمكن الجمع بينهما , سنختار النص الذي اتفق على روايته العدد الأكبر من الأناجيل , أي ثلاثة ضد واحد أو اثنين ضد واحد .
4-عند استشكال أي لفظ من الإنجيل وغموض مدلوله ,سنحاول تأويله من خلال معرفة دلالته في موضع آخر . أي إن صح فهمه بطريقة ما في أحد المواضع , فسيكون هذا الفهم ملزما في موضع الاستشكال .
5-الألفاظ ذات الدلالات المتعددة , سنغترف منها يؤيد رؤيتنا , وخاصة أن أية دلالة ليست بأولى من الأخرى .



يتبع....

دانة
2009-12-19, 08:48 AM
أين المعجزة إذن ؟


من أخطر النبوءات التى اعتمدت عليها المسيحية فى إثبات أن عيسى عليه السلام هو المسيح ، تلك النبوءة التى ذكرت فى سفر "إشعياء" والتى تقول :


"ها العذراء تحبل وتلد ابنا ، وتدعو اسمه عمانوئيل" إشعياء (7 : 14)


هذه النبوءة هى التى أعتمد عليها الإنجيل لإثبات أن المسيح عليه السلام هو عيسى ، على أساس أنه الوحيد من دون البشر الذى ولد من أنثى بلا ذكر ، وعلى الرغم من أن هذه القضية محسومة عندنا نحن المسلمين ، غير أن الإنجيل نفاها بشدة من حيث أراد أن يثبتها ، وهدمها من حيث أراد أن يبنيها ، وقد حاولنا أن نبحث عن مخرج لهذا المأزق دون جدوى ,ونحن نرجو منهم أن يثبتوا لنا من خلال نصوص الإنجيل أن العذراء قد حملت وولدت إبنا .
وقبل أن يتسرع أحد ويستشهد بما جاء فى إنجيل متى ، نباغته بأن هذه المعجزة لم تتحقق لدى بنى إسرائيل الذين من حقهم أن يرفضوا المسيح عليه السلام ؛ لأن أهم آية وعلامة لم تتحقق في المسيح وفق روايات الإنجيل ، حيث كان المنتظر أن يولد المسيح من عذراء , ولكن الإنجيل جعل مريم عليها السلام إمرأة متزوجة من يوسف النجار ، وجعل ذلك الطفل إبنا ليوسف هذا ، وبالتالى حرم الإنجيل بغرابة شديدة ، وبدون إبداء أى مبرر ، حرم السيدة العذراء من هذا الشرف ، وكذلك حرم المسيح من أن يكون إبن العذراء ، بل هو وفق الرواية الإنجيلية إبن رجل وامرأة تزوجا زواجا عاديا وأنجبا طفلا عاديا ، إذن فقد كان لليهود عذرهم فى رفض هذا الطفل ، وها هى رواية إنجيل متى .


أما يسوع فقد تمت ولادته هكذا :
كانت أمه مريم مخطوبة ليوسف ، وقبل أن يجتمعا معا ، وجدت حبلى من الروح القدس . وإذ كان يوسف خطيبها بارا ، ولم يرد أن يشهر بها قرر أن يتركها سرا ، وبينما كان يفكر فى الأمر ، إذا ملاك من الرب قد ظهر له فى الحلم يقول : "يا يوسف إبن داود لا تخف أن تأتى بمريم عروسك إلى بيتك لأن الذى هى حبلى به إنما هو من الروح القدس ، فستلد ابنا وأنت تسميه يسوع ، لأنه هو الذى يخلص شعبه من خطاياهم" حدث هذا كله ليتم ما قاله الرب بلسان النبى القائل:
"ها إن العذراء تحبل وتلد ابنا ويدعى عمانوئيل ! أى : "الله معنا"


إذن فيوسف و مريم فقط هما اللذان قد علما بهذه المعجزة ! أما بقية الشعب اليهودى , فقد ظل يركض في نفق الغفلة معتقدا بأن المسيح إبن لهما من زواج طبيعى جدا ، وبذلك فقد أطلق الإنجيل الرصاص على هذه المعجزة الباهرة وألقاها جثة هامدة في كفن التاريخ من خلال تلك الرواية.


كيف تتحقق المعجزة إذن ؟

لكى تتحقق المعجزة – معجزة أن امرأة عذراء تحبل وتلد إبنا دون ذكر فلابد من تحديد ملامح الإطار التالي :-

1- لا يمكن للمرأة أن تدافع عن نفسها أمام الناس , وتزعم أن هذا الطفل قد ولد بمعجزة ؛ لأن أحدا لن يصدقها ، باعتبار أن هذا أمر غير معهود ، كما أن أية امرأة مهما كانت صالحة , لن تجرؤ على مواجهة الناس وتقول : إن هذا ولد مبارك ، لأنهم ليسوا سذجا لكى يصدقوا امرأة تقف ضد كل القوانين في استهزاء تام بعقولهم , وتقول إنه ولد سماوي .

2- ولن تقبل شهادة يوسف النجار كذلك ؛ لأنه أول من توجه إليه أصابع الاتهام .

3- لابد من مصدر آخر خارجي خارق للعادة يتولى هو إعلان المعجزة , هذا هوالأمر المنطقي الوحيد , الذي يجعلنا نتقبل هذا الحدث غير المنطقي وغير المعهود , وهذا ما أشار إليه القرآن , بأن الطفل كان لا بد أن يتكلم دفاعا عن أمه ؛ لأنه هو الوحيد الذي يمكن أن تقبل شهادته ؛لأن الرضع لا يتكلمون , وإن تكلموا فبمعجزة من عند الله .

إذن فرواية القرآن للمعجزة هي الوحيدة التي أثبتت المعجزة , أما رواية الإنجيل فقد انطلقت كقطار بلا سائق يدهس كل من يحاول إثبات المعجزة .

في أثناء نقاشي مع أحدهم حول هذه القضية , قال لي فلنأخذ برواية القرآن في هذه القضية فقط , ثم نحتكم بعد ذلك إلى الإنجيل فقلت له : إذا ثبت وجود فجوات أو حلقة واحدة مفقودة في موضع واحد ,هربت الحقيقة ليلا , واختبأت في عباءة المجهول , وإذا انشق الجسر في أي موضع ,فهل تستطيع الوصول إلى الشاطيء الآخر ؟


يتبع....

دانة
2009-12-19, 12:43 PM
الألوان السبعة


تعلمنا من دروس العلوم أن حزمة الضوء الأبيض تتكون من سبعة ألوان يمكن الحصول عليها من خلال منشور زجاجي ، كما أننا يمكن أن نعيد تلك الألوان إلى اللون الأبيض , بشرط أن تكون نفس الألوان السبعة وبنفس الترتيب , ولكن الذى حدث أنهم لم يستطيعوا أن يستعيدوا الحزمة الضوئية الناصعة البياض, ترى من الذي"لخبط" هذه الألوان السبعة ؟


ولماذا كانت النتيجة المؤلمة هى هذه الفوضى من الألوان غير المتناسقة ؟


سنحاول إعادة ترتيب الألوان حتى نصل إلى بكارة العقيدة , وسنحاول البحث في هذه السراديب عن حزمة الضوء البيضاء , ولابد أنها كائنة في مكان ما , إنني أستمع إلى نبض قلبها , و أنين أنفاسها , ها أنا أستشعرها , وأحس أنني أقترب منها , إن بينى وبينها ألفة لا يخطئها الضمير .


نعم إن الحقيقة التي باغت بها القرآن العالم كله في ثقة مدهشة , وتفرد باهر دون أن يعبأ بالفقاقيع التي تتطاير هنا وهناك ثم تنفجر ذاتيا , تلك الحقيقة منثورة في صفحات الأناجيل , ولا يمكن أن تقتلع من جذورها , ربما تساقطت بعض أوراقها حين حاولت أن تنهشها الزوابع ,لكنها فتية تبتلع الريح في جوفها , وتلوك خناجر المكر بشدقيها .نعم ها هي الحقيقة تتوسد الصمت الوثير , وتتمدد على فراش الثقة والإطمئنان , إنها نائمة , وتطيش من حولها كل السهام التي حاولت أن تغتال وجهها الملائكي , صحيح أن بعض الأتربة قد حاولت أن تحجب بريقها , غير أنها عندما تغتسل , ستعود حيث كانت , وصحيح أن بعض التجاعيد حاولت أن تنصب خيامها في وجهها , غير أن فرحة لقائها بأحبائها , ستبعث الدفء في عروقها , فتصبح أكثر نضارة وتألقا , لكن لن يسمح لنا بلقاء الحقيقة إلا بعد أن نمارس طقوس الاستعداد , ونحزم حقائب السفر , ثم نوزع خريطة ملامحها على كل عاشقيها .



إلى الخريطة إذن


العهد القديم


بالتأكيد لا يمكن الوصول إلى آخر درجة فى السلم دون المرور على الدرجات التى قبلها ، علما بـأن القفز على السلم ، وتجاوز بعض الدرجات غير مسموح به . إن خارطة العهد القديم تحتوى بلا شك على مفاتيح الأبواب المغلقة ، ولن نسمح بكسر أى باب ، ولماذا نلجأ إلى الكسر ، ولكل باب مفتاحه , فقط ضع المفتاح الصحيح فى بابه ليسمح لك بالدخول .



مصطلحات العهد القديم


وحدانية الله
اشتملت نصوص العهد القديم على آيات كثيرة تؤكد وحدانية الله ، بل إن الإنجيل نفسه يؤكدها , وينبغى الاتفاق على أن الوحدانية المذكورة فى العهد القديم ، يجب أن تكون هى ذاتها الوحدانية الموجودة فى الإنجيل ، بعيدا عن "الأقانيم التي يقدسونها" , وبعيدا عن وحدانية جديدة مغايرة لما فهمه عامة الناس والأنبياء من قبل من خلال نصوص العهد القديم , فليس من المعقول أن يراوغ الله البشر ، ولا يمكن أن تكون العقيدة الصحيحة ضد المنطق والتاريخ والبشر ، وليس من حق أحد أن يدعي أن اليهود لم يفهموا كتابهم ولم يفهموا إشارات التثليث المنثورة بين سطوره ،فلماذا لا يصرح إلههم لهم عن ذاته بعبارات واضحة لا غموض فيها ولا لبس ؟, هل من صفات إله اليهود أنه يتعمد أن يخدع البشر ويشوش عليهم ؟



هذه هى نصوص العهد القديم الدالة على وحدانية الله :
1- "اسمع يا إسرائيل ، الرب إلهنا رب واحد " تثنية (6 : 14)


2- "الرب هو الإله ، وليس آخر سواه" تثنية (4 : 35)


3- "أنا الأول وأنا الآخر ولا إله غيرى" إشعياء (44 : 66)


1- "فقال له الكاتب : جيدا يا معلم، بالحق قلت ، لأن الله واحد وليس آخر سواه" مرقس(12 : 32)


وغير ذلك من النصوص الكثيرة التى تثبت وحدانية الله .




الله لا ُُيُُُُُُُُرى


"ولكنك لن ترى وجهى لأن الإنسان الذى يرانى لا يعيش" الخروج (33 : 21)


وأما النصوص التى تثبت تجلى إلههم , فقد حملها مفسرو العهد القديم والجديد على أنها نصوص مجازية يراد بها تجلى قدرة ومجد الإله ، كالنصوص الآتية :


"لأنى شاهدت الله وجها لوجه وبقيت حيا" تكوين (32 : 31)
"وظهر الله ليعقوب مرة أخرى " تكوين (35 :10)


"ورآوا اله إسرائيل " خروج (24 : 10)


فرآوا الله وأكلوا وشربوا" خروج (24 : 12)


"فقال منوح لامرأته إننا لابد مائتان لأننا قد رأينا الله" قضاة (13 : 24)


روح الله


وهو من التعبيرات الشائعة فى العهد القديم, يدور استخدامه حول قوة الله أو ملك من الملائكة .
"وملأه من روح الله" خروج (35 :31)


"وابتدأ روح الرب يحركه فى أرض سبط دان" قضاة (13 :25)


"فحل عليه روح الله وتنبأ فى وسطهم" صموئيل الأول (10 : 11)


"وفارق روح الرب شاول ، وهاجمه من عند الرب روح ردىء يعذبه" صموئيل الأول (16 : 15)


"حل روح الرب على الجنود فتنبؤا هم أيضا" صموئيل الأول (9 :20)


يتبع....

دانة
2009-12-20, 06:31 AM
روح القدس

وهو من المصطلحات الشائكة التى تسببت فى إثارة الكثير من الغبار فى الأفق ، حتى كادت الرؤية تنعدم ، وكما هو معتاد , فإن هذا المصطلح كان نقيا أبيض كالثلج فى كتب العهد القديم ، حيث استخدم كثيرا وهو لم يزل فى طور بكارته إلى أن اغتالته الأفهام الجديدة بتفسيراتها .


"لكنهم تمردوا وأحزنوا روحه القدس" إشعياء (63 : 10)
أين من أقام روحه القدس فى وسطنا" إشعياء (63 : 12)
"ولا تنزع منى روحك القدوس" مزامير (51 : 11)


واضح من هذه النصوص أن مصطلح روح القدس لا يختلف عن "روح الرب" ولا "روح الله" بل إن ذلك من قبيل المترادفات , أما سياسة الهروب إلى الأمام أو المستقبل , وتفسير هذا المصطلح وفق الأقانيم التي يقدسونها فهو أمر يتصادم مع العقل ، ليس من المنطقى ابتلاع كل هذه الأزمنة السحيقة والادعاء بأن اليهود والأنبياء كانوا يجهلون تفسيرها , وإليكم ما كتبه أحدهم فى تعليقه على مفهوم الروح القدس فى كتابهم "المقدس" ، يقول :
"فيتضح من كل ما قيل فى الروح القدس فى العهد القديم أنه أقنوم ممتاز (متميز) ,غير أنه لم يتضح للكنيسة فى ذلك العهد أنه الأقنوم الثالث من الثالوث الأقدس كما انجلى للكنيسة الإنجيلية ، نعم إن الله ثلاثة أقانيم فى جوهر واحد منذ الأزل , غير أن معرفة ذلك أعلنت للبشر بالتدريج !!! .

وبالتأكيد فإن علامات التعجب من عندى أنا ،إنه يريد أن يقنعنا بما لم يستطع هو أن يقتنع به ، كما أنه بهذا الشكل يريد أن يخرج لسانه لكل الأنبياء واليهود السابقين ويقول لهم يا كفرة يا ولاد ..... !

أعتقد أنه ينبغي عليهم أن يسألوا اليهود إذن عن معنى الروح القدس ، فكما فهم اليهود هذا المصطلح , ينبغى أن يفهموه هم كذلك .



إبن الله

من أكثر المصطلحات شيوعا فى كتابهم "المقدس" , وعلى الرغم من رمزية ومجازية إستخدامه فى نصوص العهد القديم ، وعلى الرغم من أن هذا المصطلح لم يثر أية مشكلة لدى اليهود ، فكانوا يستخدمونه ببساطة وتلقائية وبراءة ، غير أن مثيرى المشاكل ومثيرى الشغب يصرون على أن لا يتركوا لنا مصطلحا نقيا إلا ويلوثوه ، تعالوا نتعرف على هذا المصطلح أولا :-



"أنتم أبناء للرب إلهكم" تثنية (14 : 1)
"إسرائيل هو ابنى البكر" خروج (4 : 22)
"أليس هو أباكم ؟" تثنية (32 : 6)
"وأنت أيها الرب أبونا" إشعياء (63 : 16)
"أنت أبى وإلهى" مزمور (89 : 26)


واضح من النصوص السابقة أنها بنوة مجازية تعنى عبد الله ، هذا هو رأى جميع اليهود والمسيحيين أيضا ، فلماذا يصرون على أن يجعلوا عبارات "المسيح بن الله" الواردة فى العهد الجديد , يصرون على أنها بنوة حقيقة تشير إلى أنه أحد الأقانيم الثلاثة ؟ ليس ثمة أية إضافات جديدة إلى المصطلح تجعله مختلفا عن ملامحه فى العهد القديم , إنه ذلك الوجه المألوف الذي رأيناه كثيرا يطل علينا من شرفات العهد القديم , بنفس ملابسه التقليدية ,وبنفس الصوت الذي ألفناه , فمن الذي حاول أن يوهمنا أنه ليس هو ؟ من الذي شوه المصطلح ؟ نحن نستطيع أن نقول فى ثقة "إن أزمتهم هى أزمة المصطلح"


الهرم المقلوب
كانت هذه جولة سريعة فى كتابهم "المقدس" ، جولة تحديد المصطلحات ومفاهيمها ، إنها الخريطة والبوصلة التى ينبغى على من أراد الإبحار أن يتسلح بها حتى لا يجرفه تيار التيه ، فعندما تتوه الحقيقة ، يشعر الإنسان بالاختناق , ولا يمكن لأحد أن يقتحم آفاقا يلوكها الدخان دون أن يضع "كمامة" على أنفه ؟ لقد نصب اليهود فخاخ الضلال لاصطياد أكبر عدد ممكن من الضحايا , إن الاغتيال المتعمد لأنثروبولوجي العهد القديم هو أكبر جريمة ارتكبت ضد الإنسانية .ولا يمكن أن يكون هرم عقيدة الأنبياء والمؤمنين مقلوبا , إن أحجاره متسقة الأحجام والألوان , فلماذا يصرون على قلب الهرم ؟


يتبع....

دانة
2009-12-20, 06:50 AM
المفاجأة
"المسيح لم يصلب بشهادة الإنجيل"


ليس هذا العنوان أحد مانشيتات الصحف ، ولا هو إعلان تجارى ، ولكنه صدمة مباغتة تشبه صدمة ارتطام رجل أعمى بجدار صخرى . لقد أعطى الكثيرون لأنفسهم الحق فى اقتحام نصوص العهد القديم وتفسيرها وفقا لمعتقداتهم الشخصية ، وادعوا فى جرأة يحسدون عليها أن اليهود والأنبياء لم يفهموا نصوص العهد القديم ، وأنهم هم فقط دون كل البشر من عهد "آدم عليه السلام" وإلى قيام الساعة الذين لديهم مفاتيح الحقيقة ، أى أنهم وقفوا ضد التاريخ وضد المنطق وضد البشر !
لماذا لا نعطى لأنفسنا نحن أيضا الحق فى اقتحام النصوص ذاتها ، ولن نكون ضد المنطق ولا التاريخ ولا البشر ؟ سنفاجأ بأن المسيح لم يصلب بشهادة العهد القديم والعهد الجديد معا على السواء .
لقد قام كاتبو بعض الكتب "المقدسة" "بحرفية" شديدة ، وبمهارة متقنة فى اجتزاء بعض النبوءات من كتب العهد القديم وطبقوها على المسيح ، أو بمعنى آخر ، كانوا أشبه بمن يقتطع قطعا من الصلصال ، قطعة من هنا وقطعة من هناك ليصنعوا منها تمثالا أطلقوا عليه اسم المسيح ، ولكن الحقيقة لم يكن لها أن تُطمس ، إن الذى يقوم بتزوير العملات الورقية ، يحاول بكل ما أوتى أن يجعل العملة المزورة تشبه العملة الحقيقة ، ويحاول أن يخدع من يمسك بالعملة ، وإذا نحن التمسنا العذر لمن خدعته العملة المزورة ، فإن الفطرة البشرية السوية لا يمكن أن تخدع ، لأن الله قد وهبها من الأدلة والبراهين ما يكفى لاكتشاف المغالطات ، فلماذا يصر البعض على التعامل بالعملات المزيفة؟


الأدلة على عدم صلب المسيح عليه السلام

أعيد وأؤكد ما قلته من قبل :
إن بعض كاتبي الكتب "المقدسة " كانوا محترفين فى دراسة العهد القديم ، استطاعوا أن يجرجروا بعض النبوءات من شعرها لتصبح ثوبا فى حجم المسيح تماما ، ولكن ولأن اللص غالبا ما يترك أثرا لإدانته ، فإنهم أيضا قد تركوا بعض الآثار التى تثبت تلاعبهم ، وسنعود إلى نفس النبوءات التى استدلوا بها علىصلب المسيح ، لنفاجأ بأنها تنطبق على يهوذا انطباق القفاز على اليدين .


الأدلّــة

ملحوظة :
ربما يلحظ القاريء أن الأدلة يمكن أن يعاد ترتيبها بطريقة مختلفة عن ترتيب الكتاب , وقد يكون معه الحق , لكنه ينبغي أن يعلم أن هذه الأدلة أشبه بعربات تتسابق بشراسة , كل عربة ترغب في أن تكون في المقدمة , فتسبق تارة وتتباطأ تارة أخرى .

1- وليستلم وظيفته آخر
جاءت هذه العبارة فى سفر أعمال الرسل عند اختيار خلف ليهوذا الإسخريوطى :
"لتصر داره خرابا ، لا يسكنها ساكن ، وأيضا ليستلم وظيفته آخر" أعمال الرسل (1 : 20)
وبالعودة إلى هذه النبوءة فى المزامير ، فوجئنا بشيئين :

الأول :
أن ثمة أنواعا من البشر لديهم القدرة على اختراع أفكار عجيبة بقدر ما تضحكك تبكيك.
الثانى :
أن النبوءة التى استدلوا بها عند اختيار خلف ليهوذا ، تشير بإصبعها إلى المصلوب قائلة : إنه يهوذا لا المسيح .


النبوءة

"ولّّّّّّّّّّّّّّّّّّّ على عدوى قاضيا ظالما ، وليقف خصمه عن يمينه يتهمه جورا عند محاكمته , ليثبت عليه ذنبه ، ولتحسب له صلاته خطيئة , لتقصر أيامه وليتول وظيفته آخر . ليتيتم بنوه وتترمل زوجته ، وليتشرد بنوه وليتسولوا ، وليلتمسوا قوتهم بعيدا عن خرائب سكناهم ....... لأنه تغافل عن إبداء الرحمة ، بل تعقب الفقير المنسحق القلب ليميته ، أحب اللعنة فلحقت به ........ أما أنت أيها الرب السيد ، فأحسن إلىّ من أجل اسمك ، وأنقذنى لأن رحمتك صالحة , ......" مزمور( 106 : 6_ آخر المزمور)


ومن هذا المزمور يتبين الآتى :
- يهوذا هو الذى سوف يحاكم لا المسيح.
- سوف يثبت عليه الذنب .
- سوف يصلب ، ويتيتم بنوه ، وتترمل زوجته .
- هو الذى خان المسيح وحاول أن يرشد عليه .
- سوف ينقذ الله المسيح .
والدليل السابق هو أهم وأخطر الأدلة التي تثبت نجاة المسيح , وصلب يهوذا , وسوف تفسر جميع النبوءات في إطاره بناء على رغبة كتاب الأناجيل .




2- وفق الشريعة اليهودية فإنه :
"ملعون كل من علق على خشبه"
وإليكم النص الذى فى سفر التثنية :
"إن ارتكب إنسان جريمة عقوبتها الإعدام ، ونفذ فيه القضاء وعلقتموه على خشبة ، فلا تثبت جثته على الخشبة ، بل ادفنوه فى نفس ذلك اليوم ، لأن المعلق ملعون من الله" تثنية (21 :22 – 23)


فمن يقبل أن يكون المسيح ملعونا من الله ؟ أم إن اللعنة قد لحقت بيهوذا كما جاء فى نبوءة المزامير السابقة :


"بل أحب اللعنة فلحقت به ......" مزمور (109 : 17)



3- جاء فى إنجيل يوحنا :

"وكما علق موسى الحية فى البرية ، فكذلك لابد من أن يعلق ابن الإنسان" يوحنا (3 : 14)
والحية عندهم رمز للشيطان ، فمن الذى يرمز للشيطان المسيح أم يهوذا ؟ وقد جاء فى إنجيل لوقا :


"ودخل الشيطان فى يهوذا الملقب بالإسخريوطى" لوقا (22:3)


يتبع....

سمير صيام
2009-12-21, 04:32 AM
متابع

دانة
2009-12-22, 05:57 AM
متابع



باركَ الله فيكَ أخي الكريم
أتشرف بمتابعتكَ للموضوع

دانة
2009-12-28, 07:24 AM
4- المسيح فى كل مواضع الإنجيل لم يقل : سوف أصلب ، وإنما كان يتكلم بضمير الغائب :
"إن ابن الإنسان سوف يصلب ، ويقتل"


وواضح أن استخدام ضمير الغائب هنا ليس اعتباطا , بل هو مقصود بالتأكيد , لإثبات الغائب الحاضر أو الحاضر الغائب ، فالشخص الحقيقى (المسيح) غائب , والشخص المصلوب شبيه المسيح (حاضر) , ولذلك لا يمكن لأى ضمير آخر أن يعبر عن هذا الأمر إلا ضمير الغائب . والموضع الوحيد الذى تكلم فيه المسيح بضمير المتكلم :
"وحين أعلق مرفوعا من الأرض ، أجذب إلى الجميع" يوحنا (12 :32)
فإنه لم يذكر هنا أى إشارة إلى الصلب ، كما أن الترجمة العربية "أعلق" غير صحيحة ، لأن الكلمة الإنجليزيةlifted up أى "أرُفع" لا "أعلق" ولا خلاف بيننا على أن المسيح قد رفع إلى السماء حيا أو ميتا ، كما أن الجملة باستخدام ضمير المتكلم هى جملة غير صحيحة أيضا ، وذلك لأن رد الكتبة والشيوخ على هذه العبارة وفى نفس الإنجيل (يوحنا) وفى الآية التى تليها هو الذى يشير إلى عدم صحتها , حيث أنهم قالوا :


"علمتنا الشريعة أن المسيح يبقى حيا إلى الأبد "
فكيف تقول : إن ابن الإنسان لابد أن يعلق ؟ لقد نسى يوحنا أنه قد بدل عبارة المسيح عند استخدامه ضمير المتكلم "وحين أعلق ...." ولكن لأن الكذب "مالوش رجلين" عاد هنا وكشف نفسه بنفسه حين استخدم مصطلح ابن الإنسان , ونحن بالتأكيد نتقدم بخالص الشكر إلى يوحنا, وإلى كل من كان عونا لنا فى إثبات التدخل البشر بين النصوص ؛ فهل من المنطقى أن يقول المسيح "وحين أعلق....." دون أن يذكر عبارة ابن الإنسان ,فيكون الرد منهم : فكيف تقول إن ابن الإنسان لابد أن يعلق؟ أم إن المنطقى أن يكون الرد : فكيف تقول إنك لابد أن تعلق ؟ بدليل أنهم قالوا بعد ذلك من هو ابن الإنسان هذا ؟، أى أنه لم يتكلم عن نفسه ابتداء . إذن ففى كل مواضع الإنجيل التى تحدث فيها المسيح عن الصلب , لم يقل سوف أصلب ، ولكنه قال إن ابن الإنسان سوف يصلب ويقتل . إذن ابن الإنسان هو أما صورة المسيح (شبيه) أوالمسيح الحقيقى

لقد استطاع المسيح عليه السلام بتأييد من الله سبحانه وتعالى أن يمكر بهؤلاء الذين سعوا إلى قتل نبيهم ، بعدما رآوا بأعينهم كل هذه المعجزات الباهرة التى أيده الله بها ، إذن فقد خُُُُدعوا من حيث أرادوا أن يخدعوا , وهم بلا شك يحملون ذنب قتل نبى ؛ لأنهم كانوا يعتقدون أنه هو ، ولا يشفع لهم ولا يعفيهم من الذنب أن المصلوب هو يهوذا حقيقة ، لأنهم يحاسبون وفق نيتهم هم , وهي "محاولة قتل نبى"


شبهة :
قد يقولون : جاء فى إنجيل متى :
" من ذلك الوقت بدأ يسوع يعلن لتلاميذه أنه لابد أن يمضي إلى أورشليم , ويتألم على أيدى الشيوخ ورؤساء الكهنة والكتبة ويقتل ......" متى (16 : 21)


والجواب

نعم لقد أعلن المسيح ذلك من خلال ضمير الغائب ابن الإنسان لا من خلال ضمير المتكلم , حيث أن هذه الرواية فى هذا الموضع جاءت متعارضة مع روايتى مرقس ولوقا اللذين استخدما مصطلح ابن الإنسان .
يقول مرقس :

"وأخذ يعلمهم أن ابن الإنسان لابد أن يتألم كثيرا ، ويرفضه الشيوخ ورؤساء الكهنة والكتبة ويقتل ....." مرقس (8 : 31)


ويقول لوقا :
"وسوف تتم جميع الأمور التى كتبها الأنبياء عن ابن الإنسان ، فإنه سيسلم إلى أيدى الأمم ، فيستهزأ به ويهان ويبصق عليه وبعد أن يجلدوه يقتلونه......" لوقا (8 : 31)

إذن يتضح أن مرقس ولوقا قد اتفقا على مصطلح ابن الإنسان ، أما متى فقد كتب ما فهمه هو لا ما قاله المسيح حرفيا ، فإما أن المسيح قد قال عبارة ابن الإنسان , وإما أنه قد تحدث عن نفسه ، فهل نقبل هذا التعارض ؟ أم نقبل روايتى كل من مرقس ولوقا ؟ أم نرفض الجميع ؟ إذن ليس أمامنا حل سوى هو , لا ما قاله المسيح حرفيا .


صاعقة :
لم يفهم أحد من التلاميذ عمن كان يتكلم المسيح , حتى موته المزعوم وقيامته المزعومة , وهذا دليل على نسف رواية متى .
" ولكنهم لم يفهموا شيئا من ذلك , وكان هذا الأمر خافيا عليهم ولم يدركوا ماقيل . "لوقا ( 18 : 34 )
"فإن التلاميذ لم يكونوا حتى ذلك الوقت قد فهموا أن الكتاب تنبأ بأنه لابد أن يقوم من بين الأموات " يوحنا (20 : 9 )