المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : من نور كلمات الرافعي ، متجدد بإذن الله



الرافعي
2010-01-06, 12:54 PM
وقفت عند قوله صلى الله عليه وسلم: "إن قوما ركبوا في سفينة، فاقتسموا، فصار لكل رجل منهم موضع، فنقر رجل منهم موضعه بفأس فقالوا: ما تصنع؟ قال: هو مكاني أصنع فيه ما شئت! فإن أخذوا على يده نجا و نجوا، و إن تركوه هلك و هلكوا..
فكان لهذا الحديث في نفسي كلام طويل عن هؤلاء الذين يخوضون معنا البحر و يسمون أنفسهم بالمجددين، و ينتحلون ضروبا من الأوصاف: كحرية الفكر و الغيرة، و الإصلاح، و لا يزال أحدهم ينقر موضعه من سفينة ديننا و أخلاقنا و آدابنا بفأسه، أي بقلمه.. زاعما أنه موضعه من الحياة الاجتماعية يصنع فيها ما يشاء و يتولاه كيف أراد، موجها لحماقته وجوها من المعاذير و الحجج، من المدنية و الفلسفة، جاهلا أن القانون في السفينة إنما هو قانون العاقبة دون غيرها، فالحكم لا يكون على العمل بعد وقوعه كما يُحكم على الأعمال الأخرى، بل قبل وقوعه؛ و العقاب لا يكون على الجرم يقترفه المجرم كما يعاقب اللص و القاتل و غيرهما، بل على الشروع فيه، بل على توجه النية إليه، فلا حرية هنا في عمل يُفسد خشب السفينة أو يمسه من قرب أو بعد، ما دامت ملجِّجة في بحرها، سائرة إلى غايتها، إذ كلمة ( الخرق) لا تحمل في السفينة معناها الأرضي، و هناك لفظة ( أصغر خرق) ليس لها إلا معنى واحد و هو ( أوسع قبر)...
ففكِّر في أعظم فلاسفة الدنيا مهما يكن من حريته و انطلاقه، فهو ههنها محدود على رغم أنفه بحدود من الخشب و الحديد تفسيرها في لغة البحر حدود الحياة و المصلحة و كما أن لفظة ( الخرق) يكون من معانيها في البحر القبر و الغرق و الهلاك، فكلمة ( الفلسفة) يكون من بعض معانيها في الاجتماع الحماقة و الغفلة و البلاهة، و كلمة الحرية يكون من معانيها الجناية و الزيغ و الفساد ، و على هذا القياس اللغوي القلم في أيدي بعض الكتاب من معانيه الفأس، و الكاتب من معانيه المخرِّب، و الكتابة من معانيها الخيانة..

دانة
2010-01-06, 01:33 PM
أخي مسلم موفق كعادتك في طرح الأفكار والمواضيع المفيدة باركَ الله فيكَ
حرية الرأي والتعبير مسألة شائكة حقا في عالمنا الجديد ففي الدول المتقدمة كما تسمى يُعّرفون حرية الرأي و التعبير بأنها الحرية في التعبير عن الأفكار و الآراء عن طريق الكتابة أو الكلام أو الأعمال الفنية بدون رقابة أو قيود حكومية بشرط أن لا يمثل طريقة و مضمون الأفكار أو الآراء ما يمكن اعتباره خرقاً لقوانين و أعراف الدولة .ولطالما تعجبت حقا من الأنسان الذي يقبل أن يخضع لقيود ناتجة عن قوانين وضعية ولا يناقشها ويرفض أن تكون هناكَ حدود لهذه الحرية بناءا للقوانين السماوية بحجة الأنفتاح والتجدد والتخلص من الأفكار البالية أو حتى ربما بحجة عدم فهم الغرض منها... إذا كنت قد قبلت بقوانين وضعها البشر وتُسّير حريتك الشخصية على أساسها لماذا ترفض الأنصياع للقوانين السماوية التي تحكم البشر وعلاقاتهم وتعاملاتهم .
سؤال لطالما ألح علي وأنا أرى إنتقاد الغرب للأحكام والشرائع الأسلامية أنسير على أحكام العباد ولا نسير على أحكام رب العباد .

الرافعي
2010-01-09, 03:51 PM
بارك الله فيك أختي الكريمة دانة على الإضافة

نتابع بإذن الله

الرافعي
2010-01-09, 03:53 PM
الفرق بين كاتب متعفف وبين كاتب مُتعهِّر أن الأول مثقل بواجب، والآخر مثقل به ذلك الواجب ... .

*****
تمام بعض اللذات في الحرمان من بعض اللذات

*****
كُن ِ الرجلَ في معانيه القوية فلن تجد المرأة معك إلا في أقوى معانيها

*******
يكبر بعض الأدباء من صِغر المحيطين بهم؛ قالوا: بعرت شاة حول قطعة من حجر، فنطقت بعرة فقالت للحجر: يا ما أعظمك أيها الجبل الشامخ...

*******

دجاجة القفص امرأة متحجبة في نظر الثعلب؛ وحجابها جهل وحماقة ورجعية وتخلف عن زمن الثعالب...


يتبع إن شاء الله

الرافعي
2010-01-13, 11:34 AM
• يَقُولُ لكَ الزَّاهِدُ العابِدُ: اخْرُجْ منَ الدُّنيا وادْخُلْ في نَفْسِكَ. ويَقُولُ لكَ الماجِنُ الخَلِيعُ: اخْرُجْ مِن نَفْسِكَ وادْخُلْ في الدُّنيا، ويَقُولُ لكَ الحَكِيمُ العاقِلُ: كُنْ في الإنسانيَّةِ تكُنْ في نَفْسِكَ وفي الدُّنيا.

• الفَيْلَسُوفُ الحَقُّ هو الَّذِي يَنْتَهِي مِن نَفسِهِ إلى مَوضِعٍ عقليٍّ يكونُ فيه معَ الحياةِ كما يكونُ القاضي في مَوضِعِهِ العَقليِّ مع الحَوادِثِ: تأتِيهِ لِيَحْكُمَ عَلَيها لا لِتَحْكُمَ عَلَيه.

• أَعظَمُ الشُّعَراءِ، وَأَعظَمُ الفَلاسِفَةِ مَن بَلَغَ دَرَجَةَ الطِّفْلِ في جَعْلِ حُكمِهِ على الدُّنيا مِنَ الشُّعُورِ لا مِنَ الفِكْر..

دانة
2010-01-14, 10:25 AM
متابعة معكَ أخي الفاضل لدرر الرافعي