المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : توطين النفوس على المصائب قبل وقوعها



عزتي بديني
2010-02-23, 10:08 PM
بسم الله الرحمن الرحيم

قال تعالى: {وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ (155) الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ (156) أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ (157)} سورة البقرة.




•°•توطين النفوس على المصائب قبل وقوعها•°•
أخبر تعالى أنه لا بد أن يبتلي عباده بالمحن؛ ليتبين:
*الصادق من الكاذب
*والجازع من الصابر


الابتلاء سنة الحياة:

وهذه سنته تعالى في عباده؛ لأن السراء لو استمرت لأهل الإيمان، ولم يحصل معها محنة، لحصل الاختلاط الذي هو فساد،
وحكمة الله تقتضي تمييز أهل الخير من أهل الشر.
(هذه فائدة المحن)
لا إزالة ما مع المؤمنين من الإيمان
ولا ردّهم عن دينهم
فما كان الله ليضيع إيمان المؤمنين.


فأخبر في هذه الآية أنه سيبتلي عباده:


v {بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ} من الأعداء
v { وَالْجُوعِ } أي: بشيء يسير منهما؛ لأنه لو ابتلاهم بالخوف كله أو الجوع لهلكوا
والمحن تمحص لا تهلك
v {وَنَقْصٍ مِنَ}:
o {الأمْوَالِ} وهذا يشمل جميع النقص المعتري للأموال من جوائح سماوية، وغرق، وضياع، وأخذ الظلمة للأموال من الملوك الظلمة، وقطاع الطريق وغير ذلك.
o {وَالأنْفُسِ} أي: ذهاب الأحباب من الأولاد، والأقارب، والأصحاب، ومن أنواع الأمراض في بدن العبد، أو بدن من يحبه
o {وَالثَّمَرَاتِ} أي: الحبوب، وثمار النخيل، والأشجار كلها، والخضر ببرد، أو برد، أو حرق، أو آفة سماوية، من جراد ونحوه.
فهذه الأمور، لا بد أن تقع؛ لأن العليم الخبير، أخبر بها، فوقعت كما أخبر



وصف الصابرين:

ثم وصفهم بقوله: {الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ} وهي كلّ ما يؤلم القلب أو البدن أو كليهما مما تقدم ذكره.
{قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ} أي: مملوكون لله، مدبَّرون تحت أمره وتصريفه، فليس لنا من أنفسنا وأموالنا شيء، فإذا ابتلانا بشيء منها، فقد تصرف أرحم الراحمين، بمماليكه وأموالهم، فلا اعتراض عليه
بل من كمال عبودية العبد، علمه، بأن وقوع البلية من المالك الحكيم، الذي أرحم بعبده من نفسه،


فيوجب له ذلك:


§ الرضا عن الله
§ والشكر له على تدبيره، لما هو خير لعبده، وإن لم يشعر بذلك.
ومع أننا مملوكون لله، فإنا إليه راجعون يوم المعاد، فمجاز كل عامل بعمله
ثمرة كلّ من الصبر والجزع:[/COLOR


]فإن صبرنا واحتسبنا ç وجدنا أجرنا موفورًا عنده
وإن جزعنا وسخطنا ç لم يكن حظّنا إلا السخط وفوات الأجر


فكون العبد لله، وراجع إليه، من أقوى أسباب الصبر
جزاء الصابرين:


*{أُولَئِكَ} الموصوفون بالصبر المذكور
ü {عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ} أي: ثناء وتنويه بحالهم
ü {وَرَحْمَةٌ} عظيمة.
ومن رحمته إياهم، أن وفّقهم للصبر الذي ينالون به كمال الأجر
*{وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ} الذين:
عرفوا الحق: وهو في هذا الموضع، علمهم بأنهم لله، وأنهم إليه راجعون
وعملوا به: وهو هنا صبرهم لله.
ودلت هذه الآية، على أن من لم يصبر، فله ضد ما لهم، فحصل له الذم من الله، والعقوبة، والضلال والخسار
فما أعظم الفرق بين الفريقين
وما أقل تعب الصابرين، وأعظم عناء الجازعين.


[COLOR=magenta]فقد اشتملت هاتان الآيتان على:


· توطين النفوس على المصائب قبل وقوعها، لتخف وتسهل إذا وقعت
· وبيان ما تقابل به إذا وقعت، وهو الصبر
· وبيان ما يعين على الصبر
· وما للصابر من الأجر
· ويعلم حال غير الصابر، بضد حال الصابر
· وأن هذا الابتلاء والامتحان، سنة الله التي قد خلت، ولن تجد لسنة الله تبديلا وبيان أنواع المصائب.


المرجع: تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان للشيخ السعدي رحمه الله