المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : فضل أعدائي عليّ !



لطفي عيساني
2010-03-20, 01:14 AM
بسم الله الرحمن الرحيم


عداتي لهم فضل عليّ ومِنة ٌ = فلا صرف الرحمن عني الأعاديا
هم بحثوا عن زلتي فاجتنبتها = وهم نافسوني فاكتسبت المعاليا

هكذا نظر الشاعر إلى لغة النقد ، سواء صدرت من صديق أو من عدو
فإن كان نقداً بناء فهو المقصود وانتفع به
وإن كان نقداً لأجل النقد أو نتيجة حسد لسعي الفتى فإنه ينظر إليه من زاوية أخرى ، ألا وهي إبراز عيوبه بادية أمام عينيه فيتحاشاها ويتلافاها بقدر استطاعته

فهو يسأل ربه أن لا يصرف عنه هذا النوع من الأعداء !
هذا النوع الذي يبحث عن الزّلاّت بالمناظير والمكبّرات حتى يُبصروا القذاة في عيون الآخرين والجذوع في أعينهم مُعترضة لا يرونها !
فـ " يبصر أحدكم القـذاة في عين أخيه وينسى الجذل أو الجذع في عين نفسه "
[ هذا لفظ حديث رواه البخاري في الأدب المفرد مرفوعاً وموقوفاً ، وصحح الشيخ الألباني وقفـه على أبي هريرة ، ورواه ابن حبان مرفوعاً - أي من قول رسول الله صلى الله عليه وسلم ]
قال أبو عبيد : الجـذل الخشبـة العالية الكبيرة

وهم نافسوه فجعلوه يُنافس في كل شرف مروم فلم يرضَ بما دون الثريا

ويرى الشافعي أن النقد – وربما السب – يصقل معدن الإنسان حتى يبدو طيب معدنه وكريم أصله

يخاطبني السفيه بكل قبح = فأكره أن أكون له مجيبا
يزيد سفاهة فأزيد حلما = كعود زاده الإحراق طيبا

فلا تغضب إن حسدوك على حثيث سعيك
فما يُحسد خامل
ولا يُنافِس في المكارم عاجز

حسدوا الفتى إذ لم ينالوا سعيه = فالقوم أعداء له وخصوم
كضرائر الحسناء قلن لوجهها = حسدا وبغيا : إنه لدميم !
وترى اللبيب محسّداً لم يَجتلِب = شتم الرجال وعرضه مشتوم

فسر قُدُماً – رعاك الله –
سِـر وكُن حليماً صبوراً
سِـر وادفن الشر بمقبرة الخير والإحسان !

ألم تر أن الحلم زين مُسوِّد = لصاحبه ، والجهل للمرء شائن
فكن دافناً للشر بالخير تسترح = من الهم ، إن الخير للشر دافن

ربما كان النقد أمـرّ من العلقم ، ولكنه إذا نظر في بواطنه شكر الناقد على نقده
فلم يحمله النقد على الحقد
إذ لا يحمل الحقد سيد في قومه
فإن الذي بيني وبين عشيرتي = وبين بني عمي لمختلف جـدا
إذا قدحوا لي نار حرب بزندهم = قدحت لهم في كل مكرمة زندا
وإن أكلوا لحمي وفرت لحومهم =وإن هدموا مجدي بنيت لهم مجدا
ولا أحمل الحقد القديم عليهم = وليس رئيس القوم من يحمل الحقدا
وأعطيهم مالي إذا كنت واجدا = وإن قل مالي لم أكلفهم رفـدا

وُجِّـه النقد الآثم لسيد ولد آدم
فقال له جدّ الخوارج : ما عدلتَ !
وقال له مرّة :
يا محمد اتق الله !
فَرَدّ عليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم- ، فقال : ويلك ! أوَ لستُ أحق أهل الأرض أن يتقي الله ؟
ثم ولّى الرجل ، فقال خالد بن الوليد : يا رسول الله ألا أضرب عنقه ؟
قال : لا ، لعله أن يكون يصلي .
فقال خالد : وكم من مصل يقول بلسانه ما ليس في قلبه ؟
قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم- : إني لم أومر أن أنقب قلوب الناس ، ولا أشق بطونهم . رواه البخاري ومسلم .
لما عفوت ولم أحقد على أحد = أرحت قلبي من غمّ العداواتِ
إني أحيى عدوي عند رؤيته = لأدفع الشر عني بالتحياتِ
وأظهر البشر للإنسان أبغضه = كأنما قد حَشَى قلبي محباتِ

لما عفا استراح قلبه وصفا