المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الدليل على دخول الجان في جسم الإنسان



سكون الليل
2010-04-05, 01:29 AM
الدليل على دخول الجان في جسم الإنسان
*********************
أ ولاً: الأدلة من القرآن الكريم:
********************************




قال تعالي: ﴿الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لَا يَقُومُونَ إِلَّا كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ﴾ ( ).
قال الإمام الحافظ ابن كثير:: أي لا يقومون إلا كما يقوم المصروع حالة صرعه وتخبط الشيطان له ( ).
قال الإمام الطبري:: لا يقومون في الآخرة من قبورهم إلا كما يقوم الذي يتخبطه الشيطان من المس ويعني بذلك يتخبطه الشيطان في الدنيا فيصرعه من المس: يعني الجنون ( ).
قال الإمام القرطبي:: في هذه الآية دليل على فساد من أنكر الصرع من جهة الجن وزعم أنه من فعل الطبائع، وأن الشيطان لا يسلك في الإنسان ولا يكون منه مس ( ).
يقول الإمام الآلوسي :: إن الذين يأكلون الربا لا يقومون إلا قياماً كقيام المصروع فى الدنيا والتخبط: تفعل بمعني فعل وأصله ضرب متوال على أنحاء مختلفة، أما عن قوله تعالي ﴿مِنَ الْمَسِّ﴾ فيقول: أي الجنون، يقال: مس الرجل فهو ممسوس إذا جن، وأصله اللمس باليد، وسمي به لأن الشيطان قد يمس الرجل وأخلاطه مستعدة للفساد فتفسد ويحدث الجنون( ).
ثانيا: الأدلة من السنة النبوية
***********************************
ومن حديث يعلي بن مرة ا قال عن النبي ﷺ أنه أتته امرأة بابن لها قد أصابه لمم فقال له النبي ﷺ: «أخرج عدو الله أنا رسول الله» قال: فبرأ فأهدت له كبشين وشيئاً من أقط وسمن فقال رسول الله ﷺ: «يا يعلي خذ الأقط والسمن وخذ أحد الكبشين ورد عليها الآخر» ( ).
وعن عثمان بن أبي العاص ا قال: لما استعملني رسول الله ﷺ على الطائف جعل يعرض لي شيء في صلاتي حتى ما أدري ما أصلي فلما رأيت ذلك رحلت إلى رسول الله ﷺ فقال ابن أبي العاص: قلت: نعم يا رسول الله قال: «ما جاء بك»؟
قلت: يا رسول الله عرض لي شيء في صلواتي حتى ما أدري ما أصلي قال ذاك الشيطان أدنه فدنوت منه فجلست على صدور قدمي قال فضرب صدري بيده وتفل في فمي وقال: «أخرج عدو الله ففعل ذلك ثلاث مرات ثم قال: الحق بعملك»( ).
قال رسول الله ﷺ: «إن الشيطان يجري من الإنسان مجري الدم»( ).


وفي رواية: «فإن الشيطان يجري من أحدكم مجري الدم»( ).


عن ابن مسعود انه قال: كان رسول الله ﷺ إذا دخل في الصلاة يقول: «اللهم إني أعوذ بك من الشيطان الرجيم وهمزه ونفخه ونفثه»( ).
قال: فهمزه: الموته: (نوع من الجنون والصرع).
ونفثه: الشعر. ونفخه: الكبرياء.
وعن عبد الرحمن بن أبي ليلي عن أبيه قال: كنت جالسا عند النبيﷺ إذا جاءه أعرابي فقال: إن لي أخاً وجعًا قال: «وما وجع أخيك؟» قال: به لمم قال: «اذهب فأتني به» قال: فذهب فجاء به فأجلسه بين يديه فسمعته عوذه بفاتحة الكتاب، وأربع آيات من أول سورة البقرة، وآيتين من وسطهما ﴿وَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ﴾ وآية الكرسي، وثلاث آيات من خاتمتها، وآية من أول آل عمران أحسبه قال: ﴿شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ﴾ وآية من الأعراف ﴿إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ﴾ الآية وآية من المؤمنون ﴿وَمَن يَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ لَا بُرْهَانَ لَهُ بِهِ﴾ وآية من الجن ﴿وَأَنَّهُ تَعَالَى جَدُّ رَبِّنَا مَا اتَخَّذَ صَاحِبَةً وَلَا وَلَدًا﴾ وعشر آيات من أول الصافات، وثلاث من آخر الحشر و﴿قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ﴾ والمعوذتين، فقام الأعرابي قد برئ ليس به بأس ( ).
وعن خارجة بن الصلت عن عمه أنه أتي النبي ﷺ فأسلم، ثم أقبل راجعاً من عنده، فمر على قوم عندهم رجل مجنون موثق بالحديد، فقال أهله: إنا حُدثنا أن صاحبكم هذا قد جاء بخير فهل عندكم شيء تداوونه به، فرقيته بفاتحة الكتاب، فبرأ فأعطوني مائة شاة، فأتيت رسول الله ﷺ فأخبرته، فقال: «هل قلت غير هذا»؟ قلت: لا.
قال: «فخذها، فلعمري لمن أكل برقية باطل، لقد أكلت برقية حق».
وفي رواية: فرقاه بفاتحة الكتاب ثلاثة أيام، غدوة وعشية كلما ختمها جمع بزاقه ثم تفل ( ).
وعن أبي اليسر ا أن رسول الله ﷺ كان يدعو: «اللهم إني أعوذ بك من الهرم والتردي والهدم والغم والحريق والغرق، وأعوذ بك أن يتخبطني الشيطان (يمسني الشيطان بخبل أو جنون» عند الموت، وأن أقتل في سبيلك مدبرًا وأعوذ بك أن أموت لديغاً» ( ).
وعن جابر بن عبد الله ب قال: خرجنا مع رسول الله ﷺ في غزوة ذات الرقاع، حتى إذا كنا بحرة واقم عرضت امرأة بدوية بابن لها فجاءت إلى رسول الله ﷺ فقالت: يا رسول الله هذا ابني قد غلبني عليه الشيطان، فقال: «أدنيه مني» فأدنته منه قال: «افتحي فمه» ففتحته، فبصق فيه رسول الله ﷺ ثم قال: «اخسأ عدو الله وأنا رسول الله» قالها ثلاث مرات ثم قال: «شأنك بابنك ليس عليه فلن يعود إليه شيء مما كان يصيبه» ( )
ثالثا: آراء أهل العلم:
***********************
يقول الإمام شيخ الإسلام ابن تيمية:: وجود الجن ثابت بالقرآن والسنة وإتفاق سلف الأمة وكذلك دخول الجن في بدن الإنسان ثابت باتفاق أئمة أهل السنة، وهو أمر مشهور محسوس لمن تدبره، يدخل في المصروع، ويتكلم بكلام لا يعرفه، بل ولا يدري به.
يقول عبد الله بن أحمد بن حنبل:: قلت لأبي: إن أقوامًا يزعمون أن الجني لا يدخل في بدن الإنس؟
فقال: يا بني يكذبون، هو ذا يتكلم على لسانه.
قال الإمام ابن حزم:: وصح أن الشيطان يمس الإنسان الذي يسلطه الله عليه مسا، كما جاء في القرآن يثير به من طبائعه السوداء والأبخرة المتصاعدة إلى الدماغ، كما يخبر به عن نفسه كل مصروع، بلا خلاف منهم، فيحدث الله عز وجل الصرع والتخبط حينئذ كما نشاهده، وهذا هو نص القرآن وما توجبه المشاهدة.
ويقول الإمام ابن القيم الجوزيه:: الصرع نوعان، صرع من الأرواح الخبيثة الأرضية وصرع من الأخلاط الرديئة وهي التى تسمي الآن عند الأطباء (كهرباء زائدة بالمخ) ( ).
ويقول القاضي عبد الجبار :: إذا صح ما دلنا عليه من رقة أجسامهم وأنها كالهواء لم يمتنع دخولهم في أبداننا، كما يدخل الريح والنفس المتردد الذي هو الروح في أبداننا من التخرق والتخلخل ولا يؤدي ذلك إلى اجتماع الجواهر في حيز واحد، لأنها لا تجتمع إلا على طريق المجاور لا على سبيل الحال، وإنما تدخل في أجسامنا كما يدخل الجسم الرقيق في الظروف.
فإن قيل: إن دخول الجن في أجسامنا إلى هذه المواضع يوجب تقطيعها أو تقطيع الشياطين، لأن المواضع الضيقة لا يدخلها الجسم إلا ويتقطع الجسم الداخل فيها.
قيل له: إنما يكون ما ذكرته إذا كانت الأجسام التى تدخل في الأجسام الكثيفة كالحديد والخشب، فأما إذا كانت كالهواء فالأمر بخلاف ما ذكرته، وكذلك القول في الشياطين: إنهم لا يتقطعون في الأجسام، لأنهم إما أن يدخلوا بكليتهم فبعضهم متصل ببعض فلا يتقطعون، وإما أن يدخلوا بعض أجسامهم إلا أن بعضهم متصل ببعض فلا يتقطع أيضا، وهذا مثل أن تدخل الحية في جحرها كلها، أو يدخل بعضها وبعضها يبقي خارج الجحر، لأن ذلك لا يوجب تقطعها، وليس لأحد أن يقول: ما أنكرتم إذا حصل الجن في المعدة أن يكون قد أكلناه كما إذا حصل الطعام فيها كنا أكلين له، وذلك لأن الأكل هو معالجة ما يوصل بالمضغ والبلع وليس كل ما يحصل في المعدة تكون له أكلين ولا يكون الماء بحصوله في المعدة مأكولا.
فإن قيل: يجوز أن يدخلوا في الأحجار، قيل نعم إذا كانت متخلخلة كما يجوز دخول الهواء فيها.
فإذا قيل فيجب على ما ذكرتم دخول الشيطان وزوجته في جوف الآدمي فينكحها فتحبل وتلد فيكون لهم في جوف الواحد منا أولاد.
قيل: قد أجاب أبو هاشم عن هذا السؤال بأن هذا الا يمتنع في الأجسام الرقاق كما لا يمتنع ذلك في الأجسام اللطاف.
قال القاضي عبد الجبار:: وإنما قال ذلك لأنها قد صارت في الشهرة والظهور كشهرة الأخبار في الصلاة والصيام والحج والزكاة، ومن أنكر هذه الأخبار التى ذكرناها كان رادا، والراد على رسول الله ﷺ ما لا سبيل إلى علمه إلا من جهته كافر، ومن لا يعلم أن المعجزات لا يقدر عليها إلا الله عز وجل وحده لم يصح له أن يعلم أن الأجسام لا يفعلها إلا الله عز وجل، ومن لا يعلم ذلك لم يمكنه إثبات قادر لنفسه، ولا عالم لنفسه، ولا حي لنفسه. ( ).
ويقول الشيخ ابن عثيمين:: ومن عدوان الجن على الإنس أن الجني يصرع الإنسي فيطرحه، ويدعه يضطرب حتى يغمي عليه، وربما قادة إلى ما فيه هلاكه من إلقائه في حفرة أو ماء يغرقه، أو نار تحرقه وقد شبه الله تعالي آكلي الربا عند قيامهم من قبورهم بالمصروع الذي يتخبطه الشيطان كما قال الله عز وجل: ﴿الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لَا يَقُومُونَ إِلَّا كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ﴾
قال ابن جرير : وهو الذي يتخبطه فيصرعه.
وقال البغوي :: يتخبطه الشيطان أي يصرعه ومعناه أن آكل الربا يبعث يوم القيامة كمثل المصروع. ( ).
ويقول الشيخ محمد متولي الشعراوي : نتعرض لحديث رسول الله ﷺ الذي يقول فيه:«إن الشيطان يجري من الإنسان مجرى الدم» ( ).
ذلك أن بعض المستشرقين يحاول التشكيك في هذا الحديث.
ونقول لهؤلاء المشككين الذين يحاولون أن يجدوا ثغرة ينفثون من خلاها سمومهم وهيهات إن الدم فيه مكونات كثيرة تجري فيه. منها الحديد والفوسفات والكالسيوم وغير ذلك من المكونات التى أظهرتها لنا التحاليل الحديثة.
بل إن الميكروبات والجراثيم وهي جسم مادي تخترق الجلد وتدخل إلى الدم، وتظل فيه فترة حضانتها حتى تتكاثر وتقوم بينها وبين كرات الدم البيضاء معارك، والشيطان ليس مخلوق من مادة الطين، بل هو مخلوق من مادة أكثر شفافية وهو غاية في اللطف والدقة فكيف نستكثر أن يخترق الجلد ويجري في الدم كما تجري عشرات المواد الصلبة وتحن لا نحس بها( ).
ولقد سئل الشيخ عطية صقر : هذا السؤال:
س: لي طفل تنتابه أحيانا حالة عصبية ويتشنج ثم يفيق،


قيل لي: اقرئي عليه قرآنا ليحفظه الله من هذا الصراع، فهل هذا صحيح؟.
فأجاب:
****
هناك أمراض عصبية ترجع إلى مؤثرات جسمية أو نفسية يعرفها الأطباء بالفحص ويعالجون مصدرها بالعقاقير والأدوية الحديثة أو الوسائل الأخري التى يعرفها أهل الذكر، ولابد من عرض المريض عليهم أولا فإن شفي بها، وإلا كان الصرع له مصدر آخر، وهذا المصدر الآخر يشك فيه كثير من الناس، وإن كانت الأحوال النفسية والروحية حقيقة واقعة لا مجال للشك فيها، ولها مدارسها المتخصصة الآن، وقد تحدث ابن القيم في كتابه (زاد المعاد) عن الصرع فقال: الصرع صرعان، صرع من الأرواح الخبيثة الأرضية وصرع من الأخلاط الرديئة، والثاني هو الذي يتكلم فيه الأطباء وسببه وعلاجه، وأما صرع الأرواح فأئمتهم وعقلائهم يعترفون به ولا ينكرونه، ويعترفون بأن علاجه بمقابلة الأرواح الشريفة الخيرة العلوية لتلك الأرواح الشريرة الخبيثة، فيدفع آثارها وتعارض أفعالها وتبطلها.
ثم قال الإمام ابن القيم:: لا ينكر هذا النوع من الصرع إلا من ليس له حظ وافر من معرفة الأسرار الروحية، وأورد بعض الحوادث التى حدثت أيام النبيﷺ وأثرقوة الروح وصدق العزيمة في علاجها، وأفاض في النعي على من ينكرون ذلك، هذا، وإذا كانت للصرع عدة أسباب منها مادية ونفسية أو روحية أو أخري، فلا ينبغي أن تنكر ما تجهل فالعالم مملوء بالأسرار، وقد بدأ العلم يكشف بعضها وفي الوقت نفسه لا ينبغي أن يتخذ ذلك ذريعة للدجل والشعوذة واستغلال جهل الناس أو سذاجتهم فلنلجأ إلى الوسائل المادية أولا وهي كثيرة وسهلة التناول، فإن عجز المخلوق فلنتوجه إلى الخالق بالإيمان به وصدق الاستغاثة والثقة به، كما استغاث به الأنبياء فكشف عنهم الضر ونجاهم من الغم والقرآن خير شاهد على هذه الحقيقة.( )
ويقول أيضا: ومن الواجب ألا يستغل إمكان تحضير الجن استغلالا سيئا كما يفعل الدجالون والمشعوذون، كما أن من الواجب ألا يخرج بنا الحماس في مقاومة الدجل والشعوذة إلى حد الإنكار لوجود الجن، فهم موجودون مكلفون مثل البشر، وهم يستطيعون الإضرار بالناس بإذن الله، كما يضر الناس بعضهم بعضا، وليس هذا الإضرار قاصر فقط على الوسوسة والإغواء، بل منه ما يكون في الماديات التى تتعلق بالإنسان في مأكله ومشربه وملبسه، بل وفي جسمه، فليس هناك دليل على منعه( ).
ومن فتوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء بالسعودية
***************************************
سؤال: يمرض الإنسان فيصبح يتكلم بكلام غير عادي فيقول الناس أنه ممسوس بجن هل هذا صحيح أم لا. ويأتون بحافظ القرآن فيقرأ عليه حتى يرجع إلى حالته العادية، وكذلك في الزفاف يربطون العريس بقراءة خاصة لا يستطيع أن يجامع زوجته أثناء دخوله هل هذا صحيح؟
الجواب: الجن صنف من مخلوقات الله ورد ذكرهم في القرآن الكريم والسنة وهم مكلفون، مؤمنهم في الجنة وكافرهم في النار، ومس الجن للإنسان أمر معلوم من الواقع وتستعمل للعلاج من مسه الأدوية الشرعية من الدعاء والقراءة عليه بشيء من القرآن.
ثانيا: أما قراءة شيء ليلة الزواج بحيث يكون العريس مربوطا عن زوجته ليلة الزفاف أو عند العقد فلا يجامعها فهذا نوع من السحر، والسحر محرم لا يجوز تعاطيه وقد ثبت النهي عن تعاطيه في القرآن والسنة، وأن حد الساحر القتل.
وصلي الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء ( )
عضو عضو نائب رئيس اللجنة الرئيس
عبد الله بن قعود عبد الله بن غديان عبد الرازق عفيفي عبد العزيز بن باز
رد الشيخ الألباني :
على إنكار دخول الجان في جسم الإنسان:
فأجاب: :.
وقفت على كتاب عجيب من غرائب ما طبع في العصر الحاضر بعنوان (طليعة استحالة دخول الجان في بدن الإنسان) لمؤلفه أبو عبد الرحمن إيهاب ابن حسين الأثري، كذا الأثري موضه العصر وهذا العنوان وحده يغني القارئ اللبيب عن الإطلاع على ما في الكتاب من الجهل والضلال، والانحراف عن الكتاب والسنة، باسم الكتاب والسنة ووجوب الرجوع إليهما، فقد عقد فصلا في ذلك، وفصلا آخر في البدعة وذمها وأنها على عمومها بحيث يظن من لم يتتبع كلامه وما ينقله عن العلماء في تأييد ما ذهب إليه من الاستحالة أنه سلفي أو أثري كما انتسب مائة في المائة والواقع الذي يشهد به كتابه أنه خلفي معتزلي من أهل الأهواء، يضاف إلى ذلك أنه جاهل بالسنة والأحاديث، إلى ضعف شديد باللغة العربية وآدابها، حتى كأنه شبه عامي، ومع ذلك فهو مغرور بعلمه، معجب بنفسه، لا يقيم وذنا لائمة السلف الذين قالوا بخلاف عنوانه كالإمام أحمد وابن تيمية وابن القيم، والطبري وابن كثير والقرطبي، والإمام الشوكاني وصديق حسن خان القنوجي، ويرميهم بالتقليد على قاعدة (رمتني بدائها وانسلت) الأمر الذي أكد لي أننا في زمان تجلت فيه أشراط الساعة التى منها قوله ﷺ: «سيأتي على الناس سنوات خداعات يصدق فيها الكاذب، ويكذب فيها الصادق ويؤتمن فيها الخائن ويخون فيها الأمين وينطق فيها الرويبضة قيل وما الرويبضة قال الرجل التافه يتكلم في أمر العامة»( )
ونحوه قول عمر ا:
فساد الدين إذا جاء العلم من الصغير، استعصي عليه الكبير، وصلاح الناس إذا جاء العلم من قبل الكبير، تابعه عليه الصغير.
وما أكثر هؤلاء الصغار الذين يتكلمون في أمر المسلمين بجهل بالغ وما العهد عنا ببعيد ذاك المصري الآخر الذي ألف في تحريم النقاب على المسلمة وثالث أردني ألف في تضعيف قول ﷺ:«عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين» وفي حديث تحريم المعازف، المجمع على صحتهما عند المحدثين وغيرهم وغيرهم كثير وكثير.
وإن من جهل هذا الأثري المزعوم وغباوته أنه رغم تقريره ص71 و138 أن: منهج أهل السنة والجماعة التوقف في المسائل الغيبية عندما ثبت عن رسول الله ﷺ وأنه ليس لأحد مهما كان شأنه أن يضيف تفصيلاً، أو أن ينقص ما ثبت بالدليل، أو أن يفسر ظاهر الآيات وفق هواه، أو بلا دليل.
أقول: إنه رغم تقريره لهذا المنهج الحق الأبلج، فإنه لم يقف في هذه المسألة الغيبية عند حديث الترجمة الصحيح، بل خالفه مخالفة صريحة لا تحتاج إلى بيان، وكنت أظن أنه على جهل به، حتى رأيته قد ذكره نقلًا عن غيره ص4 من الملحق بآخر كتابه، فعرفت أنه تجاهله، ولم يخرجه مع حديث يعلي وغيره مما سبقت الإشارة إليه ص1002.
وكذلك لم يقدم أي دليل من الكتاب والسنة على ما زعمه من الاستحالة بل توجه بكليته إلى تأويل قوله تعالي المؤيد للدخول الذي نفاه.
﴿الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لَا يَقُومُونَ إِلَّا كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ﴾ ( ).
تأويلاً ينتهي به إلى إنكار المس الذي فسره العلماء بالجنون وإلى موافقة بعض الأشاعرة والمعتزلة الذين فسروا المس بوسوسة الشيطان المؤذية وهذا تفسير بالمجاز، وهو خلاف الأصل، ولذلك أنكره أهل السنة كما سيأتي، وهو ما صرح به نقلًا عن الفخر الرازي الأشعري ص76، 78: أن الشيطان يمس الإنسان فيجن ونقلا ص89 عن غيره أنه قال: كأن الجن مسه وعليه خص المس هذا بمن خالف شرع الله ص22 وما كان ليمس أحد.
ولو سلمنا جدلًا أن الأمر كما قال فلا يلزم منه عند العلماء ثبوت دعوى النفي، لإمكان وجود دليل آخر على الدخول كما في هذا الحديث الصحيح بينما توهم الرجل أنه برده دلالة الآية على الدخول ثبت نفيه إياه، وليس الأمر كذلك لو سلمنا برده، فكيف وهو مردود عليه بهذا الحديث الصحيح وحديث يعلي بن مرة المتقدم وبهما تفسير الآية ويبطل تفسيره إياها بالمجاز.
ومن جهل الرجل وتناقضه أنه بعد أن فسر الآية بالمجاز الذي يعني أنه لامس حقيقة، عاد ليقول ص93 واللغة أجمعت على أن المس الجنون ولكنه فسره على هواه فقال: أي من الخارج لا من الداخل قال: ألا تري مثلا الكهرباء وكيف تصعق الماس لها من الخارج هرائه. فإنه دخل في تفاصيل تتعلق بأمر غيبي قياسًا على أمور مشاهدة مادية، وهذا خلاف المنهج السلفي الذي تقدم نقله عنه ومع ذلك فقد تعامي عما هو معروف في علم الطب أن هناك جراثيم تفتك من الداخل كجرثومة (كوخ) في مرحلته الثالثة.
فلا مانع عقلًا أن تدخل الجان من الخارج إلى بدن الإنسان وتعمل عملها وأذاها فيه من الداخل، كما لا مانع من خروجها منه بسبب أو آخر وقد ثبت كلا الأمرين في الحديث فأمنا به، ولم نضرب كما فعل المعتزلة وأمثالهم من أهل الأهواء وهذا المؤلف (الأثري) زعم منهم كيف لا وقد تعامي عن حديث الترجمة، فلم يخرجه البتة في جملة الأحاديث الأخري التى خرجها وساق ألفاظها من ص111 إلى ص 126 وهو صحيح جدًا كما رأيت وهو إلى ذلك لم يأخذ من مجموع تلك الأحاديث ما دل عليه هذا الحديث من إخراجه ﷺ للشيطان من ذاك المجنون وهي معجزة عظيمة من معجزاته ﷺ بلا خلاف بين رواية (أخرج عدو الله) ورواية (اخسأ عدو الله) فقد أورد على نفسه ص124 قول بعضهم إن الإمام الألباني قد صحح الحديث (فعقب عليه بقوله) فهذا كذب مفتري ( ).
ثم ساق كلامي فيه، ونص على ما في آخره كما تقدم: وبالجملة فالحديث بهذه المتابعات جيد والله أعلم.
قلت: فتكذيبه المذكور غير وارد إذن، ولعل العكس هو الصواب وقد صرح هو بأنه ضعيف دون أي تفصيل ص22 واغتر به البعض نعم، لقد شكك في دلالة الحديث على الدخول بإشادته إلى الخلاف الواقع في الروايات، وقد ذكرت لفظين منها آنفا، ولكن ليس يخفي على طلاب هذا العلم المخلصين أنه ليس من العلم في شيء أن تضرب الروايات المختلفة بعضها ببعض، وإنما علينا أن نأخذ منها ما اتفق عليه الأكثر، وإن مما لا شك فيه أن اللفظ الأول (أخرج) أصح من (اخسأ) لأنه جاء في خمس روايات من الأحاديث التى ساقها واللفظ الأخر في روايتين منها فقط على أني لا أي بينهما خلاف كبير في المعني، فكلاهما يخاطب بهما شخص، أحدهما صريح في أن المخاطب داخل المجنون والآخر يدل عليه ضمنا.
وفي الختام أقول: ليس غرض مما تقدم إلا إثبات ما أثبته الشرع من الأمور الغيبية والرد على من ينكرها ( ).


والله تعالى اعلى واعلم


الموضوع منقول