المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : مسائل نافع بن الازرق مع عبد الله بن عباس



ابو علي الفلسطيني
2010-04-16, 07:16 PM
بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى اله وصحبه ومن والاه وبعد،

فهذه المسائل ماخوذة من كتاب "الإعجاز البياني للقرآن ومسائل ابن الأزرق لكاتبته د . عائشة عبد الرحمن ( بنت الشاطئ ) انقلها لكم ... مع العزو الى الكتاب الذي هو بحق ماتع في بابه ... نسال الله تعالى القبول والسداد ... وعلى الله تعالى قصد السبيل

ابو علي الفلسطيني
2010-04-16, 07:20 PM
بسم الله الرحمن الرحيم

المسالة الاولى:-

{عِزِينَ}
قال نافع بن الأزرق لابن عباس : أخبرني عن قوله تعالى :
{عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمَالِ عِزِينَ}
قال ابن عباس : عزين ، الحَلَق الرفاق. قال : وهل تعرف العرب ذلك ؟ قال : نعم ، أما سمعت قول "عبيد بن الأبرص" :

فجاءوا يهرعون إليه حتى . . . يكونوا حول مِنْبَرِه عِزِينا

الكلمة من آية المعارج 37 ، والكلمة وحيدة في القرآن ، صيغة ومادة :
{فَمَالِ الَّذِينَ كَفَرُوا قِبَلَكَ مُهْطِعِينَ (36) عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمَالِ عِزِينَ}
معناها في آية المعارج عن الفراء : والعزون الحلق الجماعات .. واحدها عِزَة ، وأصلها عِزْوة ، قال أبو عبيدة في مجاز القرآن : جماعات في تفرقة.
وفسرها البخاري بمثل قول الفراء. وقال الطبري في تأويل الآية : أي فِرَقاً حول النبي - صلى الله عليه وسلم - لا يرغبون في كتاب الله ولا في نبيه. ثم أسند عن قتادة : العزين الحلق المجالس ، وعن الضحاك : حلقاً ورفقاء ، وفي الحديث المرفوع : "ما لي أراكم حلقاً" - اخرجه مسلم - أسند الطبري عن أبي هريرة : والعزين الحلق المتفرقة. وعن جابر بن سمرة قال : دخل علينا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ونحن متفرقون فقال : "ما لي أراكم عزين" وفي رواية أنهم كانوا جلوساً فقال - صلى الله عليه وسلم - : "ما لي أراكم عزين حلقاً" نستأنس به لدلالة العزوة والعزين ، على العزو والانتماء. لحظها الراغب فقال : الجماعة المنتسب بعضها إلى بعض (المفردات).
ولعل تأويل "عزين" في المسألة بالحق الرفاق ، بملحظ من الدلالة على الجماعة يعتزى بعضها إلى بعض : محاصرة عن اليمين والشمال في الآية ، وتأييداً ونجدة ونصره في الشاهد من بيت عبيد ، والله أعلم.

ابو علي الفلسطيني
2010-04-16, 07:24 PM
بسم الله الرحمن الرحيم

المسالة الثانية:-

{الْوَسِيلَةَ} :
قال : أخبرني عن قول الله تعالى : {وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ} ما الوسيلة ؟
قال : القربة ، قال فيه عنترة :
أن العدو لهم إليكِ وسيلة . . . أن يأخذوكِ تكحَّلى وتخضَّبى

الكلمة من آية المائدة 35 :
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ وَجَاهِدُوا فِي سَبِيلِهِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ}
ومعها آية الإسراء 57 :
{أُولَئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخَافُونَ عَذَابَهُ إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ كَانَ مَحْذُورًا} وليس في القرآن غيرهما من المادة.

ولم أقف عليه فيما قرأت لهم في معنى آية المائدة. قال أبو عبيدة في (مجاز القرآن) : أي القربة ، أي أطلبوا واتخذوا ذلك بطاعته ، يقال : توسلت إليه ، تقربت. قال عنترة : - البيت.
وفي تأويل الطبري : اطلبوا القربة إليه بالعمل بما يرضيه ، والوسيلة فعلية من : توسلت إلى فلان بكذا ، بعمنى تقربت ، ومنه قول عنترة البيت. يعني بالوسيلة القربة. ونحوه في تفسير القرطبي للآية ، ولم ينقلا فيها خلافاً بين أهل التأويل في تفسيرها بالقربة.
وقال الراغب : الوسلية التوصل إلى الشيء برغبة ، وهي أخص من الوصيلة ، لتضمنها معنى الرغبة. قال تعالى : {وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ} والوسيلة إليه تعالى مراعاة سبيله وهي كالقربة ، بالعلم والعبادة وتحرى الشريعة (المفردات).
وفي حديث الآذان : "اللهم آت محمداً الوسيلة" قال ابن الأثير : الوسيلة هي في الأصل ما يتوصل به إلى الشيء ويتقرب به. والمراد بها في الحديث القرب من الله تعالى ، وقيل هي الشفاعة يوم القيامة ، وقيل هي منزلة من منازل الجنة.

ابو علي الفلسطيني
2010-04-16, 07:28 PM
بسم الله الرحمن الرحيم

المسالة الثالثة:-

{شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا}
قال ابن عباس ، أخبرني عن قول الله - عز وجل - : {شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا} قال : الشرعة الدينُ ، والمنهاج الطريق. قال : زهل تعرف العرب ذلك" قال : نعم. واستشهد بقول أبي سفيان بن الحارث بن عبد المطلب :
لقد نطق المأمونُ بالصدقِ والهدى . . . وبينَّ للإسلام ديناً ومنهجاً

الكلمتان من آية المائدة 48 خطاباً للرسول عليه الصلاة والسلام ، بعد ذكر التوارة والإنجيل :
{وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ عَمَّا جَاءَكَ مِنَ الْحَقِّ لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَكِنْ لِيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آتَاكُمْ فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ إِلَى اللَّهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعًا فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ}
ولم تأت صيغة "شرعة" إلا في هذه الآية. وجاء منها الفعل الثلاثي ماضياً في آيتى الشورى (13 ، 21) و"شريعة من الأمر" في آية الجاثية (18) و"شُرَّعا" في آية الأعراف (163) وأما {مِنْهَاجًاْ} فوحيدة فيه ، صيغة ومادة.
الشريعة في اللغة ، المشرَع والمورد إلى الماء. ويقال : شرعت الباب إلى الطريق وأشرعته ، أي فتحته على الشارع : الطريق الواسع ، جمعه شوارع. واستعير الشرع والشريعة لما شرعه الله تعالى لعباده.
"وأما المنهاج فإن أصله الطريق البينَّ الواضح ، يقال عنه : طريق نهج ومنهج ، كما قال الراجز :
مَنْ يكُ في شك فهذا فلج . . . ماء روى وطريق نهج
ثن يستعمل في كل شيء كان بيناً واضحاً" قاله الطبري.
تأويلهما في المسألة عن ابن عباس : الشرعة الدين والمنهاج الطريق. والذي أسنده الطبري عن ابن عباس : من عدة طرق ، قال : سبيلاً وسنة. وأسند مثله عن قتادة ، وقال : والسنن مختلفة : للتوراة شريعة وللإنجيل والإخلاص الذي جاءت به الرسل. ثم أسند عن قتادة : الدين واحد ولاشريعة مختلفة.
والشرع من الدين ، بصريح قوله تعالى في سورة الشورى :
{شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحًا} الآية 13 وقوله - عز وجل - ، فيها : {أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ} الآية 21.
وتتعدد الشرائع : {لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا} والدين واحد ، فليس في القرآن كله لفظ : أديان ، جمعاً.


يتبع بحول الله تعالى

دانة
2010-04-16, 07:40 PM
مسائل ماتعة جزاكم الله خيرا على رفعها أخي الفاضل
رضى الله عنكم وأرضاكم

ابو علي الفلسطيني
2010-04-16, 07:45 PM
بسم الله الرحمن الرحيم

وجزاكم الله خيرا اختنا الفاضلة "دانة " على المرور الكريم ...

ابو علي الفلسطيني
2010-04-16, 07:47 PM
بسم الله الرحمن الرحيم

المسالة الرابعة:

{وَيَنْعِهِ}
وسأله عن قوله تعالى : {إِذَا أَثْمَرَ وَيَنْعِهِ} :
قال : نضجه وبلاغه. واستشهد بقول الشاعر :
إذا ما مشتْ وسط النساء تأوَّدتّ . . . كما اهتز غصن ناعمُ النْبت يانعُ

الكلمة من آية الأنعام 99 :
{وَهُوَ الَّذِي أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجْنَا بِهِ نَبَاتَ كُلِّ شَيْءٍ فَأَخْرَجْنَا مِنْهُ خَضِرًا نُخْرِجُ مِنْهُ حَبًّا مُتَرَاكِبًا وَمِنَ النَّخْلِ مِنْ طَلْعِهَا قِنْوَانٌ دَانِيَةٌ وَجَنَّاتٍ مِنْ أَعْنَابٍ وَالزَّيْتُونَ وَالرُّمَّانَ مُشْتَبِهًا وَغَيْرَ مُتَشَابِهٍ انْظُرُوا إِلَى ثَمَرِهِ إِذَا أَثْمَرَ وَيَنْعِهِ إِنَّ فِي ذَلِكُمْ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ}
وحيدة في القرآن ، صيغة ومادة.
وتفسير الينع بالنضج والبلاغ ، قريب منه ما أسنده الطبري عن ابن عباس وغيره من أهل التأويل. ولا يفوتنا معه أن الينع لأوج الأزدهار الطبيعي في النبت والثمر ، على حين جاء النضج ، لما تنضجه النار في قوله تعالى في سورة النساء 56.
{إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِنَا سَوْفَ نُصْلِيهِمْ نَارًا كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْنَاهُمْ جُلُودًا غَيْرَهَا لِيَذُوقُوا الْعَذَابَ} ولم يأت فيه غيره من المادة.

دانة
2011-06-26, 12:55 PM
للرفع

ابن سوريـا
2011-07-23, 03:49 AM
جزاكم الله خيراً يا أخي الحبيب على هذا الموضوع القيم والمسائل الماتعة

سلمت أياديكم وجعلها في ميزان حسناتكم

وصلى الله على نبينا محمد،وعلى آله وصحبه وزوجاته أمهات المؤمنين،ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين،وسلم تسليماً كثيراً