تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : البشارات بمحمد في العهد القديم



أمير درنة
2010-05-07, 03:06 AM
البشارات في العهد القديم

تعددت البشارات برسول الإسلام في التوراة وملحقاتها ، ولكن اليهود أزالوا عنها كل معنى صريح ، وصيروها نصوصاً احتمالية تسمح لهم بصرفها عنه صلى الله عليه وسلم ومع هذا فقد بقيت بعد تعديلها وتحريفها قوية الدلالة على معناها " الأصلي " من حملها على رسول الإسلام صلى الله عليه وسلم لأن حملها على غيره متعذر أو متعسر أو محال.
فهي أشبه ما تكون برسالة مغلقة مُحي " عنوانها " ولكن صاحب الرسالة قادر -بعد فضها - أن يثبت اختصاصها به ، لأن الكلام " الداخلي " الذي فيها يقطع بأنها " له " دون سواه ؛ لما فيها من " قرائن " وبينات واضحة ونعرض - فيما يلي - بعضاً منها:

أولا :-

"وَهَذِهِ هِيَ البَرَكَةُ التِي بَارَكَ بِهَا مُوسَى رَجُلُ اللهِ بَنِي إِسْرَائِيل قَبْل مَوْتِهِ ".
فقال:
" جَاءَ الرَّبُّ مِنْ سِينَاءَ وَأَشْرَقَ لهُمْ مِنْ سَعِيرَ وَتَلأْلأَ مِنْ جَبَلِ فَارَانَ " { سِفْرُ لتَّثْنِيَةِ - اَلأَصْحَاحُ الثَّالِثُ وَالثَّلاثُونَ - 1} في هذا النص إشارة إلى ثلاث نبوات:
الأولى: نبوة موسى عليه السلام التي تلقاها على جبل سيناء.
الثانية: نبوة عيسى عليه السلام وساعير هي قرية مجاورة لبيت المقدس ، حيث تلقى عيسى عليه السلام أمر رسالته.
الثالثة: نبوة محمد صلى الله عليه وسلم وجبل فاران هو المكان الذي تلقى فيه - عليه الصلاة والسلام - أول ما نزل عليه من الوحي وفاران هي مكة المكرمة مولد ومنشأ ومبعث محمد صلى الله عليه وسلم.
وموقف اليهود منهما النفي: فلا فيها بشارة بعيسى ابن مريم ولا بها بشارة برسول الإسلام.
أما موقف النصارى فأن النفي - عندهم - خاص ببشارة رسول الإسلام. ولهم في ذلك مغالطات عجيبة ، حيث قالوا إن " فَارَانَ " هي " إيلات " وليست مكة. وأجمع على هذا واضعو كتاب: قاموس الكتاب المقدس. وهدفهم منه واضح إذ لو سَلَّمُوا بأن " فاران " هي مكة المكرمة، للزمهم إما التصديق برسالة رسول الإسلام، وهذا عندهم قطع الرقاب أسهل عليهم من الإذعان له.. ؟! ، أو يلزمهم مخالفة كتابهم المقدس ، فليست " فاران " إلا مكة المكرمة وباعتراف كتب العهد القديم نفسها ، فقد ورد في قصة إسماعيل عليه السلام مع أمه السيدة هاجر حيث تقول التوراة: إن إبراهيم عليه السلام استجاب لسارة بعد ولادة هاجر ابنها إسماعيل وطردها هي وابنها فنزلت "وَسَكَنَ فِي بَرِّيَّةِ فَارَان " {سِفْرُ التَّكْوِينِ - اَلأَصْحَاحُ الْحَادِي وَالْعِشْرُونَ – 21}
وقول النصارى أنها "إيلات" يناقض كتابهم المقدس من وجهتان الأولى أن سكن سيدنا إسماعيل وأمه مكة حقيقة ظاهره كظهور الشمس والثانية إن كانت "فاران" هي "إيلات" فأين ذلك التلألؤ من جبل "إيلات" لأنه لم يبعث نبي من "إيلات " حتى تكون البشارة صادقة. ومستحيل أن يكون هو عيسى عليه السلام ؛ لأن العبارة تتحدث عن بدء الرسالات وعيسى تلقى الإنجيل بساعير وليس بإيلات.

وترتيب الأحداث الثلاثة في العبارة المذكورة:-
جاء من سيناء - وأشرق من ساعير - وتلألأ من فاران.
هذا الترتيب الزمني دليل ثالث على أن وَتَلأْلأَ مِنْ جَبَلِ فَارَانَ " تبشير قطعي برسول الإسلام صلى الله عليه وسلم.
وفى بعض النسخ كانت العبارة: " واَسْتَعْلَن مِنْ جَبَلِ فَارَانَ " بدل " َتَلأْلأَ " وأياً كان اللفظ فإن " َتَلأْلأَ " و " اَسْتَعْلَن " أقوى دلالة من " جَاءَ " و " وَأَشْرَق " وقوة الدلالة هنا ترجع إلى المدلولات الثلاثة.
فالإشراق جزء من مفهوم " المجيء " وهكذا كانت رسالة عيسى بالنسبة لرسالة موسى عليهما السلام
أما تلألأ واستعلن فهذا هو واقع الإسلام ، رسولا ورسالة وأمة ، إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها

ثانيا :-

يجئ نص في التوراة لا محمل له إلا البشارة برسول الإسلام صلى الله عليه وسلم مهما غالط المغالطون. وهو قول الله لموسى حسب ما تروى التوراة:

"أُقِيمُ لهُمْ نَبِيّاً مِنْ وَسَطِ إِخْوَتِهِمْ مِثْلكَ وَأَجْعَلُ كَلامِي فِي فَمِهِ فَيُكَلِّمُهُمْ بِكُلِّ مَا أُوصِيهِ بِهِ. وَيَكُونُ أَنَّ الإِنْسَانَ الذِي لا يَسْمَعُ لِكَلامِي الذِي يَتَكَلمُ بِهِ بِاسْمِي أَنَا أُطَالِبُهُ. " { سِفْرُ التَّثْنِيَةِ - اَلأَصْحَاحُ الثَّامِنُ عَشَرَ - 18}

حدث هذا حسب روايات التوراة وعداً من الله لموسى في آخر عهده بالرسالة ، وكان يهمه أمر بني إسرائيل من بعده ، فأعلمه الله - حسب هذه الرواية التوراتية - أنه سيبعث فيهم رسولا مثل موسى عليه السلام.

ولقوة دلالة النص على نبوة محمد صلى الله عليه وسلم فقد وقف أهل الكتابين - اليهود والنصارى - موقفين مختلفين هدفهما واحد، وهو أن النص ليس بشارة برسول الإسلام.

أما اليهود فلهم فيه رأيان:
الأول: أن العبارة نفسها ليست خبراً بل هي نفى ، ويقدرون قبل الفعل " أقيم " همزة استفهام يكون الاستفهام معها " إنكارياً " وتقدير النص عندهم هكذا " أأقيم لهم نبياً من وسط إخوتهم مثلك..؟‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍!

وهذا الرأي باطل ولن نذهب في بيان بطلانه إلى أكثر من كلام التوراة نفسها. وذلك ؛ لأنه لو كان النص كما ذكروا بهمزة استفهام إنكاري محذوفة هي في قوة المذكور لكان الكلام نفياً فعلاً.. ولو كان الكلام نفياً لما صح أن يعطف عليه قوله بعد ذلك:

" وَيَكُونُ أَنَّ الإِنْسَانَ الذِي لا يَسْمَعُ لِكَلامِي الذِي يَتَكَلمُ بِهِ بِاسْمِي أَنَا أُطَالِبُهُ." فهذا المقطع إثبات قطعاً فهو مرتب على إقامة النبي الذي وعد به المقطع الذي قبله. فدل هذا " العطف " على أن المقطع السابق وعد خبري ثابت لا نفى. ويترتب على ذلك بطلان القول الذاهب إلى تقدير الاستفهام..؟ !

الثاني: وقد أحس اليهود ببطلان القول بالاستفهام فاحتاطوا للأمر وقالوا لا مانع أن يكون النص خبراً ووعداً مثبتاً ، ولكنه ليس المقصود به عيسى ابن مريم عليه السلام ولا محمد بن عبد الله رسول الإسلام صلى الله عليه وسلم ، بل المراد به نبي من أنبياء إسرائيل يوشع بن نون فتى موسى ، أو صموئيل..؟ !

موقف النصارى:

أما النصارى فيحملون البشارة في النص على عيسى عليه السلام وينفون أن يكون المراد بها رسول الإسلام صلى الله عليه وسلم، وقد علمنا قبلا أن اليهود ينفون أن تكون لعيسى عليه السلام.

وللنصارى مغالطات عجيبة في ذلك إذ يقولون إن النبي الموعود به ليس من بني إسماعيل بل من بني إسرائيل. ومحمد إسماعيلى فكيف يرسل الله إلى بني إسرائيل رجلاً ليس منهم.؟! كما قالوا إن موسى أتى بمعجزات ومحمد لم يأت بمعجزات فكيف يكون مثله.
والواقع أن كل ما ذهب إليه اليهود والنصارى باطل، باطل. ولن نذهب في بيان بطلانه إلى أبعد من دلالة النص المتنازع عليه نفسه. أما الحق الذي لا جدال فيه فإن هذا النص ليس له محمل مقبول إلا البشارة برسول الإسلام صلى الله عليه وسلم وإليكم البيان
إن النص المتنازع عليه يقيد البشارة بالنبي الموعود به فيه بشرطين
أحدهما: أنه من وسط إخوة بني إسرائيل.
وثانيهما: أنه مثل موسى عليه السلام صاحب شريعة وجهاد لأعداء الله.
وهذان الشرطان لا وجود لهما لا في يوشع بن نون ، ولا في صموئيل كما يدعى اليهود في أحد قوليهم.
ولا في عيسى عليه السلام كما يدعى النصارى.
أما انتفاء الشرط الأول فلأن يوشع وصموئيل وعيسى من بني إسرائيل وليسو من وسط إخوة بني إسرائيل. ولو كان المراد واحداً منهم لقال في الوعد" أقيم لهم نبياً منهم.." ؟!ولكنه قال "أُقِيمُ لهُمْ نَبِيّاً مِنْ وَسَطِ إِخْوَتِهِمْ مِثْلك..." وأما انتفاء الشرط الثاني ، فلأنه لا صموئيل ولا يوشع ولا عيسى ابن مريم كانوا مثل موسى "عليه السلام"
فموسى كان صاحب شريعة ، ويوشع وصموئيل وعيسى وجميع الرسل الذين جاءوا بعد موسى عليه السلام من بني إسرائيل لم يكن واحداً منهم صاحب شريعة ، وإنما كانوا على شريعة موسى عليه السلام.
وحتى عيسى ما جاء بشريعة ولكن جاء متمماً ومعدلاً فشريعة موسى هي الأصل. إن عيسى كان مذكراً لبنى إسرائيل ومجدداً الدعوة إلى الله على هدى من شريعة موسى عليه السلام !! فالمثلية بين هؤلاء - وهى أحد شرطي البشارة - وبين موسى عليه السلام لا وجود لها. ؟!
الشرطان متحققان في رسول الإسلام صلى الله عليه وسلم
وبنفس القوة والوضوح اللذين انتفى الشرطان بهما عمن ذكروا من الأنبياء ثبت ذلك الشرطان لمحمد "صلى الله عليه وسلم"

فهو من نسل إسماعيل ، وإسماعيل أخو إسحق ، الذي هو أبو يعقوب المسمى إسرائيل. فهو من وسط إخوة بني إسرائيل - بنو عمومتهم - وليس من إسرائيل نفسها. وبهذا تحقق الشرط الأول من شرطي البشارة

ومحمد - عليه الصلاة والسلام - صاحب شريعة جليلة الشأن لها سلطانها الخاص بها مثلما كان موسى - أكبر رسل بني إسرائيل - صاحب شريعة مستقلة كانت لها منزلتها التي لم تضارع فيما قبل من بدء عهد الرسالات إلى مبعث عيسى عليه السلام.
وبهذا يتحقق الشرط الثاني من شرطي البشارة وهو " المثلية " بين موسى ومحمد (عليهما صلوات الله وسلامه)
ثالثا :-

" اَللَّهُ جَاءَ مِنْ تِيمَانَ وَالْقُدُّوسُ مِنْ جَبَلِ فَارَانَ. سِلاَهْ. جَلاَلُهُ غَطَّى السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضُ امْتَلَأَتْ مِنْ تَسْبِيحِهِ. وَكَانَ لَمَعَانٌ كَـالنُّورِ. لَهُ مِنْ يَدِهِ شُعَاعٌ وَهُنَاكَ اسْتِتَارُ قُدْرَتِهِ ....... نَظَرَ فَرَجَفَ الأُمَمُ وَدُكَّتِ الْجِبَالُ الدَّهْرِيَّةُ وَخَسَفَتْ آكَامُ الْقِدَمِ. مَسَالِكُ الأَزَلِ لَهُ {سِفْرُ حَبَقُّوقَ - اَلأَصْحَاحُ لثَّالِثُ 3}
"بِغَضَبٍ خَطَرْتَ فِي الأَرْضِ بِسَخَطٍ دُسْتَ الأُمَمَ. خَرَجْتَ لِخَلاَصِ شَعْبِكَ لِخَلاَصِ مَسِيحِكَ" {سِفْرُ حَبَقُّوقَ - اَلأَصْحَاحُ لثَّالِثُ 12}
"سَلَكْتَ الْبَحْرَ بِخَيْلِكَ كُوَمَ الْمِيَاهِ الْكَثِيرَةِ"{سِفْرُ حَبَقُّوقَ - اَلأَصْحَاحُ لثَّالِثُ 15}

لا يستطيع عاقل عالم بتاريخ الرسالات ومعاني التراكيب أن يصرف هذه النصوص على غير البشارة برسول الإسلام صلى الله عليه وسلم. فالجهتان المذكورتان في مطلع هذا المقطع وهما "ِيمَان" َيعنى اليمن، وجبل " فَارَانَ " يعنى جبل النور الذي بمكة المكرمة التي هي فاران هاتان الجهتان عربيتان. وهما رمز لشبه الجزيرة العربية التي كانت مسرحاً أولياً لرسالة محمد صلى الله عليه وسلم.
فليس المراد إذن نبياً من بني إسرائيل؛ لأنه معلوم أن رسل بني إسرائيل كانت تأتى من جهة الشام شمالاً. لا من جهة بلاد العرب.
فقد اشتمل كلام {سِفْرُ حَبَقُّوقَ} على دلائل أخرى ذات مغزى
منها: الإشارة إلى كثرة التسبيح حتى امتلأت منه الأرض..
ومنها: دكه صلى الله عليه وسلم لعروش الظلم والطغيان وقهر الممالك الجائرة
ومنها: أن خيل جيوشه ركبت البحر ، وهذا لم يحدث إلا في ظل رسالة الإسلام.

رابعا:-

"قُومِي اسْتَنِيرِي لأَنَّهُ قَدْ جَاءَ نُورُكِ وَمَجْدُ الرَّبِّ أَشْرَقَ عَلَيْكِ. لأَنَّهُ هَا هِيَ الظُّلْمَةُ تُغَطِّي الأَرْضَ وَالظَّلاَمُ الدَّامِسُ الأُمَمَ. أَمَّا عَلَيْكِ فَيُشْرِقُ الرَّبُّ وَمَجْدُهُ عَلَيْكِ يُرَى. فَتَسِيرُ الأُمَمُ فِي نُورِكِ وَاْمُلُوكُ فِي ضِيَاءِ إِشْرَاقِكِ. اِرْفَعِي عَيْنَيْكِ حَوَالَيْكِ وَانْظُرِي. قَدِ اجْتَمَعُوا كُلُّهُمْ. جَاءُوا إِلَيْكِ. يَأْتِي بَنُوكِ مِنْ بَعِيدٍ وَتُحْمَلُ بَنَاتُكِ عَلَى الأَيْدِي. حِينَئِذٍ تَنْظُرِينَ وَتُنِيرِينَ وَيَخْفُقُ قَلْبُكِ وَيَتَّسِعُ لأَنَّهُ تَتَحَوَّلُ إِلَيْكِ ثَرْوَةُ الْبَحْرِ وَيَأْتِي إِلَيْكِ غِنَى الأُمَمِ. تُغَطِّيكِ كَثْرَةُ الْجِمَالِ بُكْرَانُ مِدْيَانَ وَعِيفَةَ كُلُّهَا تَأْتِي مِنْ شَبَا. تَحْمِلُ ذَهَباً وَلُبَاناً وَتُبَشِّرُ بِتَسَابِيحِ الرَّبِّ. كُلُّ غَنَمِ قِيدَارَ تَجْتَمِعُ إِلَيْكِ. كِبَاشُ نَبَايُوتَ تَخْدِمُكِ. تَصْعَدُ مَقْبُولَةً عَلَى مَذْبَحِي وَأُزَيِّنُ بَيْتَ جَمَالِي مَنْ هَؤُلاَءِ الطَّائِرُونَ كَسَحَابٍ وَكَالْحَمَامِ إِلَى بُيُوتِهَا؟ إِنَّ الْجَزَائِرَ تَنْتَظِرُنِي وَسُفُنَ تَرْشِيشَ فِي الأَوَّلِ لِتَأْتِيَ بِبَنِيكِ مِنْ بَعِيدٍ وَفِضَّتُهُمْ وَذَهَبُهُمْ مَعَهُمْ لاِسْمِ الرَّبِّ إِلَهِكِ وَقُدُّوسِ إِسْرَائِيلَ لأَنَّهُ قَدْ مَجَّدَكِ، َبَنُو الْغَرِيبِ يَبْنُونَ أَسْوَارَكِ وَمُلُوكُهُمْ يَخْدِمُونَكِ. لأَنِّي بِغَضَبِي ضَرَبْتُكِ وَبِرِضْوَانِي رَحِمْتُكِ. وَتَنْفَتِحُ أَبْوَابُكِ دَائِماً. نَهَاراً وَلَيْلاً لاَ تُغْلَقُ. لِيُؤْتَى إِلَيْكِ بِغِنَى الأُمَمِ وَتُقَادَ مُلُوكُهُمْ. {سِفْرُ إِشَعْيَاءَ - اَلأَصْحَاحُ السِّتُّونَ - 1 - 12}

بلا أدنى ريب فإن هذا الكلام المنسوب إلى أشعيا هو وصف لمكة المكرمة وكعبتها الشامخة
فالمقطع الأول إنما هو حديث عن موسم الحج المبارك "قَدِ اجْتَمَعُوا كُلُّهُمْ. جَاءُوا إِلَيْكِ. يَأْتِي بَنُوكِ مِنْ بَعِيدٍ" ففي موسم الحج يجتمع المسلمون حول الكعبة من كل مكان ويعلو التسبيح "لبيك الهم لبيك" "َتُبَشِّرُ بِتَسَابِيحِ الرَّبّ"ِ والدين الإسلامي هو الدين الوحيد الذي يحوي في عبادته التسبيح وذكر قيدار "كُلُّ غَنَمِ قِيدَارَ تَجْتَمِعُ إِلَيْكِ" وقيدار هو ولد إسماعيل عليه السلام الذي تشعبت منه قبائل العرب.
وأشار النص إلى المذبح الذي تنحر عليه الذبائح يوم الهدي في الحج فقال "تَصْعَدُ مَقْبُولَةً عَلَى مَذْبَحِي"
كما تحدث عن طرق حضور الحجاج إليها أيضاً. ففي القديم كانت وسائل النقل هي ركوب الجمال، وقال فيها "تُغَطِّيكِ كَثْرَةُ الْجِمَالِ" ثم عبر السفن، وقال فيها "وَسُفُنَ تَرْشِيشَ فِي الأَوَّلِ لِتَأْتِيَ بِبَنِيكِ مِنْ بَعِيدٍ" أما في العصر الحديث فقد جدت وسيلة النقل الجوى عبر الطائرات وفيها قال "هَؤُلاَءِ الطَّائِرُونَ كَسَحَابٍ وَكَالْحَمَامِ إِلَى بُيُوتِهَا" أليس هذا أوضح من الشمس في كبد السماء على أن النص ملئ بالدقائق والأسرار.
ومنها قولة "وَتَنْفَتِحُ أَبْوَابُكِ دَائِماً. نَهَاراً وَلَيْلاً لاَ تُغْلَقُ" وأن مكة مفتوحة الأبواب ليلاً ونهاراً لكل قادم في حج أو عمرة

والحديث عن مكة المكرمة حديث عن رسول الإسلام ؛ لأن مجدها لم يأت إلا على يدي بعثته صلى الله عليه وسلم
تلك الحقائق لا تقبل الجدل. ومع هذا فإن أهل الكتاب (وخاصة اليهود) يحملون هذه الأوصاف على مدينة "صهيون" ولهذا فإنهم عمدوا إلى النص وعدلوه ليصلح لهذا الزعم.
ولكننا نضع الأمر بين يدي المنصفين من كل ملة. أهذه الأوصاف يمكن أن تطلق على مدينة "صهيون" فقد خُرب " بيت الرب " في القدس مراراً وتعرض لأعمال شنيعة على كل العصور. وأين هي المواكب التي تأتى إليها براً وبحراً وجَوّاً، وهل أبوابها مفتوحة ليلاً ونهاراً، وأين هم بنوها الذين اجتمعوا حولها
وما صلة قيدار بها. وأين هو الذبح الذي تحدث عنه -إلا إن كان يقصد الشعب الفلسطيني- بل أين هو التسبيح الذي يشق عنان السماء منها.. وأين.. وأين..؟‍

خامسا:-

"إِنَّ الأَنْبِيَاءَ الَّذِينَ كَانُوا قَبْلِي وَقَبْلَكَ مُنْذُ الْقَدِيمِ وَتَنَبَّأُوا عَلَى أَرَاضٍ كَثِيرَةٍ وَعَلَى مَمَالِكَ عَظِيمَةٍ بِالْحَرْبِ وَالشَّرِّ وَالْوَبَاء، النَّبِيُّ الَّذِي تَنَبَّأَ بِالسَّلاَمِ فَعِنْدَ حُصُولِ كَلِمَةِ النَّبِيِّ عُرِفَ ذَلِكَ النَّبِيُّ أَنَّ الرَّبَّ قَدْ أَرْسَلَهُ حَقّاً" {سِفْرُ إِرْمِيَا - اَلأَصْحَاحُ الثَّامِنُ وَالْعِشْرُونَ - 8 - 9}

وهذا النص لا يحتاج إلى تفسير فإذا أبدلنا كلمة "السَّلاَمُ" بكلمة "الإسلام"
فكلمة "شلم" بالعبرية ترجمت إلى "السَّلاَمِ" وهو ما لا يصح فليس من المعقول أن يكون شرط النبوة الوحيد هو التنبؤ بالسلام

من الأمثلة قريبة العهد اختلاف الترجمة في النص الإنجليزي عن النص العربي في {اَلْمَزَامِيرُ - اَلْمَزْمُورُ الرَّابِعُ وَالثَّمَانُونَ - 6} جاء تعبير "وادي البكاء"، وعند العودة إلى النص الإنجليزي وجدنها " valley of Baca " والاختلاف بين الأمرين أن النص الإنجليزي ليس المقصود منه وادي البكاء ولكن المقصود واد اسمه "بكه" - احد أسماء مكة المكرمة - أما كلمة "وادي البكاء" فهي من وضع مترجمي الإنجيل الذين ترجموه وفقًا لتفاسيرهم وتأويلاتهم،