المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : فوائد آية



مجد الغد
2010-07-01, 10:18 PM
فوائد آية



قال العمـروني أبو عـبيد كفاه الله كل جبار عنيد : هذه الآية : ﴿ رَبِّ إِنِّى لِمَا أَنْزَلْتَ إِلَىَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ ﴾ (1) ، اشتملت على ثلاث فوائد حسان تمام غير خِدَاجٍ ، ـ كم في دنيا الناس من يشتكيها(؟!) وكم في الحياة الدنيا من يبكيها(؟!) ، ـ فإن موسى عليه السلام عندما اِئْتَمَرَ القوم به (4)ليقتلوه خرج بثلاث :

الأولى : خرج خائفاً يترقب ، قال تعالى ﴿ فَخَرَجَ مِنهَا خَائِفاً يَتَرَقَّبُ ... ﴾ (3).

الثانية : خرج ولا زاد له ، بل فقيراً مُعْدِماً لا يملك قوت يومه.

الثالثة : خرج عزباً لا زوج له ولا صاحبة.

وهو في كل حال وشأن لا يَفْتُرُ لسان قاله عن الدعاء ، فعندما اِئْتَمَرَ مَلأُ فرعون به ليقتلوه وجاءه النذير وخرج من المدينة خائفاً يترقب قال عليه السلام : ﴿ رَبِّ نَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ ﴾ (3).

وعندما توجه تلقاء مدين دعا كذلك قائلاً : ﴿ عَسَى رَبِّي أَن يَهْدِيَنِي سَوَآءَ السَّبِيلِ ﴾ (4) ، فلم يَغْفُلْ عن الدعاء ؛ بل جعله هِجِّـيرَاهُ(5) ، نقول هذا لمن يَهْزَأُ بالدعاء ويزدريه ، قال الإمام الشافعي أبو عبد الله قدس الله روحه :


أَتَهْزَأُ بِالدُّعَاءِ وَتَزْدَرِيْهِ وَمَا تَدْرِي بِمَا صَنَعَ الدُّعَاءُ

سِهَامُ اللَّيْلِ لَا تُخْطِي وَلَكِنْ لَهَا أَمَدٌ وَلِلأَمَدِ انْقِضَاءُ


فوالله ما أخطأت سهام دعاء موسى عليه السلام ، بل بلغت الْمَدَى(6) ، وكانت أمضَى ـ في قضاء حاجته ، وكشف كربته ـ من الْمُدَى(7) ، فكان أن هداه الله ، فَوَرَدَ ماء مدين ، وكان من قصته ما قَصَّ الله علينا فأعـان امرأتين أُخْتَينِ ضَعِيفَتَين حَيِيَّتَيْنِ منعهما الضـعف ، والحـياء ، أن تَرِدَا المـاءَ حـتى قالتا : ﴿ لَا نَسْقِي حَتَّى يُصْدِرَ الرِّعَاءُ وَأَبُونَا شَيْخٌ كَبِيْرٌ ﴾(8).

﴿ وَأَبُونَا شَيْخٌ كَبِيْرٌ ﴾ ؛ اعتذار ، ودافعٌ مُلْجِىءٌ ، ـ وَلاتَ حِينَ مَنَاصٍ ـ ، فالأب شيخ كبير رَقَّ عظمه فلا يقوى على ما يقوى عليه الرِّعَـاءُ ، وأن يَرِدَ بالشِّياه المياه ؛ فقامت بذلك عنه بنتاه ، فحمـَّل الضعيف لعجزه ضعيفاً مثله ، لا يقوى على مزاحـمة الرعاء ، فَقَيَّضَ الله للضعيفين قوياً أميناً ، ذا حاجة ؛ وكم من ذي حاجة ، حاجته عند من له إليه حاجة(!) ، ﴿ فَسَقَى لَهُمَا ﴾(1) ، فقضيت للضعيف الحيي حاجته.

وجاء دور حاجة موسى لتقضى لموسى ، سِهَامٌ رِيْشَتْ تحت ظِلِّ الغربة ، رَاشَهَا خائف فقـير بريش افتقاره ، وانكساره : ﴿ ثُمَّ تَوَلَّى إِلَى الظِّلِّ فَقَال رَبِّ إِنِّي لِمَا أَنْزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ ﴾.

وهذا الدعاء هو بيت القصيد ، وما يبغي الخائف العَزَبُ الفقير وما يريد ، وجاءت حاجة موسى إلى موسى تمشي على استحـياء ، على لسان حيية : ﴿ إِنَّ أَبِي يَدْعُوكَ لِيَجْزِيَكَ أَجْرَ مَا سَقَيْتَ لَنَا ﴾(9) ، فَمَنَّ الله عليه وأنعم بثلاث نِعَمٍ أجراً من لدنه ، وهي :

الأولى : أن أَمَّنَهُ من خوف.

قال تعالى : ﴿ فَلَمَّا جَاءَهُ وَقَصَّ عَلَيْهِ الْقَصَصَ قَالَ لَا تَخَفْ نَجَوْتَ مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ ﴾(9).

والثانية : أن أطعمه من جوع ، فرزقه عملاً بعد أن كان فقيراً.

قال تعالى : ﴿ قَالَتْ إِحْدَاهُمَا يَا أَبَتِ اسْتَئْجِرْهُ إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَئْجَرْتَ الْقَوِيُّ الأَمِينُ ﴾(10) ، وسيأتي جواب سؤْلِهَا بقبول موسى أجيراً عند أبيها.

والثالثة : أن زَوَّجَهُ إحدى ابنتي الرجل الصالح الذي آواه بعد أن كان عزباً لا سكن له ولا مأوى.

قال تعالى : ﴿ قَالَ إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُنْكِحَكَ إِحْدَى ابْنَتَيَّ هَاتَينِ ﴾(11) ـ ثم أَرْدَفَ قائلاً مُعْلِناً قَبُولَ موسى رَاعِـياً عنده جَـواباً لطلب ابنته ـ ﴿ عَلَى أَنْ تَأْجُرَنِي ثَمَانِيَ حِجَجٍ فَإِنْ أَتْمَمْتَ عَشْراً فَمِنْ عِنْدِكَ ﴾(11).

فأنكحه إحدى ابنتيه، وجعل عمله عنده مهراً لها ، فتمَّ لموسى عليه السلام أمره بدعاء : ﴿ رَبِّ إِنِّي لِمَا أَنْزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ ﴾.

فيا خائفاً يريد سلامةً وأمناً ، ويا فقيراً عائلاً يريد رزقاً وعملاً ، ويا عزباً يريد زوجاً ، ومَودَّةً وسكناً ؛ أقبل وقل ما قال موسى عليه السلام : ﴿ رَبِّ نَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ ﴾ ، و ﴿ عَسَى رَبِّي أَن يَهْدِيَنِي سَوَآءَ السَّبِيلِ ﴾ ، و ﴿ رَبِّ إِنِّي لِمَا أَنْزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ ﴾ تأمن ، وتغنى ، ويجعل الله لك سكناً ومأوى.


وكتب

أبو عبيد العمروني


ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) سورة القصص الآية : ( 24 ).

(2) ( اِئْتَمَرَ القَوْمُ بِهِ : تَشَاوَروا ، وأَمَرَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا بِقَتْلِهِ )( المحيط ، الغني ).

(3) سورة القصص الآية : ( 21 ).

(4) سورة القصص الآية : ( 22 ).

(5) هِجِّيرَاهُ : دَأَبَهُ ، وَدَيْدَنَهُ.

(6) المدى : الغاية ، والمنتهى.

(7) المدى : جمع مُدْية الشفرة الكبيرة.

(8) سورة القصص الآية : ( 23 ).

(9) سورة القصص الآية : ( 25 ).

(10) سورة القصص الآية : ( 26 ).

(11) سورة القصص الآية : ( 27 ).

عَبْدٌ مُسْلِمٌ
2010-07-04, 06:21 PM
بُورِكتُم بِمَا نَقلتُم .
جَزَى اللهُ الكَاتِبَ خيراً وَ إِيَّاكُم .

ذو الفقار
2010-07-05, 07:52 PM
جزاكِ الله خيراً أختي الكريمة على التذكرة فلا يرد القضاء إلا الدعاء

اللهم اجعلنا من عبادك المحسنين وجنبنا الشيطان والفتن

حياكِ الله

عزتي بديني
2010-07-12, 07:45 PM
رفع الله قدرك غاليتي واثابك خيرا

سوفانا
2010-07-12, 09:57 PM
جزاكى الله خيرا اختى مجد الغد
وجعله فى ميزان حسناتك ان شاء الله

خادم القران
2010-08-13, 12:33 AM
جزاك الله خيرا اختي الكريمة
موضوع قيم واختيار صائب وتذكرة لمن اراد الفوز بالدنيا والاخرة

ابوالسعودمحمود
2010-08-13, 12:59 AM
جزاكى الله خيرا