المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : السخرية من الآخرين



الصفحات : [1] 2

أمـــة الله
2008-02-15, 04:16 PM
سورة الحجرات(49)

قال الله تعالى: {ياأيُّها الَّذين آمنوا لا يَسخَرْ قومٌ من قومٍ عسى أن يكونوا خيراً منهم ولا نساءٌ من نساءٍ عسى أن يَكُنَّ خيراً منهنَّ ولا تَلْمِزوا أنفُسَكُم ولا تنابَزوا بالألقابِ بئْسَ الاسْمُ الفسوقُ بعد الإيمانِ ومن لم يتُبْ فأولئك همُ الظَّالمون(11)}

ومضات:

ـ نهى الله تعالى المؤمنين عن السخرية من الآخرين مهما كانت صفاتهم وأوضاعهم، فلعلَّ مَن يُسخَر منه ويُنظَر إليه نظرة احتقار واستخفاف؛ خيرٌ وأحبُّ إلى الله من الساخر الَّذي يعتقد بنفسه الكمال، ويرمي أخاه بالنقص ويعيِّره.

ـ خصَّ الله تعالى النساء بتكرار النهي عن السخرية من العباد والتعالي عليهم، مع أنهنَّ مشمولات بالنهي الأوَّل، نظراً لتفشِّي هذه العادة السيئة بين اللواتي لم يفقهن عن الله أوامره، ولم يحذرن من غضبه وعذابه، فلم يملكن الحكمة في ملء فراغهن بطاعته؛ بل اتخذن من اللغو والسخرية، والتنافس في المظاهر ميداناً لشغلهن، وقضاء أوقات فراغهن.

ـ نهى الله تعالى المؤمنين عن تبادل الشتائم، والتهاتر بالألفاظ القبيحة، لأن ذلك يوقع البغضاء بينهم، ويتجه بهم إلى منزلقات الجاهلية.

ـ من لم يستجب لله ويبتعد عن احتقار الناس وإيذائهم فقد ظلم نفسه، ومن لبس ثوب الظلم فقد هيَّأ نفسه لانتقام الله الَّذي يستحقُّه حقاً وعدلاً.

في رحاب الآيات:

مادَّة السخرية لا تنبعث إلا من نفس ملوَّثة بجراثيم العُجْبِ والتكبُّر، فهي تعمل على إيذاء من حولها بدافع الشعور بالفوقية المتغلغلة في أعماقها المريضة. لقد استهان إبليس بآدم وسخر منه قائلاً: أنا خير منه، فباء بالخسارة والخذلان، ولو أنه أمعن النظر في صفات آدم لأدرك أنه يمتاز عليه بصفات كثيرة، أوجدها الله تعالى فيه ليكون مخلوقاً متوازن الصفات والاستعدادات، فعنده أرضيَّة للخير واستعداد للسوء،


وعقل للتمييز وقلب للتنوير، وبالتالي فإن لديه جميع الملكات الَّتي تصلح كأدوات للصراع بين الخير والشر،
يخوضه الإنسان ويميِّز به الخبيث من الطـيِّب، وتتقرَّر درجات الإحسان أو الإساءة. أمَّا إبليس فإنه لم يكن معتدلاً فقد كان طاووس الملائكة في العبادة،
وأصبح زعيماً للشر وأهله، حمله تكبُّره وطغيانه على الإلقاء بنفسه في دائرة غضب الله تعالى ولعنته. ولو لم تغلب عليه شقوته المتأصِّلة في نفسه،
لأدرك الفضل والكرامة لآدم والمكانة المتميزة الَّتي له عند ربِّه، فلم يستهن به ولم يسخر منه.


إن سخرية الإنسان من أخيه الإنسان معول فعَّال يسعى حثيثاً في تهديم العلاقات الإنسانية، وتمزيق الأُخوَّة الإيمانيَّة شرَّ مُمزَّق، حيث يستعلي المرء بماله، أو حسبه، أو جاهه مفاخرة ومباهاة وتحقيراً للآخرين، دون أن يدرك إمكانية تفوُّقهم عليه بمواصفات لا تتوافر فيه، وهذه كلُّها أسلحة إبليس يضعها بين أيدي الخلائق ليفرِّق بينهم، وليزرع العداوة والبغضاء في قلوبهم.


والقرآن يهتف بالمؤمنين أن لا يسخر بعضهم من بعض، فلعلَّ الَّذي يسخرون منه هو عند الله تعالى خيرٌ منهم، وأن لا يسخر نساءٌ من نساءٍ فلعلهنَّ خيرٌ منهن في ميزان الله، فقد روى الحاكم وأبو نُعيم في الحُلية عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «رُبَّ أشعث أغبر ذي طِمرين ـ الثوب الخَلِق البالي ـ تنبو عنه أعين الناس لو أقسم على الله لأبرَّه».


وفي التعبير إيحاء خفي بأن القيم الظاهرة الَّتي يراها الرجال في أنفسهم، وتراها النساء في أنفسهن ليست هي القيم الحقيقية الَّتي يُقَيَّمُ بها الناس، فهناك قيم أخرى، قد تكون خافية عليهم، لا يعلمها إلا الله، فقد يسخر الغنيُّ من الفقير، والقويُّ من الضعيف،
والذكيُّ من الساذج، والولود من العقيم، وقد تسخر الجميلة من القبيحة، بناءً على المقاييس الأرضية الَّتي تخطئ وتصيب في إصدار الأحكام،
لكنَّ ميزان الله الثابت العادل لا يرفع ولا يخفض، ولا يقدِّم ولا يؤخِّر إلا على أساس الإيمان والعمل الصالح،


وكلُّ ما سوى هذين المعيارين باطل مرفوض. روى مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «إن الله لا ينظر إلى صوركم وأموالكم ولكن ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم» وفي هذا إيماء يصرف المرء عن مدح أحد أو الانتقاص منه بما يرى عليه من ظواهر الأعمال.

إن القرآن الكريم يُذَكِّر الَّذين آمنوا بأنهم وحدة متماسكة كنفس واحدة فيقول: {ولا تلمِزوا أنفسَكُم} فإذا عاب غيره من المؤمنين فكأنما يعيب نفسه، واللمز هو العيب، ومن اللمز التنابز بالألقاب الَّتي يكرهها أصحابها، ويُحِسُّون بأن إطلاقها عليهم ما هو إلا من قبيل السخرية والعيب، ومن حقِّ المؤمن على المؤمن ألا يناديه بلقب يكرهه ويُزري به،

وقد غيَّر رسول الله صلى الله عليه وسلم أسماء وألقاباً كانت في الجاهلية لأصحابها، لأنه وجد فيها ما يُزري بأصحابها. أمَّا الألقاب الَّتي تُكسِبُ حمداً أو مدحاً فلا تُكره، فقد أُطلقَ على أبي بكر (الصدِّيق) وعلى عمر (الفاروق) وعلى عثمان (ذي النُّورَين) وعلى علي (المرتضى) وعلى خالد (سيف الله). ثمَّ تحذِّر الآية المؤمنين من فقدان صفة الإيمان باستخدام ألفاظ الفسق والفجور،

لأن في ذلك ارتداداً إلى الجاهلية، لذا فإن من لم يتب عن نبزه أخاه بما نهى الله عنه من الألقاب،
أو لمزه إيَّاه أو السخرية منه، فقد ظلم نفسه وأكسبها عقاب الله بعصيانه إيَّاه.


والخلاصة: إن الآية الكريمة تشير إلى ضرورة تجنُّب أمور ثلاثة فيها كلُّ الإساءة إلى المجتمع الإيماني؛ وهي السخرية، واللمز، والنَّبْز. فالسخرية هي أن ينظر الإنسان إلى أخيه بازدراء ويسقطه عن درجته، واللمز هو ذِكر ما في الرجل من عيب في حضوره أو في غيبته، والنَّبْز هو أن يضيف إليه وصفاً يوجب بُغضه والحطَّ من منزلته، وبذلك يضع الإسلام قواعد اللياقة الاجتماعية والأدب النفسي للتعامل في المجتمع الإنساني الفاضل الكريم.

ذو الفقار
2008-02-15, 04:44 PM
السلام عليكم ورحمة الله
نشكرك يا أختي نورا على التذكرة والتوضيح


إن الآية الكريمة تشير إلى ضرورة تجنُّب أمور ثلاثة فيها كلُّ الإساءة إلى المجتمع الإيماني؛ وهي السخرية، واللمز، والنَّبْز. فالسخرية هي أن ينظر الإنسان إلى أخيه بازدراء ويسقطه عن درجته، واللمز هو ذِكر ما في الرجل من عيب في حضوره أو في غيبته، والنَّبْز هو أن يضيف إليه وصفاً يوجب بُغضه والحطَّ من منزلته، وبذلك يضع الإسلام قواعد اللياقة الاجتماعية والأدب النفسي للتعامل في المجتمع الإنساني الفاضل الكريم.
الحمد لله على نعمة الاسلام الذي جعل لنا تشريع كامل ولم يترك صغيرة ولا كبيرة الا تعرض لها

ندعوا الله أن تعي أذننا الدرس وأن لا نتكبر على قول الحق
قال تعالى
(( إنما يؤمن بآياتنا الذين إذا ذكروا بها خروا سجدا وسبحوا بحمد ربهم وهم لا يستكبرون ))

أسأل الله أن أكون منهم
:p015:

أمـــة الله
2008-02-15, 05:30 PM
العفو أخي احمد الواجب علينا دائما التذكير بعدم السخرية من الآخرين لا يحل لمؤمن أن يسخر من أخوه المؤمن

مشكور على المرور والمتابعة جزاك الله خير الجزاء

قال ابن كثير: "ينهى تعالى عن السخرية بالناس وهو احتقارهم والاستهزاء بهم كما ثبت في الصحيح عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (الكِبْر بطر الحق وغَمْص الناس)2 ويروى: (وغمط الناس)3 والمراد من ذلك: احتقارهم واستصغارهم وهذا حرام فإنه قد يكون المحتقر أعظم قدراً عند الله وأحب إليه من الساخر منه المحتقر له ولهذا قال: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا يَسْخَرْ قَومٌ مِنْ قَوْمٍ عَسَى أَنْ يَكُونُوا خَيْرًا مِنْهُمْ وَلا نِسَاءٌ مِنْ نِسَاءٍ عَسَى أَنْ يَكُنَّ خَيْرًا مِنْهُنَّ} فنص على نهي الرجال وعطف بنهي النساء"4.


اللهم إنا نعوذ بك من الكفر والفسوق والعصيان ونسألك الخشية والإنابة والخضوع بين يديك
اللهم ارزقنا التواضع والسكينة وحبب إلينا الإيمان وزينه في قلوبنا واجعلنا من الراشدين

اللهــــم آميـــــن

صفاء
2008-02-15, 05:46 PM
جزاك الله كل خير اختي نورا وبارك الله فيك وشكرا لك على هذه التذكرة .
نجد بعض الناس هوايتهم هي السخرية والاستهزاء من الاخرين بينما هم غافلين عن عيوبهم التي لا تحصى .
نسأل الله أن يعيننا على حفظ ألسنتنا ويتوب علينا ،وان يوفقنا ويعيننا جميعا على طاعته وذكره وشكره وحسن عبادته .
دمتم برعاية الله وحفظه

أمـــة الله
2008-02-16, 01:10 AM
جزاك الله كل خير اختي نورا وبارك الله فيك وشكرا لك على هذه التذكرة .جزانا واياكم الجنة اختي صفاء وبارك الله فيك


نجد بعض الناس هوايتهم هي السخرية والاستهزاء من الاخرين بينما هم غافلين عن عيوبهم التي لا تحصى .

نعم اختي صفاء هذا ما يحدث كل يوم الاستهزاء بالضعفاء والمساكين وقد تناسى الكثير ربنا عز وجل
نهى المؤمنين عن السخرية من الآخرين مهما كانت صفاتهم لا احد ينظر الى عيوبه التي لا تعد ولا تحصى


نسأل الله أن يعيننا على حفظ ألسنتنا ويتوب علينا ،وان يوفقنا ويعيننا جميعا على طاعته وذكره وشكره وحسن عبادته

اللهـــم آميـــن اللهم زين قلوبنا بالتواضع والسكينة

نورت صفحتي اختي صفاء بمرورك العطر

أمـــة الله
2008-02-16, 01:13 AM
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
أخي الفاضل مجرد انسان

بارك الله فيكِ وجزاكِ الله خير الجزاء ...
جزانا واياكم جنان الخلد اخي الكريم مشكور على الإضافة القيمة على الموضوع

لعل الله أن ينفعنا بما نقراء وتكون لكِ في ميزان حسناتكِ ...
وهذا هو سبب تواجدي بالمنتديات افادة اخوتي بما انقله لهم من نصائح وتذكير
وابتغاء وجه الله سبحانه و تعالى والثواب يوم لا ينفع مال و لابنون

أن هذه الصفات السيئة كلها مصدرها شيئ واحد فقط ...
وهو (( اللسان )) ...
قال الله تعالى :" وقولوا للناس حسنا " وقال رسول الله صلى الله علية وسلم :" الكلمة الطيبة صدقة
اللسان اخطر جارحة للانسان فهو سلاح ذو حدين علينا ان نبتعد عن قول السوء وكل كل مايسيء الى الله ومهين للنفس
قال الله سبحانه وتعالى:
وَمَثلُ كَلِمَةٍ خَبِيثَةٍ كَشَجَرَةٍ خَبِيثَةٍ اجْتُثَّتْ مِن فَوْقِ الأَرْضِ مَا لَهَا مِن قَرَارٍ [إبراهيم : 26]

وأعتذر جداً على الإطالة أختي الفاضلة ...
بل تواجدك بهذا الموضوع وبإضافتك القيمة اكتمل الموضوع أخي الفاضل شرفني مروركم الطيب على صفحتي
سلمت يمينك على ما خطت راااائع ما كتبت اخي الكريم

صقر قريش
2008-02-16, 09:10 PM
لا تحاولوا عبثاً مجاراة مجرد إنسان في الكلام .. فهو فصيح فصاحة الشعراء ، بليغ بلاغة العرب القدماء ، يستعير ويشبه وله في الكناية مجرى الفصحاء .

موضوع رائع أختنا نورا جزاك الله الجنة بما خط لنا قلمك ..

دمت بخير أختنا في الله .

أمـــة الله
2008-03-22, 07:04 PM
لا تحاولوا عبثاً مجاراة مجرد إنسان في الكلام .. فهو فصيح فصاحة الشعراء ، بليغ بلاغة العرب القدماء ، يستعير ويشبه وله في الكناية مجرى الفصحاء .

نعم أخي عمر كلمة حق اقولها بحق أخونا مجرد انسان
الأخ مجرد انسان مثقف جدا ومبدع ما شاء الله زاده الله علما فوق ما وهبه الله

وضوع رائع أختنا نورا جزاك الله الجنة بما خط لنا قلمك ..
مرورك هو الأروع أخي عمر
وجزانا واياكم جنان النعيم تشرفت بمرورك الطيب


دمت بخير أختنا في الله .
اتمنى من الله العلي القدير أن يردك إلينا سالما غانما بإذن الله أخي عمر

فدائية الاسلام
2008-03-23, 09:09 PM
جزاك الله خيرا وبارك الله فيك

زنبقة الاسلام
2008-03-23, 10:38 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
جزاك الله كل خير اختي نورا
وجعله الله في ميزان حسناتك