المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : فضل أهل الحديث



الصفحات : [1] 2

دانة
2010-08-17, 07:14 AM
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله و الصلاة و السلام على رسول الله



اما بعد:
لقد تطاول اناس جهال على علماء الحديث,بل و حقروا من شائنهم و جهودهم و ذكروا انهم ليسوا من اهل العلم ,و تعجبوا ما بالكم تغوصون فى اعماق الكتب لتخرجوا حديث و تاتوا بطرقه.



قال عكرمة - رضي الله عنه -: إياكم أن تؤذوا أحداً من العلماء، فإن من آذى عالماً فقد آذى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.



والعلماء هم حراس الدين وحماته من الابتداع والتزييف, وقد قيل لابن المبارك: هذه الأحاديث المصنوعة؟!! فقال: يعيش لها الجهابذه.
اللآلئ المصنوعة للسيوطي (2/472).



وعن ابن علية قال: أخذ هارون الرشيد زنديقاً فأمر بضرب عنقه، فقال له الزنديق: لم تضرب عنقي؟ قال له: أريح العباد منك.


قال: فأين أنت من ألف حديث وضعتها على رسول الله - صلى الله عليه وسلم – كلها ما فيها حرف نطق به؟!
فقال الرشيد: فأين أنت يا عدو الله من إسحاق الفزاري وعبد الله بن المبارك ينخلانها نخلاً فيخرجونها حرفاً حرفاً.
تذكرة الحفاظ (1/252).



قال هلال بن خباب: سألت سعيد بن جبير؛ قلت: يا أبا عبد الله ما علامة هلاك الناس؛ قال: إذا هلك علماؤهم.


هذه هي منزلة العلماء ومكانتهم في الدين. ويجب على كل مسلم أن يتأدب معهم أشد الأدب قال الطحاوي - رحمه الله -:
(وعلماء السلف من السابقين، ومن بعدهم من التابعين، أهل الخير والأثر، وأهل الفقه والنظر – لا يذكرون إلا بالجميل، ومن ذكرهم بسوء فهو على غير سبيل)شرح الطحاوية (2/740).



قال أمير المؤمنين علي بن أبي طالب - رضي الله عنه -:
(من حق العالم عليك إذا أتيته أن تسلم عليه خاصة، وعلى القوم عامة، وتجلس قدامه، ولا تشر بيديك، ولا تغمز بعينيك، ولا تقل: قال فلان خلاف قولك,ولا تأخذ بثوبه، ولا تلح عليه في السؤال، فإنه بمنزلة النخلة المُرطبة التي لا يزال يسقط عليك منها شيء).
جامع بيان العلم وفضله (1/580).



وعن سعيد بن المسيب أن علي بن أبي طالب - رضي الله عنه – قال أيضاً:
إن من حق العالم ألا تكثر عليه بالسؤال، ولا تعنته في الجواب، وألا تلح عليه إذا كسل، ولا تأخذ بثوبه إذا نهض، ولا تفضي له سراً، ولا تغتابن عنده أحداً، ولا تطلبن عثرته، وإن زل قبلت معذرته, وعليك أن توقره وتعظمه لله ما دام يحفظ أمر الله، ولا تجلس أمامه، وإن كانت له حاجة سبقت القوم إلى خدمته.
إرشاد الطالب ص(8/792).



وقال طاووس بن كيسان: إن من السنة أن توقر العالم.
جامع بيان العلم وفضله (1/459).




وعن الحسن قال: رئي ابن عباس يأخذ بركاب أبي بن كعب فقيل له: أنت ابن عم رسول الله - صلى الله عليه وسلم – تأخذ بركاب رجل من الأنصار؟!
فقال: إنه ينبغي للحبر أن يعظم ويشرف


وعن الشعبي قال: صلّى زيد بن ثابت على جنازة، ثم قربت له بغلة ليركبها فجاء ابن عباس فأخذ بركابه فقال له زيد: خل عنك يا ابن عم رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. فقال ابن عباس: هكذا يفعل بالعلماء والكبراء.
وفي رواية عنه قال: أمسك ابن عباس بركاب زيد بن ثابت فقال: أتمسك لي وأنت ابن عم رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؟ قال: إنا هكذا نصنع بالعلماء.
جامع بيان العلم (1/456).



و قال رسول الله صلى الله عليه و سلم لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق حتى يأتيهم أمر الله وهم ظاهرون
متفق عليه
قال عبد الله بن المبارك ويزيد بن هارون و على بن المديني و البخاري قال هؤلاء الائمة كلهم فى بيان الطائفة المنصورة (هم اهل الحديث)
انظر شرف اصحاب الحديث للخطيب تحقيق محمد سعيد خطيب رقم 46-51الطبعة الاولى نشر دار احياء السنة النبوية


وقال أحمد بن حنبل :إن لم يكونوا أهل الحديث فلا أدري من هم .

أبوحمزة السيوطي
2010-08-26, 07:20 AM
جزاكم الله خيرا أختنا الكريمة على هذا الموضوع القيم

نفع الله بكم

دانة
2010-08-26, 08:03 AM
الحث على الرحلة وطلب علو الإسناد:


أصبح طلب علو الإسناد سنة عند علماء السلف ولهذا حرصوا على الرحلة إليه واستحبوها، وحثوا طلاب العلم على ذلك:
فعن عبد الله بن أحمد بن حنبل قال: سمعت أبي يقول: طلب علو الإسناد من الدين
الرحلة في طلب الحديث،
للخطيب البغدادي: 13/89.



وعن أبي العالية قال: كنا نسمع بالرواية عن أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالمدينة بالبصرة، فما نرضى حتى أتيناهم فسمعنا منهم
الرحلة في طلب الحديث،
للخطيب البغدادي:21/93.



وعن عامر الشعبي قال: لو أن رجلاً سافر من أقصى الشام إلى أقصى اليمن فحفظ كلمة تنفعه فيما يستقبله من عمره رأيت أن سفره لا يضيع
الرحلة في طلب الحديث،
للخطيب البغدادي:ص: 80.




وقيل ليحيى بن معين في مرض موته: ما تشتهي؟ قال: بيت خالي وإسناد عالي
الباعث الحثيث شرح اختصار علوم الحديث، ص: 153.



وعن جعفر الطيالسي قال: سمعت يحيى بن معين يقول: أربعة لا تؤنس منهم رشداً: حارس الدرب، ومنادي القاضي، وابن المحدث، ورجل يكتب في بلده ولا يرحل في طلب الحديث
الرحلة في طلب الحديث، رقم: 14/89.




ظهور علم الأسانيد واختصاص المسلمين به:


ومن جهود العلماء في حفظ السنة اهتمامهم وبحثهم عن أسانيد الروايات، وهذا العلم لا عهد به لأمة من الأمم قبل المسلمين، فقد خصت الأمة الإسلامية بالأسانيد والمحافظة عليها حفظاً للوارد من دينها عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وليست هذه المزية عند أحد من الأمم السابقة
أنظر الباعث الحثيث، لأحمد شاكر، ص: 152.



فعن محمد بن سيرين قال: لم يكونوا يسألون عن الإسناد فلما وقعت الفتنة قالوا: سموا لنا رجالكم فينظر إلى أهل السنة فيؤخذ منهم، وينظر إلى أهل البدع فلا يؤخذ حديثهم
مقدمة صحيح مسلم، ص: 76.



وعن أبي إسحاق إبراهيم بن عيسى الطالقاني قال:
قلت لعبد الله بن المبارك: يا أبا عبد الرحمن الحديث الذي جاء إن من البر بعد البر أن تصلي لأبويك مع صلاتك، وتصوم له هذا من حديث شهاب بن خراش، فقال: ثقة. عمن؟ قال: قلت عن الحجاج بن دينار قال: ثقة عمن؟ قال: قلت: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. قال: يا أبا إسحاق إن بين الحجاج بن دينار وبين النبي - صلى الله عليه وسلم - مفاوز تنقطع فيها أعناق المطي، ولكن ليس في الصدقة اختلاف
مقدمة صحيح مسلم، ص:80.



وقال محمد بن حاتم بن المظفر: إن الله أكرم هذه الأمة وشرفها وفضلها بالإسناد وليس لأحد من الأمم كلها قديمهم وحديثهم إسناد، وإنما هي صحف بأيديهم وقد خلطوا بكتبهم أخبارهم، وهذه الأمة إنما تنص الحديث من الثقة المعروف في زمانه المشهور بالصدق والأمانة عن مثله حتى تتناهى أخبارهم، ثم يبحثون أشد البحث حتى يعرفوا الأحفظ فالأحفظ والأضبط فالأضبط والأطول مجالسة لمن فوقه ممن كان أقل مجالسة، ثم يكتبون الحديث من عشرين وجهاً وأكثر حتى يهذبوه من الغلط والزلل، ويضبطوا حروفه ويعدوه عداً فهذا من أعظم نعم الله على هذه الأمة تستوزع الله شكر هذه النعم
المختصر الوجيز للدكتور محمد عجاج الخطيب، ص: 24، نقلاً عن كتاب "شرف أصحاب الحديث".


وقال الحافظ أبو علي الجبائي: خص الله - تعالى - هذه الأمة بثلاثة أشياء لم يعطها من قبلها: الإسناد، والأنساب، والإعراب
تدريب الراوي للسيوطي، ص: 359.



وقد اشتهر بين أهل العلم منذ عهد التابعين قولهم: "إن هذا العلم دين فانظروا عمن تأخذون دينكم"، وقولهم: "الإسناد من الدين ولولا الإسناد لقال من شاء ما شاء".

دانة
2010-08-26, 08:12 AM
أطوار جمع السنة وتدوينها:


إن جمع السنة النبوية وتدوينها، وظهور الفنون والقواعد المتعلقة بعلم الحديث من حيث الدراية والرواية له ثلاثة أطوار
أنظر الرسالة المحمدية لسليمان الندوي، ص: 76.



الأول: في عصر الصحابة وكبار التابعين، واستمر هذا الطور إلى سنة 100 هـ وفيه جمع الرجال ما عندهم من الحديث باجتهاد خاص، وكان الحديث يدون في صحف خاصة ببعض من يكتب، ولم يكن التدوين متداولاً بين الجميع، فعند علي صحيفة صغيرة كانت تشتمل على العقل وفكاك الأسير، وعند عبد الله بن عمرو بن العاص صحيفة سماها "الصادقة".
وبعض الصحابة كان يكتب شيئاً من حديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثم يعود فيحرق ما كتبه، لأنه ثبت عنده كراهة الكتابة، وذلك ما فعله أبو بكر الصديق رضي الله عنه، فالصحابة لم يكونوا على حالة واحدة من حيث تدوين الحديث بعضهم يدوّنه وبعضهم يشعر بكراهة الكتابة، والأمر عندهم متردد بين النهي والإباحة.



الثاني: في عهد صغار التابعين وأتباع التابعين واستمر هذا الطور إلى سنة 150 وفيه تم "التدوين الرسمي" للسنة، فقد قام العلماء في كل مصر من الأمصار الإسلامية بتدوين ما عندهم من الحديث، وذلك بناء على طلب من أمير المؤمنين عمر بن عبد العزيز - رحمه الله - فقد كتب إلى الآفاق "انظروا حديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فاجمعوه" وكتب أيضاً إلى أهل المدينة "انظروا حديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فاكتبوه فإني خفت دروس العلم وذهاب أهله"
سنن الدارمي: 1/126.


فكتب محمد بن عمرو بن حزم (- 117 هـ) ما ثبت عنده من الحديث، وكان عاملاً لعمر على المدينة، وطلب من محمد بن شهاب الزهري (- 124 هـ) أن يجمع السنن ففعل وكتبها دفتراً دفتراً، وبعث عمر إلى كل أرض له عليها سلطان دفتراً
جامع بيان العلم وفضله: 1/76 وانظر أصول الحديث، ص: 177.



وعلى هذا يحمل قول العلماء والمؤرخين: "أول من دون العلم ابن شهاب الزهري" والمقصود بذلك التدوين الرسمي، ولا يؤبه بقول أعداء الإسلام من الرافضة أو المستشرقين.




الثالث: عهد المحدثين وأئمة السنة من سنة 150هـ إلى القرن الثالث الهجري، وفيه توسع علم الحديث فظهرت المصنفات المختلفة وتنوعت الابتكارات والفنون المتعلقة بالسنة المطهرة، فظهرت المسانيد والمصنفات والموطآت، والجوامع، والسنن، والأجزاء، والمعاجم، وكتب المغازي، والطبقات، وكتب الجرح والتعديل، وكتب العلل، ومعرفة الرجال، وكتب التاريخ، وكتب أصول الحديث جملة.


وهذه الأطوار التي مر بها جمع السنن وتدوينها كانت متكاملة ومترابطة؛ لأن العلماء الثقات الذين اهتموا بحفظ الحديث وضبطه وجمعه وعرفوا قوانين الرواية وأصولها تناقلوا هذا العلم كابراً عن كابر، وأوصله كما سمعه أول إلى آخر.
فما جمع في الطور الأول دون في كتب الطور الثاني، وما دون في الطور الثاني جمع ورتب في الطور الثالث.

دانة
2010-08-26, 08:21 AM
جزاكم الله خيرا أختنا الكريمة على هذا الموضوع القيم

نفع الله بكم

وجزاكم مثله أخي الفاضل

دانة
2010-08-26, 08:28 AM
التدوين بين النهي والإباحة
انظر دراسات في السيرة النبوية لأستاذنا الشيخ محمد سرور زين العابدين، ص: 80.


وردت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أحاديث تنهى عن كتابة الحديث وأخرى تبيح الكتابة، "لا تكتبوا عني ومن كتب عني غير القرآن فليمحه"، "استعن على حفظك بيمينك"، للعلماء في هذا الاختلاف أجوبة مختصرها، أن النهي كان في أول الأمر حينما كان يكتب القرآن، فلما انتهى، وردت الإباحة وذلك لكي لا يختلط الحديث بالقرآن، أو أجاز لمن يحسن الكتابة، ولا يخطئ في كتابته ولا يخشى عليه الغلط أن يكتب الحديث، ونهى من كان يثق بحفظه، أو أن أحاديث الإباحة ناسخة لأحاديث النهي وهذا رأي ابن قتيبة وابن القيم وابن حجر، وأحمد شاكر من المعاصرين.




عناية العلماء بنقد الحديث سنداً ومتناً
"اهتمام المحدثين بنقد الحديث سنداً ومتناً" للدكتور محمد لقمان السلفي.


اتجهت عناية العلماء لحفظ السنة إلى دراسة الحديث ونقده من جهة السند ومن جهة المتن، وقد وضعوا لذلك قواعد علمية هي أصح ما عرف في التاريخ من قواعد علمية للرواية والأخبار لا مجال بعد ذلك للحيطة والتثبت.
ففيما ما يتعلق بسند الحديث فلهم قواعد ومصطلحات تعرف بحال الراوي من حيث العدالة والضبط أو عكس ذلك كالفسق والغفلة والاختلاط والبدعة والجهالة، ونشأ من جراء ذلك ما أطلق عليه علم الجرح والتعديل الذي هو من أهم علوم الحديث وأعظمها شأناً فبه يعرف المقبول من المردود، والصحيح من السقيم.


وأما ما يتعلق بمعرفة حال الرواة وذلك في عناية المحدثين بتاريخ الرواة وطبقاتهم: معرفة التابعين، وأتباع التابعين، المديح، ورواية الأقران، الأكابر عن الأصاغر، الآباء عن الأبناء، الأسماء والكنى، الموالي، أوطان الرواة، المتفق والمفترق، المؤتلف والمختلف، طرق تحمل الحديث وأهلية الراوي، ومعرفة إسناد الحديث من حيث الاتصال والانقطاع، العالي والنازل، المسلسل، المرسل، المسند المعلق، المعضل، المتواتر والآحاد.


ومما يتعلق بعناية المحدثين بنقد متن الحديث من حيث صحة الحديث أو ضعفه أو كونه من الموضوعات، أو من جهة دراية الحديث مما يتعلق بالغريب، والمختلف والناسخ والمنسوخ، والمقلوب والمدرج والمضطرب والمصحف والمحرف والشاذ والمحفوظ، وغير ذلك. وكثير من هذه المصطلحات مشتركة بين المتن والإسناد.


وهذه المصطلحات تجد معانيها مفصلة في كتب مخصوصة بهذا الفن يطلق عليها علم مصطلح الحديث، أو أصول الحديث وهي كثيرة جداً يحسن الرجوع إليها والاستفادة منها لمن يحرص على الخير والاستفادة والله الموفق.
ومن أمثلة اعتناء المحدثين بنقد متون الأحاديث ما ذكره السخاوي أن بعض اليهود أظهر كتاباً وادعى أنه كتاب رسول الله (بإسقاط الجزية عن أهل خيبر وفيه شهادة الصحابة - رضي الله عنهم -، وذكروا أنه خط علي - رضي الله عنه - فيه، وحمل الكتاب في سنة سبع وأربعين وأربعمائة إلى رئيس الرؤساء أبي القاسم علي وزير القائم، فعرضه على الحافظ الحجة أبي بكر الخطيب، فتأمله، ثم قال: "هذا مزوّر" فقيل له من أين لك هذا؟ قال: فيه شهادة معاوية، وهو إنما أسلم عام الفتح، وفتح خيبر كان في سنة سبع، وفيه شهادة سعد بن معاذ وهو قد مات يوم بني قريظة قبل فتح خيبر بسنتين، فاستحسن ذلك منه واعتمده وأمضاه ولم يجز لليهود على ما في الكتاب لظهور تزويره
الإعلان بالتوبيخ لمن ذم التاريخ، ص: 47.



قال ابن القيم - رحمه الله - بعد أن بين وجوه بطلان هذا الحديث
المنار المنيف في الصحيح والضعيف، ص: 105:
وأُحضر هذا الكتاب بين يدي شيخ الإسلام وحوله اليهود يزفونه ويجلونه، وقد غشي بالحرير والديباج فلما فتحه وتأمله بزق عليه وقال: هذا كذب من عدة أوجه وذكرها فقاموا من عنده بالذل والصغار.

دانة
2010-08-26, 08:38 AM
جهود العلماء في مقاومة الوضع:
الموضوع في اصطلاح المحدثين هو المختلق المصنوع وهو الذي نسبه الكذابون المفترون إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو شرُّ أنواع الرواية.


ظهر الوضع في الحديث بعد وقوع الفتن وظهور البدع والفرق المنحرفة. عن محمد بن سيرين أنه قال: "لم يكونوا يسألون عن الإسناد فلما وقعت الفتنة قالوا سمّوا لنا رجالكم، فينظر إلى حديث أهل السنة فيؤخذ حديثهم، وينظر إلى أهل البدع فلا يؤخذ حديثهم".



وكان من فضل الله - عز وجل - أن هيأ رجالاً يذبون عن سنة المصطفى صلوات الله وسلامه عليه، فقاوموا الوضع والوضاعين، ونفوا الكذب عن حديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، ومن أشهر العلماء الذين تصدوا للوضع والوضاعين: عامر الشعبي (- 103 هـ)، وشعبة بن الحجاج (- 160 هـ)، وسفيان الثوري (161 هـ)، وعبد الله بن المبارك (- 181 هـ)، وعبد الرحمن بن مهدي (- 198 هـ).


قيل لعبد الله بن المبارك: هذه الأحاديث الموضوعة؟ فقال: تعيش لها الجهابذة ((إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون))
الباعث الحثيث لأحد شاكر، ص: 90.



وقال الإمام سفيان الثوري: "ما ستر الله أحداً يكذب في الحديث".



وقال الإمام عبد الله بن المبارك: "لو هم رجل في السحر أن يكذب في الحديث لأصبح الناس يقولون فلان كذاب".



وقال الدار قطني: "يا أهل بغداد لا تظنوا أن أحداً يقدر يكذب على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأنا حي".



وقال الإمام ابن خزيمة: "ما دام أبو حامد بن الشرقي في الأحياء لا يتهيأ لأحدٍ أن يكذب على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ".





وقد وضع العلماء ضوابط جامعة لمعرفة الحديث الموضوع منها
أنظر كتاب: "المنار المنيف في الصحيح والضعيف" لابن القيم، وانظر السنة ومكانتها في التشريع، للشيخ مصطفى السباعي، ص: 90:


التزام السند، فلم يقبلوا من الحديث إلا ما يطمئن إلى ثقة راويه وعدالته وضبطه. والتوثق من الأحاديث، وتتبع الكذبة ونقد الرواية: فجابر الجعفي قال عنه أبو حنيفة: "ما رأيت أكذب من جابر الجعفي"
المتكلمون في الرجال للسخاوي، تحقيق عبد الفتاح أبو غدة، ص: 87.



وعبد الكريم بن أبي العوجاء الذي قتله أمير البصرة محمد بن سليمان بعد سنة 160 هـ، وبيان بن سمعان النهدي من بني تميم ظهر بالعراق وادعى إلهية علي، ومحمد بن سعيد بن حسان الأسدي الشامي المصلوب، قتله أبو جعفر المنصور
انظر الباعث الحثيث، ص: 88.



وضوابط أخرى تعرف في متن الحديث وتدل على وضعه كأن يكون الحديث مناقضاً للكتاب الكريم أو السنة المتواترة، أو ركيك اللفظ، أو مما يكذبه الحس.

ساجدة لله
2010-08-26, 08:57 AM
أتمنى أن أتلقى هذا العلم الرائع وأتعلمه حقيقي يا أختي دانة
بصراحة لن أبالغ إن قلت أن علم الحديث من أهم علوم الدين
وبدونه ما تمكنا من معرفة أي الأحاديث صادقة وأيها كاذبة وكنا سنتخبط في ديننا ونقبل بكل رأي قيل ونصبح مثل النصارى إذا سألتي سؤال لأحد عشر نصراني لوجدتِ إثنى عشر إجابة مختلفة كل منها تناقض الأخرى

بارك الله فيكِ غاليتي على المعلومات المفيدة استفدت جداً منها
متابعة

ساجدة لله
2010-08-26, 08:59 AM
تم تثبيت الموضوع بارك الله فيكم

دانة
2010-08-26, 09:16 AM
نبذة من جهود العلماء في ابتكار المصنفات لحفظ السنة:

إن المتأمل في الكتب التي صنفها العلماء فيما يتعلق بالسنة المطهرة، ثم روايتها ونقلها بالأسانيد الموثقة والسماعات يعلم مقدار وأهمية الجهد الذي بذلوه في حفظ السنة والحرص عليها أثابهم الله وجزاهم عن الإسلام والمسلمين خير الجزاء.
فالمسانيد والمصنفات والجوامع والسنن والموطآت والمعاجم والأجزاء وكتب الأطراف وكتب الجرح والتعديل وكتب الرجال، وغير ذلك مما لا يمكن استقصاؤه في هذا المقام، كل ذلك ينبئ بلا شك ولا ارتياب بأن السنة النبوية حفظت ودونت وجمعت عن طريق رجال وفقهم الله وهيأهم لهذا المقام السامي.


وفيما يلي نبذة مختصرة عن كتاب صحيح البخاري كمثال على جهود العلماء:

كان الإمام البخاري أحد أعلام الدنيا في الحفظ والإتقان، وكان يحفظ مائة ألف حديث صحيح، ومائتي ألف حديث غير صحيح، وله قصة مشهورة امتحنه بها العلماء في بغداد لمعرفة حفظه وإتقانه ما جعلهم يطلقون عليه أمير المؤمنين في الحديث، ولد - رحمه الله - سنة 194 هـ، وتوفي سنة 256 هـ.


يعتبر البخاري أول من صنف في الصحيح المجرد وقد سمى كتابه "الجامع المسند الصحيح المختصر من أمور رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وسننه وأيامه" وعدة ما فيه من الأحاديث الموصولة بلا تكرار (2602) وعدد الأحاديث بما فيها التعليقات والمتابعات (9082) اختارها من ستمائة ألف حديث.


واستغرق في تصنيف هذا الكتاب قرابة ستة عشر عاماً، ولم يضع فيه حديثاً إلا وصلى ركعتين، قال - رحمه الله -: "جعلته حجة بيني وبين الله - سبحانه - " فهو أصح كتاب بعد كتاب الله - عز وجل - ، قال شيخ الإسلام ابن تيمية: "ليس تحت أديم السماء كتاب أصح من البخاري ومسلم بعد القرآن"
مجموع الفتاوى: 18/74.


وقد لقي هذا الكتاب من العلماء عناية فائقة، فقد تلقاه ستون ألفاً عن تلميذ واحد من تلاميذه وهو الإمام "الفربري"، كما بلغ عدد الذين كتبوا حوله ما بين شرح واختصار وترجمة رجال عدداً كبيراً جداً، وإن عدد شروحه فقط تجاوزت الثمانين كما ذكر صاحب كشف الظنون، فما بالك بمن جاء بعد حاجي خليفة وكتب عن صحيح البخاري.


وإن من أشهر الشروح على صحيح البخاري كتاب ابن حجر العسقلاني - رحمه الله - المولود سنة 773 هـ والمتوفى سنة 852 هـ، وسمى شرحه "فتح الباري بشرح صحيح البخاري"، ابتدأ تأليفه أوائل سنة 817 هـ وانتهى في سنة 842هـ، ولما أتمه عمل وليمة عظيمة حضرها وجوه المسلمين، وصرف فيها نحو خمسمائة دينار
انظر: "هدي الساري مقدمة فتح الباري" لابن حجر العسقلاني، ومقدمة تحفة الأحوذي للمباركفوري، والسنة ومكانتها في التشريع للسباعي، ص: 447.


ولابن حجر - رحمه الله - كتب أخرى كثيرة سوى هذا الكتاب منها كتاب "الإصابة في تمييز الصحابة" ذكر ابن حجر أنه استغرق في تصنيفه نحو الأربعين سنة، ومجموع التراجم في هذا الكتاب (12279) بما في ذلك المكرر للاختلاف في اسم الصحابي أو شهرته بكنية أو لقب
انظر الباعث الحثيث لأحمد شاكر، ص: 170.


ومع هذه اللمحة المختصرة عن صحيح البخاري، وعن أشهر شروحه فتح الباري لابن حجر العسقلاني فإن صاحب القلب السليم ومن وهب فطنة يعلم أن ابن حجر كان على قدر من العلم لا يبلغه أكبر الحفاظ والعلماء في زماننا، ومع ذلك فإن ابن حجر فيما يذكره أنه شرب ماء زمزم ودعا الله أن يرزقه ما رزق الذهبي من العلم!!.

فهل يستوي هذا مع من يقول: "الاطروحات التي يحملها [التيار الديني] جامدة ومفهومه للحريات ينبع دائماً من كتب الفقه القديمة التي أنتجت في القرن الخامس والسادس والسابع الهجري وهي عصور التخلف.. "!!
مجلة المجلة، العدد: 1026، تاريخ: 10 - 16/10/1999.


ألم يعتبر ويتعظ الذين يهاجمون السنة بما فعله شيخ الإسلام ابن تيمية من رده على الرافضي الذي صنف كتاباً سماه "منهاج الكرامة" يشنع فيه على أهل السنة ويطعن في الصحابة وأمهات المؤمنين، فكان رد شيخ الإسلام في كتابه الموسوم "منهاج السنة النبوية في نقض دعاوى الرافضة والقدرية" حيث ذكر فيه من وجوه التشابه بين الرافضة واليهود أشياء كثيرة في العقائد والعبادات.


إن الإنسان بحاجة إلى تذكير، ولذلك فإن كثيراً من سور القرآن الكريم يتكرر فيها الموضوع الواحد من أول سورة فيه إلى آخر سورة كالتوحيد، واليوم الآخر، والنبوات، ومصير الظالمين، وعاقبة المؤمنين مع أن نزول القرآن استمر أكثر من عشرين سنة.
قال - تعالى -: ((الله نزل أحسن الحديث كتاباً متشابهاً مثاني تقشعر منه جلود الذين يخشون ربهم ثم تلين جلودهم وقلوبهم إلى ذكر الله ذلك هدى الله يهدي به من يشاء ومن يضلل الله فما له من هاد)) [الزمر: 23].