صفاء
2008-02-17, 11:16 PM
(صاحب عصابة الموت )
الرجل الذي اخذ سيف رسول الله صلى الله عليه وسلم بحقه
لقد كان اصحاب النبي صلى الله عليه وسلم اسوة وقدوة في كل شيئ ،لكن بعضهم كان يتميز احيانا عن غيره بصفة تظهر فيه جلية واضحة كالشمس في رابعة النهار
وهانحن على موعد مع بطل كان اذا ربط على راسه العصابة الحمراء هبت رياح الموت من كل مكان .
لقد كان الناس يعرفون للحرب قدرها ورهبتها ويعملون لها الف حساب اما بطلنا فقد كان يدخل الحرب فينظر الى اعداء الله كانهم حشرة حقيرة يمشي عليها ويطأها بقدميه ،فتجده يختال في مشيته عند الحرب .
كان ابو دجانة صاحب همة عالية في القتال وكانت تلك الهمة في حاجة الى ان تاخذ طريقها الى رقاب اعداء الله لولا ان صاحبها لم يسلم بعد.
فلما اسلم ابو دجانة ولامس الايمان شغاف قلبه ازدادت همته ،وذلك لانه سيقاتل من اجل العقيدة التي من اجلها خلق الله السماوات والارض وارسل الرسل وانزل الكتب وخلق الجنة والنار فاصبحت همته موجهة لحصد رقاب اعداء الله .
صاحب عصابة الموت
في حياة الصحابة الفرسان ملامح طريفة من نوادر البسالة ،والفروسية ،والاقدام ،هذه الملامح تلتصق بشخصية صاحبها حيث يعرف بها بين اقرانه ،وتبقى خالدة على مر الايام والازمان ،ماثلة للعيان عبر تتالي الدهور والاعوام .
وابو دجانة واحد من اولئك الابطال الذين عرفوا بالشجاعة ،وخاصة اذا وضع شارة الحرب على راسه .
لقد شهد لهذا الفارس البطل بالفروسية ،والجراة والاقدام ،اقرانه الشجعان ويكفيه فخرا وقدرا ان الزبير بن العوام رضي الله عنه وهو من اشجع فرسان الصحابة ،واشدهم قد شهد لبطلنا بكمال الفروسية وجلال البطولة وشدة الباس واحكام المراس (1)(فرسان من عصر النبوة ( ص:659،661)
شهد ابو دجانة سماك بن خرشة بدرا واحدا
وفي يوم احد قام الرسول صلى الله عليه وسلم يحرض اصحابه على القتال والمصابرة والجلاد عند لقاء المشركين لعنة الله عليهم
فعن انس ان رسول الله صلى الله عليه وسلم اخذ سيفا يوم احد فقال:" من ياخذ مني هذا " فبسطوا ايديهم كل انسان منهم يقول :انا انا قال ::"فمن ياخذه بحقه؟" قال :فاحجم القوم فقال سماك بن خرشة (ابو دجانة ) :انا آخذه بحقه قال :فاخذه ففلق به هام المشركين (اخرجه مسلم )
وبينما كان ثقل المعركة ،يدور حول لواء المشركين ،كان القتال المرير يجري في سائر نقاط المعركة ،وكانت روح الايمان قد سادت صفوف المسلمين ،فانطلقوا خلال جنود الشرك انطلاق الفيضان تتقطع امامه السدود وهم يقولون :"أمت،أمت " كان ذلك شعارا لهم يوم احد
اقبل ابو دجانة معلما بعصابته الحمراء ،اخذا بسيف رسول الله صلى الله عليه وسلم مصمما على اداء حقه فقاتل حتى امعن في الناس وجعل لا يلقى مشركا الا قتله ،واخذ يهد صفوف المشركين هدا ،قال الزبير بن العوام رضي الله عنه :وجدت في نفسي حين سالت رسول الله صلى الله عليه وسلم السيف فمنعه واعطاه ابا دجانة ،وقلت اي:في نفسي :انا ابن صفية عمته ،من قريش وقد قمت اليه ،فسالته اياه قبله فآتاه اياه وتركني ،والله لانظرن ما يصنع ؟فاتبعته فاخرج عصابة له حمراء ،فعصب به راسه فقالت الانصار ،اخرج ابو دجانة عصابة الموت ،فخرج وهو يقول :
انا الذي عاهدني خليلي .........ونحن بالسفح لدى النخيل
ان لا اقوم الدهر في الكيول.......اضرب بسيف الله والرسول
(الكيول ) آخر الصفوف ،يعني انه لا يقاتل في مؤخرة الصفوف ،بل يظل ابدا في المقدمة .
فجعل لا يلقى احدا الا قتله ،كان في المشركين رجل لا يدع لنا جريحا الا ذ ُف عليه ،فجعل كل واحد منهما يدنو من صاحبه ،فدعوت الله ان يجمع بينهما فالتقيا ،فاختلفا ضربتين فضرب المشرك ابا دجانة فاتقاه بدرقته ،فعضت بسيفه فضربه ابو دجانة فقتله (ابن هشام (2/ 68ـ69)
ثم امعن ابو دجانة في هد الصفوف ،حتى خلص الى قائدة نسوة قريش وهو لا يدري بها ،قال ابو دجانة :رايت انسانا يخمش الناس خمشا شديد فصمدت له ،فلما حملت عليه السيف ولول فاذا امراة ،فاكرمت سيف رسول الله صلى الله عليه وسلم ان اضرب به امراة .
وكانت تلك المراة هي هند بنت عتبة قال الزبير بن العوام رضي الله عنه :رايت ابادجانة قد حمل السيف على مفرق راس هند بنت عتبة ثم عدل السيف عنها فقلت ،الله ورسوله اعلم (السيرة لابن هشام (3/589)
رحمك الله ورضى عنك يا ابا دجانة يا صاحب عصابة الموت يا من لا تقوم الدهر في الكيول بل تفلق هام المشركين
دفاع عن النبي صلى الله عليه وسلم
ولقد ثبت ابو دجانة رضي الله عنه يوم احد وترس بنفسه على رسول الله صلى الله عليه وسلم فحنى ظهره عليه والنبل يقع فيه ،حتى كثرت الجراح ،ولم تتوقف غزوة احد حتى جندل بسيفه بضعة رجال من ابطال المشركين .
جهاده في سبيل الله
شهد ابو دجانة الانصاري رضي الله عنه غزوات الرسول صلى الله عليه وسلم جميعا ،وفي شهر ربيع الاول من السنة الرابعة للهجرة ،امر رسول الله صلى الله عليه وسلم بالتهيؤ لحرب يهود بني النضير وقتالهم فسار ابو دجانة لقتالهم ،فاعتصموا بحصونهم ،فحاصرهم المسلمون ،وملأ الرعب قلوب بني النضير ،واشتد الحصار عليهم ،,ايقنوا ان حصونهم لا تمنعهم من سوء المصير ،وعند ذلك صالحهم رسول الله صلى الله عليه وسلم على الجلاء ،فخرجوا ،وتركوا وراءهم للمسلمين مغانم كثيرة من سلاح وعقار ودور
هذا ولما كان المسلمون قد اخذوها صلحا دون حرب او قتال ،كانت فيئا من حق رسول الله صلى الله عليه وسلم ،يتصرف فيها كيف يشاء ،وقد قسمها على المهاجرين دون الانصار ،وبذلك اغنى الله عز وجل المهاجرين وازال حاجتهم وفاقتهم ،ولم ياخذ من الفئ من الانصار الا ابو دجانة ،وسهل بن حنيف والحارث بن الصمة ،فقد شكوا فقرا عند ذلك اعطاهم رسول الله صلى الله عليه وسلم (السير الكبير (2/609))
وفي غزوة خيبرابلى ابو دجانة رضي الله عنه احسن البلاء ،فقد خرج احد فرسان اليهود ،ويدعى "غزال " فدعا الى المبارزة ،فبرز له الحباب بن المنذر ،فقطع يده اليمنى ثم اجهز عليه ،وخرج يهودي اخر فصاح :من يبارز ؟فبرز اليه رجل من المسلمين ،فقتله اليهودي ،وقام مكانه يدعوا الى المبارزة ،ويبرز له فارس الانصار ابو دجانة وقد عصب راسه بعصابة حمراء فوق المغفر ،يختال في مشيته ،فضربه ابو دجانة فقتله واخذ سلبه ودرعه وسيفه فجاء به الى رسول الله صلى الله عليه وسلم فنفله ذلك
واحجم اليهود اذ ذاك عن المبارزة ،عند ذلك كبر المسلمون ،ثم تحاملوا على الحصن فدخلوا وامامهم ابو دجانة ،فوجدوا فيه اثاثا ومتاعا وغنما وطعاما وهرب من كان فيه من المقاتلين .
يوم حنين كان لابي دجانة مواقف لا تنسى فقد كان رجل من بني هوازن يركب على جمل احمر ،ومعه رمح طويل قد اكثر في المسلمين القتل ،فثبت له ابو دجانة ،وعرقب جمله ،وجاء فارس الاسلام والمسلمين علي بن ابي طالب رضي الله عنه وقطع يد المشرك وقطع ابو دجانة يده الاخرى ثم قتلاه وصيراه عدما كامس الدابر .
وظل ابو دجانة رضي الله عنه من فرسان مدرسة النبوة يجاهد بسيفه حتى سجل اضواء الاثار في تاريخ الفروسية في عصر النبوة وفي الغزوات امام الرسول صلى الله عليه وسلم (فرسان من عصر النبوة (ص :667،668))
اين تلك المكارم
قال زيد بن اسلم :دخل على ابا دجانة وهو مريض ،وكان وجهه يتهلل فقيل له :ما لوجهك يتهلل ؟فقال :ما من عمل شيئ اوثق عندي من اثنتين :كنت لا اتكلم فيما لا يعنيني والاخرى فكان قلبي للمسلمين سليما (1) اخرجه ابن سعد في الطبقات (3/2/102)نقلا من السير(1/243)
فاين تلك المكارم والاخلاق ايها المسلمون .
من منا يبيت ليلة وليس في قلبه غل ولاحقد ولا حسد ولا ضغينة لاحد من المسلمين .
فهنيئا لمن اكتحلت عيناه برؤية هذا الجمع الطيب المبارك من اصحاب الرسول صلى الله عليه وسلم بل هنيئا ثم هنيئا لمن راى الرسول صلى الله عليه وسلم .
وظل ابو دجانة ملازما للحبيب صلى الله عليه وسلم ملازمة الرجل لظله يقبس من هديه وعلمه واخلاقه ولقد احب النبي صلى الله عليه وسلم حبا شديدا .
ولما توفي صلى الله عليه وسلم حزن ابو دجانة حزنا شديدا كاد ان يمزق قلبه حتى ضاقت عليه الدنيا بما فيها .
حديقة الموت وساعة الرحيل
وظل ابو دجانة الشجاع يبحث عن الشهادة في سبيل الله واطلق لسيفه العنان لحرب اعداء الله الى ان جاءت موقعة اليمامة .
فلقد بعث ابو بكر رضي الله عنه خالد بن الوليد لقتال مسيلمة وبني حنيفة ،وكانوا في قريب من مائة الف او يزيدون ،وكان المسلمون بضعة عشر الفا ،فلما التقوا جعل كثير من الاعراب يفرون ،فقال المهاجرون والانصار :خلصنا يا خالد ،فميزهم عنهم ،وكان المهاجرون والنصار قريبا من الفين وخمسمائة ،فصمموا الحملة وجعلوا يتدابرون ويقولون يا اصحاب سورة البقرة ،بطل السحر اليوم ،فهزموهم باذن الله ولجاؤهم الى حديقة هناك (تسمى حديقة الموت )فتحصنوا بها ،فحاصروهم فيها ،ففعل البراء بن مالك ،اخو انس بن مالك وكان الاكبر ماذكر من رفعه على الاسنة فوق الرماح حتى تمكن من اعلى سورها ،ثم القى نفسه عليهم ونهض سريعا اليهم ،ولم يزل يقاتلهم وحده ويقاتلونه حتى تمكن من فتح الحديقة ودخل المسلمون يكبرون وانتهوا الى قصر مسيلمة وهو واقف خارجه عند جدار كانه جمل ازرق اي من سمرته ،فابتدره وحشي بن حرب الاسود قاتل حمزة بحربته وابو دجانة سماك بن خرشة الانصاري ،فسبقه وحشي فارسل الحربة عليه من بعد فانفها منه وجاء اليه ابو دجانة فعلاه بسيفه فقتله (1) البداية والنهاية لابن كثير
وما زال البطل يصول ويجول بسيفه الذي فلق بها هام المشركين فانكسرت رجله ،وعلى الرغم من ذلك نهض وظل يقاتل ببسالة وفداء .
وسقط من المسلمين مئات وكان من بينهم بطلنا ابو دجانة الانصاري ونزفت دماؤه الشريفة التي لطالما امتزجت بحب الله وحب الرسول صلى الله عليه وسلم والغيرة على دينه .
وها نحن نذكر سيرته العطرة التي لم تمت ولن تموت في قلوبنا ،بل ستبقى حية ما دامت السماوات والارض
الرجل الذي اخذ سيف رسول الله صلى الله عليه وسلم بحقه
لقد كان اصحاب النبي صلى الله عليه وسلم اسوة وقدوة في كل شيئ ،لكن بعضهم كان يتميز احيانا عن غيره بصفة تظهر فيه جلية واضحة كالشمس في رابعة النهار
وهانحن على موعد مع بطل كان اذا ربط على راسه العصابة الحمراء هبت رياح الموت من كل مكان .
لقد كان الناس يعرفون للحرب قدرها ورهبتها ويعملون لها الف حساب اما بطلنا فقد كان يدخل الحرب فينظر الى اعداء الله كانهم حشرة حقيرة يمشي عليها ويطأها بقدميه ،فتجده يختال في مشيته عند الحرب .
كان ابو دجانة صاحب همة عالية في القتال وكانت تلك الهمة في حاجة الى ان تاخذ طريقها الى رقاب اعداء الله لولا ان صاحبها لم يسلم بعد.
فلما اسلم ابو دجانة ولامس الايمان شغاف قلبه ازدادت همته ،وذلك لانه سيقاتل من اجل العقيدة التي من اجلها خلق الله السماوات والارض وارسل الرسل وانزل الكتب وخلق الجنة والنار فاصبحت همته موجهة لحصد رقاب اعداء الله .
صاحب عصابة الموت
في حياة الصحابة الفرسان ملامح طريفة من نوادر البسالة ،والفروسية ،والاقدام ،هذه الملامح تلتصق بشخصية صاحبها حيث يعرف بها بين اقرانه ،وتبقى خالدة على مر الايام والازمان ،ماثلة للعيان عبر تتالي الدهور والاعوام .
وابو دجانة واحد من اولئك الابطال الذين عرفوا بالشجاعة ،وخاصة اذا وضع شارة الحرب على راسه .
لقد شهد لهذا الفارس البطل بالفروسية ،والجراة والاقدام ،اقرانه الشجعان ويكفيه فخرا وقدرا ان الزبير بن العوام رضي الله عنه وهو من اشجع فرسان الصحابة ،واشدهم قد شهد لبطلنا بكمال الفروسية وجلال البطولة وشدة الباس واحكام المراس (1)(فرسان من عصر النبوة ( ص:659،661)
شهد ابو دجانة سماك بن خرشة بدرا واحدا
وفي يوم احد قام الرسول صلى الله عليه وسلم يحرض اصحابه على القتال والمصابرة والجلاد عند لقاء المشركين لعنة الله عليهم
فعن انس ان رسول الله صلى الله عليه وسلم اخذ سيفا يوم احد فقال:" من ياخذ مني هذا " فبسطوا ايديهم كل انسان منهم يقول :انا انا قال ::"فمن ياخذه بحقه؟" قال :فاحجم القوم فقال سماك بن خرشة (ابو دجانة ) :انا آخذه بحقه قال :فاخذه ففلق به هام المشركين (اخرجه مسلم )
وبينما كان ثقل المعركة ،يدور حول لواء المشركين ،كان القتال المرير يجري في سائر نقاط المعركة ،وكانت روح الايمان قد سادت صفوف المسلمين ،فانطلقوا خلال جنود الشرك انطلاق الفيضان تتقطع امامه السدود وهم يقولون :"أمت،أمت " كان ذلك شعارا لهم يوم احد
اقبل ابو دجانة معلما بعصابته الحمراء ،اخذا بسيف رسول الله صلى الله عليه وسلم مصمما على اداء حقه فقاتل حتى امعن في الناس وجعل لا يلقى مشركا الا قتله ،واخذ يهد صفوف المشركين هدا ،قال الزبير بن العوام رضي الله عنه :وجدت في نفسي حين سالت رسول الله صلى الله عليه وسلم السيف فمنعه واعطاه ابا دجانة ،وقلت اي:في نفسي :انا ابن صفية عمته ،من قريش وقد قمت اليه ،فسالته اياه قبله فآتاه اياه وتركني ،والله لانظرن ما يصنع ؟فاتبعته فاخرج عصابة له حمراء ،فعصب به راسه فقالت الانصار ،اخرج ابو دجانة عصابة الموت ،فخرج وهو يقول :
انا الذي عاهدني خليلي .........ونحن بالسفح لدى النخيل
ان لا اقوم الدهر في الكيول.......اضرب بسيف الله والرسول
(الكيول ) آخر الصفوف ،يعني انه لا يقاتل في مؤخرة الصفوف ،بل يظل ابدا في المقدمة .
فجعل لا يلقى احدا الا قتله ،كان في المشركين رجل لا يدع لنا جريحا الا ذ ُف عليه ،فجعل كل واحد منهما يدنو من صاحبه ،فدعوت الله ان يجمع بينهما فالتقيا ،فاختلفا ضربتين فضرب المشرك ابا دجانة فاتقاه بدرقته ،فعضت بسيفه فضربه ابو دجانة فقتله (ابن هشام (2/ 68ـ69)
ثم امعن ابو دجانة في هد الصفوف ،حتى خلص الى قائدة نسوة قريش وهو لا يدري بها ،قال ابو دجانة :رايت انسانا يخمش الناس خمشا شديد فصمدت له ،فلما حملت عليه السيف ولول فاذا امراة ،فاكرمت سيف رسول الله صلى الله عليه وسلم ان اضرب به امراة .
وكانت تلك المراة هي هند بنت عتبة قال الزبير بن العوام رضي الله عنه :رايت ابادجانة قد حمل السيف على مفرق راس هند بنت عتبة ثم عدل السيف عنها فقلت ،الله ورسوله اعلم (السيرة لابن هشام (3/589)
رحمك الله ورضى عنك يا ابا دجانة يا صاحب عصابة الموت يا من لا تقوم الدهر في الكيول بل تفلق هام المشركين
دفاع عن النبي صلى الله عليه وسلم
ولقد ثبت ابو دجانة رضي الله عنه يوم احد وترس بنفسه على رسول الله صلى الله عليه وسلم فحنى ظهره عليه والنبل يقع فيه ،حتى كثرت الجراح ،ولم تتوقف غزوة احد حتى جندل بسيفه بضعة رجال من ابطال المشركين .
جهاده في سبيل الله
شهد ابو دجانة الانصاري رضي الله عنه غزوات الرسول صلى الله عليه وسلم جميعا ،وفي شهر ربيع الاول من السنة الرابعة للهجرة ،امر رسول الله صلى الله عليه وسلم بالتهيؤ لحرب يهود بني النضير وقتالهم فسار ابو دجانة لقتالهم ،فاعتصموا بحصونهم ،فحاصرهم المسلمون ،وملأ الرعب قلوب بني النضير ،واشتد الحصار عليهم ،,ايقنوا ان حصونهم لا تمنعهم من سوء المصير ،وعند ذلك صالحهم رسول الله صلى الله عليه وسلم على الجلاء ،فخرجوا ،وتركوا وراءهم للمسلمين مغانم كثيرة من سلاح وعقار ودور
هذا ولما كان المسلمون قد اخذوها صلحا دون حرب او قتال ،كانت فيئا من حق رسول الله صلى الله عليه وسلم ،يتصرف فيها كيف يشاء ،وقد قسمها على المهاجرين دون الانصار ،وبذلك اغنى الله عز وجل المهاجرين وازال حاجتهم وفاقتهم ،ولم ياخذ من الفئ من الانصار الا ابو دجانة ،وسهل بن حنيف والحارث بن الصمة ،فقد شكوا فقرا عند ذلك اعطاهم رسول الله صلى الله عليه وسلم (السير الكبير (2/609))
وفي غزوة خيبرابلى ابو دجانة رضي الله عنه احسن البلاء ،فقد خرج احد فرسان اليهود ،ويدعى "غزال " فدعا الى المبارزة ،فبرز له الحباب بن المنذر ،فقطع يده اليمنى ثم اجهز عليه ،وخرج يهودي اخر فصاح :من يبارز ؟فبرز اليه رجل من المسلمين ،فقتله اليهودي ،وقام مكانه يدعوا الى المبارزة ،ويبرز له فارس الانصار ابو دجانة وقد عصب راسه بعصابة حمراء فوق المغفر ،يختال في مشيته ،فضربه ابو دجانة فقتله واخذ سلبه ودرعه وسيفه فجاء به الى رسول الله صلى الله عليه وسلم فنفله ذلك
واحجم اليهود اذ ذاك عن المبارزة ،عند ذلك كبر المسلمون ،ثم تحاملوا على الحصن فدخلوا وامامهم ابو دجانة ،فوجدوا فيه اثاثا ومتاعا وغنما وطعاما وهرب من كان فيه من المقاتلين .
يوم حنين كان لابي دجانة مواقف لا تنسى فقد كان رجل من بني هوازن يركب على جمل احمر ،ومعه رمح طويل قد اكثر في المسلمين القتل ،فثبت له ابو دجانة ،وعرقب جمله ،وجاء فارس الاسلام والمسلمين علي بن ابي طالب رضي الله عنه وقطع يد المشرك وقطع ابو دجانة يده الاخرى ثم قتلاه وصيراه عدما كامس الدابر .
وظل ابو دجانة رضي الله عنه من فرسان مدرسة النبوة يجاهد بسيفه حتى سجل اضواء الاثار في تاريخ الفروسية في عصر النبوة وفي الغزوات امام الرسول صلى الله عليه وسلم (فرسان من عصر النبوة (ص :667،668))
اين تلك المكارم
قال زيد بن اسلم :دخل على ابا دجانة وهو مريض ،وكان وجهه يتهلل فقيل له :ما لوجهك يتهلل ؟فقال :ما من عمل شيئ اوثق عندي من اثنتين :كنت لا اتكلم فيما لا يعنيني والاخرى فكان قلبي للمسلمين سليما (1) اخرجه ابن سعد في الطبقات (3/2/102)نقلا من السير(1/243)
فاين تلك المكارم والاخلاق ايها المسلمون .
من منا يبيت ليلة وليس في قلبه غل ولاحقد ولا حسد ولا ضغينة لاحد من المسلمين .
فهنيئا لمن اكتحلت عيناه برؤية هذا الجمع الطيب المبارك من اصحاب الرسول صلى الله عليه وسلم بل هنيئا ثم هنيئا لمن راى الرسول صلى الله عليه وسلم .
وظل ابو دجانة ملازما للحبيب صلى الله عليه وسلم ملازمة الرجل لظله يقبس من هديه وعلمه واخلاقه ولقد احب النبي صلى الله عليه وسلم حبا شديدا .
ولما توفي صلى الله عليه وسلم حزن ابو دجانة حزنا شديدا كاد ان يمزق قلبه حتى ضاقت عليه الدنيا بما فيها .
حديقة الموت وساعة الرحيل
وظل ابو دجانة الشجاع يبحث عن الشهادة في سبيل الله واطلق لسيفه العنان لحرب اعداء الله الى ان جاءت موقعة اليمامة .
فلقد بعث ابو بكر رضي الله عنه خالد بن الوليد لقتال مسيلمة وبني حنيفة ،وكانوا في قريب من مائة الف او يزيدون ،وكان المسلمون بضعة عشر الفا ،فلما التقوا جعل كثير من الاعراب يفرون ،فقال المهاجرون والانصار :خلصنا يا خالد ،فميزهم عنهم ،وكان المهاجرون والنصار قريبا من الفين وخمسمائة ،فصمموا الحملة وجعلوا يتدابرون ويقولون يا اصحاب سورة البقرة ،بطل السحر اليوم ،فهزموهم باذن الله ولجاؤهم الى حديقة هناك (تسمى حديقة الموت )فتحصنوا بها ،فحاصروهم فيها ،ففعل البراء بن مالك ،اخو انس بن مالك وكان الاكبر ماذكر من رفعه على الاسنة فوق الرماح حتى تمكن من اعلى سورها ،ثم القى نفسه عليهم ونهض سريعا اليهم ،ولم يزل يقاتلهم وحده ويقاتلونه حتى تمكن من فتح الحديقة ودخل المسلمون يكبرون وانتهوا الى قصر مسيلمة وهو واقف خارجه عند جدار كانه جمل ازرق اي من سمرته ،فابتدره وحشي بن حرب الاسود قاتل حمزة بحربته وابو دجانة سماك بن خرشة الانصاري ،فسبقه وحشي فارسل الحربة عليه من بعد فانفها منه وجاء اليه ابو دجانة فعلاه بسيفه فقتله (1) البداية والنهاية لابن كثير
وما زال البطل يصول ويجول بسيفه الذي فلق بها هام المشركين فانكسرت رجله ،وعلى الرغم من ذلك نهض وظل يقاتل ببسالة وفداء .
وسقط من المسلمين مئات وكان من بينهم بطلنا ابو دجانة الانصاري ونزفت دماؤه الشريفة التي لطالما امتزجت بحب الله وحب الرسول صلى الله عليه وسلم والغيرة على دينه .
وها نحن نذكر سيرته العطرة التي لم تمت ولن تموت في قلوبنا ،بل ستبقى حية ما دامت السماوات والارض