المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : التاريخ الاسلامى



الصفحات : 1 [2] 3

الهزبر
2007-10-10, 01:12 AM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته


وبدأت حياة البشرية على الأرض بآدم -عليه السلام- وزوجه وجاءت منهما ذرية مسلمة مؤمنة بالله، وعلمهم الله الزراعة، وكيفية الاستفادة من مياه المطر، ومن الأنعام، بلحومها وألبانها وأصوافها، وعلمهم صناعة السفن وركوب البحر، وكيف يهتدون بالنجوم فى سيرهم فى ظلمات الطرق، وغير ذلك مما ييسر لهم العيش على الأرض.

جميلة هذه الفقرة أمام ما يقوله البعض بأن كل ذلك حدث عن طريق الصدفة ههههه أو عن طريق اجتهاد محض من الانسان.

أخي جوست لم أفهم منهجك في هذه الصفحة هل تنوي الانتقال من خلق ادم إلى فترة رسولنا صلى الله عليه وسلم؟ أم أنك مازلت في طور المقدمة وستفتح المجال للتفصيل في هبوط ادم إلى الارض وبقية الانبياء والرسل.هناك فصول بكاملها في البداية والنهاية وفي الكامل في التاريخ يمكن ان تفيدنا عن هذه الفترة وكلها مدعمة باحاديث الرسول الكريم وابن عباس وغيره من النجوم الساطعة في سمائنا إلى جانب بعض الدراسات العلمية التي تؤيد ما اخبر به حبيبنا. في كل الحلات سأنتظر حتى تتوضح لي المنهجية ثم ساشاركك العمل. فلا اريد ان نخبط خبط عشواء في التاريخ الذي من اهم خصائصه السيرورة السببية التي قدرها الله على الخلق عدا المعجزات ومختلف الايات.

و من وجهة نظري فإني لم أر تاريخا غير تاريخ الانبياء فحتى الاحداث التي تبدوا بعيدة عن هذا نجد في النهاية أنها لا تعدو أن تكون في جوهرها ودوافعها امتدادا لعقيدة معينة. عقيدة نبوية أو اخرى مناوئة لها معادية لرموزها.

متابع بإذن الله.

تحياتي.

ذو الفقار
2007-10-10, 01:50 AM
أخي جوست لم أفهم منهجك في هذه الصفحة هل تنوي الانتقال من خلق ادم إلى فترة رسولنا صلى الله عليه وسلم؟
شكرا علىاهتمامك اولا
وثانيا انما هي مقدمة موجزة وسأبدأ الحديث من بداية دولة الخلفاء الراشدين ان شاء الله
وطبعا اعتمد عليك فيما بدر منى من نقص او نسيان بعد الاتكال على الله سبحانه وتعالى
وما توفيقنا الا بالله

ذو الفقار
2007-10-10, 01:54 AM
دولة الخلفاء الراشدين
لقد كان المسلمون أثناء حياة النبى فى أمن وسكينة، فالرسول يدبر أمورهم، ويقود جموعهم، ويرشدهم، ويهديهم، ويفتيهم فيما يعنيهم.


فلما مات النبى شعر المسلمون أنه لابد لهم من راعٍ يخلف الرسول فى تدبير أمورهم، ويقود مسيرتهم، ويحمل راية الإسلام عالية خفاقة، فمن يتولى أمرهم بعد النبى ؟! إن الرسول لم يعيّن أحدًا من بعده ؛ بل ترك الأمر شورى بينهم، يختارون خليفتهم بأنفسهم لكن من يكون ذلك الخليفة ؟


سقيفة بنى ساعدة:
لابد من اجتماع للتشاور، والاتفاق على رأى، فليلتق الجميع فى سقيفة بنى ساعدة، وليتفقوا على من يختارونه، لكن الأنصار قد سبقوا إلى السقيفة، واختاروا واحدًا منهم هو سعد بن عبادة.
فلما علم عمر بن الخطاب وأبو بكر الصديق وأبو عبيدة بن الجراح، أسرعوا إلى السقيفة، ووقف أبو بكر فيهم خطيبًا، فتحدث عن فضل المهاجرين وفضل الأنصار ثم ذكر أن الخليفة يجب أن يكون قرشيّا، إذ إن الناس لا يطيعون إلا هذا الحىّ من العرب، ثم اختار للناس أن يبايعوا إما عمر وإما أبا عبيدة، فرفض عمر وأبو عبيدة ذلك الأمر لعلمهما بفضل أبى بكر وسابقته، وهنا وقف بشير بن سعد وهو أحد زعماء الأنصار، وطلب من قومه ألا ينازعوا المهاجرين فى الخلافة !
وهذا موقف نبيل؛ إنه حريص على وحدة الصف، وعلى الأخوة الإسلامية، لا يفكر إلا فى المصلحة العامة، وهنا أعلن عمر ابن الخطاب ومعه أبو عبيدة بن الجراح مبايعتهما لأبى بكر الصديق.
وبايع كل من كان فى السقيفة أبا بكر، ثم شهد مسجد الرسول ( بالمدينة بيعة عامة على نطاق أوسع ضمت كل الذين شهدوا بيعة السقيفة والذين لم يشهدوها، وأصبح أبو بكر خليفة المسلمين، وكان ذلك سنة 11ه/ 633م. لقد كان أبو بكر جديرًا بذلك، وكان المسلمون جميعًا على قناعة بذلك، فقد رضيه رسول الله ( لدينهم إمامًا فصلى خلفه، وأمر الناس بالصلاة خلفه، وهو مريض، فكيف لا يرضونه لدنياهم؟
يتبــــــــــــــع ان شاء الله

الهزبر
2007-10-10, 05:35 PM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

مقتبس البداية والنهاية. لابن كثير. حول خلافة أبي بكر الصديق وموقف علي بن أبي طالب.

ثم خطب أبو بكر واعتذر إلى الناس وقال والله ما كنت حريصا على الإمارة يوما ولا ليلة ولا سألتها الله في سر ولا علانية فقبل المهاجرون مقالته وقال علي والزبير ما إلا لأننا أخرنا عن المشورة وإنا نرى أبا بكر احق الناس بها إنه لصاحب الغار وإنا لنعرف شرفه وخيره ولقد أمره رسول الله صلى الله عليه وسلم بالصلاة بالناس وهو حي وهذا اللائق بعلي رضي الله عنه والذي يدل عليه الأثار من شهوده معه الصلوات وخروجه معه إلى ذي القصة بعد موت رسول الله صلى الله عليه وسلم كما سنورده وبذله له النصيحة والمشورة بين يديه وأما ما يأتي من مبايعته إياه بعد موت فاطمة وقد ماتت بعد أبيها عليه السلام بستة اشهر فذلك محمول على أنها بيعة ثانية أزالت ما كان قد وقع من وحشة بسبب الكلام في الميراث ومنعه إياهم ذلك بالنص عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في قوله لا نورث ما تركنا فهو صدقة كما تقدم إيراد اسانيده وألفاظه ولله الحمد وقد كتبنا هذه الطرق مستقصاة في الكتاب الذي أفردناه في سيرة الصديق رضي الله عنه وما أسنده من الأحاديث عن رسول الله صلى الله عليه

تحياتي.

الهزبر
2007-10-11, 11:13 PM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

خطبة عمر عند بيعة أبي بكر

قال ابن عباس : فقدمنا المدينة في عقب ذي الحجة فلما كان يوم الجمعة عجلت الرواح حين زالت الشمس فأجد سعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل جالسا إلى ركن المنبر فجلست حذوه تمس ركبتي ركبته فلم أنشب أن خرج عمر بن الخطاب ، فلما رأيته مقبلا ، قلت لسعيد بن زيد ليقولن العشية على هذا المنبر مقالة لم يقلها منذ استخلف قال فأنكر علي سعيد بن زيد ذلك وقال ما عسى أن يقول مما لم يقل قبله فجلس عمر على المنبر فلما سكت المؤذنون قام فأثنى على الله بما هو أهل له ثم قال أما بعد فإني قائل لكم اليوم مقالة قد قدر لي أن أقولها ، ولا أدري لعلها بين يدي أجلي ، فمن عقلها ووعاها فليأخذ بها حيث انتهت به راحلته ومن خشي أن لا يعيها فلا يحل لأحد أن يكذب علي إن الله بعث محمدا ، وأنزل عليه الكتاب فكان مما أنزل عليه آية الرجم فقرأناها وعلمناها ووعيناها ، ورجم رسول الله صلى الله عليه وسلم ورجمنا بعده فأخشى إن طال بالناس زمان أن يقول قائل والله ما نجد الرجم في كتاب الله فيضلوا بترك فريضة أنزلها الله وإن الرجم في كتاب الله حق على من زنى إذا أحصن من الرجال والنساء وإذا قامت البينة أو كان الحبل أو الاعتراف ثم إنا قد كنا نقرأ فيما نقرأ من كتاب الله لا ترغبوا عن آبائكم فإنه كفر بكم أن ترغبوا عن آبائكم ألا إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لا تطروني كما أطري عيسى ابن مريم ، وقولوا : عبد الله ورسوله ثم إنه قد بلغني أن فلانا قال والله لو قد مات عمر بن الخطاب لقد بايعت فلانا ، فلا يغرن امرئ أن يقول إن بيعة أبي بكر كانت فلتة فتمت وإنها قد كانت كذلك إلا أن الله قد وقى شرها ، وليس فيكم من تنقطع الأعناق إليه مثل أبي بكر فمن بايع رجلا عن غير مشورة من المسلمين فإنه لا بيعة له هو ولا الذي بايعه تغرة أن يقتلا ، إنه كان من خبرنا حين توفى الله نبيه صلى الله عليه وسلم أن الأنصار خالفونا ، فاجتمعوا بأشرافهم في سقيفة بني ساعدة ، وتخلف عنا علي بن أبي طالب والزبير بن العوام ومن معهما ، واجتمع المهاجرون إلى أبي بكر فقلت لأبي بكر انطلق بنا إلى إخواننا هؤلاء من الأنصار ، فانطلقنا نؤمهم حتى لقينا منهم رجلان صالحان فذكرا لنا ما تمالأ عليه القوم وقال أين تريدون يا معشر المهاجرين ؟ قلنا : نريد إخواننا هؤلاء من الأنصار ، قالا : فلا عليكم أن لا تقربوهم يا معشر المهاجرين اقضوا أمركم .

قال قلت : والله لنأتينهم فانطلقنا حتى أتيناهم في سقيفة بني ساعدة فإذا بين ظهرانيهم رجل مزمل فقلت : من هذا ؟ فقالوا : سعد بن عبادة ، فقلت : ما له ؟ فقالوا : وجع . فلما جلسنا تشهد خطيبهم فأثنى على الله بما هو له أهل ثم قال أما بعد فنحن أنصار الله وكتيبة الإسلام وأنتم يا معشر المهاجرين رهط منا ، وقد دفت دافة من قومكم قال وإذا هم يريدون أن يحتازونا من أصلنا ، ويغصبونا الأمر فلما سكت أردت أن أتكلم وقد زورت في نفسي مقالة قد أعجبتني ، أريد أن أقدمها بين يدي أبي بكر وكنت أداري منه بعض الحد فقال أبو بكر على رسلك يا عمر فكرهت أن أغضبه فتكلم وهو كان أعلم مني وأوقر فوالله ما ترك من كلمة أعجبتني من تزويري إلا قالها في بديهته أو مثلها أو أفضل حتى سكت قال أما ما ذكرتم فيكم من خير فأنتم له أهل ولن تعرف العرب هذا الأمر إلا لهذا الحي من قريش ، هم أوسط العرب نسبا ودارا ; وقد رضيت لكم أحد هذين الرجلين فبايعوا أيهما شئتم وأخذ بيدي وبيد أبي عبيدة بن الجراح وهو جالس بيننا ، ولم أكره شيئا مما قاله غيرها ، كان والله أن أقدم فتضرب عنقي ، لا يقربني ذلك إلى إثم أحب إلي من أن أتأمر على قوم فيهم أبو بكر .

تحياتي.

الهزبر
2007-10-11, 11:15 PM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

خطبة عمر قبل أبي بكر عند البيعة العامة.


قال ابن إسحاق : وحدثني الزهري ، قال حدثني أنس بن مالك ، قال لما بويع أبو بكر في السقيفة وكان الغد جلس أبو بكر على المنبر فقام عمر ، فتكلم قبل أبي بكر ، فحمد الله وأثنى عليه بما هو أهله ثم قال أيها الناس إني كنت قلت لكم بالأمس مقالة ما كانت مما وجدتها في كتاب الله ولا كانت عهدا عهد إلي رسول الله صلى الله عليه وسلم ولكني قد كنت أرى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سيدبر أمرنا ; يقول يكون آخرنا وإن الله قد أبقى فيكم كتابه الذي به هدى الله رسوله صلى الله عليه وسلم فإن اعتصمتم به هداكم الله لما كان هداه له وإن الله قد جمع أمركم على خيركم صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم ثاني اثنين إذ هما في الغار فقوموا فبايعوه فبايع الناس أبا بكر بيعة العامة بعد بيعة السقيفة .

تحياتي

الهزبر
2007-10-11, 11:17 PM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته



خطبة أبي بكر

فتكلم أبو بكر فحمد الله وأثنى عليه بالذي هو أهله ثم قال


أما بعد أيها الناس فإني قد وليت عليكم ولست بخيركم فإن أحسنت فأعينوني ، وإن أسأت فقوموني ، الصدق أمانة والكذب خيانة والضعيف فيكم قوي عندي حتى أريح عليه حقه إن شاء الله والقوي فيكم ضعيف عندي حتى آخذ الحق منه إن شاء الله لا يدع قوم الجهاد في سبيل الله إلا ضربهم الله بالذل ولا تشيع الفاحشة في قوم قط إلا عمهم الله بالبلاء أطيعوني ما أطعت الله ورسوله فإذا عصيت الله ورسوله فلا طاعة لي عليكم . قوموا إلى صلاتكم يرحمكم الله

تحياتي.

ذو الفقار
2007-10-11, 11:38 PM
بارك الله فيك يا اخى مرتين

الاولى للاضافات الرائعة
والثانية لمتابعتك وحرصك على ان تجعل هذا العمل مكتمل

شكرا يا اخى وصديقى

ذو الفقار
2007-10-14, 06:59 PM
نكمل على بركة الله

خلافة أبى بكر الصديق (11 - 13 ه / 632- 634م )

تمت البيعة لأبى بكر، ونجح المسلمون: الأنصار والمهاجرون فى أول امتحان لهم بعد وفاة الرسول ، لقد احترموا مبدأ الشورى، وتمسكوا بالمبادئ الإسلامية، فقادوا سفينتهم إلى شاطئ الأمان.
وها هو ذا خليفتهم يقف بينهم ليعلن عن منهجه، فبعد أن حمد الله وأثنى عليه، قال: "أيها الناس، إنى قد وليت عليكم ولستُ بخيركم، فإن أحسنت فأعينونى، وإن أسأت فقومونى (ردونى عن الإساءة)، الصدق أمانة، والكذب خيانة، والضعيف فيكم قوى عندى حتى آخذ له حقه، والقوى ضعيف عندى حتى آخذ منه الحق إن شاء الله تعالى، لا يدع أحد منكم الجهاد، فإنه لا يدعه قوم إلا ضربهم الله بالذل، ولا تشيع الفاحشة فى قوم قط إلا عمهم الله بالبلاء، أطيعونى ما أطعت الله ورسوله، فإذا عصيت الله ورسوله فلا طاعة لى عليكم، قوموا إلى صلاتكم يرحمكم الله" [ابن هشام].

كان الإسلام فى عهد النبى قد بدأ ينتشر بعد السنة السادسة للهجرة، وبعد هزيمة هوازن وثقيف بدأت الوفود تَرِد إلى الرسول معلنة إسلامها، وكان ذلك فى العام التاسع!

جهاد أبى بكر:

لقد دخل الناس فى دين الله أفواجًا، وقلَّ عدد المشركين الذين يعبدون الأصنام، وطهرت الجزيرة العربية من الشر، لكن بعض الذين دخلوا فى الإسلام كان منهم ضعاف الإيمان، ولم يكن الإيمان قد استقر فى قلوبهم، وقد دخله بعضهم طمعًا فى الأراضى والأموال.

وكانت وفاة الرسول فرصة لهؤلاء وأولئك لكى يظهروا ما أخفوه خلال الفترة الماضية، ولكى يعلنوا ردتهم عن الدين الحنيف، فماذا يفعل الصديق، والخلافة فى أول عهدها ؟!
إن هناك جماعة منعت الزكاة، وأخرى ارتدت، بل ادعى بعض الناس منهم النبوة !

جيش أسامة:

لقد كان على أبى بكر -رضى الله عنه- أن يواجه هؤلاء جميعًا. وليس هذا فقط بل كان عليه أن يؤمِّن حدود الدولة الإسلامية ضد الأعداء الخارجيين، وكان الرسول ( قد أعدَّ لذلك جيشًا بقيادة أسامة بن زيد، ولكنه ( مات قبل أن يبرح الجيش المدينة، وظل أسامة بجيشه على حدود المدينة ينتظر الأوامر!
وراح الجميع يفكرون فى مواجهة أعداء الأمة الإسلامية الوليدة!

وكان رأى بعض المسلمين أن توجه كل الجهود إلى محاربة المرتدين، وأن يؤجل إنفاذ جيش أسامة لمحاربة الروم إلى ما بعد القضاء على المرتدين، وأن يتفرغ أبو بكر لذلك، ولكن أبا بكر وقف شامخًا راسخًا، يؤكد العزم على قتالهم جميعًا فى كل الجبهات، قائلا عن مانعى الزكاة: "والله لو منعونى عِقَال بعير (ما يربط به البعير) كانوا يؤدونه إلى رسول الله ( لقاتلتهم عليه" [متفق عليه] ولقد أصر أن يتم بعث أسامة قائلا: "والله لو ظننت أن السباع تخطفنى لأنفذت بعث أسامة كما أمر الرسول (" [ابن كثير].

حملات عسكرية:
وأعد أبو بكر -رضى الله عنه- إحدى عشرة حملة عسكرية، كان من أشهرها:
حملة خالد بن الوليد، وحملة العلاء بن الحضرمى.

جيش العلاء بن الحضرمى:

كان ملك البحرين، قد أسلم فى عهد الرسول ، وأقام فى رعيته الإسلام والعدل، وعندما مات رسول الله ومات ملك البحرين، ارتد أهل البحرين، وقال قائلهم: لو كان محمد نبيّا ما مات.
وبقيت بالبحرين قرية يقال لها جُوَاثا ثابتة على دينها، فقد قام فيها رجل من أشرافهم وهو الجارود بن المعلى، وكان ممن هاجروا إلى رسول الله ، فقال: يا معشر عبد القيس إنى سائلكم عن أمر فأخبرونى إن علمتموه. قالوا: سَلْ. قال: أتعلمون أنه كان لله أنبياء قبل محمد؟ قالوا: نعم. قال: تعلمونه أم ترونه؟ قالوا: نعلمه. قال: فما فعلوا؟ قالوا: ماتوا. قال: فإن محمدًا مات كما ماتوا، وإنى أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله. فقالوا: ونحن أيضًا نشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله. وثبتوا على إسلامهم [ابن كثير].

وأرسل أبو بكر العلاء بن الحضرمى أحد كبار الصحابة إلى حرب المرتدين من أهل البحرين، وكان العلاء على معرفة بأحوال هذه البلاد لأن الرسول كان قد أرسله ليجمع الزكاة من أهلها.
وحدث فى هذه الغزوة أن نزل العلاء منزلا فلم يستقر الناس على الأرض حتى نفرت الإبل بما عليها من زاد الجيش وخيامهم وشرابهم، وبقوا على الأرض ليس معهم شىء سوى ثيابهم، وذلك ليلا، ولم يقدروا منها على بعير واحد، فأصاب الناس همٌّ عظيم وجعل يوصى بعضهم إلى بعض، فنادى منادى العلاء، فاجتمع الناس إليه، فقال: أيها الناس، ألستم المسلمين؟ ألستم فى سبيل الله؟ ألستم أنصار الله؟ قالوا: بلى. قال: فأبشروا والله لا يخذل الله مَنْ كان فى مثل حالكم. ونودى لصلاة الصبح حين طلع الفجر، فصلى بالناس، ثم جثا على ركبتيه، وجثا الناس، واستمر فى الدعاء حتى طلعت الشمس، وجعل الناس ينظرون إلى سراب الشمس يلمع مرة بعد مرة وهو يجتهد فى الدعاء، فوجدوا إلى جانبهم غديرا عظيمًا من الماء.
فمشى ومشى الناس إليه فشربوا واغتسلوا، فما انتهى النهار حتى أقبلت الإبل من كل مكان بما عليها لم يفقدوا شيئًا من أمتعتهم.

والتقى جيش العلاء بالمرتدين فهزموهم، وفروا منهم فى البحر إلى "دارين"، فتبعهم المسلمون، لكنهم عندما وصلوا إلى ساحل البحر ليركبوا، وجدوا أن المسافة بعيدة،ولو انتظروا حتى يجهزوا المراكب التى سوف يعبرون عليها، لتمكن الأعداء من الهروب، فاقتحم العلاء البحر بفرسه وهو يقول: يا أرحم الراحمين، يا حكيم يا كريم، ويا أحد يا صمد، يا حى يا محيى، يا قيوم يا ذا الجلال والإكرام، لا إله إلا أنت يا ربنا. وأمر الجيش أن يقولوا ذلك، ففعلوا وعبر بهم الخليج بإذن الله، فقطعه إلى الساحل الآخر، فقاتل عدوه وهزمهم، وأخذوا غنائمهم وأموالهم. ولم يفقد المسلمون فى البحر شيئًا سوى عليقة فرس.
وكان مع الجيش راهب من أهل هجر، فأسلم وقال: خشيت إن لم أفعل أن يمحقنى الله لما شاهدت من الآيات، ولقد علمت أن القوم لم يعانوا بالملائكة إلا وهم على أمر الله، فحسن إسلامه [ابن كثير: البداية والنهاية].

لقد خرج المؤمنون خالصة نواياهم، غايتهم العزة لدين الله العظيم، من أجل ذلك أمدهم الله بكراماته، وأيدهم بنصره.

لقد هزت هذه الجيوش الجزيرة العربية هزّا عنيفًا، وأعادت المارقين والخارجين إلى حظيرة الإيمان من جديد؛ ليعرفوا أن الله هو الحق المبين، وأن رسوله ( هو خاتم النبيين، وإذا كان محمد قد مات، فإن دين الإسلام الذى جاء به باق إلى يوم القيامة بإذن الله.

وكان جيش أسامة الذى أرسله أبو بكر لمحاربة الروم قد حقق الهدف الذى بعث من أجله، فَأَمَّنَ الحدود، وأعاد الثقة إلى النفوس!

وعرف الروم أن الدولة الإسلامية مازالت قوية، لم تضعف، وفى استطاعتها أن تصد كيد الأعداء.
وفى وقت بعث أسامة، كان بعض مانعى الزكاة قد جاءوا إلى أبى بكر، فلما رأوا تصميمه على أخذ الزكاة، رجعوا إلى قبائلهم وأغروهم بالقضاء على الإسلام، والاستيلاء على المدينة، وكان أبوبكر قد وضع بعض الصحابة على أنقاب المدينة؛ لأنه توقَّع إغارتهم، وعندما اتجهوا بالفعل إلى المدينة، وعرف أبو بكر أوصى الواقفين على الأنقاب بالصبر، ثم اتجه هو وبعض الصحابة، إليهم ولقنوا هؤلاء المرتدين درسًا لا يُنسى، حتى يعلموهم وغيرهم أن الدولة الإسلامية لم تضعف بعد وفاة النبى(.
كما عمل أبو بكر -رضى الله عنه- على القضاء على كل من تسول له نفسه أن يطعن فى دين الله، كأولئك الذين ادعوا النبوة أمثال الأسود العنسى وسجاح التى أسلمت فيما بعد، ومسيلمة الكذاب الذى أرسل إليه أبو بكر جيشًا هزمه شر هزيمة فى وقعة اليمامة، حيث قتل الله الكذاب بعد ما استشهد كثير من الصحابة وخاصة بعض حملة القرآن منهم.

فتوحات أبى بكر:
انتهت حروب الردة، وتم القضاء على كل من ادعى النبوة كالأسود العنسى، ومسيلمة الكذاب، وسجاح. ورجع الهدوء والاستقرار إلى الجزيرة العربية.

وبدأت أنظار المسلمين تتجه ناحية حدود دولتهم، فالفرس يقفون فى وجه الدعوة الإسلامية، ويساندون أعداءها. والروم يحاربون الدعوة وينصرون خصومها.

أبو بكر والفرس:
بدأت عداوة الفرس للمسلمين فى عهد الرسول (، عندما أمر ملك الفرس عامله على اليمن أن يرسل من عنده رجلا ليقتل رسول الله أو يأسره بعدما أرسل له النبى من يدعوه إلى الإسلام ولكن الله أهلك ملك الفرس عندما ثار عليه قومه وحفظ رسوله ( حتى مات.

وعندما ارتدت العرب ظن الفرس أن العرب المرتدين سيقضون على الإسلام فى مهده، ولكن الله خَيَّبَ ظنهم، فعادوا يكيدون للإسلام، فما كان من أبى بكر الصديق -رضى الله عنه- إلا أن بعث إليهم خالد بن الوليد، وتحرك الجيش بقيادته نحو العراق، ونزل الحيرة فدعا أهلها إلى الإسلام، أو الجزية، أو الحرب. ولهم أن يختاروا الموقف الذى يناسبهم، فلا إكراه فى الدين، ولا عدوان إلا على الظالمين! والإسلام أحب إلى كل مسلم من الجزية أو الحرب.

وقبل أهل الحيرة أن يدفعوا للمسلمين الجزية ويعيشوا فى أمان وسلام، وكانت هذه أول جزية تؤخذ من الفرس فى الإسلام.

وسار خالد بجيشه إلى الأنبار، فهزم أهلها حتى نزلوا على شروطه، وقبلوا دفع الجزية أيضًا. ثم اتجه إلى "عين التمر"، ومنها إلى "دومة الجندل"، وفتحهما عنوة وقهرًا بعد أن رفض أهلها الإسلام والجزية وأعلنوا الحرب! فعاد البطل الفاتح منتصرًا بعد أن أَمَّنَ حدود الدولة الإسلامية الناشئة من ناحية الفرس.

مواجهة الروم:
لكن خطر الروم ما زال يهدد الدولة الإسلامية !! فهذا هرقل إمبراطور الروم قد جمع قواته على حدود فلسطين؛ وحرض العرب المجاورين له على معاداة المسلمين ليوقف المد الإسلامى والزحف المبارك، ولكن كلمة الله لابد أن تكون هى العليا، وكلمة الذين كفروا هى السفلى! لابد أن يزيل أبو بكر -رضى الله عنه- كل العوائق التى تقف فى طريق الدعوة الإسلامية، وتتربص بها، تريد القضاء عليها!
ودعا أبو بكر المجاهدين لحرب الروم فى الشام، وأعلن التعبئة العامة ليلقن كل الذين يفكرون فى العدوان على الإسلام والمسلمين درسًا لا ينسى، وتحركت الجيوش من "المدينة المنورة" وبتشكيل أربع فرق يقودها قواد عباقرة عظام.
كان على رأس الأولى: "عمرو بن العاص" ووِجْهَتُه "فلسطين".
وكان على رأس الثانية "يزيد بن أبى سفيان" ووجهته دمشق.
وكان على رأس الثالثة "الوليد بن عقبة" ووجهته "وادى الأردن".
أما الرابعة فكان على رأسها "أبو عبيدة عامر بن عبدالله بن الجراح" ووجهته "حمص".

اليرموك:
لما انتهى أبو بكر الصديق من القضاء على فتنة المرتدين، قرر مواجهة القوتين العظميين آنذاك، وفكر فى مواجهة إحداهما، وبعث عددًا من الجند لمناورة القوى الأخرى، حتى لا تكون هناك فرصة لهما أن يجتمعا ضد المسلمين.

وكان الفرس قد عرفوا بعدائهم الشديد للإسلام، وقد ظهر هذا من خلال بعض الأعمال، كمساندتهم للمرتدين، وإمداد كل من ادعى النبوة فى الجزيرة العربية، بل حاولوا القضاء على الإسلام، ولذا، فقد استجاب أبو بكر لطلب المثنى بن حارثة للتحرش بالفرس، بل أمر أبو بكر خالد بن الوليد أن يساعد المثنى، وذلك بالإرسال إليه بعد انتهاء خالد من حرب أهل العراق، وشعر الفرس بقوة المسلمين بعد الذى صنعه خالد ببعض الأراضى التى كانوا يحتلونها.

أما القوى الرومية، فقد بعث أبو بكر خالد بن سعيد بن العاص يرابط بقواته قرب مناطق يسيطر عليها الروم والقبائل العربية التى تعتنق النصرانية وتحالف الروم، ثم أرسل أبو بكر الجيوش بقوادها الأربعة إلى بلاد الشام، وقد أدرك الروم ما يرمى إليه خليفة المسلمين، فاستعدوا لحرب آتية لابد منها مع المسلمين، بل نقل هرقل مقر القيادة إلى حمص ليكون أقرب من ميدان القتال، ولما رأى المسلمون ذلك، طلبوا من أبى بكر أن يرسل إليهم بالمدد، فأرسل أبو بكر إلى خالد بن الوليد أن يتحرك بمن معه فى نجد إلى الشام ولاسيما أن الفرس فى حالة من الضعف، ورحل خالد بمن معه إلى الشام، حيث جرت معركة اليرموك بين المسلمين والروم، واحتشدت القوات للمواجهة، وقبل البدء فى القتال كان أبو بكر قد توفى ورحل إلى الرفيق الأعلى وتولى مكانه عمر، ولكن الجيش الإسلامى لم يكن يعلم بذلك، وتجهز جيش المسلمين للقاء الروم.

هيكلة الجيش:

استعد جيش المسلمين للقاء، فكان على ميمنة الجيش إلى الشمال عمرو بن العاص، وعلى الميسرة من الجنوب قرب نهر اليرموك يزيد بن أبى سفيان بن حرب، وكان أبو عبيدة بن الجراح بينهما.
وخرج المسلمون على راياتهم، فكان على راية الميمنة معاذ بن جبل -رضى الله عنه-، وعلى راية الميسرة نفاثة بن أسامة الكنانى، وعلى الرجّالة هاشم بن عتبة بن أبى العاص، وعلى الخيّالة خالد بن الوليد، وهو المشير فى الحرب الذى يصدر الناس كلهم عن رأيه، ولما أقبلت الروم بأعدادها وعتادها وقد سدت الأفق، ورهبانهم يتلون الأناجيل يباركون صفهم. وأثناء ذلك، تحرك خالد بن الوليد إلى أبى عبيدة، وقال له: إنى مشير بأمر. فقال أبو عبيدة: قل ما أمرك الله أسمع لك وأطيع. فقال خالد: إن هؤلاء القوم لابد لهم من حملة عظيمة لا محيد لهم عنها، وإنى أخشى على الميمنة والميسرة، وقد رأيت أن أفرق الخيل فرقتين، وأجعلها وراء الميمنة والميسرة حتى إذا صدوهم كانوا لهم ردءًا، فنأتيهم من ورائهم، وجعل قيس بن هبيرة فى الخيل الأخرى، وأمر أبا عبيدة أن يتأخر عن القلب إلى وراء الجيش كله، حتى إذا فر أحد رآه، فيستحى منه، ورجع يقاتل مرة ثانية، فجعل أبو عبيدة مكانه فى القلب سعيد ابن زيد بن عمرو أحد العشرة المبشرين بالجنة، وابن عم عمر، وزوج أخته، وساق خالد النساء وراء الجيش، ومعهن عدد من السيوف، وقال لهن: من رأيتنه هاربًا، فاقتلنه. ثم رجع إلى موقفه من الجيش.

قبل اللقاء:

ولما برز الفريقان، قام عدد من أعلام المسلمين يعظون الجيش ويذكرون الناس بفضل الجهاد، والثواب عند الله يوم القيامة، فقام أبو عبيدة ووعظ الناس، كما قام معاذ بن جبل وعمرو بن العاص، وأبو سفيان بن حرب وأبو هريرة -رضى الله عنهم-.

السياسة الحربية:

ولما تقارب الفريقان، تقدم أبو عبيدة ويزيد بن أبى سفيان ومعهما ضرار بن الأزور والحارث بن هشام وأبو جندل بن سهيل ابن عمرو، ونادوا: إنما نريد أميركم لنجتمع له. فلما ذهبوا إلى (تذارق) أراد أن يجلسهم على فرش من حرير فرفضوا، وجلس هو معهم حيث شاءوا، فعرضوا عليه إما الإسلام وإما الجزية وإما الحرب، ولكن الروم آثروا الحرب على الإسلام والجزية.

عز الإسلام:

ثم طلب ماهان خالد بن الوليد ليبرز له فيما بين الصفين، فقال ماهان: إنا قد علمنا أن ما أخرجكم من بلادكم إلا الجهد والجوع، فهلموا إلى أن أعطى كل رجل منكم عشرة دنانير وكسوة وطعامًا وترجعون إلى بلادكم، فإذا كان من العام المقبل بعثنا لكم بمثلها. فرد عليه خالد قائلا: إنه لم يخرجنا من بلادنا ما ذكرت، غير أنَّا قوم نشرب الدماء، وأنه بلغنا أنه لا دم أطيب من دم الروم، فجئنا لذلك. فقال أصحاب ماهان: هذا والله ما كنا نحدث به عن العرب.

بداية ونهاية:

وتقدم خالد إلى عكرمة بن أبى جهل والقعقاع بن عمرو، وهما على جانبى القلب، وأمرهما ببدء القتال، وهكذا بدأت المعركة، وكان ذلك فى أوائل رجب عام (13 ه)، وحملت ميسرة الروم على ميمنة المسلمين، فمالوا إلى جهة القلب، ثم تنادى المسلمون فتراجعوا، وحملوا على الروم وردت النساء من فر، ثم نادى عكرمة بن أبى جهل قائلا: قاتلت رسول الله ( فى مواطن، وأفر منكم اليوم! وبايعه جماعة من الصحابة على الموت، وصل عددهم إلى 400 رجل، وقاتلوا أمام فسطاط خالد، فجرحوا جميعًا، ومات بعضهم، ثم حمل خالد بن الوليد بالخيل على ميسرة الروم التى حملت على ميمنة المسلمين، فأزالوهم إلى القلب، وقتل المسلمون فى حملتهم هذه 6000 من الروم، ثم حمل خالد بمائة فارس على ما يقرب من 100000 من الروم، فانهزم الروم أمامهم بإذن الله تعالى، ولما عاد المسلمون من حملتهم جاء صاحب البريد إلى خالد بوفاة أبى بكر وتولية عمر، وكتب إليه بعزله عن قيادة الجيش وتولية أبى عبيدة، وكان يكلمه سرّا، فقال له خالد: أحسنت. وأخفى الخبر حتى لا تحدث زعزعة فى صفوف المسلمين.

وبينما كان القتال على أشده بين جيش الإسلام وجيش الروم، خرج "جرجة" -أحد أمراء الروم الكبار- من الصف، واستدعى خالد بن الوليد، فجاء إليه حتى اختلفت أعناق فرسيهما، فقال جرجة: يا خالد، أخبرنى فاصدقنى ولا تكذبنى، فإن الحُرّ لا يكذب، ولا تخادعنى، فإن الكريم لا يخادع، هل أنزل الله على نبيكم سيفًا من السماء فأعطاه لك، فلا تسلَّه على أحد إلا هزمته؟
قال: لا! قال: فبم سميت سيف الله؟ قال: إن الله بعث فينا نبيّا، فدعانا، فنفرنا منه، ونأينا عنه جميعًا، ثم إن بعضنا صدقه وتابعه، وبعضنا كذبه وباعده، ثم إن الله أخذ بقلوبنا ونواصينا فهدانا به وبايعناه، فقال لى: "أنت سيف من سيوف الله سله الله على المشركين"، ودعا لى بالنصر، فسميت سيف الله بذلك؛ فأنا من أشد المسلمين على المشركين.
فقال جرجة: يا خالد إلى ما تدعون؟
قال: شهادة أن لا إله إلا الله، وأن محمدًا عبده ورسوله، والإقرار بما جاء به من عند الله -عز وجل-.
قال: فمن لم يجبكم؟
قال: فالجزية ونمنعهم (نحميهم).
قال: فإن لم يعطها؟
قال: نؤذنه بالحرب ثم نقاتله.
قال: فما منزلة من يجيبكم ويدخل فى هذا الأمر اليوم؟
قال: منزلته واحدة، فيما افترض الله علينا، شريفنا ووضيعنا وأولنا وآخرنا.
قال جرجة: فلمن دخل فيكم اليوم من الأجر مثل ما لكم؟
قال: نعم وأفضل.
قال: وكيف يساويكم وقد سبقتموه؟
فقال خالد: لقد قبلنا هذا الأمر، وبايعنا نبينا وهو حى بين أظهرنا، تأتيه أخبار السماء ويخبرنا بالكتاب، ويرينا الآيات، وحق لمن رأى ما رأينا وسمع ما سمعنا أن يسلم ويبايع، وإنكم أنتم لم تروا ما رأينا، ولم تسمعوا ما سمعنا من العجائب والحجج، فمن دخل فى هذا الأمر بحقيقة دينه كان أفضل منا.
فقال جرجة: بالله لقد صدقتنى ولم تخادعنى؟
قال: تالله لقد صدقتك، وإنَّ الله ولىّ ما سألت عنه من الإسلام.
ودخل جرجة الإسلام فأخذه خالد إلى خيمته، وصب عليه قربة من ماء، ثم صلى به ركعتين ورجعا إلى المعركة يضربان بسيفيهما من بدء ارتفاع النهار حتى غروب الشمس، وأصيب جرجة رحمه الله، فمات شهيدًا، ولم يكن صلى لله -عز وجل- غير هاتين الركعتين مع خالد. بعد أن فر الروم ليلا إلى الواقوصة.
وتم الفتح المبارك، وانهزمت الروم هزيمة بالغة، علم بها هرقل، وارتحل من حمص.
لقد كان المسلمون رجالا لا يثبت لهم العدو رغم قلتهم، ولقد انهار هرقل وهو يرى هزيمة الروم رغم كثرتهم، فقال لقواده: ويلكم أخبرونى عن هؤلاء القوم الذين يقاتلونك أليسوا بشرًا مثلكم؟
قالوا: بلى.
قال: فأنتم أكثر أم هم؟
قالوا: بل نحن أكثر منهم أضعافًا في كل موطن.
قال: فما بالكم تنهزمون؟
فقال شيخ من عظمائهم: من أجل أنهم يقومون الليل، ويصومون النهار، ويوفون بالعهد، ويأمرون بالمعروف، وينهون عن المنكر، ويتناصفون بينهم.
ومن أجل أنا نشرب الخمر ونزنى، ونركب الحرام وننقض العهد
ونغضب ونظلم ونأمر بالسخط، وننهى عما يرضى الله، ونفسد فى الأرض.
فقال هرقل: أنت صدقتنى.
وكان تعداد الجيوش التى سيرت إلى الشام سبعة وعشرين ألفًا
ولكنها زيدت بوصول جيش خالد إلى ستة وثلاثين.
وكان جيش الروم يقارب المائتين وأربعين ألفًا، ولكن الله نصر عباده
رغم قلة عددهم، بسبب إيمانهم وقوة عقيدتهم.

منجزات أبى بكر:
كان عهد أبى بكر امتدادًا لعصر النبى (، لم يكن إلا متبعًا ومنفذًا لكل ما أشار به الرسول ( أو أمر به، لم يبتدع أبو بكر -رضى الله عنه- شيئًا يخالف ما كان عليه رسول الله (، بل كان كل شىء يسير وفقًا لشريعة الإسلام، وانشغل الناس فى فترة خلافته بقتال المرتدين والفتوحات الإسلامية.

ولم يبق فى المدينة إلا من استبقاهم أبو بكر لحمايتها، ولاستشارتهم ولتبادل الرأى معهم، وعلى رأس هؤلاء: عمر بن الخطاب، وعلى بن أبى طالب، وطلحة بن عبيد الله، والزبير بن العوام، وعبد الرحمن بن عوف، وسعد بن أبى وقاص.

وكانت المدينة المنورة فى عهده عاصمة الدولة الإسلامية ومركز الحكم ومقر الخلافة.
قسم أبو بكر الجزيرة العربية إلى ولايات جعل على كل منها أميرًا، يؤم الناس فى الصلاة، ويفصل بينهم فى القضايا، ويقيم الحدود؛ فكان على "مكة" عتاب بن أسيد، وعلى صنعاء المهاجر بن أمية، وعلى عمان والبحرين العلاء بن الحضرمى.
وقد اتخذ الصديق عمر قاضيًا على المدينة، وجعل أبا عبيدة أمينًا على بيت مال المسلمين.
ولقد كانت فترة حكمه قصيرة، لكنها كانت حاسمة فى تاريخ الإسلام، فقد واجه أحرج المواقف، وربما وقف وحده عند إصراره على محاربة المرتدين فى وقت اتجه فيه باقى المسلمين إلى المسالمة، قائلين: كيف نحارب الجزيرة العربية كلها؟! لكنه بإيمانه ويقينه وصدقه سرعان ما ضم المسلمين إلى رأيه، ثم سار بهم جميعًا يدكّ صروح الشرك، ويقضى على الشكوك والأوهام!
ولم يتوقف عند هذا، بل راح يحطم قصور كسرى وقيصر.
رحم الله أبا بكر لقد تمثلت فيه كل المعانى الإسلامية الرائعة.

جمع المصحف:
استشهد كثير من حفظة القرآن وقرائه فى حروب الردة، وهنا أشار عمر -رضى الله عنه- على أبى بكر بضرورة جمع القرآن الكريم ؛ حيث كان مكتوبًا على سعف النخيل، وقطع الجلد، وألواح عظام الإبل، فأمر أبو بكر زيد بن ثابت ومعه بعض أصحابه بتولى هذه المهمة العظيمة.
وقاموا بتدوين القرآن كله فى دقة متناهية بالترتيب الذى أمر به رسول الله
(، ودون أى تغيير، وسموه مصحفًا.
إن القرآن هو دستور المسلمين، وقد تعهد الله بحفظه، وكان أبو بكر أول
من أسهم فى هذا الحفظ رحمه الله.

موت الخليفة:
وفى هذا العام (13ه/635م)، مرض أبو بكر، وظل المرض ملازمًا إياه طيلة شهر، ثم عهد بالخلافة لعمر بن الخطاب بعد أن استشار كبار الصحابة.
وبعد ذلك، لقى ربه راضيًا مرضيًّا، وكانت ولايته -رضى الله عنه- سنتين وثلاثة أشهر وعشرة أيام، وصعدت روحه إلى الرفيق الأعلى وله من العمر ثلاثة وستون عامًا.
وكان آخر ما تكلم به( تَوَفَّنِي مُسْلِمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِين [يوسف: 101]. ولم يترك ثروة طائلة، وإنما ترك ذكرى طيبة. وحسبه أنه جمع المسلمين، ووحّد كلمتهم، وأمَّن حدود الدولة، ولقَّن الأعداء درسًا لا يُنسى.
ثم جائت خلافة عثمان وعلى رضى الله عنه
يتبــــــــــــــــــــــع ان شاء الله

الهزبر
2007-10-14, 10:29 PM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

وهذه خريطة لحركات الردة ومن أرسل إليها من قبل الخليفة رضي الله عنهم اجمعين.

http://www.m5zn.com/uploads/042afee725.gif

تحياتي.