المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : أين ألقى الشيطان في أمنية الرسل



ساجدة لله
2010-12-18, 03:30 PM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله محمد بن عبد الله وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيرا

http://d20.e-loader.net/sHJF8uS85m.gif

بداية لفت نظري أن كثير من معتنقي شبهة قصة الغرانيق وسجود النبي صلى الله عليه وسلم للأصنام " هذه الشبهة المزورة المنسوفة منذ قرون والمتفق على كذبها من جميع علماء الأمة الإسلامية "

يعتمدون في تأييدها أساساً على الآية الكريمة : وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رَّسُولٍ وَلَا نَبِيٍّ إِلَّا إِذَا تَمَنَّى أَلْقَى الشَّيْطَانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ فَيَنسَخُ اللَّهُ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ ثُمَّ يُحْكِمُ اللَّهُ آيَاتِهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ [الحج : 52]

معتمدين على كتب التفسير التي أوردت روايات مكذوبة عن قصة الغرانيق وعن أسباب نزول الآية بل إن المفسرين أنفسهم قالوا بكذب القصة في كتبهم التي أوردوها فيها وإنما عرضوها فقط من باب الأمانة العلمية وما وردهم من أخبار لكنهم مجمعون على أن القصة لم تحدث

بل إن مثيروا الشبهة مثيروا الشفقة يستخدمون هذه الآية من سورة الحج ويلصقونها بآية أخرى في آخر سورة النجم ليثبتوا أمراضهم العقلية

والتي قال فيها الله تعالى : أَفَرَأَيْتُمُ اللَّاتَ وَالْعُزَّى (١٩) وَمَنَاةَ الثَّالِثَةَ الْأُخْرَى (٢٠) أَلَكُمُ الذَّكَرُ وَلَهُ الْأُنْثَى (٢١) تِلْكَ إِذًا قِسْمَةٌ ضِيزَى (٢٢) إِنْ هِيَ إِلَّا أَسْمَاءٌ سَمَّيْتُمُوهَا أَنْتُمْ وَآَبَاؤُكُمْ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ بِهَا مِنْ سُلْطَانٍ إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَمَا تَهْوَى الْأَنْفُسُ وَلَقَدْ جَاءَهُمْ مِنْ رَبِّهِمُ الْهُدَى (٢٣)"سورة النجم"

إذاً فالآية نفسها التي يستشهدون بأنها تم السجود فيها للاصنام نجدها تحارب الشرك والأصنام وتكفر أهلها وعابديها فمن أين لهم بتصديق ما اجتمعت الأمة على إنكاره؟

وإن عدنا إلى الآية الكريمة نفسها من سورة الحج التي قال الله تعالى فيها :
وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رَّسُولٍ وَلَا نَبِيٍّ إِلَّا إِذَا تَمَنَّى أَلْقَى الشَّيْطَانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ فَيَنسَخُ اللَّهُ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ ثُمَّ يُحْكِمُ اللَّهُ آيَاتِهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ [الحج : 52]

فيتساءل أحدهم .... " أين ألقى الشيطان في أمنية أحد الرسل كما ورد في الآية؟ وكيف نسخ الله تعالى ما ألقى الشيطان ؟ "

أسوق إليكم الأمثلة التي وردتنا في القرآن الكريم لنعرف جميعاً أن الرسل جميعهم مشتركون في هذا الأمر بما فيهم سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم وأن الشيطان بالفعل ألقى في أمنيتهم ولكن الله تعالى نسخ ما ألقاه الشيطان وأحق الحق بقدرته:

بداية بوسوسة الشيطان لآدم عليه السلام فأكل من الشجرة وعصى قال تعالى :

فَأَزَلَّهُمَا الشَّيْطَانُ عَنْهَا فَأَخْرَجَهُمَا مِمَّا كَانَا فِيهِ وَقُلْنَا اهْبِطُواْ بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ وَلَكُمْ فِي الأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ [البقرة : 36]

ولكن الله تعالى أبطل كيد الشيطان بأن تاب على آدم عليه السلام قال تعالى : فَتَلَقَّى آدَمُ مِن رَّبِّهِ كَلِمَاتٍ فَتَابَ عَلَيْهِ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ [البقرة : 37]

وأيضاً نوح عليه السلام عندما تمنى أن ينقذ ابنه من الغرق وطلب النجاة لابنه رغم كفره فقال تعالى : قَالَ يَا نُوحُ إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ فَلاَ تَسْأَلْنِ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنِّي أَعِظُكَ أَن تَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ [هود : 46]

وهنا كان ينتظر الشيطان أن يخالف نوح عليه السلام ربه وأن يدخل ابنه الكافر وسط المؤمنين فينهدم ميزان العدل ولكن الله تعالى أبطل كيد الشيطان ووعظ نوح عليه السلام بأن لا يطلب هذا الأمر حتى لا يكون من الجاهلين

كذلك نبي الله هارون عندما ذهب موسى عليه السلام لميقات ربه وعاد فوجد أخيه هارون بين بني إسرائيل وهم يعبدون العجل دون أن يذهب إلى أخيه موسى ليخبره بفعل قومه
فغصب موسى عليه السلام من أخيه وأخذ بلحيته وشعره تأنيباً له على أن ترك بني إسرائيل يعبدون العجل دون أن يخبره
فخشي هارون عليه السلام أن يتركهم ويذهب لأن موسى عليه السلام أوصاه بأن لا يتركهم وأنه تركه خليفة فيهم { ٱخْلُفْنِى فِى قَوْمِى وَأَصْلِحْ وَلاَ تَتَّبِعْ سَبِيلَ ٱلْمُفْسِدِينَ }
[الأعراف: 142]

فاعتقد أنه ببقائه بين بني إسرائيل وهم يعبدون العجل أفضل من مخالفته أمر أخيه موسى بأن أمره بالبقاء بينهم كخليفة له حتى يرجع

وهذا نبي الله يوسف قال تعالى : وَقَالَ لِلَّذِي ظَنَّ أَنَّهُ نَاجٍ مِّنْهُمَا اذْكُرْنِي عِندَ رَبِّكَ فَأَنسَاهُ الشَّيْطَانُ ذِكْرَ رَبِّهِ فَلَبِثَ فِي السِّجْنِ بِضْعَ سِنِينَ [يوسف : 42]
ولكن الله تعالى رد كيد الشيطان بصبر يوسف عليه السلام ودعائه

وهذا نبي الله يونس عندما غضب ويأس من قومه فتركهم وذهب وظن أن الله تعالى لن يسأله على تركه إياهم فابتلعه الحوت ولكن الله تعالى رد كيد الشيطان فهدى قوم يونس عليه السلام وتاب على يونس وغفر له

قال تعالى : فَالْتَقَمَهُ الْحُوتُ وَهُوَ مُلِيمٌ [الصافات : 142]
وقال تعالى :وَذَا النُّونِ إِذ ذَّهَبَ مُغَاضِباً فَظَنَّ أَن لَّن نَّقْدِرَ عَلَيْهِ فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَن لَّا إِلَهَ إِلَّا أَنتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنَ الظَّالِمِينَ [ 87] فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ وَكَذَلِكَ نُنجِي الْمُؤْمِنِينَ [الأنبياء : 88]

كل ما سبق يبين أن جميع الأنبياء بفطرتهم البشرية وحميتهم وحرصهم على نشر الإيمان بين الناس نجدهم يتمنون أشياء يعتقدون أنها في مصلحة الدعوة

من هذه الأمنيات ما يلقيه الشيطان في أمنية هذا النبي فأحدهم يظن أن الصلاح في نجاة ابنه وأحدهم يظن أن الصلاح في أن يترك قومه يرون العذاب وأحدهم يظن أن عدم تركه لبني إسرائيل رغم عبادتهم العجل فيه طاعة عمياء لأمر النبي وأحدهم يرى أن الصلاح في الأكل من شجرة قد تجعله من الخالدين وأحدهم ينسيه الشيطان ذكر ربه فيلبس في السجن وكل هذه الأشياء ينسخها الله تعالى ويمحوها ويحق الحق بقدرته ويبطل كيد الشيطان

والآن ما وجه التشابه بين تلك الأماني السابقة للأنبياء وبين ما ورد في الآية الكريمة من سورة الحج وبين سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم ؟

أن نبي الله محمد صلى الله عليه وسلم مثل باقي الأنبياء له طبيعته البشرية وفطرة الأنبياء في رغبتهم وحرصهم على نشر الإسلام والتوحيد في الأرض

فمرة يعبس ويتولى عن أعمى جاءه لأنه - النبي - كان يجلس مع زعماء قريش يدعوهم للإسلام فعبس عندما دخل عليه هذا الأعمى لأنه رأى مصلحة الدعوة في دعوة هؤلاء الزعماء لما سوف يترتب عليه من إسلام كثيرين على يديهم

فيبطل الله تعالى كيد الشيطان وينزل الآيات التي قال فيها تعالى معاتباً حبيبه : عَبَسَ وَتَوَلَّى (١) أَنْ جَاءَهُ الْأَعْمَى (٢) وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّهُ يَزَّكَّى (٣) أَوْ يَذَّكَّرُ فَتَنْفَعَهُ الذِّكْرَى (٤) أَمَّا مَنِ اسْتَغْنَى (٥) فَأَنْتَ لَهُ تَصَدَّى (٦) وَمَا عَلَيْكَ أَلَّا يَزَّكَّى (٧) وَأَمَّا مَنْ جَاءَكَ يَسْعَى (٨) وَهُوَ يَخْشَى (٩) فَأَنْتَ عَنْهُ تَلَهَّى (١٠) كَلَّا إِنَّهَا تَذْكِرَةٌ (١١) فَمَنْ شَاءَ ذَكَرَهُ (١٢)سورة عبس
وهنا عاتب ربنا تبارك وتعالى نبيه وأخبره أنه ما عليك إلا أن تذكر الناس فمن شاء ذكره فكيف تحرص على دعوة من يتكبرون على الدين وتتصدى لمن جاءك يسعى وهو يخشى الله ؟
عتاب جميل يعلمنا معنى التواضع والمساواة

موقف آخر

عندما أنزل الله تعالى الأمر بتحريم التبني وأوحى الله تعالى نبيه صلى الله عليه وسلم أنه سيتزوج زوجة ابنه بالتبني وعندما جاءه زيد يشكو له من زوجته : قال له النبي صلى الله عليه وسلم أمسك عليك زوجك ولا تطلقها وأخفى في نفسه أن الله أوحى إليه أنه ستكون زوجته في يوم ما ولكن خشي رسولنا صلى الله عليه وسلم أن يتقول الناس عليه ويقولون تزوج زوجة ابنه وتمنى لو لم يحدث هذا الزواج
فأبطل الله تعالى هذا الأمر وأنزل قوله تعالى : وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ وَاتَّقِ اللَّهَ وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللَّهُ أَحَقُّ أَن تَخْشَاهُ فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِّنْهَا وَطَراً زَوَّجْنَاكَهَا لِكَيْ لَا يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ فِي أَزْوَاجِ أَدْعِيَائِهِمْ إِذَا قَضَوْا مِنْهُنَّ وَطَراً وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ مَفْعُولاً [الأحزاب : 37]

موقف آخر ورد في صحيح مسلم جاء فيه المشركون للنبي صلى الله عليه وسلم ليحدثهم عن الإسلام ولكن اشترطوا أن يقوم بطرد من حوله وإخراجهم ليستمعوا له فوقع في نفس نبينا صلى الله عليه وسلم شئ وتمنى لو يخرجوا من المكان ليحدث المشركون عن الإسلام ويدعوهم لكن الله تعالى أنزل قوله : وَلاَ تَطْرُدِ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُم بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ مَا عَلَيْكَ مِنْ حِسَابِهِم مِّن شَيْءٍ وَمَا مِنْ حِسَابِكَ عَلَيْهِم مِّن شَيْءٍ فَتَطْرُدَهُمْ فَتَكُونَ مِنَ الظَّالِمِينَ [الأنعام : 52]

فأبطل الله تعالى كيد الشيطان ورغبته في أن يخل بموازين الحق ولكن الله تعالى يبطل كيده ويحق الحق

لذلك قال الله تعالى : وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رَّسُولٍ وَلَا نَبِيٍّ إِلَّا إِذَا تَمَنَّى أَلْقَى الشَّيْطَانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ فَيَنسَخُ اللَّهُ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ ثُمَّ يُحْكِمُ اللَّهُ آيَاتِهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ [الحج : 52ِ]

إذا فالروايات التي وردت حول قصة الغرانيق واهية ومنقطعة وغير مقبولة عند مجموع الأمة ولم يذكرها مفسر إلا وذكر أنها واهية ومنقطعة السند

وجئنا بالأمثلة على إلقاء الشيطان في أماني الأنبياء السابقين وكيف نسخ الله تعالى هذه الأمور بما يتفق من عدله وشرعه

وجئنا بأمثلة مما صح عن النبي صلى الله عليه وسلم وما اتفق عليه أهل الدين

أسأل الله لنا ولكم الهداية

وما كان من خطأ أو نسيان فمني ومن الشيطان وما التوفيق إلا من عند الله

aymanred
2010-12-18, 05:41 PM
جزاكى الله خيرا
وأرى من وجهة نظرى أصيب أو أخطئ أن أمنية كل نبى أو رسول هى أن يهدى الله به كل من على الأرض لما عرف من الحق ولعبادة الله الواحد الأحد
( رب لا تذر على الأرض من الكافرين ديارا ) - تمناها نوح وتمنى موسى هداية فرعون وتمنى عيسى هداية بنى إسرائيل وتمنى محمد عليه الصلاة والسلام هداية العالم أجمع دون حرب أو إراقة دماء ( أسلم تسلم )
والشيطان يحاول أن يضل كل من حول النبى
فيميز الله الخبيث من الطيب ويتبع الرسول المؤمنين حقا ويتخلف عنه المنافقين والكافرين وأتباع الشيطان
ويظهر الله المؤمنين على الكافرين