المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : السلفية منهج علمي متين وليست تقليدا أعمى أو رجعية ..



إدريسي
2011-04-06, 11:25 PM
بسم الله الرحمن الرحيم



أفضل تعريف مختصر للسلفية ، والذي يرد على كل الشبهات حول هذا المنهج - كشبهة أن السلفية ما هي إلا تقليد لابن عبد الوهاب وابن تيمية وغيرهم من الأئمة رحمهم الله جميعا - ، هو :

السلفية هي "اتباع الدليل" .


وأنقل جزءا من كتاب "الإسلام لعصرنا" (ص:7-12) يبين فيه المؤلف أن السلفية منهج علمي متين يجب أن يقبله جميع العقلاء حتى من غير المسلمين :

"الإسلام كما أنزله الله تعالى على محمد -صلى الله عليه وسلم- ومن غير تحريف ولا تبديل هو الدين الذي رضيه سبحانه وتعالى للناس أجمعين في كل مكان وكل عصر منذ مبعث رسوله الأمين وإلى أن يقوم الناس لرب العالمين . فالإسلام لعصرنا كما كان للعصور قبلنا ، لكن إذا كانت نصوص الشرع لا تتغير ولا تتبدل ؛ فإن أحوال الناس تتغير وتتبدل ؛ فماذا يفعلون ؟

يقول المتذبذبون : دعوا النصوص كما هي ؛ لكن أعيدوا تفسيرها وأعطوها من المعاني ما يتناسب مع ثقافة عصركم كما أعطاها من سبقكم ما يتناسب مع ثقافة عصره ؛ فإن النصوص وحي إلهي لكن فهمها جهد بشري . النصوص مطلقة لكن فهمها نسبي .

يقول الثابتون على الحق : لكن نصوص القرآن نزلت بلغة عربية ذات معانٍ محددة يعقلها العارفون بهذه اللغة { إنَّا أَنزَلْنَاهُ قُرْآناً عَرَبِياً لَّعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ }{يوسف:2} ثم جاءت السنة لتزيد المعاني اللغوية بياناً ، ثم إن أصحاب رسول الله- صلى الله عليه وسلم- فسروا هذه النصوص بحسب ما فهموا من لغة القرآن والسنة التي كانت لغتهم ، وبحسب ما سمعوا من رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ، وبحسب ما شاهدوا من المناسبات التي نزلت بسببها الآيات ، والأحوال التي ذكرت فيها الأحاديث ، ثم جاءت الأجيال تلو الأجيال من أئمة المسلمين وعلمائهم لتَفْهم من نصوص الكتاب والسنة هذا الفهم نفسه كما تدل عليه مؤلفاتهم ؛ فالقول بأنهم فسروا النصوص بحسب ثقافة عصورهم إنما هو مجرد وهْم تبطله الحقائق التاريخية .

يقول المتذبذب : أتعني أنهم لم يختلفوا ؟

يقول الثابت : لم يختلفوا في المعاني الأساسية للنصوص إلا اختلافات يسيرة ، لكن اختلفوا فيما يمكن أن يستنتج من النص مثلاً ، أو في المسائل الاجتهادية التي لا نصوص فيها ، لكن المهم أن اختلافهم لم يكن بسبب اختلاف ثقافات عصورهم كما تدعي ، وإنما كانت اختلافات فردية حتى في داخل العصر الواحد ، وكانت اختلافات بين من التزموا بذلك المنهج الصحيح الذي بيّنتُه لك بإيجاز وبين الذين لم يلتزموا منهجاً علمياً ؛ وإنما أخذوا يفسرون النصوص بحسب أهوائهم ورغباتهم .

- أتعني أن لتفسير نصوص الكتاب والسنة منهجاً علمياً ؟

- بل أعني أن لتفسير النصوص كلها سواء كانت إسلامية أو غير إسلامية مناهج علمية .

- كيف ؟

- أظنك تتكلم الإنجليزية .

- نعم .

- إذا قرأت قصيدة من قصائد شكسبير مثلاً ، فكيف تفهمها ؟

- أرجع إلى الكتب التي تولتْ شرحها ، وبينتْ ما قصده شكسبير منها .

- أتعني أنك لا تفهمها بحسب ثقافة عصرك أو ثقافة بلدك العربي ؟

- لا ؛ بل لأنني أريد أن أعرف ما قصده شكسبير من كلماته .

- أتعني أنك تعطي كلماته المعاني التي قصدها والتي كانت شائعة في عصره حتى لو كانت تلك المعاني مخالفة للمعاني السائدة الآن في اللغة الإنجليزية ؟

- لا شك في ذلك ؛ لأن قصدي أن أعرف ما قال شكسبير ، فإذا أعطيت كلماته المعاني السائدة الآن فإني أكون قد قوّلته ما لم يقل .

هل تفعل الشيء نفسه بالنسبة لنص من نصوص أرسطو مثلاً إذا كنت تحاول أن تكون مختصاً بفلسفته ؟ أعني : هل تحاول أن تدرس لغته التي كتب بها فلسفته ؟

- أجل ، وأحاول أن لا أخلط بينها وبين اللغة اليونانية الحديثة ؛ لأن قصدي أن أفهم ما قال أرسطو .

- هل تكتفي في فهم نصوصه إذن بدراستك للغة اليونانية التي كتب بها ، أم أن هنالك وسائل أخرى تعينك على فهم كلامه ؟

- نعم هنالك وسائل أخرى منها : أن أدرس كيف فهمه معاصروه ؛ لأنهم أدرى به ، ومنها : الاستعانة بالخبراء الذين سبقوني .

- ما أظنك إلا متبعاً منهجك هذا نفسه في دراستك لشاعر جاهلي كامرئ القيس .

- بلى ؛ فأنا لا أعرف لهذا المنهج بديلاً في دراسة النصوص البشرية .

- هذا المنهج الذي اتبعته في دراستك لما أسميته بالنصوص البشرية هو المنهج العلمي الذي نريد منك اتباعه في دراستك للنصوص الإسلامية . نريد أن يكون همك هو أن تفهم مراد الله ومراد رسوله بقدر المستطاع ، وأن تكون أميناً في ذلك ؛ لا
تُقوّل الله أو رسوله ما لم يقولا ، وأن تقرر معنى نصوصهما كما هي حتى لو رأيتها مخالفة لما هو سائد في عصرك .

- لكن هنالك فوارق مهمة أراك قد أغفلتها بين النصوص البشرية والنصوص الإلهية .

- ما هي ؟

- منها : أنني أستطيع أن أفهم مراد البشر ؛ لأنهم مخلوقون محدودون يخاطبونني بلغة محدودة ، أما الله تعالى فمطلق ؛ فلا يمكن أن تسع اللغة المحدودة معانيه المطلقة ؛ لذلك كان من حق كل إنسان أن يفسرها بلغته المحدودة حتى تتسع معانيها فتقترب من المطلق !!

- دعك يا أخي من الكلام الغامض عن تفسير المطلق والمحدود ؛ فإنها ألفاظ لا طائل تحتها ؛ واللهُ تعالى لم يسمّ نفسه ولا سماه رسوله بالمطلق ولا وصفه بذلك . إن خلاصة ما تريد أن تنتهي إليه هو أن البشر حين يتكلمون باللغة العربية يكون لكلامهم معنى محدد يمكن معرفته بطريقة علمية ، وأما إذا خاطَبَنَا اللهُ بهذه اللغة فإنه لا يكون لكلامه معنى يمكن معرفته بطريقة علمية ! ألا ترى أنك جعلت الله تعالى عاجزاً عما جعلت البشر قادرين عليه ؟ كيف يستطيع البشر حين يخاطبوننا باللغة العربية أن يوصلوا معانيهم التي قصدوها إلينا ولا يستطيع رب البشر أن يفعل ذلك ، وقد قال إنه إنما خاطبنا بهذه اللغة لنفهم عنه ما يقول ؟

- هذا بيان معقول ؛ لكنّ هنالك فارقاً آخر هو أن الإسلام صالح لكل زمان ومكان ، فإذا أعطينا نصوصه المعاني ذاتها التي أعطاها إياها الصحابة مثلاً ، فإنا نكون قد حصرناها ؛ وبذلك حصرنا الإسلام في زمان معين ومكان معين !

- فما البديل إذن ؟

- البديل هو كما قلت لك : أن يفسر كل أهل عصرٍ تلك النصوص بما يتناسب مع ثقافة عصرهم .

- حتى لو كانت هذه التفاسير متضاربة متناقضة ؟

- نعم ؛ لأن فهم النصوص الإلهية هو كما قلت لك نسبي ؛ فما يفهمه أهل كل عصر صحيح بالنسبة لهم حتى لو كان غير صحيح بالنسبة لغيرهم .

- هل هذا هو ما فهمته من مقولة : إن الإسلام صالح لكل زمان ومكان ؟

- أجل ، وما أراك قادراً على الإتيان بفهمٍ غيره أو أحسن منه .

- إذا كانت صلاحية الكلام لكل زمان ومكان تعني أن تُغيّر معانيه لتناسب أهواء الناس في كل زمان ومكان ، فإن كل كلام حتى لو كان لأبلد الناس يمكن أن تكون له هذه الميزة .

- كيف ؟

- فما على صاحبه إلا أن يقول : هذا ما أراه اليوم وفي مكاني هذا ، لكنني أجيز لكل من يؤمن بمذهبي هذا وينتمي إليه أن يغير فيه ما شاء الله بحسب ما يعن له في زمانه ومكانه . فهل يعتقد إنسان يقدر الله حق قدره أن كلامه سبحانه يمكن أن يخضع لمثل هذا التفسير العابث ؟

- فما معنى كون الإسلام صالحاً لكل زمان ومكان إذن ؟

- معناه أنه كما أنزله الله ومن غير تحريف ولا تبديل صالح لكل من يريد الهداية من الأفراد والجماعات في كل زمان ومكان . والسر في هذا أنه تنزيل من حكيم عليم ، علم ما هو صالح لعباده بما هم به بشر ، لا بما هم به أهل هذا العصر أو ذاك ، ولا بما هم به عرب أو عجم ، أو أصحاب زراعة أو صناعة ، أو في شرق الأرض أو غربها ، أو غير ذلك من الاختلافات التي لا تؤثر في بشريتهم ، فأنزل عليه كتاباً غير مقيد بشيء من هذا كله .

- إذن فما معنى عبارتك : (الإسلام لعصرنا) ؟

- معناها أنه إذا كانت نصوص الكتاب والسنة لا تتغير ولا تتبدل فإن أحوال الناس تتبدل وتتغير ، فيجدّ لهم من المشكلات اللغوية والفكرية ، والعلمية التجريبية ، ما يحتاجون معه إلى أن يُعانوا على فهم دينهم الفهم الصحيح ، وأن تزداد ثقتهم فيه وإيمانهم به ، وذلك يكون :

بتفسير حقائقه الثابتة بلغة جديدة يفهمونها ، إن كانوا عرباً ، أو بترجمتها إلى لغاتهم إن لم يكونوا عرباً ، وبتقويم ما يجدّ من أفكار ، والرد على ما يُثار من شبهات ، وبإيجاد الحلول الإسلامية لما يجدّ من مشكلات عملية ، وبالاستفادة من الكشوف العلمية الموافقة للنصوص الإسلامية في تثبيت الإيمان والدعوة إلى الإسلام ، إلى غير ذلك من الفوائد التي لا تتأتى إلا بإمعان النظر في النصوص وتدبرها .
إن النصوص محدودة لكن ما يُستنتج منها غير محدود ، كيف لا والقرآن كتاب لا تنقضي عجائبه ؟!"

الغد المشرق
2011-04-06, 11:42 PM
نريد أن يكون همك هو أن تفهم مراد الله ومراد رسوله بقدر المستطاع ، وأن تكون أميناً في ذلك ؛ لا
تُقوّل الله أو رسوله ما لم يقولا ، وأن تقرر معنى نصوصهما كما هي حتى لو رأيتها مخالفة لما هو سائد في عصرك .

بارك الله فيكم أخانا الفاضل , حوار رائع وسرد بسيط وقيم , جعله الله فى موازينكم ورفع قدركم كما رفعتم كلمة الله ...

الهزبر
2011-04-11, 01:22 AM
السلام عليكم

اعتقد بان الحوار غير مكتمل فهلا اكملته مشكورا.

أسد هادئ
2011-04-12, 12:10 AM
يقول المتذبذبون : دعوا النصوص كما هي ؛ لكن أعيدوا تفسيرها وأعطوها من المعاني ما يتناسب مع ثقافة عصركم كما أعطاها من سبقكم ما يتناسب مع ثقافة عصره ؛ فإن النصوص وحي إلهي لكن فهمها جهد بشري . النصوص مطلقة لكن فهمها نسبي .

بل وتجد أيضاً من يقول : نحاول استنتاج قصد الرسول مثلا ثم نقوم بتحقيق هذه القصد بأي وسيلة أخرى

وصراحة بهذه الطريقة وبكل بساطة سنختزل الإسلام في لا شيء غير الأركان الخمسة ..

لنتخيل ما سيحدث إن قلنا أن الغرض من وراء حد السرقة هو العقاب والردع ، لذلك سنحقق العقاب والردع بالقوانين الوضعية !

إدريسي
2011-04-26, 01:21 AM
جزاكم الله خيرا على المرور والتعليق ..


السلام عليكم

اعتقد بان الحوار غير مكتمل فهلا اكملته مشكورا.

الحوار مكتمل أخي الحبيب !