المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : كتاب مفتوح إلى الشيخ محمد حسان



عبد الواحد جعفر
2011-04-10, 02:14 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل الشيخ محمد حسان حفظه الله ورعاه، أسأل الله أن يحفظك وكل المسلمين ويوفقنا وإياك لما يحب ويرضى ويجعلنا أداة لنصرة دينه، ويجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه، آمين آمين.
الأخ الكريم،،
إن من أخطر المفاهيم الغربية التي أدخلها الكافر المستعمر في بلاد المسلمين عن طريق غزوه الثقافي: مفهوم "رجال الدين" ومن أخبث التهم وأكذب الحديث التي رَّوجها هذا العدو اللئيم، أن يشبه خليفة المسلمين بالبابا، الذي له القداسة المطلقة، وله الحكم الفصل في كل أمر وقضية.
إن هذه الكلمة "رجال الدين" اصطلاح أجنبي، أطلقه الغربيون على القساوسة والرهبان والأساقفة، وصفاً لهم، وتقريراً لواقعهم، وذلك عندما انتزع رجال الفكر السلطة منهم، وتركوا لهم أمور العبادة والطقوس الدينية يديرونها كيفما يشاؤون، وقد رضي رجال الكنيسة بهذا الحال، ووافقوا على هذا الواقع، فكانت النتيجة أن استقلَّ رجالُ الكنيسة بالسلطة الروحية، واحتفظ السياسيون بالسلطة الزمنية، وبالتالي فصلوا الدين عن الحياة، وعن الدولة والحكم والسياسة وعن شؤون المجتمع وعلاقات الدولة.
وأصبح لرجال الدين إدارة تابعة للكنيسة، كما عرفوا بلباس كهنوتي معين، تختلف أشكاله وألوانه حسب درجات العلم الكهنوتي، وأعطوا لأنفسهم حق التحليل والتحريم من عند أنفسهم.
أما الإسلام فليس فيه رجال الدين ولا رجال دنيا، فكل مسلم هو رجل من رجال الإسلام، وليس في الإسلام سلطة دينية بالمعنى الكهنوتي، ولا سلطة زمنية منفصلة عن الدين، بل السلطة واحدة، تقوم على أساس الإسلام، وتطبق الإسلام وحده، لأن الإسلام دين والدولة جزءٌ منه، والسياسة: هي رعاية شؤون الناس بحكم شرعي من أحكامه؛ والإسلام عقيدة ونظام.
أما كونه عقيدة فلأن أساسه يقوم على الإيمان بالله تعالى وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر وبالقضاء والقدر، وتلك هي العقيدة، وقد انبثقت عن هذه العقيدة أنظمة الإسلام في الحكم والسياسة والاقتصاد والاجتماع والعقوبات والبينات والمعاملات.. الخ وهذه الأنظمة أحكام شرعية استنبطها المجتهدون من الأدلة التفصيلية من الكتاب والسنة المطهرة وما استند إليهما وأرشدا إليه.
وقد سمى الإسلام الذين تخصصوا في فهمه بالعلماء والفقهاء والمجتهدين، أما العلماء فلقوله تعالى {إنما يخشى الله من عباده العلماء}، وقوله صلى الله عليه وسلم: "إن الله لا يقبض العلم انتزاعاً ينتزعه من الناس، ولكن يقبض العلم بقبض العلماء.. الحديث".
أما الفقهاء فلقوله تعالى {ليتفقهوا في الدين..} الآية، وقوله صلى الله عليه وسلم "من يرد الله به خيراً يفقهه في الدين ويلهمه رشده"، وقول معاذ بن جبل لرسول الله صلى الله عليه وسلم: "اجتهد رأيي ولا آلو".
لذلك كان في الإسلام علماء وفقهاء ومجتهدون، وليس فيه رجال دين بالمعنى المفهوم اليوم، ثم إن هؤلاء العلماء والفقهاء والمجتهدين مهمتهم في الحياة هي حمل الدعوة الإسلامية إلى الناس، وبيان أحكام الله في كل مشكلة أو حادثة، ومن واجبهم مناقشة الحكام ومحاسبة المسؤولين وإبداء النصيحة لهم، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وهذا هو العمل السياسي؛ لأن السياسة _كما مر ذكره_ هي رعاية شؤون الناس، ومنهم من تولى رئاسة الدولة واشترك في تولي المسؤولية في الحكم، وهذا شيء اعتيادي يتفق مع طبيعة الإسلام؛ لأن الدولة تحكم بالإسلام، وتتولى شؤون الرعية على أساسه، بل من شروط الأفضلية لرئيس الدولة الإسلامية أن يكون عالماً مجتهداً.
وإن من أخطر ما يدعو إليه الغرب هي أفكار الديموقراطية وحقوق الإنسان والتعددية السياسية والحريات العامة، وما جهد على تسويقه هذه الأيام وتزامناً مع ما حصل في كل من تونس ومصر، وما يتهيأ للحصول في كل من ليبيا واليمن والبحرين، وما يبدو أن المنطقة كلها تسير باتجاهه، هو فكرة "الدولة المدنية"، وبهذه الأفكار فإن أميركا تكون قد أوجدت فكرتها بين المسلمين، وحققت ما كانت تخطط وتسعى له في عقدين من الزمن. والأخطر من ذلك كله هو ما يقوم به بعض الدعاة من نسبة هذه الأفكار إلى الإسلام، وجعلها من الدين، بل من صميمه ومن نصه وروحه، فأدخلوا هذه المفاهيم على الأمة على اعتبار أنها توافق الإسلام ولا تخالفه. ولم يكن لأميركا أن تنجح في نشر أفكارها هذه لولا أن قامت بإلباسها لبوس الإسلام، وكذلك فعلت إنجلترا من قبلها عندما أدخلت القانون المدني للدولة العثمانية، فقد دفعت شيخ الإسلام في حينه إلى تبنيه تحت ذريعة أنه لا يخالف الإسلام.
إن من الأمور المقررة عند المسلمين أن ما يوافق الإسلام وما لا يخالف الإسلام ليس من الإسلام، فالله تعالى يقول مخاطباً المسلمين ممتناً عليهم بقوله {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِيناً} ويقول مخاطباً الكفار بقوله {لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ}، ذلك أن الإسلام هو ما جاء وحياً من الله؛ أي ما جاء بالكتاب والسنّة وما أرشد إليه الكتاب والسنّة من أدلة، هذا وحده هو الإسلام، وما عداه كفر سواء أكان موافقاً للإسلام أم كان لا يخالفه. والدليل على ذلك أن الله تعالى أمرنا أن نأخذ ما يأمر به الرسول وأن نترك ما نهانا عنه وأمرنا أن نحتكم إلى رسول الله؛ أي إلى ما جاء به رسول الله. قال تعالى: {وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا} فهو نص في وجوب أخذ ما جاء به الرسول، وترك ما نهى عنه، وإذا قرنت هذه الآية بقوله تعالى: {فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم} وعرف أن {ما} في قوله {وما آتاكم} وقوله {وما نهاكم} للعموم، ظهر جلياً وجوب أخذ ما جاء به وترك ما نهى عنه، وأنه عام في جميع ما أمر به وجميع ما نهى عنه، والطلب في هذه الآية سواء طلب الفعل أو طلب الترك طلب جازم يفيد الوجوب بدليل تهديد الله لمن يخالفه بالعذاب الأليم. وقال الله تعالى: {فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكّموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجاً مما قضيت ويسلموا تسليما}، ففي هذه الآية نفى الله الإيمان عمن يحكّم غير الرسول في أفعاله مما يدل على الحصر في التحكيم بما جاء به الرسول، وعلى حرمة الأخذ من غير ما جاء به، وهذا كله صريح في التقيد بما جاء به الإسلام.
فالديموقراطية وحقوق الإنسان والتعددية السياسية والحريات العامة والدولة المدنية وما شاكل ذلك كلها أفكار كفر، وليست من الإسلام، ويحرم حملها والدعوة إليها. ويجب على أهل العلم من المسلمين أن يتصدوا لهذه الأفكار ببيان واقعها، وفوق ذلك مناقضتها للإسلام، وتحذير المسلمين من أن هذه الأفكار هي الدين الجديد الذي تسعى أميركا لإيجاده في المجتمع؛ ليكون بديلاً عن الإسلام. قال تعالى: {يُرِيدُونَ أَن يُطْفِؤُواْ نُورَ اللّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللّهُ إِلاَّ أَن يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ}. وإننا _أخي الكريم_ اطلعنا على الورقة التي قدمتها كبرنامج لإصلاح المؤسسة الدينية في مصر، وقد شددت في بدايتها على عدم المس بالمادة الثانية من الدستور المصري، وأنت تعلم _أخي الكريم_ أن الدستور المصري دستور كفر مستمد من دساتير أوروبا الكافرة، وأما المادة الثانية من الدستور المصري فإنها كسائر مواد هذا الدستور، أخذت على غرار الدستور الفرنسي، الذي أخذ على أساس عقيدة فصل الدين عن الحياة، وصيغت مواده على هذا الأساس، بحيث لا تخالف أية مادة هذه العقيدة. وهذه المادة تخالف الإسلام وإن ظن كثيرون ممن يتمسكون بها بأنها توافق الإسلام ولا تخالفه، فحتى لو صح ذلك وكانت هذه المادة توافق الإسلام ولا تخالفه، فإنها حينئذ لا تكون من الإسلام؛ لأنها لم تنبثق منه، وإنما بنيت على أساس عقيدة فصل الدين عن الحياة.
أما أن هذه المادة تخالف الإسلام فذلك واضح من صياغتها، والذين وضعوا هذا الدستور لم ينطلقوا من الإسلام في وضع مواده وإنما بنوا دستورهم هذا على أساس فكرة فصل الدين عن الحياة، فجاءت المادة بهذه الصياغة منسجمة مع ما يريده واضعو الدستور من علمانية الدولة وفصل الدين عن الحياة.
أما من حيث صياغتها فإن نص المادة هو (الإسلام دين الدولة، واللغة العربية لغتها الرسمية، ومبادئ الشريعة الإسلامية المصدر الرئيسي للتشريع) وهذه الصياغة مبنية على كون الدين مفصولاً عن الدولة. ذلك أن واقع الدولة أنها كيان تنفيذي لمجموعة المفاهيم والمقاييس والقناعات؛ أي أن الدولة هي كيان يقوم على فكرة، فالإسلام ليس صفة للدولة، وإنما أساس لها، فمنه تأخذ الدستور وعنه تنبثق الأنظمة والقوانين. أما إذا كان دين الدولة الإسلام، فإن الدولة في هذه الحالة هي الأساس، والدين طارئ عليها، وصفة لها، والعكس هو الصحيح؛ لأن الإسلام هو الأصل ومنه الدولة، فالإسلام دين منه الدولة.
أما البناء الفكري لورقة "إصلاح المؤسسة الدينية" فإنه يلاحظ عليها أمرين، الأول: أنها ورقة للإصلاح الترقيعي لأنها لا تعنى بتغيير النظام القائم، ولا تعنى بهدم الفكرة التي يقوم عليها النظام، وإيجاد الفكرة الإسلامية مكانها، وإنما تعنى بالإصلاح الترقيعي الذي يقوم على أساس ترقيع النظام القائم بأفكار إصلاحية من الإسلام، وهذا لا يجوز، ذلك أن الإسلام، وهو الدين الكامل، فيه ما يدل على كيفية الإصلاح، عندما يقتضي الواقع إصلاحاً، وفيه ما يدل على كيفية التغيير، عندما يتطلب الواقع تغييراً. أما التغيير، فسواء أكان تغييراً لنفوس الأفراد وحالهم، أو تغييراً للمجتمعات، أو تغييراً لأوضاع الشعوب والأمم، أو تغييراً للدول وأنظمة الحكم فيها، فإنه يجب أن يُبدأ بالأساس الذي يعيش عليه الإنسان أو المجتمعات أو الأوضاع أو الدول. ذلك أن الأساس تنبثق عنه كل الأفكار الفرعية، والمفاهيم التي تحدد سلوك الناس في هذه الحياة. وبناء على هذا الأساس، وما يرتبط به من أفكار جزئية أو فرعية يسعد بها الإنسان أو يشقى، وتنهض بها الأمم أو تنخفض. والأساس الذي يقوم عليه المسلم أو المجتمع الإسلامي هو العقيدة الإسلامية، ويجب أن لا يخرج أي عمل من أعمال المسلم، ولا أي عمل من أعمال الدولة الإسلامية عن العقيدة ومقتضياتها.
أما الإصلاح، وفيه تغيير، ولكنه يتناول الفروع دون الأساس. لسلامة الأساس، أو لتصحيح الأساس وتنقيته مع التسليم بوجوده. والذي ينطبق على هذا الحال الذي نعيش أن الفساد واقع في الأساس الذي تقوم عليه الدولة وليس مجرد فساد في الفروع؛ لذلك كان هذا الواقع يقتضي تغييراً جذرياً وليس مجرد إصلاح.
أما الأمر الثاني فإن الورقة التي قدمتها قامت على تقرير فكرة خطيرة، وهي فصل الدين عن السلطة؛ فهي وإن دعت لاستقلال المؤسسة الدينية (الأزهر والأوقاف ودار الإفتاء) عن الحكومة، فإنها بدعوتها هذه تستبطن أن الدين مفصول عن الدولة، وهذا ليس من الإسلام في شيء؛ لأن أساس الدولة يجب أن يكون قائماً على العقيدة الإسلامية، وأن الجميع تحت سلطان الإسلام، والجميع مخاطبون بأحكام الشرع، سواء أكان في شؤون الحكم أم الاقتصاد أم الاجتماع أم التعليم أم سائر أمور الحياة، ولم يعرف المسلمون هذا الفصل إلا في العصور المتأخرة نتيجة الغزو الفكري والثقافي الذي قام به الغرب الكافر لبلاد المسلمين وعقولهم، وترويجه لفكرته التي قام عليها ونهض على أساسها وهي فكرة "فصل الدين عن الدولة" حيث كان يخاطب المسلمين أواخر الدولة العثمانية أنه لن تقوم لهم قائمة حتى يفصلوا الدين عن الدولة، وحتى يعزلوا الخليفة عن شؤون الحياة، تشبيهاً منهم لخليفة المسلمين ببابا النصارى. فوجدت لذلك فكرة "فصل الدين عن الدولة" وبنيت على أساس هذه الفكرة الأنظمة القائمة في العالم الإسلامي بعد سقوط الخلافة سنة 1924م، متوارثة نظام الحكم عن سابقتها حتى اليوم.

الأخ الكريم،،
كثير من يظنون أن العالم هو ذلك الذي يحفظ عشرات العلوم والفنون الشرعية ويحسن الحديث عنها، والعالم الحقُّ هو الذي يجمع بين العلم والعمل وخشية الله تعالى.
وسئل سعد بن إبراهيم الزهري: أي أهل المدينة أفقه؟ فقال: "أتقاهم لله تعالى"، وسأل فرقدُ السنجي الحسنَ البصري عن شيء فأجابه، فقال: "إن الفقهاء يخالفونك" فقال الحسن البصري: "ثكلتك أمك يا فريقد. وهل رأيت فقيهاً بعينك؟ إنما الفقيه الزاهد في الدنيا الراغب في الآخرة، البصير بدينه المداوم على عبادة ربه الورع الكافَّ نفسه عن أعراض المسلمين العفيف عن أموالهم الناصح لجماعتهم".
وجاء في كتاب فصل الكلام في مواجهة ظلم الحكام لمؤلفه علي بلحاج "ولذلك أهل العلم حقاً وصدقاً يثبتون على الطريق المستقيم ويأخذون بالعزائم ولو كان في ذلك أرواحهم ولسان حالهم يردد قول الرسول صلى الله عليه وسلم: "ما من مسلم يُظلم مظلمة فيقاتل فيقتل إلا قتل شهيداً".
نقول هذا في الوقت الذي نرى فيه علماء يتخذون من العلوم الشرعية وسيلة للمتاجرة والتلبيس على العوام وتفريخ الفتاوى الباطلة للحكام الكفرة الفجرة، يبصِّرون الحكام بالرخص وتبرير ظلمهم وفسادهم، بل بالإفتاء بحرمة الخروج عليهم، وهم على ما هم عليه من كفر بالإسلام وازدراء له واحتقار لحملته وخيانة لأمتهم؛ ولذلك وجد الحكام في هؤلاء سنداً وعضداً يحذرون الرعية من الغِش، وينسون غش الراعي للرعية، وهم مهرة في التنديد بالضعيف دون القوي صاحب المال والجاه والسلطان.
وهم مهرة أيضاً في تسمية الأشياء والحقائق بغير أسمائها، فالتنازل عن جهاد الكفار المحاربين، وعن الحكم بغير ما أنزل الله يسمونه تسامحاً، والذلُّ والاستكانة يسمونه سلاماً وحكمة وبعد نظر، ومسايرة الكفار والتشبه بهم يسمونها مرونة ومعاصرة وقبول الآخر، والتمسك بهدي الرسول صلى الله عليه وسلم وما كان عليه الصحابة والتابعون يسمونه تعصباً وتشدداً، والجهر بكلمة الحق يسمونه تهوراً وشتائم.. الخ.
وصاروا يرددون ويروجون لمفاهيم الحضارة الغربية الكافرة، ويعتبرونها قضايا لهذه الأمة، واتخذوا من الآلة الإعلامية وسيلة لهذه الدعوات، وذلك كالحديث عما يسمى بـ"الديموقراطية" و"الحريات" و"التعددية السياسية" و"حقوق المرأة والطفل" و"مساواة المرأة بالرجل" ومفهوم "المجتمع المدني" و"الدولة المدنية" وغير ذلك. بهدف إشغال المسلمين عن قضاياهم المصيرية والتلبيس على الناس، وإمعاناً من قبل رأس الكفر وزعيمة العالم الرأسمالي في نهب ثروات البلاد الإسلامية وحرفِ المسلمين عن دينهم، وتبديل عقيدتهم وجعلها عقيدة فصل الدين عن الحياة.

الأخ الكريم،،
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "فضل العالم على العابد كفضلي على أدناكم ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن الله وملائكته وأهل السماوات والأرضين حتى النملة في جحرها وحتى الحوت ليصلون على معلم الناس الخير.
وهم ورثة الأنبياء، قال عليه الصلاة والسلام "من سلك طريقاً يبتغي فيه علماً سلك الله له طريقاً إلى الجنة وإن الملائكة لتضع أجنحتها رضاء لطالب العلم وإن العالم ليستغفر له من في السموات ومن في الأرض حتى الحيتان في الماء وفضل العالم على العابد كفضل القمر على سائر الكواكب إن العلماء ورثة الأنبياء إن الأنبياء لم يورثوا ديناراً ولا درهماً إنما ورثوا العلم فمن أخذ به أخذ بحظ وافر".
كل هذا للعلماء العاملين بالإسلام، الجريئين في الحق، المحبين للخير، الآمرين بالمعروف والناهين عن المنكر، المحاسبين للحكام الناصحين لهم، والساهرين على مصالح المسلمين، المهتمين بأمور الأمة، المتحملين كل أذى ومشقة في سبيل ذلك.

أيها العلماء .. أيها الفقهاء والخطباء..
كونوا عند تشريف الله لكم، بتعليمكم الناس العلم الذي يوجد فيهم الوعي على دينهم، فيرفع من شأنهم، وينهض بهم، ويجعل توجههم نحو قضاياهم المصيرية، كقضية العودة إلى الحكم بكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، باعتبارهما ذلك التحدي للقوانين الوضعية الفاسدة المستمدة من قوانين الكفر وحضارته.
وكقضية وحدة الأمة الإسلامية برفع الحدود بين أقطارها، لتستطيع بمجموع اقتصادها أن تبني لها قوة ترهب بها عدو الله وعدوها، ولتأخذ مكانها بين الشعوب والأمم.
_كونوا أمناء على ما ائتمنكم الله، وإياكم وكتمان بيان ما أنزل الله، وهو سبحانه وتعالى القائل" {إن الذين يكتمون ما أنزلنا من البينات والهدى من بعد ما بيناه للناس في الكتاب أولئك يلعنهم الله ويلعنهم اللاعنون}.
_علموا الناس أن الأمم الميتة تحيا بحمل الرسالة، وتموت الأمم الحية بترك حملها، وذلك ليتعلموا درساً من أيام عزهم وقوتهم يوم كانوا حملة رسالة، وليتعظوا من وضعهم الحالي بعد تركهم حمل الرسالة، وترك العمل بها.
_علموا المسلمين كيف جزِّئت بلادهم، وغدوا كالأيتام على مآدب اللئام، بعد زوال دولة الإسلام، فلا راعي لهم يصون دماءهم، ويحفظ كرامتهم. لا تقتصروا في تعليمهم على العبادات والأخلاق فحسب، وتتركوا القضايا المصيرية، ملتزمين بحدود الوظيفة، والله سائلكم عما ائتمنكم عليه من العلم، فكونوا ممن قال الله تعالى فيهم:
{الذين يبلغون رسالات الله ويخشونه ولا يخشون أحدا إلا الله وكفى بالله حسيبا}
_ علموا الناس أحكام دار الإسلام ودار الكفر وأن الدار تكون دار إسلام بظهور أحكام الإسلام فيها، وتكون دار كفر بظهور أحكام الكفر فيها، كما هو حاصل اليوم.
_ علموهم أن التقيد بأنظمة الأمم المتحدة ومجلس الأمن التي تقتضي مقاطعة أي قطر إسلامي لأي سبب كان حرام لا يجوز التقيد به.
_علموهم أن نزع أسلحة الدمار الشامل من الأقطار الإسلامية حرام، وفيه مخالفة لقوله تعالى {وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل ترهبون به عدو الله وعدوكم}.
_ أنزلوا الأحكام على الوقائع والأحداث الجارية، كما كان القرآن يتنزل منجماً حسب الحوادث، وذلك لكي يعرف الناس الحكم الشرعي في كل حادثة تحدث، فلقد علمنا الوحي كيف نعلم أمتنا أحكام ديننا، وبين لنا في كتاب ربنا وسنة نبينا طريقة تعليمها، وأنه باستقرائنا لأسباب نزول القرآن الكريم من قبل الوحي، نعرف كيف نعلم أمتنا أحكام دينها، لكي تكون واعية على الإسلام وعلى أحكامه، وعياً شاملاً لجميع نواحي الحياة.
_ علموهم كيف ينهض الإنسان، وكيف تحرر الأوطان، وكيف تصان الحرمات، وكيف يطبق الإسلام وتسعد الأمة وتسعد بسعادتها البشرية.
_ حذروهم من أفكار أميركا ومفاهيمها من ديموقراطية وتعددية وحقوق إنسان وحريات، وعلموهم أن ما يوافق الإسلام وما لا يخالف الإسلام ليس من الإسلام، فكيف بما يناقض الإسلام المناقضة الواضحة الصريحة.
_ علموهم أن الدولة المدنية تعني الدولة التي تفصل الدين عن الدولة؛ أي الدولة العلمانية، والدعوة للدولة المدنية دعوة للكفر؛ لأنها دعوة لفصل الدين عن الحياة والدولة.
ونسأل الله تعالى أن يسدد خطاكم ويعينكم على تحمل المسؤولية أمام ربكم، واعملوا مع العاملين المخلصين الواعين لاستئناف الحياة الإسلامية، وذلك بإيجاد المجتمع الإسلامي الذي يحتكم إلى كتاب الله وسنة رسوله محمد صلى الله عليه وسلم، ويوحدهم سلطان الإسلام.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أبوحمزة السيوطي
2011-04-10, 03:12 PM
بارك الله فيك أخي الكريم

لي سؤال ثم أعقب على بعض ما جاء في هذا المقال ، هل أنت من مصر ؟؟

عبد الواحد جعفر
2011-04-10, 05:10 PM
الأخ الفاضل أبا حمزة، تحية طيبة، وبعد،،
أنا من الأردن