المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : استفسارات مسلم بغية الظفر بالحق!



الصفحات : [1] 2 3 4 5 6 7 8

الداعي
2011-10-12, 02:17 PM
الحمد لله حتى يرضى, وسلام على عباده الذين اصطفى, تحية طيبة وبعد:


بادئ ذي بدءٍ, يسرني أن ألتقي مجددًا بطيبي الذكر, أسود الدعوة وفرسان الإسلام, زملائي في هذا المنتدى الطيب أهله بإذن الله. ثمَّ إنَّني أستهل مشاركاتي بموضوع تحت عنوان: (استفسارات مسلم بغية الظفر بالحق!), فلقد قرأ أحد الشباب المسلم موضوعي هذا:


http://www. anti-el7ad .com/site/play-15547.html

فوجد الردَّ ماتعا؛ يوافق الفطرة, ويقنع العقل, ويملأ القلب طمأنينة, فطلب مني أن أبين له بعض الأمور التي تنغص عليه عيشته, وتعكر له صفو مزاجه, ولهذا كانت هذه الصفحة.


فاللهم أعنَّا على الخير كله, عاجله وآجله, ما علمنا منه وما لم نعلم. آمين.

الصارم الصقيل
2011-10-12, 02:55 PM
جزاك الله خيرا و عود حميد أخانا الحبيب

الداعي
2011-10-12, 06:21 PM
الاستفسار رقم: (1):


تبرير كل تناقض في القرآن أو السنة مفترض, ولو فعل النصارى ذلك لظلوا على كفرهم؛ لأنهم سيبررون كل تناقض عندهم في النجيل المحرف! فمثلا: توعد الله لكثير من مرتكبي المعاصي بالخلود في النار, وبيَّن حديث الشفاعة الكبرى أنَّ كل المسلمين يدخلون الجنة. وكذلك مثلا: في الحديث:" لا صلاة لمن لا فاتحة له", وبين الحديث:" صلاة الإمام تغني عن صلاة المأموم", مع علمي بما قيل في تفسيرهما. انتهى.
الرد يكون كالآتي:
1. قولك: (تبرير كل تناقض في القرآن أو السنة مفترض, ولو فعل النصارى ذلك لظلوا على كفرهم؛ لأنهم سيبررون كل تناقض عندهم في النجيل المحرف!):
- أخي الحبيب, ثمَّة مغالطة لديك لم تنجُ منها, ألا وهي: تعتقد بوجود تناقض حقيقي في القرآن والسنة, وتصف من يدحض قول من قال بالتناقض بـ(المبرر)!!
- ثمَّة فرق بين الوجود الحقيقي للتناقض, وبين توهم وجود التناقض:
ü التناقض في القرآن: القرآن كلُّه قطعي الثبوت, أي متواتر في نقله؛ لذلك: يستحيل وجود تناقض واحد في القرآن, ولو ثبت وجود تناقض واحدٍ لأصبح القرآن باطلا, بل هو: ﴿كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ﴾, (هود: 1). والقول الفصل: ﴿أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا﴾, (النساء: 82).
ü أسباب توهم وجود التناقض في القرآن:
أ- وجود النسخ في القرآن, وذلك قوله: ﴿مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهَا أَوْ مِثْلِهَا...﴾, (البقرة: 106). وقوله: ﴿وَإِذَا بَدَّلْنَا آيَةً مَكَانَ آيَةٍ...﴾, (النحل: 101).
ب- وجود آيات متشابهات في القرآن, وذلك قوله: ﴿هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ...﴾, (آل عمران: 7).
ü التناقض في السنة: ما كان متواترًا من السنة فلا يقع فيه التناقض قطعيًّا, أمَّا ما كان ظنيًّا من السنة فيقع فيه التعارض وليس التناقض, وتعالج بمسألة التعادل والترجيح بالاستدلال الشرعي.
ü أسباب توهم وجود التناقض في السنة:
أ- وجود النسخ في السنة.
ب- وجود التعارض بين الأحاديث في ظاهرها.
- الكشف عن سبب توهم التناقض أو التعارض في بعض الآيات والأحاديث ليس تبريرًا, بل هو وضع للحروف على نقاطها, وإرجاع للأمور إلى نصابها. فتأمل.
- وعليه, لا تخلط بين إلباس الحق بالباطل وكتم الحق الذي اختص به أهل الكتاب_لا تخلط بين هذا وبين إظهار الحق الذي يقوم به أهل الحق. وقد صدق رسول الله e إذ يقول: «يَحْمِلُ هَذَا الْعِلْمَ مِنْ كُلِّ خَلَفٍ عُدُولُهُ, يَنْفُونَ عَنْهُ انْتِحَالَ الْمُبْطِلِينَ, وَتَأْوِيلَ الْجَاهِلِينَ, وَتَحْرِيفَ الْغَالِينَ», رواه الطبراني. فهل نفي انتحال المبطلين, وتأويل الجاهلين, وتحريف الغالين تبرير؟! لا يكون هذا!


2. قولك: (توعد الله لكثير من مرتكبي المعاصي بالخلود في النار, وبيَّن حديث الشفاعة الكبرى أنَّ كل المسلمين يدخلون الجنة.):
- أهل النار من حيث المكوث فيها صنفان, ألا وهما:
ü الخالدون فيها أبدا, وهم:
1) الكافرون, يقول الله Y:﴿إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَظَلَمُوا لَمْ يَكُنِ اللَّهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ وَلَا لِيَهْدِيَهُمْ طَرِيقًا إِلَّا طَرِيقَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرًا﴾, (النساء: 169).
2) المشركون, يقول الله Y: ﴿إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدِ افْتَرَى إِثْمًا عَظِيمًا﴾, (النساء: 48).
3) المرتدون, يقول الله Y:﴿وَمَنْ يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ فَأُولَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ﴾, (البقرة: 217).
ü اللابثون فيها أحقابا ثم يخرجون, وهم:
الموحدون الذين اقترفوا آثاما أَكلتْ حسناتهم وزيادة, فيعذبون بقدرها, ثم يدخلون الجنة. وقد روى أنس t عن النبي e قوله: «يَدْخُلُ أُنَاسٌ جَهَنَّمَ فَإِذَا صَارُوا حُمَمًا اخْرُجُوا فَأُدْخِلُوا الْجَنَّةَ، فَيَقُولُ أَهْلُ الْجَنَّةِ: مَنْ هَؤُلَاءِ؟ فَيُقَالُ: هَؤُلَاءِ الْجَهَنَّمِيُّونَ», رواه أحمد. وهم يخرجون بشفاعة نبي الرحمة محمد.
- لذلك لا تناقض أو تعارض بين توعد الله بالخلود لبعض أهل جهنم، وبين إخراجه لبعضها الآخر إلى الجنة، وهذا يؤكد الحق الساطع؛ أنْ لا تناقض بما جاء به الوحي وإن ظهر التعارض لدى قصيري النظر ذوي النظرة السطحية؛ لذلك لا بدِّ من التأمل وإمعان النظر والتدبر قبل إطلاق الكلام. والله الموفق.


3. قولك: (الحديث:" لا صلاة لمن لا فاتحة له", وبين الحديث:" صلاة الإمام تغني عن صلاة المأموم".):
- نص الحديث الأول هو: «لَا صَلَاةَ لِمَنْ لَمْ يَقْرَأْ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ», رواه بخاري ومسلم. وفي رواية: «بِأُمِّ القُرآنِ». ونص الحديث الثاني هو: «مَنْ كَانَ لَهُ إِمَامٌ فَقِرَاءَةُ الْإِمَامِ لَهُ قِرَاءَةٌ», رواه الدار قطني. وفي رواية: «تَكْفِيكَ قِرَاءَةُ الْإِمَامِ خَافَتَ أَوْ جَهَرَ», رواه الدار قطني.
- هذه هي النصوص الصحيحة لما وضعت من أحاديث, وهذه النصوص بعد التفقه في سندها, ألفينا الطرف الثاني, أي ما رواه الدار قطني لا تقوم به حجة؛ لأنَّ بسند ما رواه ضعفا يسقطه عن مرتبة الاستدلال_ وإن استدل به بعض الفقهاء _, فلا تناقض أو تعارض_ إذن _بين صحيح وضعيف. فتأمل.
- وليطمئنَّ قلبك, سأجعل الحديثين الضعيفين صالحين للاستدلال, وسأبين لك كيف ينبغي أن نفقه الأحاديث في علم الأصول, أصول الفقه:
· لفظ «لَا صَلَاةَ» له وجهان حسب دلالة الاقتضاء؛ فإمَّا أن تكون (لا صلاة صحيحة) أو أن تكون (لا صلاة كاملة), فالنفي هو إمَّا لصحتها أو لكمالها من حيث الأجر, وعلى فرض صحة أحاديث الدار قطني, فإنَّنا نرجح الوجه الثاني, ويؤيد هذا الفهم قوله e: «الْإِمَامُ ضَامِنٌ», رواه البيهقي.
· وعليه, حتى لو أثبت أحدهما صحة الحديثين, فإنه لا تعارض بعد الفقه السليم للأحاديث فيما بينها.
· والأحاديث التي ظاهرها التعارض نعمل على التوفيق بينها؛ لأن القاعدة الأصولية: (إعمال الدليلين أولى من ترك أحدهما). والله الموفق.


أخي الحبيب, أنتظر تعليقك على ما وضعت, أو إذنك في الانتقال للنقطة التي تليها.

ahmed.em
2011-10-12, 07:49 PM
جزاك الله خيرا اخى الكريم
انتقل للشبهة الاخرى حفظك الله.

الشهاب
2011-10-12, 08:06 PM
ü
ü اللابثون فيها أحقابا ثم يخرجون, وهم:
الموحدون الذين اقترفوا آثاما أَكلتْ حسناتهم وزيادة, فيعذبون بقدرها, ثم يدخلون الجنة. وقد روى أنس t عن النبي e قوله: «يَدْخُلُ أُنَاسٌ جَهَنَّمَ فَإِذَا صَارُوا حُمَمًا اخْرُجُوا فَأُدْخِلُوا الْجَنَّةَ، فَيَقُولُ أَهْلُ الْجَنَّةِ: مَنْ هَؤُلَاءِ؟ فَيُقَالُ: هَؤُلَاءِ الْجَهَنَّمِيُّونَ», رواه أحمد.



أخي الكريم " الداعي ":

أرى أن سياق الآية " لابثين فيها أحقابا " تخص الكفار ، فهي مسبوقة أولا بما قبلها " للطاغين مآبا " ، و بما بعدها حين يقول تعالى : " إنهم كانوا لا يرجون حسابا و كذّبوا بآياتنا كذّابا " . فالسياق عموما يبيّـن جنس هؤلاء القوم الذين يلبثون في النار أحقابا . و من هنا استشهد ابن القيم الجوزية بهذه الآية ضمن الدلائل التي قدمها في كتابه الرائع : " حادي الأرواح إلى بلاد الأفراح " للتدليل على أن رحمة الله تدرك حتى الكفار في الأبد وفقا لمشيئته تعالى ، و الله أعلم .

الداعي
2011-10-13, 09:11 AM
أيها الشهاب, تحية طيبة, وبعد:
1. إن كنت تظنُّ أنَّني أستخدم تعبير (اللابثون فيها أحقابا ثم يخرجون) قاصدًا قول الله y: ﴿لَابِثِينَ فِيهَا أَحْقَابًا﴾, (النبأ: 23), فقد أخطأتَ الظنَّ. فانتبه.
2. ولهذه اللفظة: ﴿أَحْقَابًا﴾ وجهان:


ü وجه يفهم منه أنها أحقاب منتهية, ومن فهم هذا الفهم انقسم إلى ثلاثة أقسام:
1) أنَّ أهل الشرك والكفر يخرجون من جهنَّم, ثمَّ ينسخونها بغيرها من الآيات, فيثبتون الخلود لهم.
2) أنَّ أهل الشرك والكفر يمكثون هذه الأحقاب لا يذوقون بردًا ولا شرابًا, أي الآية متصلة بما بعدها هكذا: ﴿لَابِثِينَ فِيهَا أَحْقَابًا لَا يَذُوقُونَ فِيهَا بَرْدًا وَلَا شَرَابًا﴾, (النبأ: 24). ثمَّ بعد هذه الأحقاب يأتي عذاب آخر, يخلدون فيه.
3) أنَ الآية مختصة بالموحدين العاصين.


ü وجه يفهم منه أنها أحقاب متوالية خالدة؛ لذلك أهل الشرك والكفر مخلدون في جهنم.


3. ولتحري وجه الحقِّ في هذه المسألة أقول:


- الآية تخبرنا عن أناس طاغين لا يؤمنون بحساب ولا عقاب, ويكذبون الرسل.
- جميع آي القرآن الكريم تخبرنا أنَّ من هذه حاله وتلك صفاته فهو مخلدٌ في جهنَّم أبدًا: ﴿إِنَّهُ مَنْ يَأْتِ رَبَّهُ مُجْرِمًا فَإِنَّ لَهُ جَهَنَّمَ لَا يَمُوتُ فِيهَا وَلَا يَحْيَى﴾, (طه: 74).
- سياق الآية يبين أن هؤلاء من عذاب إلى عذاب, ولن تصيبهم رحمة, أي رحمة: ﴿فَذُوقُوا فَلَنْ نَزِيدَكُمْ إِلَّا عَذَابًا﴾, (النبأ: 30).
- وعليه, فالوجه الحقُّ هو الوجه الثاني, أي تعبيره ﴿أَحْقَابًا﴾ كناية عن التأبيد في سنن العرب بطريقة كلامهم, ويؤيد هذا الفهم جميع الآيات التي تتوعد أهل الشرك والكفر بالخلود.


- والوجه الأول باطل باحتمالاته؛
1) فمن نسخ الآية فقد أخطأ؛ لأن الآية خبر, والنسخ لا يقع إلا في الأحكام.
2) ومن خصَّ هذه الأحقاب بنوع من العذاب فقد أخطأ؛ لأنه تأويل يخرج عن سياق الآيات.
3) ومن خص الآية بالموحدين العصاة فقد أخطأ؛ لأنه لا يصدق على الموحدين قوله: ﴿إِنَّهُمْ كَانُوا لَا يَرْجُونَ حِسَابًا وَكَذَّبُوا بِآيَاتِنَا كِذَّابًا﴾, (النبأ: 28).

4. أخي الشهاب, وفقك الله للخير.

أبو جاسم
2011-10-13, 11:33 AM
أهلاً أخي الداعي و حمداً لله على سلامتك و جزاكم الله خيراً على هذا الطرح

أنت تقول (( الموحدون الذين اقترفوا آثاما أَكلتْ حسناتهم وزيادة, فيعذبون بقدرها, ثم يدخلون الجنة. وقد روى أنس رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه و سلم قوله: «يَدْخُلُ أُنَاسٌ جَهَنَّمَ فَإِذَا صَارُوا حُمَمًا اخْرُجُوا فَأُدْخِلُوا الْجَنَّةَ، فَيَقُولُ أَهْلُ الْجَنَّةِ: مَنْ هَؤُلَاءِ؟ فَيُقَالُ: هَؤُلَاءِ الْجَهَنَّمِيُّونَ», رواه أحمد. وهم يخرجون بشفاعة نبي الرحمة محمد. ))

الصواب أخي الكريم أن خروج عصاة الموحدين من النار ليس بشفاعة سيدنا محمد صلى الله عليه و سلم فحسب بل يشترك معه فيها كذلك الملائكة و الأنبياء والمؤمنون ، كما و يخرج منها كذلك عتقاء الرحمن الذين يخرجهم الله بمنّه و فضله .

(( فَيَقُولُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ شَفَعَتِ الْمَلاَئِكَةُ وَشَفَعَ النَّبِيُّونَ وَشَفَعَ الْمُؤْمِنُونَ وَلَمْ يَبْقَ إِلاَّ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ فَيَقْبِضُ قَبْضَةً مِنَ النَّارِ فَيُخْرِجُ مِنْهَا قَوْمًا لَمْ يَعْمَلُوا خَيْرًا قَطُّ قَدْ عَادُوا حُمَمًا فَيُلْقِيهِمْ فِى نَهْرٍ فِى أَفْوَاهِ الْجَنَّةِ يُقَالُ لَهُ نَهْرُ الْحَيَاةِ فَيَخْرُجُونَ كَمَا تَخْرُجُ الْحِبَّةُ فِى حَمِيلِ السَّيْلِ ))

رواه الإمام مسلم في صحيحه و هذا جزء من الحديث للدلالة على المطلوب

الداعي
2011-10-13, 12:15 PM
أبا جاسم, تحية طيبة, وبعد:

1. قولي هذا: (وهم يخرجون بشفاعة نبي الرحمة محمد) يستند إلى ما رواه عمران بن حصين t عن النبي e أنه يقول: «يَخْرُجُ قَوْمٌ مِنَ النَّارِ بِشَفَاعَةِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَيَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ يُسَمَّوْنَ الْجَهَنَّمِيِّينَ», رواه البخاري.
2. أما الجزء الذي استدللت به على ما قلت, أي: «شَفَعَتِ الْمَلاَئِكَةُ وَشَفَعَ النَّبِيُّونَ وَشَفَعَ الْمُؤْمِنُونَ», فإنَّه يدل على أن المذكورين قد شفعوا وأخذوا ما يريدون, ودليله ما بعده: «وَلَمْ يَبْقَ إِلاَّ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ فَيَقْبِضُ قَبْضَةً مِنَ النَّارِ...», فهم يخرجون بقبض الله رحمة منه وفضلا.
3. أبا جاسم, لو وضعت حديثي إلى حديثك, فإنَّنا نخرج بفهم لطيف, ألا وهو: (الجهنميون)؛ قسم منهم يخرج بشفاعة النبي محمد, وقسم منهم يخرج برحمة الله وحده. والله الموفق.

الداعي
2011-10-13, 12:18 PM
الاستفسار رقم: (2):


النسخ لماذا لا يكون تناقضا, مثل: ﴿كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِنْ تَرَكَ خَيْرًا الْوَصِيَّةُ...﴾, (البقرة: 180), وبين الحديث: «لَا وَصِيَّةَ لِوَارِثٍ», رواه الشافعي؟ وكذلك, النسخ حكما و تلاوة, ألا يؤسس لعقيدة البداء لله بأن الله يغير رأيه؟


الرد يكون كالآتي:


1. بادئ ذي بدء, يجب التنويه إلى أنَّ مثالك خطأ؛ ذلك أن الآية لم تنسخ بالحديث, بل نسخت بآيات المواريث: ﴿يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ...﴾, (النساء: 11_12).
2. ثمَّ إنَّ النسخ من حيث واقعه التشريعي أمر لا يَصْدُق عليه التناقض, ومن حيث واقعه التطبيقي قد يكون الحكم الناسخ:
- مناقضًا للمنسوخ, نحو:«قَدْ كُنْتُ قَدْ نَهَيْتُكُمْ عَنْ زِيَارَةِ الْقُبُورِ, أَلَا فَزُورُوهَا», رواه الحاكم.
- أو مغايرًا له, نحو: ﴿قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ﴾, (البقرة: 145). والكعبة مغايرة لقبة الصخرة.
- أو رافعًا له, نحو: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَاجَيْتُمُ الرَّسُولَ فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَةً ذَلِكَ خَيْرٌ لَكُمْ وَأَطْهَرُ فَإِنْ لَمْ تَجِدُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ * أَأَشْفَقْتُمْ أَنْ تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَاتٍ فَإِذْ لَمْ تَفْعَلُوا وَتَابَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ فَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ﴾, (المجادلة: 13). فالآية الثانية لغت الحكم في الآية الأولى, وهو: تقديم صدقة عند مناجاة الرسولe.
3. النسخ ليس نقصًا أو خللا في شرع الله, بل إنَّ الله يعقب بعد تبيانه مشروعية النسخ بقوله: ﴿أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ﴾, (البقرة: 106). وليس في النسخ ما يتوهم منه البداء؛ لأن النسخ كله لحكمة, وما كان لحكمة فهو يدل على قدرة, وليس على نقص. فتأمل.

أبو جاسم
2011-10-13, 01:11 PM
حياكم الله أخي الداعي

بصراحة ما أستغربه منك هو عدم اقرارك أن عبارتك كانت قاصرة بأن حصرت الشفاعة لعصاة الموحدين في الرسول صلى الله عليه و سلم مع دلالة الأحاديث بمجموعها على أن هذا الأمر يشترك معه فيه الملائكة و الأنبياء و أهل الإيمان .

تقول ((قولي هذا: (وهم يخرجون بشفاعة نبي الرحمة محمد) يستند إلى ما رواه عمران بن حصين t عن النبي e أنه يقول: «يَخْرُجُ قَوْمٌ مِنَ النَّارِ بِشَفَاعَةِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَيَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ يُسَمَّوْنَ الْجَهَنَّمِيِّينَ», رواه البخاري. ))

بل كلامك لم يكن يستند إلى حديث عمران بن حصين رضي الله عنه و الذي كنت أتوقع أن تبرر كلامك بالاستناد إليه و قد كان .
كلامك أخي العزيز كان يستند إلى الحديث الذي في مسند الإمام أحمد و الذي ذكرته بنفسك و ذلك بقولك (( الموحدون الذين اقترفوا آثاما أَكلتْ حسناتهم وزيادة, فيعذبون بقدرها, ثم يدخلون الجنة. وقد روى أنس t عن النبي e قوله: «يَدْخُلُ أُنَاسٌ جَهَنَّمَ فَإِذَا صَارُوا حُمَمًا اخْرُجُوا فَأُدْخِلُوا الْجَنَّةَ، فَيَقُولُ أَهْلُ الْجَنَّةِ: مَنْ هَؤُلَاءِ؟ فَيُقَالُ: هَؤُلَاءِ الْجَهَنَّمِيُّونَ», رواه أحمد. وهم يخرجون بشفاعة نبي الرحمة محمد. ))

لو كان مستندك حديث عمران بن حصين الذي رواه الإمام البخاري لوضعته هو أول مرة بدلاً من حديث مسند الإمام أحمد .
هب أن مستندك هو حديث عمران بن حصين فهل هذا يبطل شفاعة الملائكة و الأنبياء و أهل الإيمان في عصاة الموحدين والثابتة بالنصوص الصريحة أيضاً ؟؟؟ أم يجعلنا نجمع الأحاديث مع بعضها فنثبت الشفاعة للملائكة و الأنبياء و للمؤمنين كما نثبتها لسيدي رسول الله صلى الله عليه و سلم صاحب المقام المحمود و الشفاعة الكبرى ؟؟؟؟؟

أنت تقول (( . أما الجزء الذي استدللت به على ما قلت, أي: «شَفَعَتِ الْمَلاَئِكَةُ وَشَفَعَ النَّبِيُّونَ وَشَفَعَ الْمُؤْمِنُونَ», فإنَّه يدل على أن المذكورين قد شفعوا وأخذوا ما يريدون, ودليله ما بعده: «وَلَمْ يَبْقَ إِلاَّ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ فَيَقْبِضُ قَبْضَةً مِنَ النَّارِ...», فهم يخرجون بقبض الله رحمة منه وفضلا. ))

لا أدري ما تقصد بالضبط بقولك ((فإنَّه يدل على أن المذكورين قد شفعوا وأخذوا ما يريدون )) و لكن إن كنت تقصد أن هذه الشفاعة تتعلق بشئ لا علاقة له بعصاة الموحدين فهذا باطل بنص الحديث نفسه الذي دل على أن هذه الشفاعة لعصاة الموحدين .

(( وَحَدَّثَنِى سُوَيْدُ بْنُ سَعِيدٍ قَالَ حَدَّثَنِى حَفْصُ بْنُ مَيْسَرَةَ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ عَنْ أَبِى سَعِيدٍ الْخُدْرِىِّ أَنَّ نَاسًا فِى زَمَنِ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ هَلْ نَرَى رَبَّنَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « نَعَمْ ». قَالَ « هَلْ تُضَارُّونَ فِى رُؤْيَةِ الشَّمْسِ بِالظَّهِيرَةِ صَحْوًا لَيْسَ مَعَهَا سَحَابٌ وَهَلْ تُضَارُّونَ فِى رُؤْيَةِ الْقَمَرِ لَيْلَةَ الْبَدْرِ صَحْوًا لَيْسَ فِيهَا سَحَابٌ ». قَالُوا لاَ يَا رَسُولَ اللَّهِ. قَالَ « مَا تُضَارُّونَ فِى رُؤْيَةِ اللَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِلاَّ كَمَا تُضَارُّونَ فِى رُؤْيَةِ أَحَدِهِمَا إِذَا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ أَذَّنَ مُؤَذِّنٌ لِيَتَّبِعْ كُلُّ أُمَّةٍ مَا كَانَتْ تَعْبُدُ. فَلاَ يَبْقَى أَحَدٌ كَانَ يَعْبُدُ غَيْرَ اللَّهِ سُبْحَانَهُ مِنَ الأَصْنَامِ وَالأَنْصَابِ إِلاَّ يَتَسَاقَطُونَ فِى النَّارِ حَتَّى إِذَا لَمْ يَبْقَ إِلاَّ مَنْ كَانَ يَعْبُدُ اللَّهَ مِنْ بَرٍّ وَفَاجِرٍ وَغُبَّرِ أَهْلِ الْكِتَابِ فَيُدْعَى الْيَهُودُ فَيُقَالُ لَهُمْ مَا كُنْتُمْ تَعْبُدُونَ قَالُوا كُنَّا نَعْبُدُ عُزَيْرَ ابْنَ اللَّهِ. فَيُقَالُ كَذَبْتُمْ مَا اتَّخَذَ اللَّهُ مِنْ صَاحِبَةٍ وَلاَ وَلَدٍ فَمَاذَا تَبْغُونَ قَالُوا عَطِشْنَا يَا رَبَّنَا فَاسْقِنَا. فَيُشَارُ إِلَيْهِمْ أَلاَ تَرِدُونَ فَيُحْشَرُونَ إِلَى النَّارِ كَأَنَّهَا سَرَابٌ يَحْطِمُ بَعْضُهَا بَعْضًا فَيَتَسَاقَطُونَ فِى النَّارِ. ثُمَّ يُدْعَى النَّصَارَى فَيُقَالُ لَهُمْ مَا كُنْتُمْ تَعْبُدُونَ قَالُوا كُنَّا نَعْبُدُ الْمَسِيحَ ابْنَ اللَّهِ. فَيُقَالُ لَهُمْ كَذَبْتُمْ. مَا اتَّخَذَ اللَّهُ مِنْ صَاحِبَةٍ وَلاَ وَلَدٍ. فَيُقَالُ لَهُمْ مَاذَا تَبْغُونَ فَيَقُولُونَ عَطِشْنَا يَا رَبَّنَا فَاسْقِنَا. - قَالَ - فَيُشَارُ إِلَيْهِمْ أَلاَ تَرِدُونَ فَيُحْشَرُونَ إِلَى جَهَنَّمَ كَأَنَّهَا سَرَابٌ يَحْطِمُ بَعْضُهَا بَعْضًا فَيَتَسَاقَطُونَ فِى النَّارِ حَتَّى إِذَا لَمْ يَبْقَ إِلاَّ مَنْ كَانَ يَعْبُدُ اللَّهَ تَعَالَى مِنْ بَرٍّ وَفَاجِرٍ أَتَاهُمْ رَبُّ الْعَالَمِينَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى فِى أَدْنَى صُورَةٍ مِنَ الَّتِى رَأَوْهُ فِيهَا.
قَالَ فَمَا تَنْتَظِرُونَ تَتْبَعُ كُلُّ أُمَّةٍ مَا كَانَتْ تَعْبُدُ. قَالُوا يَا رَبَّنَا فَارَقْنَا النَّاسَ فِى الدُّنْيَا أَفْقَرَ مَا كُنَّا إِلَيْهِمْ وَلَمْ نُصَاحِبْهُمْ. فَيَقُولُ أَنَا رَبُّكُمْ. فَيَقُولُونَ نَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْكَ لاَ نُشْرِكُ بِاللَّهِ شَيْئًا - مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلاَثًا - حَتَّى إِنَّ بَعْضَهُمْ لَيَكَادُ أَنْ يَنْقَلِبَ. فَيَقُولُ هَلْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُ آيَةٌ فَتَعْرِفُونَهُ بِهَا فَيَقُولُونَ نَعَمْ. فَيُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ فَلاَ يَبْقَى مَنْ كَانَ يَسْجُدُ لِلَّهِ مِنْ تِلْقَاءِ نَفْسِهِ إِلاَّ أَذِنَ اللَّهُ لَهُ بِالسُّجُودِ وَلاَ يَبْقَى مَنْ كَانَ يَسْجُدُ اتِّقَاءً وَرِيَاءً إِلاَّ جَعَلَ اللَّهُ ظَهْرَهُ طَبَقَةً وَاحِدَةً كُلَّمَا أَرَادَ أَنْ يَسْجُدَ خَرَّ عَلَى قَفَاهُ. ثُمَّ يَرْفَعُونَ رُءُوسَهُمْ وَقَدْ تَحَوَّلَ فِى صُورَتِهِ الَّتِى رَأَوْهُ فِيهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ فَقَالَ أَنَا رَبُّكُمْ. فَيَقُولُونَ أَنْتَ رَبُّنَا. ثُمَّ يُضْرَبُ الْجِسْرُ عَلَى جَهَنَّمَ وَتَحِلُّ الشَّفَاعَةُ وَيَقُولُونَ اللَّهُمَّ سَلِّمْ سَلِّمْ ». قِيلَ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَمَا الْجِسْرُ قَالَ « دَحْضٌ مَزِلَّةٌ. فِيهِ خَطَاطِيفُ وَكَلاَلِيبُ وَحَسَكٌ تَكُونُ بِنَجْدٍ فِيهَا شُوَيْكَةٌ يُقَالُ لَهَا السَّعْدَانُ فَيَمُرُّ الْمُؤْمِنُونَ كَطَرْفِ الْعَيْنِ وَكَالْبَرْقِ وَكَالرِّيحِ وَكَالطَّيْرِ وَكَأَجَاوِيدِ الْخَيْلِ وَالرِّكَابِ فَنَاجٍ مُسَلَّمٌ وَمَخْدُوشٌ مُرْسَلٌ وَمَكْدُوسٌ فِى نَارِ جَهَنَّمَ. حَتَّى إِذَا خَلَصَ الْمُؤْمِنُونَ مِنَ النَّارِ فَوَالَّذِى نَفْسِى بِيَدِهِ مَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ بِأَشَدَّ مُنَاشَدَةً لِلَّهِ فِى اسْتِقْصَاءِ الْحَقِّ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ لِلَّهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ لإِخْوَانِهِمُ الَّذِينَ فِى النَّارِ يَقُولُونَ رَبَّنَا كَانُوا يَصُومُونَ مَعَنَا وَيُصَلُّونَ وَيَحُجُّونَ. فَيُقَالُ لَهُمْ أَخْرِجُوا مَنْ عَرَفْتُمْ. فَتُحَرَّمُ صُوَرُهُمْ عَلَى النَّارِ فَيُخْرِجُونَ خَلْقًا كَثيرًا قَدْ أَخَذَتِ النَّارُ إِلَى نِصْفِ سَاقَيْهِ وَإِلَى رُكْبَتَيْهِ ثُمَّ يَقُولُونَ رَبَّنَا مَا بَقِىَ فِيهَا أَحَدٌ مِمَّنْ أَمَرْتَنَا بِهِ. فَيَقُولُ ارْجِعُوا فَمَنْ وَجَدْتُمْ فِى قَلْبِهِ مِثْقَالَ دِينَارٍ مِنْ خَيْرٍ فَأَخْرِجُوهُ. فَيُخْرِجُونَ خَلْقًا كَثِيرًا ثُمَّ يَقُولُونَ رَبَّنَا لَمْ نَذَرْ فِيهَا أَحَدًا مِمَّنْ أَمَرْتَنَا. ثُمَّ يَقُولُ ارْجِعُوا فَمَنْ وَجَدْتُمْ فِى قَلْبِهِ مِثْقَالَ نِصْفِ دِينَارٍ مِنْ خَيْرٍ فَأَخْرِجُوهُ. فَيُخْرِجُونَ خَلْقًا كَثِيرًا ثُمَّ يَقُولُونَ رَبَّنَا لَمْ نَذَرْ فِيهَا مِمَّنْ أَمَرْتَنَا أَحَدًا. ثُمَّ يَقُولُ ارْجِعُوا فَمَنْ وَجَدْتُمْ فِى قَلْبِهِ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ مِنْ خَيْرٍ فَأَخْرِجُوهُ. فَيُخْرِجُونَ خَلْقًا كَثِيرًا ثُمَّ يَقُولُونَ رَبَّنَا لَمْ نَذَرْ فِيهَا خَيْرًا ». وَكَانَ أَبُو سَعِيدٍ الْخُدْرِىُّ يَقُولُ إِنْ لَمْ تُصَدِّقُونِى بِهَذَا الْحَدِيثِ فَاقْرَءُوا إِنْ شِئْتُمْ (إِنَّ اللَّهَ لاَ يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ وَإِنْ تَكُ حَسَنَةً يُضَاعِفْهَا وَيُؤْتِ مِنْ لَدُنْهُ أَجْرًا عَظِيمًا) « فَيَقُولُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ شَفَعَتِ الْمَلاَئِكَةُ وَشَفَعَ النَّبِيُّونَ وَشَفَعَ الْمُؤْمِنُونَ وَلَمْ يَبْقَ إِلاَّ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ فَيَقْبِضُ قَبْضَةً مِنَ النَّارِ فَيُخْرِجُ مِنْهَا قَوْمًا لَمْ يَعْمَلُوا خَيْرًا قَطُّ قَدْ عَادُوا حُمَمًا فَيُلْقِيهِمْ فِى نَهْرٍ فِى أَفْوَاهِ الْجَنَّةِ يُقَالُ لَهُ نَهْرُ الْحَيَاةِ فَيَخْرُجُونَ كَمَا تَخْرُجُ الْحِبَّةُ فِى حَمِيلِ السَّيْلِ أَلاَ تَرَوْنَهَا تَكُونُ إِلَى الْحَجَرِ أَوْ إِلَى الشَّجَرِ مَا يَكُونُ إِلَى الشَّمْسِ أُصَيْفِرُ وَأُخَيْضِرُ وَمَا يَكُونُ مِنْهَا إِلَى الظِّلِّ يَكُونُ أَبْيَضَ ». فَقَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ كَأَنَّكَ كُنْتَ تَرْعَى بِالْبَادِيَةِ قَالَ « فَيَخْرُجُونَ كَاللُّؤْلُؤِ فِى رِقَابِهِمُ الْخَوَاتِمُ يَعْرِفُهُمْ أَهْلُ الْجَنَّةِ هَؤُلاَءِ عُتَقَاءُ اللَّهِ الَّذِينَ أَدْخَلَهُمُ اللَّهُ الْجَنَّةَ بِغَيْرِ عَمَلٍ عَمِلُوهُ وَلاَ خَيْرٍ قَدَّمُوهُ ثُمَّ يَقُولُ ادْخُلُوا الْجَنَّةَ فَمَا رَأَيْتُمُوهُ فَهُوَ لَكُمْ.
فَيَقُولُونَ رَبَّنَا أَعْطَيْتَنَا مَا لَمْ تُعْطِ أَحَدًا مِنَ الْعَالَمِينَ. فَيَقُولُ لَكُمْ عِنْدِى أَفْضَلُ مِنْ هَذَا فَيَقُولُونَ يَا رَبَّنَا أَىُّ شَىْءٍ أَفْضَلُ مِنْ هَذَا. فَيَقُولُ رِضَاىَ فَلاَ أَسْخَطُ عَلَيْكُمْ بَعْدَهُ أَبَدًا ». )) رواه الإمام مسلم في صحيحه .

و يؤكد هذا أيضاً ما رواه الإمام أحمد في مسنده من طريق أبي بكرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه و سلم أنه قال (( يحمل الناس على الصراط يوم القيامة فتقادع بهم جنبة الصراط تقادع الفراش في النار قال فينجى الله تبارك وتعالى برحمته من يشاء قال ثم يؤذن للملائكة والنبيين والشهداء أن يشفعوا فيشفعون ويخرجون ويشفعون ويخرجون ويشفعون ويخرجون وزاد عفان مرة فقال أيضا ويشفعون ويخرجون من كان في قلبه ما يزن ذرة من إيمان )) حسنّه الشيخ شعيب الأرناؤوط

أما ما اعتبرته دليلاً بقولك (( ودليله ما بعده: «وَلَمْ يَبْقَ إِلاَّ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ فَيَقْبِضُ قَبْضَةً مِنَ النَّارِ...», فهم يخرجون بقبض الله رحمة منه وفضلا. )) فكلامك هذا يدل أنك لم تقرأ الحديث الذي رواه الإمام مسلم بتمامه فالذين أخرجهم الله رحمةً منه و فضلا هم فئة من عصاة الموحدين و ليس الجميع و صفة هذه الفئة أنهم لم يعملوا خيراً قط (( وَلَمْ يَبْقَ إِلاَّ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ فَيَقْبِضُ قَبْضَةً مِنَ النَّارِ فَيُخْرِجُ مِنْهَا قَوْمًا لَمْ يَعْمَلُوا خَيْرًا قَطُّ ))

و عليه يتبين أن النتيجة التي وصلت إليها في نهاية مشاركتك غير دقيقة أيضاً و ذلك بقولك

(( . أبا جاسم, لو وضعت حديثي إلى حديثك, فإنَّنا نخرج بفهم لطيف, ألا وهو: (الجهنميون)؛ قسم منهم يخرج بشفاعة النبي محمد, وقسم منهم يخرج برحمة الله وحده. والله الموفق. ))

الصواب أن نجمع كافة الأحاديث في الشفاعة لنصل بعدها إلى أن
عصاة الموحدين قسم منهم يخرج بشفاعة الملائكة و قسم يخرج بشفاعة الأنبياء و قسم يخرج بشفاعة المؤمنين و قسم لم يعملوا خيراً قط يخرجوا بفضل الله و منّه .

قال الإمام ابن أبي العز الحنفي في شرحه للعقيدة الطحاوية
(( النَّوْعُ الثَّامِنُ: شَفَاعَتُهُ فِي أَهْلِ الْكَبَائِرِ مِنْ أُمَّتِهِ، مِمَّنْ دَخَلَ النَّارَ، فَيَخْرُجُونَ مِنْهَا، وَقَدْ تَوَاتَرَتْ بِهَذَا النَّوْعِ الْأَحَادِيثُ. وَقَدْ خَفِيَ عِلْمُ ذَلِكَ عَلَى الْخَوَارِجِ وَالْمُعْتَزِلَةِ، فَخَالَفُوا فِي ذَلِكَ، جَهْلًا مِنْهُمْ بِصِحَّةِ الْأَحَادِيثِ، وَعِنَادًا مِمَّنْ عَلِمَ ذَلِكَ وَاسْتَمَرَّ عَلَى بِدْعَتِهِ. وَهَذِهِ الشَّفَاعَةُ تُشَارِكُهُ فِيهَا الْمَلَائِكَةُ وَالنَّبِيُّونَ وَالْمُؤْمِنُونَ أَيْضًا. وَهَذِهِ الشَّفَاعَةُ تَتَكَرَّرُ مِنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَرْبَعَ مَرَّاتٍ. وَمِنْ أَحَادِيثِ هَذَا النَّوْعِ، حَدِيثُ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «شَفَاعَتِي لِأَهْلِ الْكَبَائِرِ مِنْ أُمَّتِي». رَوَاهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ رَحِمَهُ اللَّهُ. ))