المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : علاج الوسواس



ابن النعمان
2011-12-05, 08:39 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
سبحان الله وبحمده عدد خلقه ورضا نفسه وزنة عرشه ومداد كلماته
اللهم صل على محمد وعلى آله وصحبه وسلم
فصل
فيما يقوله ويفعله من ابتلي بالوسواس وما يستعين به على الوسوسة
روى صالح بن كيسان عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود عن ابن مسعود يرفعه : [ إن للملك الموكل بقلب ابن آدم لمة وللشيطان لمة فلمة الملك إيعاد بالخير وتصديق بالحق ورجاء صالح ثوابه ولمة الشيطان إيعاد بالشر وتكذيب بالحق وقنوط من الخير فإذا وجدتم لمة الملك فاحمدوا الله وسلوه من فضله وإذا وجدتم لمة الشيطان فاستعيذوا بالله فاستغفروه ]
وقال له عثمان بن أبي العاص : يا رسول الله إن الشيطان قد حال بيني وبين صلاتي وقراءتي قال : [ ذاك شيطان يقال له : خنزب فإذا أحسسته فتعوذ بالله منه واتفل عن يسارك ثلاثا ]
وشكى إليه الصحابة أن احدهم يجد في نفسه - يعرض بالشيء - لأن يكون حممة أحب إليه من أن يتكلم به فقال : [ الله أكبر الله أكبر الحمد لله الذي رد كيده إلى الوسوسة ]
وأرشد من بلي بشيء من وسوسة التسلسل في الفاعلين إذا قيل له : هذا الله خلق الخلق فمن خلق الله ؟ أن يقرأ : { هو الأول والآخر والظاهر والباطن وهو بكل شيء عليم } [ الحديد : 13 ]
كذلك قال ابن عباس لأبي زميل سماك بن الوليد الحنفي وقد سأله : ما شيء أجده في صدري ؟ قال : ما هو ؟ قال : قلت : والله لا أتكلم به قال : فقال لي : أشيء من شك ؟ قلت : بلى فقال لي : ما نجا من ذلك أحد حتى أنزل الله عز وجل : { فإن كنت في شك مما أنزلنا إليك فاسأل الذين يقرؤون الكتاب من قبلك } [ يونس : 94 ] قال : فقال لي : فإذا وجدت في نفسك شيئا فقل : { هو الأول والآخر والظاهر والباطن وهو بكل شيء عليم }
فأرشدهم بهذه الآية إلى بطلان التسلسل الباطل ببديهة العقل وأن سلسلة المخلوقات في ابتدائها تنتهي إلى أول ليس قبله شيء كما تغتب كما تنتهي في آخرها إلى آخر ليس بعده شيء كما أن ظهوره هو العلو الذي ليس فوقه شيء وبطونه هو الإحاطة التي لا يكون دونه فيها شيء ولو كان قبله شيء يكون مؤثرا فيه لكان ذلك هو الرب الخلاق ولا بد أن ينتهي الأمر إلى خالق غير مخلوق وغني عن غيره وكل شيء فقير إليه قائم بنفسه وكل شيء قائم به موجود بذاته وكل شيء موجود لا به قديم لا أول له وكل ما سواه فوجوده بعد عدمه باق بذاته وبقاء كل شيء به فهو الأول الذي ليس قبله شيء والآخر الذي ليس بعده شيء الظاهر الذي ليس فوقه شيء والباطن الذي ليس دونه شيء
وقال صلى الله عليه وسلم : [ لا يزال الناس يتساءلون حتى يقول قائلهم : هذا الله خلق الخلق فمن خلق الله ؟ فمن وجد من ذلك شيئا فليستعذ بالله ولينته ] وقد قال تعالى : { وإما ينزغنك من الشيطان نزغ فاستعذ بالله إنه هو السميع العليم } [ فصلت : 36 ]
ولما كان الشيطان على نوعين : نوع يرى عيانا وهو شيطان الإنس ونوع لا يرى وهو شيطان الجن أمر سبحانه وتعالى نبيه صلى الله عليه وسلم أن يكتفي من شر شيطان الإنس بالإعراض عنه والعفو والدفع بالتي هي أحسن ومن شيطان الجن بالاستعاذة بالله منه والعفو وجيع بين النوعين في سورة الأعراف وسورة المؤمنين وسورة فصلت والاستعاذة في القراءة والذكر أبلغ في دفع شر شياطين الجن والعفو والإعراض والدفع بالإحسان أبلغ في دفع شر شياطن الإنس
قال :
( فما هو إلا الاستعاذة ضارعا ... أو الدفع بالحسنى هما خير مطلوب )
( فهذا دواء الداء من شر مايرى ... وذاك دواء الداء من شر محجوب )

ابن النعمان
2011-12-23, 02:08 PM
هناك بالفعل أشياء تحتاج إلى التفكير ومراجعة النفس ولكن هناك أشياء لا تحتاج إلى ذلك ومنها معرفة الخالق والدلالة عليه فالفطرة مفطورة على تلك المعرفة إلى الدرجة التي تجعلها أصل أصيل في الإنسان فالإنسان قبل أن يتسلط عليه الشيطان بوساوسه المعهودة والتي تتكرر بمنهج واحد مع اختلاف الزمان والمكان والأشخاص يكون متقينا تماما من وجود الله ولم يتولد هذا اليقين الفطرى من فراغ فالبعرة تدل على البعير والأثر يدل على المسير وهذا ما نطق به لسان الفطرة عند الأعرابي عندما سُئل عن دليل وجود الله ؟ , فاليقين ليس وليد تكيف او تقليد بل ان الشذوذ لدي الانسان يتمثل فى الإنكار أو الشك مما يجعله يسأل نفسه هذا السؤال كيف ينكر انسان وجود الله او يشك فى وجوده ؟ إلى أن يأتي الشيطان ويحاول العبث في حواشيه الفطرية جالبا له الشك ... تلك المصيبة التى لا يمكن ان تحدث إلا إذا تم التمادي والاسترسال مع المقرر الشيطاني وهنا يأتى دور الإعراض والاستعاذة وهما بحق أفضل علاج وبايجاز ما دام الإنسان معرضا عن وساوس الشيطان فلن يحتاج الى دليل على الوجود لان هذا الدليل مركب داخل حواشيه الا اذا فسدت تلك الحواشى بالتمادى والاسترسال مع تلك الوساوس تلك الوساوس لتى يمكن ان يكون الانسان فى منأى عنها بالاعراض والاستعاذة ولقد اشار القرآن الكريم الى بداهة وجود الله وذلك فى قوله تعالى : (أفى الله شك ) اى : انه لا يتاتى الشك فى وجود الله عند العقول والفطر السليمة .
والمعنى :ايشك فى الله حتى يطلب دليلا على وجوده ؟ واى دليل اصح واظهر من هذا الدليل .
ثم نبه بعد ذلك القرآن الكريم على الدليل لمن يحتاج اليه لضعف عقله أو انطماس فطرته فى قوله : (فاطر السموات والارض ).
فوجود الله اذن اوضح من إن يبرهن عليه واظهر من إن يحتاج الى دليل خارجى , ولذلك لان الشعور الدينى والايمان بخالق الكون ومدبره امر فطرى فى الإنسان .
والى ذلك يشير القرآن الكريم فى قوله تعالى : (فأقم وجهك للدين القيم فطرة الله التى فطر الناس عليها )
ويقول النبى صلى الله عليه وسلم : (كل مولود يولد على الفطرة , فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه ) . (العقيدة فى ضوء الكتاب والسنة – الدكتور صلاح عبد العليم ص23 )
ويقول الامام ابن القيم : ومعلوم إن وجود الرب تعالى اظهر للعقول السليمه والفطر من وجود النهار ومن لم ير ذلك فى عقله وفطرته فليتهمهما ) . (مدارج السالكين 1/23 طبع المنار )
ويستطرد فيقول :
"تأمل حال العالم كله علويه وسفليه بجميع أجزائه تجده شاهدا بإثبات صانعه وفاطره ومليكه فإنكار صانعه وجحده في العقول والفطر بمنزلة إنكار العلم وجحده لا فرق بينهما بل دلالة الخالق على المخلوق والفعال على الفعل والصانع على أحوال المصنوع عند العقول الزكية المشرقة العلوية والفطر الصحيحة أظهر من العكس
فالعارفون أرباب البصائر يستدلون بالله على أفعاله وصنعه إذا استدل الناس بصنعه وأفعاله عليه ولا ريب أنهما طريقان صحيحان كل منهما حق والقرآن مشتمل عليهما" . (المرجع السابق ج1 ص32 )
والواقع انه حين بدأ الرسول صلى الله عليه وسلم , الجهر بدعوته , بعد نحو ثلاث سنوات من الاسرار بها : فأنه صلى الله عليه وسلم , لم يبدأ بأثبات وجود الله , وانما بدأ بالبرهنة على صدقه هو , وتحدى العرب بصدقه , ومن قبل ذلك حين فاجأه الملك ونزل الوحى لم يبدأ الملكاو لم يبدأ الوحى بأثبات وجود الله , وانما بدأ الامر بأ، يقرأ الرسول صلوات الله وسلانه عليه بأسم ربه : (اقرأ باسم ربك الذى خلق ).
ومضى القرن الاول كله ولم يحاول انسان قط : إن يتحدث حديثا عابرا أو مستفيضا عن اثبات وجود الله تعالى .
ومضى اكثر القرن الثانى والمسألة فيما يتعلق بوجود الله لا توضع موضع البحث .
وذلك لان وجود الله انما هو امر بديهى لا ينبغى إن يتحدث فيه المؤمنون نفيا أو اثباتا ولا سلبا أو ايجابا .

ابن النعمان
2012-01-15, 05:50 AM
وعلى العكس من ذلك هناك أشياء لا تحتاج إلى التفكير أو المراجعة لرفضها لكونها قد بلغت الحد في المخالفة والتناقض كالعقيدة المسيحية وما شاكلها ولكن للأسف يأتي التكيف مدعوما بالتقليد ليلعب الدور الذي لعبه الشيطان بالنسبة للفطرة و للإيمان , فكما عبث الشيطان بفطرة الإنسان وجعله يبحث في وجود الله مع عدم وجود داعى لذلك فان التكيف والتقليد سوف يجعلانه يهضم العقائد المشوهة و يثبت عليها ويستحسنها مع عدم وجود اى حافز للاستحسان اوالقبول و الهضم وبالتالى فلن يجد اى مشكلة في عبادة البقر أو السجود للنار والشمس.