المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : اعاجيب الجينات (النسخة المصغرة من الكتاب ....)



ابن النعمان
2012-03-06, 08:35 AM
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
سبحان الله وبحمده عدد خلقه ورضا نفسه وزنة عرشه ومداد كلماته
الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين
اعاجيب الجينات (النسخة المصغرة من الكتاب ....)
الشريط الوراثي كتاب مكون من خمسة مليون صفحة مكتوب فيه بالشفرة الخطة البنائية الكاملة للجسم كله على شكل أوامر مفصلة لتركيب كل خلية وكل بروتين وكل هرمون هذه الأوامر تسمى بالجينات .
فالحين المحمول على dna الموجود بدوره فى نواة الخلية هو الذي يحدد تركيب وهندسة بروتين خميرة معينة , وهو الذي يوجه النمو والتكوين الجيني , وهو الذي يدخل في تفاعلات يكون حصيلتها صفة وراثية معينة وهو الذى يحمل الاوامر للانسجة بالتكوين وللخلايا بالانقسام (حيث تم نقل بعض الجينات من خلايا سرطانية لفار مريض بالسرطان الى فار اخر سليم فظهرت اعراض الورم السرطانى على الفار السليم بعد فترة نتيجة إعطاء جينات الخلايا المعطوبة أوامر للخلايا السليمة لتصبح خلايا سرطانية ) وهو المسئول عن كل العمليات الفسيولوجية والبيوكميائية داخل الجسم الانسانى او الحيوانى وعن ذلك يقول الدكتور مصطفى محمود : "كل عملية تحدث فى الجسم ورائها جين معين فمثلا عندما يتعرض الانسان لجرح لولا ان هناك جين يعطى امر للنف بالعمل لاستمر الانسان فى النزف الى ان يموت" والجين (تكملة لما سبق ) أيضا هو المسئول عن الامراض السرطانية نشاة وانتشارا (حيث يعطى الجين امر للخلاية السرطانية بالتكاثر والانقسام وتستقبل الخلايا هذه الاوامر من خلال مستقبلات خاصة على جدار الخارجى وتنفذها لتكون النتيجة ورم سرطانى ولذلك فان تعطيل هذه المستقبلات أو شل حركتها و وقفها عن العمل يكبح من انتشار المرض واذا كانت هناك جينات تسبب السرطان فهناك ايضا جينات تكبحه وتمنع انتشاره ولقد توصلت لذلك احدى العالمات المصابة بالسرطان عندما بحثت عن تعليلا لانتشار بعض الأورام السرطانية بسرعة وعدم انتشار البعض الآخر يساعدها في إيجاد علاج لحالتها فبحثت لتكتشف بالفعل أن هناك جين سمته NN23 يوجد فى بعض الفطريات (الفطر الهلامى)إذا نشط هذا الجين يمنع انتشار الورم السرطاني بينما عند خموله يحدث العكس كما ورد في حلقة الجينات للدكتور مصطفى محمود) والجين ايضا هو المسئول عن الامراض الوراثية وهو المسئول عن العيوب الخلقية وهو ... وهو ...... الخ .
سواء كان زوج من الجينات او اكثر
ففى بعض الأحيان يتداخل أكثر من زوج من الجينات من خلال تناسق وتكامل معجز لإظهار صفة معينة
فهل الحين مهندس يخطط ويوجه ويحدد كيفية سير خطة معينة ؟
لو كان هو المخطط لقلنا انه ابرع مهندس وأبدع موجه .
أم أن هناك قوة موجهة ومخططة ومهندسة لهذا النظام الوراثي وما الحين إلا وسيلة توجيه وهندسة لإظهار تأثير صفة القوة المسيطرة ؟
نبدأ القصة من اولها
قدر العلماء أن عدد الجينات في الإنسان يبلغ حوالي 38 ألف جين . وهى توجد فى الكروموسومات على شكل تجمعات منفصلة (حيث أن كل كروموسوم (يحمل على صفحته) الجينات مقسم لفواصل محددة هذه الفواصل تفصل بين القواعد النيتروجينية التي يبلغ عددها كما قلنا 3,1 مليار زوج كل فاصل يحتوى على عدد من الجينات يبلغ تقريبا 100 جين) وكل جين بدوره يتكون من مجموعة من الشفيرات الوراثية أو الكودونات التي تكون على هيئة تتابع معين من القواعد مسئول عن صفة معينة ويدرك العلماء أن الجينات في أية خلية في الجسم ليست كلها نشطه في جميع الأوقات ، فقد تنشط بعض الجينات فى فترة ما ثم تدخل في مرحلة عدم نشاط .
كما توصلوا إلى أن هناك جينات لا تعمل في بعض خلايا الجسم بينما تعمل في خلايا أخرى . فمثلا الجينات المسؤوله عن تكوين إنزيم الببسين تكون نشطه في خلايا بطانة المعدة حيث أن إفراز إنزيم الببسين ضروري لهضم البروتينات في المعدة ، بينما هذه الجينات تجدها خامدة في باقي خلايا الجسم . كذلك فإن جينات إنتاج هرمون الأنسولين تكون نشطه في خلايا بيتا في جزر لانجرهانز في البنكرياس ، حيث أن هذه الخلايا هي التي تفرز هذا الهرمون الضروري للتعامل مع سكر الجلوكوز في الدم ، بينما نجد أن هذه الجينات خامدة في باقي خلايا الجسم وهكذا . كما ان العلماء لم يجدوا علي مستوي الشخص الواحد اختلافاً في تركيب المادة الوراثية فى الشريط الوراثى فكتاب الحياة الموجودة في خلية العين هي نفسها الموجودة بنفس التركيب في خلية القلب مثلاً أو العضلات أو الدم ولكن الإعجاز الإلهي يتجلي فيما شاهده العلماء حيث وجدوا جينات تكوين الدم موجودة علي كتاب حياة خلايا العين ولكنها متوقفة ولا تعمل في العين وتعمل في الدم فقط باختصار شديد إعجاز إلهي خارق! يمكن أن نضم له حلقات أخرى عندما نعلم بان العلماء قد أدركوا ايضا أن الجينات في أية خلية في الجسم ليست كلها نشطه في جميع الأوقات ، فقد تنشط بعض الجينات في فترة ما ثم تدخل في مرحلة من عدم النشاط . كما يتم تعويق بعض الجينات في بعض اللحظات ويسمح للبعض الآخر بالعمل فمن الذي يعطي أوامر الحظر لبعض الجينات وأوامر السماح للجينات الأخرى مثل هذه الأسئلة يلفها الظلام حتى الآن .
وأخيرا اكتشفوا حقيقة يمكن أن تصيبنا بالذهول :
كل خلايا الكائنات الحية ، سواء منها الإنسان أو الذبابة أو دودة الأرض تمتلك في نواتها جميع الجينات التي تسمح بنمو كائن مشابه من الكائنات الأخرى بغض النظر عن نوعه ولكنها لا تقوم بذلك العمل لكونها في حالة سبات.
والغريب أن من ضمن هذه الجينات الجينات المسببة لمرض السرطان كما نقلنا قبل ذلك عن الدكتور مصطفى محمود في احد حلقاته من برنامج العلم والإيمان و التي تكون خامدة وكامنة وليس لها فعل أو دور في الظروف العادية بينما تنشط في ظل بعض العادات السيئة مثل إدمان التدخين أو إدمان الخمور أو بسبب أشياء أخرى مثل المبيدات و التعرض للإشعاع وإذا كان هناك جينات تسبب مرض السلطان فهناك أيضا جينات تحد من انتشاره وقد تم اكتشاف بعضها.
والجين عند نشاطه يتم نسخه إلى حمض RNA، وعلى ذلك فإن حمض DNA في نواة الخلية لا يتم نسخه باستمرار ولكن فقط أجزاء منه هي التي تنسخ وذلك لبعض الوقت .
وبعد ذلك لو علمت أن فريق مشترك من الباحثين البلجيكيين والسويسريين برئاسة البروفيسور (وولتر غيرسرينغ) مدير المختبر البيولوجي الحكومي في جامعة بال بعد أربع سنوات من الأبحاث والتجارب ساهموا في اكتشاف ذبابة تحتوى على أربع عشرة عيناً متموضعة في أماكن مختلفة ، منها على الأجنحة وبعضها على القائمين وأخرى على قرون الاستشعار ، وذلك.
فلن تصاب بالوله أو بالدهشة والاستغراب عندما تعلم أن خلايا الكائنات الحية جميعا ، سواء منها الإنسان أو الذبابة أو دودة الأرض تمتلك في نواتها جميع الجينات التي تسمح بنمو كائن مشابه ، ولكنها لا تقوم بهذا العمل لكونها في حالة سبات.
إذن فالشريط الوراثي (DNA) لا يحمل المعلومات الخاصة فقط بالكائن الذي ينتمي إليه بل يحمل كل المعلومات المتعلقة بالكائنات الأخرى وصفاتها اذن هو كتاب محفوظ يضحد القول بالصدفة أو العشوائية أو التطور لان الكائن الحي لو طور من ذاته مع احتفاظه بأرشيف لصفاته السابقة , فان هذا الأرشيف لن يقتصر على أرشيف واحد , ولكنه سوف يتعدد ويتنوع , لماذا ؟ .... لان الكائنات في مسلكها نحو التطور سوف تصل إلى الكثير و الكثير من مفارق الطرق.... يغير فيها كل كائن مساره الوراثي عن مسار الكائنات الأخرى , وبالتالي إذا كان هناك أرشيف واحد لمجموعة من الكائنات كلا منها يكمل مسيرة الآخر , فسوف يكون هناك أراشيف أخرى خاصة بمجموعات أخرى من الكائنات , كل كائن في كل مجموعة منها يكمل مسيرة الكائنات الأخرى من نفس المجموعة وهكذا , وبالتالي لا يمكن أن يكون لدينا أرشيف حيوي واحد مما يعنى أن هذا الأرشيف العام مخلوق بالتوازي مع خلق الكائنات الحية من لدن إرادة عليا
ولنؤكد على ذلك (هناك ارادة عليا) يقول الدكتور مصطفى محمود : "الجين أمره معلق يمكن أن يفعل ويمكن أن لا يفعل يوجد فقد يكون هناك جين سرطاني ولكنه خامل ونائم وليس له تأثير معنى ذلك أن ألجين ليس صانع قدر إنما هو مجرد سبب أو مجرد اقتراحات أو مجرد مسودة أو كروكي ووراء كل سبب مسبب هذا المسبب يشاء أو لا يشاء إذا شاء خلق الأسباب المنشطة للجين اذا شاء تركه خاملا "يَمْحُوا اللَّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتَابِ (39)" الرعد..

ابن النعمان
2012-04-04, 04:53 PM
البصمة الجينية
ثبت للعلماء ان شريط ال DNA يتكون من تتابع متسلسل من القواعد النيتروجينية تعارف العلماء علي أنها أربعة قواعد نيتروجينية يرمز لها بالحروف a.t.c.g وعدد هذه القواعد في الجينوم البشري ما يقارب من 3 مليار زوج من القواعد ومما أدهش العلماء أن هذه القواعد تتشابه في تتابعها بنسبة 99,9 % في كل بني البشر ونسبة الاختلاف لا تزيد علي 1, 0% وهذه النسبة الضئيلة هي التي تفرِّق بين مخلوق وآخر فهذا أسود وذلك أبيض وتلك جميلة والثانية عادية إلي ما لا نهاية من الاختلافات الموجودة بين البشر بحيث لا تجد واحداً يتشابه بها كاملاً مع آخر لدرجة أن هناك بصمة جينية لكل إنسان تميزه عن اى إنسان أخر على وجه الأرض وظهر ذلك عندما تمكن العالم إليك جيفرس بجامعة لستر بالمملكة المتحدة من اكتشاف اختلافات في تتابع الشفرة الوراثية, وقد وجد أن هذه الاختلافات ينفرد بها كل شخص تماما مثل بصمة الإصبع والصوت والعين وغيرها* لذا أطلق عليها بصمة الجينات, باستثناء نوع نادر من التوائم المتطابقة الناشئة عن انقسام بويضة مخصبة واحدة, وبحساب نسبة التمييز بين الأشخاص باستخدام بصمة الجينات, وجد أن هذه النسبة تصل إلي حوالي 1 : 300 مليون, أي أنه من بين كل 300 مليون شخص يوجد شخص واحد فقط يحمل نفس بصمة الجينات, وقد وجد أن بصمة الجينات تختلف باختلاف الأنماط الجغرافية للجينات في شعوب العالم, فعلي سبيل المثال يختلف الآسيويون (الجنس الأصفر أو المغولي) عن الأفارقة. وعلي الرغم من مرور وقت قصير علي اكتشاف بصمة الجينات, إلا أنها استطاعت عمل تحول سريع في البحث الأكاديمي إلي العلم التطبيقي, وخصوصا في الحالات التي عجزت وسائل الطب الشرعي التقليدية أن تجد لها حلا مثل: قضايا إثبات البنوة, والاغتصاب, وجرائم السطو, والتعرف علي ضحايا الكوارث

ابن النعمان
2012-04-04, 04:55 PM
العلاقة بين الأفعال والأنماط السلوكية والتصرفات وبين الجينات المرصوصة على الجينوم البشرى
الجينات وحرية الاختيار
يقول الدكتور دسوقي عبد الحليم أستاذ التكنولوجيا الحيوية بمدينة مبارك العلمية :
"ربط الكثير من العلماء بين الأفعال والأنماط السلوكية والتصرفات وبين الجينات المرصوصة على الجينوم (Genome) الخاص بالإنسان، بحيث يشعر الفرد منا بأن ما يكرهه من أفعال تصدر عن نفسه وذاته ما هو إلا قدر محتوم ليس منه فكاك ولا مهرب، فشارب الخمر سيظل شارباً للخمر أبد الدهر والعاق لوالديه سيظل هكذا ولن يتغير، والسبب أن ذلك مكتوب على الجينوم الوراثي. الحقيقة إن هذا الفرض العلمي يتعارض مع ما جاء في القرآن الكريم والسنة المطهرة تعارضاً تاماً، حيث يقول الله تبارك وتعالى عن النفس البشرية (وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا (7) فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا (8) قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا (9) وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا (10)) الشمس 7-10، والمعنى هنا كما يقول المفسرون: أي عرفها طريق الفجور والتقوى، وما تميز به بين رشدها وضلالها، قال ابن عباس: بين لها الخير والشر، والطاعة والمعصية، وعرَّفَها ما تأتي وما تتقى (تفسير ابن كثير)، ومن الآيات التي وردت في هذا المعنى قوله تعالى: (وَهَدَيْنَاهُ النجدين) البلد10، وقوله تبارك تعالى: (إِنَّا هَدَيْنَاهُ السبيل إِمَّا شَاكِراً وَإِمَّا كَفُوراً) الإنسان.
3. إذن وبناءاً على هذه الآيات الكريمات فإن للإنسان في أي وقت من عمره القدرة على الاختيار بين الخير والشر، بين ما ينفع وما يضر، وعليه فالقول بأن ما هو مكتوب على الجينات قدراً محتوماً لا مفر منه إنما هو مجرد فرضية خاطئة ليست لها بالعلم صلة، وتأكيدا لذلك وجب علينا أن نستجلي الحقيقة بدون تعصب وبتجرد علمي وبدون تحيز، ونرى ماذا قالت الأبحاث العلمية الحديثة التي درست العلاقة بين الجينات الوراثية والسلوك والتصرفات الإنسانية عامةً. فمع بزوغ نجم ثورة الهندسة الوراثية والبيولوجيا الجزيئية الحديثة وظهور الجينوم البشري وفك رموز وشفرات جينومات عدد كبير من الكائنات الحية الأخرى، طرح العلماء سؤالاً في غاية الأهمية، هل للجينات علاقة بالسلوك والتصرفات وردود الأفعال البشرية!؟. والسلوك هنا يعني ردود أفعال الإنسان الداخلية أو الخارجية التي تصدر عنه ردا علي منبهات أو مثيرات داخلية أو خارجية. ومن خلال دراسات عديدة أجريت خلال هذا العقد منذ عام 2000 وحتى الآن، تأكد العلماء أن الجينات تدخل بشكل مباشر في تشكيل الحالة النفسية والسلوكية في العديد من الكائنات الحية مثل الإنسان وفئران التجارب وحشرة ذبابة الفاكهة (الدروسوفلا) وغيرها من الكائنات المعملية. وكان السؤال الثاني الذي طرحه العلماء حول هذا الموضوع، كم هو العدد اللازم من الجينات لإعطاء السلوك الكامل أو الشخصية الكاملة للكائن الحي؟. ونظراً لسهولة العمل المعملي والتجريبي على فئران التجارب وصعوبة إن لم يكن استحالة إجراء مثل هذه التجارب على الإنسان، فقد اختيرت الفئران لتكون كلمة السر وحجر الزاوية في الإجابة على هذا التساؤل. وبتحليل الجينوم الكلي لهذه الفئران وجد العلماء أنها تحتوي على 24 ألف جين، كل جين من هذه الجينات له وظيفة محددة، فمنها ما يشغل أجهزة الجسم المختلفة مثل القلب والرئتين والكبد والمعدة وغيرها مما لا حصر له من العمليات البيوكيمائية، وهذه ليس للكائن الحي القدرة على تشغيلها أو إيقافها فهي تعمل رغماً عنه وبدون إرادة منه وسميت بالجينات التكوينية (Constitutive genes)، وجينات أخرى تعمل فقط عند الحاجة وحسب الطلب وتتأثر تأثراً تاماً بالبيئة المحيطة وسميت بالجينات الاختيارية (Facultative genes).
وعندما بحث العلماء عن الجينات التي تشكل السلوك بين هذا الكم الكبير من الجينات، وجدوا أنها من النوع الثاني أي الجينات الاختيارية التي تعمل فقط عند وجود محفز أو مؤثر بيئي خارجي، وكانت المفاجأة أنه وبناءاً على المعادلات الرياضية التي وضعوها للحساب أن وجدوا أن عدد الجينات اللازم لإتمام العمليات والأنماط السلوكية في الفئران يحتاج بالتمام والكمال إلى 80 ألف جين أي ما يقارب أربعة أضعاف القدرة الاستيعابية لجينوم فأر التجارب. وعليه أوصوا بأنه: رغم أن للجينات تأثير مباشر على السلوك إلا انه ليس هناك علاقة خطية بين عدد الجينات الموجودة على الجينوم والسلوك والتصرفات. وأخضع الباحثون هذه المعضلة العلمية للدراسة، وتوصلوا أخيرا إلى أنه ليس هناك حاجة فعلية لعدد كبير من الجينات
- كما افترضت النظريات الرياضية الأولى -، حيث وجد أن الجين الواحد لا يعطي سلوكاً واحداً فقط بل أيضاً يشارك في إعطاء أنماط سلوكيه متنوعة ومختلفة وأطلقوا على هذه الجينات اسم "الجينات متعددة الوظائف" (multifunctional genes)، وبناءاً على ذلك أصبح من السهل القول : أن عدد قليل جداً من الجينات يمكن أن يعطي تنوع سلوكي هائل ومتعدد. وفي دراسة ظهرت نتائجها عام 2006 أجريت على عدد كبير من الناس ولعقود طويلة لتحديد الدور الذي تلعبه الجينات في تشكيل الشخصية الإنسانية، وجد العلماء أنه مع التقدم في السن من 20 إلى 40 فإن الشخصية تميل إلى أن تصبح أكثر وعيا من الناحية العقلية وأكثر استقرارا من الناحية العاطفية، أما بعد سن أل 40 ، فإنها تميل إلى أن تصبح أقل تقبلاً للتجارب والأفكار الجديدة.
كل هذه الصفات قام العلماء بربطها بالجينات والمدهش ما أشارت إليه الدراسة بأن تأثير الجينات على الشخصية يتراجع مع التقدم في السن وأن البيئة تلعب دورا أكبر من الجينات في تشكيل الشخصية في هذه السن، في إشارة للخبرات المتراكمة للشخص، وصدق الله العظيم حين قال عن هذه المرحلة العمرية الحاسمة في عمر أي إنسان (--- حَتَّى إِذَا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَبَلَغَ أَرْبَعِينَ سَنَةً قَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ وَأَصْلِحْ لِي فِي ذُرِّيَّتِي إِنِّي تُبْتُ إِلَيْكَ وَإِنِّي مِنَ الْمُسْلِمِينَ) الأحقاف 15.
وفي دراسة أخرى حديثة يقول الباحث "كارول دويك" أستاذ علم النفس بجامعة ستانفورد الأمريكية: قد تؤثر خبرة بسيطة جداً على الشخصية بحيث يكون لها آثار متلاحقة كنا نظن أنها مستقرة وثابتة بما في ذلك الانبساط، والانفتاح على تجربة جديدة والصمود، وجميعها يعتقد أنها وراثية. وتلا ذلك العديد والعديد من الأبحاث العلمية التي تشير إلى أنه بعيدا عن كون التصرفات والسلوكيات البشرية مجرد مشفرات وراثية في الجينات، فإن الكثير من الأنماط الشخصية تتميز بالمرونة والدينامكية والتغيير المستمر على مدى الحياة وذلك من خلال الخبرات المتراكمة للشخص نفسه. ويقول الدكتورة "دويك" في عدد ديسمبر عام 2008 من دورية (Current Directions in Psychological Science) أنه وجد أن سمات مثل كيفية التعامل، وكيف تتصور نفسك والآخرين، وكيف تتصرف في المواقف اليومية والتي هي بطبعها وراثية ومرتبطة بالجينات إلا أنها قابلة للتغير.
ووجد في دراسته أن أسرة ولدت لهم طفلة خجولة وراثياً وتخاف من المشاركة مع الأطفال الأخريين، ولكن بإتباع والديها برنامجا علمياً صارماً لإشراكها ودمجها في المجتمع لوحظ أنها تخلصت من هذا الخجل تماما عند سن 12 سنة. كما أثبتت التجارب أيضاً أن المعلومات الاجتماعية لها القدرة على تعديل التعبير الجيني داخل المخ بحيث تعدل الطريقة التي يتصرف بها الحيوان، وخلص العلماء إلى أن DNA أو الجينوم أو قل الجينات المتراصة عليه ليست قدراً غير قابل للتغيير ولكن على العكس من ذلك فالجينات تتأثر بخبرات الحياة بشكل كبير ومذهل. ويقول "دويك" في مقالته: ومن المفارقات، فإن الاعتقاد بان الشخصية لا يمكن أن تتغير هو اعتقاد خاطئ، فإذا كنت تعتقد أن ذكائك ثابت فهذا أيضاً أثبت العلماء خطئه فقد وجد أن الذكاء يتأثر سلباً وإيجابا بمدى التحديات التي تواجهك وقدرتك على التعاطي معها، وأوصى "دويك" بأنك إذا غيرت اعتقادك عن نفسك للأفضل فإن جيناتك ستساعدك على ذلك والعكس صحيح.
وفي السنوات الخمس الماضية أصبح هناك اعترافا متزايدا بأن الخبرات المتراكمة قد تبطل عمل بعض الجينات وتنشط البعض الأخر. وخلاصة القول إن القول بأن شخصية الإنسان وتكوينه وسلوكه وتصرفاته قدراً محتوماً، أثبت علم البيولوجيا الجزيئية (Molecular Biology) الحديثة خطأه، وأن مجرد خبرات حياتية بسيطة أو معلومات اجتماعية أو كلمة تسمعها أو موعظة أو نصيحة تتلقها قد تغير تعبيرك الجيني بأكمله فيظهر لك تصرفات وردود أفعال مغايرة تماما لما تعتقد انه ثابت عندك لا يمكن المساس به، وسبحان الخالق الذي أعطاك نوعين من الجينات نوع تكويني يضمن لك حياتك ويحفظ بقائك لا دخل لك في تشغيله ولا يمكنك إيقافه إلا بقتل نفسك، ونوع آخر اختياري لك مطلق الحرية في تشغيله أو إيقافه، ويفتح ويقفل تبعاً للمؤثرات البيئية المحيطة.
ولنا في صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم المثل الأكبر على التغير الجذري في الشخصية الإنسانية من النقيض إلى النقيض، من الشر المحض إلى الخير المحض، من الكفر إلى الإيمان، فها هو عمر ابن الخطاب رضي الله عنه، بمجرد سماعه لآيات كريمات من سورة طه تحول من عدو للإسلام إلى أكبر مدافع عنه، تحول من القسوة والشدة إلى الرقة والرأفة ، ومن الظلم والجور إلى العدل والإحسان.
وسيدنا خالد ابن الوليد وسيدنا عمرو ابن العاص رضي الله عنهم أجمعين تحولوا من رافعي السيف للقضاء على الإسلام إلى رافعي راية الإسلام لكل العالم، والأمثلة على ذلك الكثير والكثير في كل الأماكن والعصور، والقول الفصل إن الجينات ليست قدراً أبداً، وإذا كانت قدراَ لم يكن الله تبارك وتعالى ليحاسبنا على أعمالنا فيجزينا على الخير جنة ويعاقبنا على الشر بالنار، فالإنسان بين الخير والشر مخير فيما يفعل محاسب على ما يختار".
المصادر:
حلقة عن الاعجاز العلمى فى الجينات - زغلول النجار
برنامج العلم والايمان - حلقة عن الجينات - مصطفى محمود
كتاب اسرار علم الجينات - عبد الباسط الجمل
موسوعة الاعجاز العلمى - نسخة الكترونية
http://www.aadd2.com/vb/showthread.php?p=508137 (http://www.aadd2.com/vb/showthread.php?p=508137)