المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : غير المسلم في القرآن + حوار مع الاخت "سوسنة الكنانة" حول الموضوع ..



الورّاق
2013-04-18, 11:13 AM
غير المسلم في القرآن + حوار مع الاخت "سوسنة الكنانة" حول الموضوع ..

غير المسلم في القرآن..


الصراع لا يكون إلا بين الخير والشر, وإذا زاد الخير تَوضَّح الاختيار أكثر, وهذا يحصل على نطاق المجتمعات وفي الفرد نفسه, وكلما أعلنت خيرا بدأ صراعٌ جديد بينه وبين الشر, وطالما أنت حي فأنت في صراع بين الخير والشر, وكل إنسان له حد من الخير يقف عنده, والاختبار تصاعدي حتى يتحدد أين توقفت في اختيارك للخير, قال تعالى : {هم درجات عند الله}, وقال: {وفي ذلك فليتنافس المتنافسون}, ولا أحد يموت إلا وقد توضح إلى أين وصل في حسبة الخير والشر, وعلى هذا الأساس –اختيار الخير- يكون حساب الناس, وليس على أساس اسم الديانة كما يصور البعض, وإلا لماذا الكل يختبَر بالخير والشر مادام بعضهم قد حُكم عليهم بالنار لأنهم غير مسلمين ؟ ولماذا المسلمين يختبرون ماداموا قد أسلموا ؟ والبحث عن الإسلام هو اختبار بحد ذاته , فغير المسلم سيحاسب لماذا لم يبحث عن الحقيقة, والمسلم سيحاسَب لماذا لم يهتم بالإسلام ويطبقه وينشره لغيره ويحسن صورته.

وتلاحظ في القرآن قوله تعالى: {الذين كفروا من أهل الكتاب} أي أنه ليس كلهم كفار, وآية: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالنَّصَارَىٰ وَالصَّابِئِينَ مَنْ آمَنَ بِاللَّـهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَعَمِلَ صَالِحًا فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ} تؤكد الآية أن الحساب على اختيار الخير ماداموا يؤمنون بالله واليوم الآخر وعملوا صالحا, هذا ما نصت عليه الآية بخصوصهم وهم ديانات أخرى مختلفة. والله قال: {والوزن يومئذ الحق} وليس مجرد اعتناق الإسلام من عدمه, لأن هناك من ماتوا قبل الإسلام أو بعثة النبي محمد صلى الله عليه وسلم, وكل أديان الله هي الإسلام, أي الإسلام لله والتحول إلى عبوديته وحده بلا شريك حتى هوى النفس ومصالحها. والله لم يقل أنه لن يدخل للجنة إلا مسلم, و آية {إن الدين عند الله الإسلام} فمن يكون أخلاقيا من أي ديانة فهذه درجة من التسليم والإسلام. والله لا يضيع أجر عامل {وَمَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَىٰ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَـٰئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ يُرْزَقُونَ فِيهَا بِغَيْرِ حِسَابٍ} وتخيل أنك أمام مجموعة من الأعداء احدهم تصرف بنبل وأخلاق وآخر بسوء أخلاق هل ستحكم عليهم بأنهم سواسية؟ بالطبع لا, والله أولى بالأخلاق والعدل, ولو حكمت بعقلك فإن شعورك لا يوافقك, مثل قصة صلاح الدين مع ريتشارد قلب الأسد الذي أرسل له صلاح الدين طبيبه مع أنه عدوه, بينما أرياط أصر صلاح الدين على قتله بيده مع أن صلاح الدين أطلق كل الأسرى وكلهم أعداء, إذن الأخلاق تخترق حواجز العداوات والفواصل العقلية وتصل إلى شعور الإنسان ومصدر قراره وهي السبيل الوحيد للدعوة , فإذا المسلم لم يحترم أخلاق غير المسلمين ويشجعهم عليها فعلى أي أساس يرغبهم؟ وسيكون ما يقدمه ترهيب فقط وتحطيم بأن كل ما يعملوه خطأ حتى لو كان من الأخلاق, وإذا أحبطت الإنسان أخلاقياً فأنت الآن تدفعه لشر أكثر, ولا يمكن أن يكون الخير وحدات منفصلة ولكن يضل لَـبِـنات, وتشجيع الخير يجر إلى خير أكثر, والخير الأكمل هو في الإسلام الأكمل مضمونا قبل الشكل, والخير الذي لديهم مقطع وغير متصل ومع ذلك يبقى أي شيء اسمه خير هو أفضل من الشر على شرط النية الحسنة, لأن شرط الأخلاق نية الخير وهو تعريف الأخلاق, لأن بعضهم يستغل الخير من أجل الشر وهنا يصبح الخير شرا, فأي خير هو يستحق الإشادة خصوصاً إذا وضحت النية , والله لم يقل بأنه سيغفر للمسلمين فقط بل لمن يشاء ويدخل في رحمته من يشاء. الله للجميع ويشكر العمل الطيب من الجميع والمسلمون ليسوا شعبا مختارا, أما من يرون عملهم كسراب بقيعة فهؤلاء نيتهم من العمل لم تكن للخير {.... كسراب بقيعة يحسبه الضمآن ماءا}. {إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء} وهذه الآية لا تتعارض مع شرط التبليغ فالله وضع حد للمغفرة, والله سبحانه قال: {وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا}.


شرفاء العالم ليس لهم مرجعية والواجب أن يكون المسلمون هم مرجعية لشرفاء العالم وينصرون الأخلاق في كل مكان في العالم , فالله يقول {وإذا عزمت فتوكل على الله} لأنك ستقوم بعمل ضد مصالحك, وبذلك يكون الإسلام دين عالمي, والرسول أعجب بحلف الفضول مع أنه جاهلي, وأعجب بكرم حاتم الطائي مع أنه لم يمت مسلما.


الله يقول: {كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر} فمن يعمل معروفا من أي ديانة سيجزيه الله ويكافئه على الخير الذي قصده, فالمسلم يقول للعالم أجمع أن من يعمل خيرا سيجازيه ربنا سواء كان مسلما أو غير مسلم. سفانة بنت حاتم الطائي كانت مع السبي ولما مر الرسول قالت : "إن رأيت أن تخلي عني ولا تشمت بي أحياء العرب فإن أبي كان سيدا في قومه: كان يفك العاني ويقتل الجاني ويحفظ الجار ويحمي الذمار ويفرج عن المكروب ويطعم الطعام ... وما أتاه أحد في حاجة ورده خائبا", فقال النبي محمد من أنت؟ قالت: "أنا بنت حاتم الطائي", فقال: (...خلوا عنها فإن أباها كان يحب مكارم الأخلاق).


الرسول صلى الله عليه وسلم يقول (لقد حضرت حلفا في دار ابن جدعان ... لو دعيت إليه في الإسلام لأجبت), ابن جدعان كان من سادات قريش وكان طيبا وقد جمع من سادات قريش حتى يعاونون من انقطع به الطريق من الحجاج أو احتاج إلى مؤونة, وهو ما يسمى بحلف الفضول.


إذا كانت أعمال الخير من غير المسلمين هباءا منثورا سواء قُصِد بها الخير أو الشر, بهذا الشكل المسلم ليس يكون حاثا على الخير ولا داعيا له, يجب أن تكون العلاقة بين المسلم وغير المسلم عن طريق الأخلاق لأنه عن طريقها تعرف الله, وقرب غير المسلم وبعده يجب أن يقاس بهذا المقياس كما قال صلى الله عليه وسلم : (خياركم في الجاهلية خياركم في الإٍسلام), ولهذا شرعت الزكاة للمؤلفة قلوبهم وهم من في قلوبهم ميل للخير وبالتالي للإٍسلام حتى لو لم يسلموا, أي الإسلام يأمر بالدفع من أموال الزكاة للأخيار المحتاجين من غير المسلمين, وبالتالي دعم المشاريع الخيرية الإنسانية والجمعيات التي تعمل بدافع الخير والرحمة لكل البشر والخالية من التعصب لدين أو عرق, فالمسلمون أولى بدعمها كالجمعيات ذات الجهود الطبية والإسعافية وجمعيات حماية البيئة وحقوق الأطفال والفقراء ...إلخ, لأن كل من يهتم بهذه المجالات يعتبر متألف القلب ويحتاج إلى تشجيع ليكمل مسيرة الخير بإعلان إٍسلامه الحقيقي لله رمز الخير والمكافئ عليه, هذا حتى يرى الناس من غير المسلمين خيرية أمة الإسلام ونكون خير أمة أخرجت للناس, ولن يروا خيرية إذا كنا نرفض مساعدة أي أحد غير مسلم حتى لو كان فيه خير, سينظرون إلينا بمنظار الشر. لا أحد يصفك بالخير حتى يطاله خيرك بشكل مباشر أو غير مباشر, وإلا سيصفك بالشر, وبالتالي سنوصف عند غير المسلمين بشر أمة أخرجت للناس إذا كنا نرفض الخير الذي تعارفت عليه شعوب الأرض, ولا نقدمه إلا لمن هم مثلنا في الهوية فقط حتى لو كان غيرنا بأمس الحاجة. الإسلام دين الخير للجميع وليس دين التعصب.


بهذه الحالة غير المسلم لن يحس بالفاصل الشديد بينه وبين المسلم, والناس تتعارف بالأخلاق , وإذا كنت أخلاقيا سيشعر من هو على غير دينك أنه يعرفك وأنك أنت المتدين حقيقة وبالتالي سيتدين هو, أما إذا قلت له اكسر عاداتك وافعل مثل هؤلاء بدون دافع أخلاقي يحركه سيشعر بالوحشة.


يجب ألا يتعارض الإسلام مع أي أحد إلا مختاري الشر فقط, أما البقية فهم أحباب ما لم يظهروا شرا مقصودا, وهكذا لن يكون هناك إقصاء للآخر, وبالتالي عزلة عن الآخرين, قال تعالى : {لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا إليهم} والحب في الله والكره في الله يكون مع المسلم وغير المسلم, لأن الخير هو طريق الله. إذا اختلطت بالجميع فهذا يصقل إيمانك واختيارك, مثل من يختلط بمن يشربون الخمر ومع ذلك يمنعه إيمانه, وهكذا تكون شخصية المؤمن واثقة من نفسها وليست خائفة من غير المسلم ومنعزلة ومرتمية في أحضان المجموعة طلبا للحماية.


قال تعالى: { ..وَّيُحِبُّونَ أَن يُحْمَدُوا بِمَا لَمْ يَفْعَلُوا فَلَا تَحْسَبَنَّهُم بِمَفَازَةٍ مِّنَ الْعَذَابِ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ}, فمن يحب أن يمدح بشيء لم يعمله فالله يعده بعذاب أليم, ومن ينسب لنفسه الخير لمجرد أنه ولد في بيئة مسلمة فهو ينسب لنفسه الخير مع أنه لم يفعله, وهذا يسبب كبر ويجعل المسلم يظن أنه أفضل من غيره فقط لأنه انتسب للإسلام حتى لو كان غيره أرقى منه أخلاقيا, وهذا يشبه الافتخار بالنسب.


قضية الأخلاق هي المحك, ونية الخير هي لب الأخلاق وليست قوالب الأخلاق. والشعور يعمل بهذا الشيء فأحيانا ترى غير مسلم ومع ذلك مقبول, وآخر كافر كريه.


هكذا ستجد نقطة تلاقي مع المسلم والهندوسي والمسيحي..إلخ, التي هي الأخلاق, التي هي تعطي الأمان وليست الشعارات والأيدولوجيات. ومن خلال الأخلاق يجب أن يكون حوار الأديان والحضارات, وأفضل حوار ما يكون منطلق من الأساسات المتفق عليها {تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم}, والأخلاق هي أساس كل دين بل هي معنى كلمة دين, والأخلاق تكون مع الخالق والمخلوقين والمخلوقات, وكل دين لا يخرج عن هذه المحاور الثلاثة, بمعنى أن الدين أخلاق, لكن الاختلاف في نوع وجودة هذه الأخلاق بين دين وآخر, وهي مدار الحوار المناسب بين الإٍسلام وبقية الأديان والفلسفات, حيث يتفوق الإسلام الحقيقي عليها جميعا في عمق أخلاقيته وواقعيتها وشموليتها وعقلانيتها.


هكذا يكون المؤمنون داعمون لتيار الفضيلة في العالم ومناصرين لشرفاء العالم, فتخيل شخصا غير مسلم يعمل فضيلة ويعلم أن مليارا من المسلمين يقدرون هذا العمل منه ويعدونه بجزاء من ربهم, هذا الشعور بالقبول مهم جدا {أن تبروهم وتقسطوا إليهم}. هكذا سيشعر الآخر بالأمن, لأنه إذا قلنا أن غير المسلم بالنار حتى لو عمل كل الخير هذا سيسبب النفور والخوف.


أما من يحاد الله ورسوله فهو العارف بما يريد الله وليس من لا يعرف, وهو الكافر الحقيقي. فالمسلم الحقيقي يجب أن يكره الشر حتى لو صدر من مسلم , ورسالة اليهودية ليست لليهود فقط وإنما هي للجميع لكنهم احتكروها بتعصب قبلي, ولذلك أرسل الله موسى لفرعون مع أنه مصري , لكن اليهود أغلقوا دينهم عليهم وقالوا بأن الله لهم هم فقط , وانظر إلى القرآن وهو يتكلم عن القساوسة المسيحيين بامتداح وأنهم يبكون عندما سمعوا آيات القرآن مع أنهم لم يسلموا , {قل يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء .. } ففي هذه الحالة نحن على أساس واحد سواء {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالنَّصَارَىٰ وَالصَّابِئِينَ مَنْ آمَنَ بِاللَّـهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَعَمِلَ صَالِحًا فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ } فكل من اختاروا الخير هنا هم على أساس سواء بأن نعبد الله ونعمل صالحاً, وعمل الصالحات هو أخلاق سواء عبادة أو تعامل مع الناس , فالزكاة هي أخلاق وهي في نفس الوقت عبادة. فالتركيز يجب أن يكون على الخير والشر وليس على الطقوس.

=============================================

الحوار :




سوسنة الكنانة:

"مقال جميل ..إذا ما اطّلع القارئ عليه رجا الله تعالى لصاحبه التوفيق لكل خير ..
فجزاك الله خيرا ً ,
وكعادتنا في رجاء أن يفسح صدرك لأي مناقشة أو سؤال .. أطرح ما لدي ّ :
في البدء تصحيح الآية " هم درجات عند ربك " ... " هم درجات عند الله "

قولك : " والله لم يقل أنه لن يدخل للجنة إلا مسلم, و آية {إن الدين عند الله الإسلام} فمن يكون أخلاقيا من أي ديانة فهذه درجة من التسليم والإسلام. والله لا يضيع أجر عامل {وَمَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَىٰ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَـٰئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ يُرْزَقُونَ فِيهَا بِغَيْرِ حِسَابٍ} "

حرّمت الجنة على غير المسلمين تحريما أبديا ً
قال الله تعالى : " إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء " , وفي الحديث القدسي : " يا ابن آدم إنك لو بلغت ذنوبك عنان السماء ثم لقيتني لا تشرك بي شيئا ً غفرت لك على ما كان منك ولا أبالي "
فالمشركين خالدين مخلدين في النار لا يرون ربهم " إنهم يومئذ عن ربّهم لمحجوبون "
والجنة لكل مسلم من أي ديانة , فالشرائع كلها نزلت بتوحيد الله تعالى , فمن أسلم وإن كان عاصيا ً فإنه يدخل الجنة .. لقول الله تعالى في الحديث القدسي : " لأخرجن منها من قال لا إله إلا الله " .. فالعصاة المسلمين يعذبون في جهنم لو لم يتوبوا لكن سيخلدون في الجنة وما عدا ذلك سيخلّدون في نار جهنم
أي نعم سيكون حساب كل واحد مختلف عن الآخر بقدر الخير والشر , فهذا عم النبي عليه السلام أبي طالب رغم أنه مشرك إلا أنه سيخفف عنه العذاب فيكون عذابه أخف عذاب أهل النار وهو جمرتين تحت قدميه تغلي منهما دماغه كما أخبرنا صلى الله عليه وسلم .

وكنت أتمنى ولا أزال يا أستاذنا القدير أن ترجع للتفاسير المعتمدة في تفسير الآيات , وإلا لو أطلق كل واحد منا العنان لعقله في فهم القرآن لفهمه كل واحد خلاف الآخر ولأولناه بهوانا واختلافاتنا .

الآية : " إن الدين عند الله الاسلام " , هو لا غيره سيدخل به صحبه الجنة ,
فالنصارى على ديانتهم الأصلية التي لم تحرف هي نفس شريعة الاسلام وكل الرسل دعت لتوحيد الله
وكذا بني اسرائيل فإن دعوتهم كانت لله وحده
أي نعم الأخلاق نوع من الاسلام والاستسلام ولكنها لا تغنى صاحبها شيئا من العذاب إن لم يؤمن يختلف حسابه ولكنه يخلد في جنهم , ولقد ذكرت في كلامك أننا لو قلنا للمشركين لا فائدة من أخلاقكم لأصبناهم باليأس والنفور ,
لكن الدعوة إنما تكون بالأخلاق وليس بالخطاب الجاف , باستمالة القلوب لا بالخطاف الفظ الغليظ " ولو كنت فظا غليظا لانفضوا من حولك " ... والنبي صلى الله عليه وسلم قال : " إنكم لن تسعوا الناس بأموالكم ..فليسعهم منكم حسن الخلق " والمؤمنون إنما فتحوا الدنيا بأخلاقهم وعلمهم ودينهم"


الرد:
قوله تعالى: {إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء} أي يشرك به عن قصد وإرادة وبعد علم, وإلا لكان القرآن كفر كل غير المسلمين, ولم يقل الذين كفروا من أهل الكتاب, ولما مدح أي أحد من غير أتباع النبي محمد لا سابقا ولا حاضرا, على اعتبار أنهم لا يخلون من الشرك, بل و لأخرجنا مسلمين من الإسلام بحجة أن عندهم أنواع يمكن تأويلها بالشرك, وهكذا لا يبقى إلا القليل. فالشرك كغيره من الأعمال لا يعتبر خطيئة إلا بعد أن يختاره صاحبه اختيارا بعد علم, وكل خطيئة لا يعتد بها إلا بعد علم صاحبها؛ لأن الأعمال بالنيات, وإلا تعتبر خطأ, وهذا هو الفرق بين الخطأ والخطيئة.

حتى المشرك بحاجة إلى تبليغ, كثير من الناس يقعون بالشرك وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا, لهذا قال الله : {تعالوا إلى كلمة سواء} أي على الأساس الخيّر الذي لأجله تدين الإنسان. لكن الكثيرون مع الأسف يبدؤون من الاختلاف ولا يبدؤون من الاتفاق مخالفين هدي القرآن, وهذا ما ينتج الطائفية والعداوات بين أصحاب المبدأ الواحد والدين الواحد. لابد من وجود الاختلاف لكنه ليس هو الأعمق, كلما ذهبنا للعمق وجدنا الاتفاق أكثر. هذا بين المؤمنين من كل المذاهب بل والديانات, أما الإلحاد فالخلاف معه في العمق لأنهم لا يقرون بوجود إله أصلا. وهكذا يعلمنا القرآن أساس التحاور مع غيرنا بألا نبدأ من الاختلافات بل نبدأ من الاتفاقات, والاتفاقات دائما أساسية, إذن هو يعملنا العمق أيضا وعدم السطحية في الحوار. وحتى الملحد نبدأ معه من الاتفاقات الإنسانية والمنطقية والعلمية. كل حوار مثمر هو ما يبدأ من الاتفاقات وكل حوار مدمر هو ما يبدأ من الاختلافات ويهمل الاتفاقات رغم أساسيتها, ويهتم بالاختلافات رغم فرعيتها.

الله ليس ضد الأخيار, الله ضد الأِشرار سواء كانوا من أتباع الإسلام أو من أتباع غيره. وأبو طالب اختار الشرك بعد علم, قال تعالى : {كلا إنها كلمة هو قائلها}, وهو قالها بعد علم ومرافقة للرسول بل رافقه أكثر من كثير من الصحابة, ولم يكن يتفق مع المسلمين, لكن حمية العائلة جعلته يحمي محمد حتى لا يقال بنو هاشم ضيعت ابنها وأسلمته لبطون قريش الأخرى, وهو كبير بني هاشم, وهذا مبدأ جاهلي "انصر أخاك ظالما أو مظلوما", وقال الشاعر: وما أنا إلا من غزية إن غوت***غويت وإن ترشد غزية أرشد" وقال المرتدون من أتباع مسيلمة: "كذاب ربيعة خير من صادق مضر".

وإذا كان أبو طالب عذابه مخفف مع أنه مشرك فهو ضد كلامك, لأن تخفيف العذاب نوع من المغفرة لمشرك, هذا غير النظر إلى هذا التخفيف الذي يغلي منه الدماغ! فإذا كان دماغه يغلي من الألم كيف يعتبر مخففا عذابه؟! حمزة رضي الله عنه لم يكتفي بالحمية بل أعلن إسلامه وبينهما فرق, وإن كان مارس الحمية قبل أن يسلم, عندما شج رأٍس أبي جهل بالقوس لما أُخبِر أنه أهان ابن أخيه محمد, حتى لحظات الموت لم تجعل أبو طالب يغير عبادة الأصنام رغم رجاء النبي له ووعده بالمغفرة, وهذا عناد وإصرار إلى آخر لحظة. وهل إذا أراد الله أن يخفف عذاب أحد يجعل دماغه يغلي من الحرارة؟! ما هكذا كرم الله وتخفيفه, ثم كيف يغلي الدماغ دون أن يحترق الجسم كله؟ قال تعالى: {كلما نضجت جلودهم بدلناهم جلودا غيرها ليذوقوا العذاب} والجلد يغطي كل الجسم والدماغ مرتبط بكل أجزاء الجسم, فإذا كان مصدر الحرارة من إصبعين فقط لن يغلي كل الدماغ! بل الجزء المسؤول عن الحرارة والبرودة في إصبعين فقط, والبقية برد وسلام! والغليان من خواص السوائل, والدماغ ليس بسائل, وإذا غلى الشيء تبخر وذهب. إلا أن تكون على سبيل المجاز تعبيرا عن شدة الألم.

ولماذا يستثنى أبو طالب من قاعدة أن الله لا يغفر أن يشرك به؟ مطعِم بن جبير أجار الرسول بدافع مبدأ الجوار الجاهلي وهو مشرك, فهل سيخفف عنه لقاء إجارته؟ وكثير من الجاهليين خدموا الرسول أو الصحابة بشكل أو بآخر, بينما غير المسلمين لا يخفف عنهم مهما فعلوا من أعمال إنسانية بنية الخير! هذا مبدأ غير منصف, أن يخفف عن مشرك لأنه يتبع عادات قومه في الحمية بينما لا يخفف عن إنسان غير مسلم فعل الخير لذاته وليس لأجل الناس أو العادات والتقاليد, بينما القرآن يقول : {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالنَّصَارَىٰ وَالصَّابِئِينَ مَنْ آمَنَ بِاللَّـهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَعَمِلَ صَالِحًا فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ} فلم يشترط أن يؤمنوا بمحمد وألا يشركوا بالله, بل اشترط الإيمان بالله واليوم الآخر والعمل الصالح, أي العمل الصالح هو الشرط مع الإيمان بالله واليوم الآخر.

والشرك ليس شرطا أن يكون ظاهر ومادي, مجرد إيثار المصالح على الدين ولوي أعناق النصوص لأجل المصلحة يكفي أن يكون شركا, قال تعالى : {أرأيت من اتخذ إلهه هواه}. أي شيءٍ لا يجعل حياة الإنسان لأجل الله هو شرك بعد علم و اختيار, وبالتالي الله هو الأدرى بالمشرك الحقيقي وليس نحن, لأنه قد يكون إنسان في مظهر العابد المهتم بالدين وعلومه وفي داخله مشرك شرك مصلحة وأنانية أو غير ذلك, إذن لا نستطيع أن نحصي المشركين ونحددهم. وهناك حديث يقول "من قال لا إله إلا الله دخل الجنة", والمنافق قال "لا إله إلا الله" فهل تدخله الجنة؟ بينما الله وعده بالدرك الأسفل؟

الدين لا يُفهَم من نص واحد, من مجموع النصوص يتكون مجموع فهم الدين, لذلك لا يكفي الدليل الواحد في الدين, بل تعاضد الأدلة وعدم تنافرها, الدليل الواحد لا يقيم الدين إلا إذا لم تخالفه بقية الأدلة. وهذا ينطبق على كل شيء وليس فقط الدين, إنه هو الحكمة, التي تعني الإحاطة وليست الجزئية. الحكماء هم الأولى بالكلام عن الدين, قال تعالى: {يؤتي الحكمة من يشاء ومن يؤت الحكمة فقد أوتي خيرا كثير}. الحكيم لا يكفيه دليل واحد, فما بالك إذا كانت هنالك أدلة تنافر هذا الدليل وتنازعه؟ حتى لو كان الدليل من القرآن أو الحديث لابد من النظر في الأدلة الأخرى من القرآن والحديث وغيرهما وبدون تعصب, وعدم الحكمة هذا هو التعضية التي ذمها القرآن, قال تعالى : {الذين جعلوا القرآن عضين} أي قطّعوه إلى أدلة مفردة, والشيء إذا قُطِّعت أعضاؤه ذهبت روحه, بل كل تجميع ينتج معنى عام والتفريق يذهب ذلك المعنى, فإذا قلنا "كلية" وبحثنا عنها لا نجد إلا بهو وممرات وغرف وطاولات ومواقف ولوحات وكافتيريا...إلخ, من مجموعها نتج شيء اسمه كلية, إذا فرقناها ضاع ذلك الشيء وبقي كافيتيريا وطاولات..إلخ, كذلك القرآن, مجموعه ينتج معنى وهو الصراط المستقيم وإذا فرقناه صار دعوة لقتال الكفار أو آية مواريث أو قصص عن الأمم السابقة أو منسوخا لا قيمة واقعية له ومتشابها لا يجوز الخوض فيه..وهكذا تتبدد قوة المجموع وروحه, لهذا الله خاطب المؤمنين كمجموع وقال: {ولا تفرقوا فتذهب ريحكم} مع أنهم هم هم مجتمعين أو متفرقين, إذن اجتماع الأشياء مع بعضها ينتج معنى جديد وقوة لا تملكه المفردات, ومنه سمي المجتمع مجتمع وإلا فهو غير موجود.

إذن لا يصلح أن نستعمل النصوص كمفردات بل كمجموع, حتى لو في قضية مفردة, وهذا لعمري من أصول الفقه الحقيقية والأساسية التي يجب أن تؤخذ بالحسبان, بل هي أًصل أصول الفقه والباقي فروع, لأنها تنطلق من مضمون الضم وأي ترابط ينتج مضمونا وروحا, والإسلام عبارة عن ضم وليس تفريق ونصوصا متفرقة بأيها ضربت أصبت, بل إن التجزئة قد تعكس المضمون العام "ما قال ربك ويل للؤلى سكروا**لكنه قال ويل للمصلينا" أي عكس المضمون العام! واستشهد بآية مفردة. بل إذا لم يرتبط الرأي الديني بالروح والمضمون العام للدين يحتاج الأمر إلى توقف وإعادة نظر, لأنه انطلاق على غير هدى سببه جزئية التناول ودون استحضار للكل. وما سمي العالِم عالِما إلا لإحاطته ببقية الأدلة ويوازن بينها بالعقل والمنطق السليمين المتفق عليهما, وليس لأنه يأخذ دليلا وينطلق وراءه, هذا يفعله العامي ولا يحتاج إلى عالم. العالم يستعمل الدليل ويبين ارتباطه بالخط العام, ويعالج ما يعترض من تناقض ولا يكتفي بقوله: الحكم كذا لأن الرسول قال كذا وانتهى الأمر. والخط العام مرتبط بالخط العام العقلي والمنطقي والأخلاقي, لأن الدين للإنسان وليس الإنسان للدين, والدين للعقل, قال تعالى: {لأولي الألباب} وليس العقل للدين, فالدين لم يأتي ليحطم العقل بل جاء لينيره وليجلي منطقه.
وإذا لم يكن هذا سيتفرق الدين باختلاف بعضه عن بعض, وتسيطر النصوص الفعلية على النصوص العامة أو الأخلاقية مع وجود التنافر بينها, ويتحول المسلمون إلى شيع كل يؤيد صوتا عاليا قريبا منه, قال تعالى :{ إن الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعا لست منهم في شيء} لاحظي كلمة "فرقوا دينهم" ولم يأخذوه مجتمعا بل اختاروا جزئيات منه وكبروها على حساب غيرها وضيعوا الخط العام للدين, هذا ما ينتج الأحزاب والشيع والمذاهب والنحل: تكبير الجزء على حساب الكل, وهي من آفات العقل البشري الذي يعاني من نقص الحكمة, واستعراض المذاهب والشيع يكشف لنا ذلك, وهي آفة قل من يسلم منها قديما وحديثا إلا من رحم الله ووهبه الحكمة.

إذن أصبحنا نعرف ما هو الصراط المستقيم, الصراط المستقيم هو روح الإسلام والنتيجة الكلية لمجموع النصوص التي جاءت للإنسان العاقل وخطها العام الذي سار عليه الأنبياء, ومن مجموعهم نعرفهم, فالله لم يتحدث عنهم في القرآن عبثا, وأمرنا بالاقتداء بهم جميعا دون تفريق.
وكل شيء لم تحدد روحه هو كيان لم يكتمل وريحه ذاهبة, إذن ما هي روح الإسلام؟ هذا هو السؤال, والروح تُعرَف من المجموع, والإسلام مجموعة نصوص, فهل نأخذها فرادى دون النظر للبقية, أو نجمعها لنفهم روحها وننطلق منها؟

أي مشكلة يجب أن يأتي الإٍسلام كله ليحلها وليس طرفا من أطرافه, مجموع الإسلام هو الذي يحكم في قضية مفردة وليس طرفا منه, حتى تكون النظرة متكاملة وليست مغرقة في الجزئية, ففرع الشجرة فيه كل شيء من الشجرة وإلا لم يكن فرعا منها. إذن لا يكفي أن تقول: قال الله وقال الرسول, وانتهى الأمر, مالم تستحضر كل ما قال الله وقال الرسول وتوازن بينها, هذه هي الحكمة.

الحكمة صعبة والحمق سهل, مثل أن يسمع أحدهم : "من رأى منكم منكرا فليغيره بيده" فيأخذ فأسه وينطلق! ودليله قال رسول الله في حديث صححه البخاري, هذا متبع للنص ستقولين أنه مخطئ, إذن اتباع النص المفرد خطأ, ستقولين لا! تبقى المشكلة عندك إذن.

والجزئية ضد الحكمة وهي التعضية في كل شيء في الدين أو غيره. الحكيم يمسح بنظرة شاملة والأحمق ينطلق وراء أول بادرة ولا يلتفت لغيرها. الحكمة تعني الإحاطة بالنظرة القريبة والبعيدة وملاحظة جميع الأجزاء في وقت واحد, وتعني سعة العقل والخلق, ولا تؤتى الحكمة لمن لا أخلاق له, وعلى قدر اختيار الخير على قدر ما يكبر العقل ويصبح شاملا حكيما, وكلما ضاق حيز اختيار الخير كلما ضاقت الحكمة وبرزت الجزئية والتقيد الحرفي بعد التعضية. غير الحكماء يكفيهم دليل واحد في كل قضية دين أو غير دين, مثل الملاحدة فمجرد ظهور نظرية تكفي للجزم وإهمال كل ما يقوله العقل والإحساس والتاريخ.

ثم أنتي تقولين عليك أن تلتزم بكل ما قاله المفسرون و إلا تكون تابعا للهوى, هذه المعادلة خاطئة بحد ذاتها, ممكن ألا أتبع المفسرين ولا أتبع الهوى, والمفسرون بشر مثلنا ونحن بشر مثلهم ولسنا معصومين وليسوا معصومين من الخطأ, وهم لم يتبعوا مفسرين لأنهم هم المفسرين! فلماذا تنصحينني بما لم تنصحيهم؟! وهل الاجتهاد حلال لهم وحرام على غيرهم؟ وإذا كنت سأنقل كلام المفسرين فكلامهم موجود لماذا إذن أكتب؟ ولماذا سميتيني أستاذ وأنتي ترين أني لا أتبع أحد وأجتهد من خلال النصوص؟ الأجدر أنني لا أستحق هذه الكلمة, وتبقى لمن يتقيدون حرفيا بما قال السابقون. ثم أي المفسرين تريديني أن أتبع؟ لأنهم مختلفون, ستقولين فلان و فلان, على أي أساس حددتِ أنهم الأفضل من المفسرين؟ إذن أنتي تعرفين التفسير أكثر من المفسرين الذين استبعدتيهم والذين رشحتيهم, فلماذا تتقيدين بمن أنت أفضل منه لدرجة التقييم؟ والذي يقيم المتنافسين لابد أن يكون في مستوى أرقى منهم, إذن هو غير محتاج لهم ولا داعي لأن يتبعهم. وإن قلتِ أنك أقل منهم إذن أنت وضعت نفسك في منصب التقييم وهو ليس لك إذن وقعتي في التكبر على العلماء باستبعاد بعضهم وإبقاء بعضهم دون علم, و التكبر هو أن يدعي الإنسان قيمة لا يملكها, والتقييم قيمة بحد ذاتها.




"قولك : " وأفضل حوار ما يكون منطلق من الأساسات المتفق عليها {تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم}, والأخلاق هي أساس كل دين بل هي معنى كلمة دين, " ..

إنني أشد على فكرتك وأتفق معك فيها , بل هو ذاك الحوار الحقيقي والدعوة إلى الله الصحيحة " ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة " . "


شكرا على الاتفاق, لكن كيف سيكون مادامت كل أخلاقهم لا قيمة لها؟ بينما مسلم فاجر أفضل منهم لأنه ولد بين مسلمين وتلقاها بالعادة؟ بل لو قال غيرها لأوذي, فهل الله من عليه وهو فاجر فاسق ومختار للشر؟ بينما الأخيار من ديانات أخرى حكم عليهم بالنار وجعل هذا الفاسق في الجنة؟!

يجب أن نقول لهم أن كل خير تعملونه يقربكم إلى الله, فزيدوا في الخير لكي تعرفوا الله, ومن أراد الخير فهو أراد أن يستقيم والقرآن لمن شاء أن يستقيم.

الحكاية ليست حكاية توزيع ابتسامات على الناس ونقول أننا دعونا بالتي هي أحسن, لا بد من احترام حقيقي لكل خير فيهم وللخير العام, قال صلى الله عليه وسلم (إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق) (خياركم في الجاهلية خياركم في الإسلام). ثم كيف ندعوهم بالحكمة والموعظة الحسنة ونبتسم لهم ونحن نرى أنهم كفرة ونجس ورجس ومجرمين؟! ألا نكون منافقين في هذه الحالة؟ إذن هذه النظرة ليس صحيحا أن تكون شاملة على الجميع, وإلا كيف نبتسم لفسقة يحادون الله ورسوله؟ لابد أن ننظر إلى إنسانيتهم وفطرتهم, والله كرم بني آدم.

الله لم ينزل القرآن بكل اللغات, لكن جعله نبراسا لمن يبحثون عن الخير, وأراد المسلمين أن يكونوا خير أمة, لكنهم لم يكونوا إلا بحالات فردية خاصة, لأنهم اهتموا بالشكل على حساب المضمون والخيرية مضمون وليست شكل, قسموا دينهم إلى خطوط طول ودوائر عرض ولم يأخذوه كل متكامل, والتعضية هي مظنة الهوى وليست الشمولية, والله نهانا عن التعضية فلماذا لا يكون عدم التعضية أصل من أصول الإسلام؟ التعضية تجعل الإسلام أجزاء تستعمل منها ما تشاء متى تشاء بحكم أنه كله من الإسلام وتهمل ما تشاء, وهنا يأتي دور الهوى ليحدد المهم المبرَز وغير المهم المهمَل وكله مِن قال الله قال رسوله, والبقية مدخرة للحاجة, لكن الله يعلم النوايا, والحجة قائمة عند الله على المعضي لأن بقية النصوص عنده.


قولك : " ففي هذه الحالة نحن على أساس واحد سواء {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالنَّصَارَىٰ وَالصَّابِئِينَ مَنْ آمَنَ بِاللَّـهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَعَمِلَ صَالِحًا فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ } "

أي نعم نكون سواء إن كنا مسلمين ويجمعنا الإيمان والعمل الصالح سواء أمام المحاسبة ووزن الأعمال , أما أن نكون سواء مع المشركين فهذا لا يكون بأية حال من الأحوال .. قال تعالى : " أفنجعل المسلمين كالمجرمين " ؟؟؟؟؟؟؟


"المجرمين" لا تنطبق على أي إنسان غير مسلم, وإذا كانوا مسلمين لن يسموا حينها باليهود ولا النصارى ولا الصابئة! المسألة مسألة خير وأساس وكلمة سواء, وليست مسألة فاصل يقال أو لا يقال بغض النظر عن مضمونه, هذه نظرة سياسية وليست نظرة إنسانية, لأن المنافق يقول لا إله إلا الله ويقبله السياسي المسلم, لكن الله توعده بالدرك الأسفل من النار.

الإسلام ليس لكل البشر بل لمن شاء أن يستقيم, إذن لنشجع طالبي الاستقامة ونحمدهم على فعلهم ونطالبهم بالمزيد, من أي دين ومذهب, لأن إسلامهم حينها سيكون على أساس راسخ وليس لمجرد كلمة من قالها دخل الجنة ومن لم يقلها دخل النار, فالمنافق يقولها وهو في الدرك الأسفل..

وشكرا على مشاركتك ومتابعتك ودمت على خير..