المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : تخريج حديث : "أكثر منافقي أمتي قراؤها"



سيل الحق المتدفق
2013-08-25, 01:54 PM
روي من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص ، وعقبة بن عامر ، وعصمة بن مالك الخطمي ، وعبد الله بن عباس رضي الله عنهم جميعا .

أولا : حديث عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنه

روي عنه من طريقين :


الطريق الأول
ومداره على عبد الرحمن بن شريح المعافري ، عن شراحيل بن يزيد المعافري ، عن محمد بن هدية الصدفي ، عن عبد الله بن عمرو مرفوعا :

ورواه عن عبد الرحمن بن شريح كلا من :

أ‌- زيد بن الحباب : أخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (19/71 – ط عوامة) ، وأحمد بن حنبل في "مسنده" (2/175) ، والفريابي في "صفة النفاق" (36) ، وابن بطة في "الابانة" (943) .

ب‌- عبد الله بن المبارك : أخرجه أحمد بن حنبل في "مسنده" (2/175) ، والبخاري في "خلق أفعال العباد" (2/311) ، وفي "التاريخ الكبير" (1/257) ، والفسوي في "المعرفة والتاريخ" (2/528) ، وابن وضاح في "البدع والنهي عنها" (261) ، والفريابي في "صفة النفاق" (35) – ومن طريقه أبو نعيم الأصبهاني في "صفة النفاق" (155) ، وابن عساكر في "معجمه" (608) ، والمزي في "تهذيب الكمال" (12/412) – ، والطبراني في "المعجم الكبير" (13/17) ، البيهقي في "شعب الايمان" (6560) ، وأبو محمد البغوي في "شرح السنة" (39) .

ملحوظة : الحديث في "الزهد والرقائق" (1/152 – رواية المروذي) : حدثنا عبد الرحمن بن شريح المعافري , قال: حدثني شرحبيل بن يزيد ، عن رجل ، عن عبد الله بن عمرو قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أكثر منافقي أمتي قراؤها .
قلت : فأُبهم المروذي : محمد بن هدية الصدفي ، وأخطأ في اسم شراحيل بن يزيد .

ت‌- عبد الله بن وهب : أخرجه الفسوي في "المعرفة والتاريخ" (2/528) ، والبيهقي في "شعب الايمان" (6560) .

الاختلاف على اسم شراحيل بن يزيد :
قال البيهقي : "قال الإمام أحمد: كذا قال زيد بن الحباب شرحبيل وقال ابن المبارك عن عبد الرحمن بن شرحبيل في إحدى الروايتين المعافري عن شرحبيل بن يزيد وتابعه ابن وهب" ["الشعب" (9/217)]
قال البخاري : "وقال بعضهم: شرحبيل بن يزيد المعافري ، ولا يصح" ["التاريخ الكبير" (1/257)] .
وقال ابن أبي حاتم في ترجمة محمد بن هدية : "روى عن عبد الله بن عمرو روى عنه شراحيل بن يزيد وقال بعضهم شرحبيل بن يزيد، وشراحيل أصح ، سمعت أبي يقول ذلك" ["الجرح والتعديل" (8/115)] .

حال محمد بن هدية الصدفي :
قال البخاري : "سمع عبد الله بن عمرو" ["التاريخ الكبير" (1/257)] .
وسكت عنه ابن أبي حاتم ["الجرح والتعديل" (8/115)] .
وذكره يعقوب بن سفيان الفسوي في ثقات التابعين من أهل مصر ["المعرفة والتاريخ" (2/528)] .
وابن حبان في الثقات [(5/381)] .
وقال العجلي : "مصرى تابعي ثقة" ["الثقات" (2/255)] .
وقال أبو سعيد بن يونس: ليس له غير حديث واحد . ["تهذيب الكمال" (26/564)] .
وقال الذهبي : "مصري ، روى عن عبد الله بن عمرو ، لا يعرف" ["ميزان الاعتدال" (4/58)] .
وقال ابن حجر : " محمد ابن هدية بفتح الهاء وكسر المهملة وتشديد التحتانية الصدفي أبو يحيى المصري مقبول من الثالثة" ["التقريب" (ص 511)] .

الخلاصة : صدوق حسن الحديث ، له حديث واحد .

حال شراحيل بن يزيد المعافري :
ذكره ابن حبان في الثقات (6/450) ، وقال : " من أهل مصر ، يروي عن مسلم بن يسار وعبد الرحمن بن رافع التنوخي ، روى عنه سعيد بن أبي أيوب" .
وقال الذهبي : "ثقة" ["الكاشف" (1/482)]
وقال ابن حجر : "صدوق من السادسة ، مات بعد العشرين" ["التقريب" (ص 265)]

قلت : ولم يرو له البخاري ومسلم في صحيحهما ، انما روى له البخاري في "خلق أفعال العباد" ، ومسلم في مقدمة صحيحه ، فليس على شرطهما .

الخلاصة : صدوق حسن الحديث .

سيل الحق المتدفق
2013-08-25, 01:56 PM
الطريق الثاني
ومداره على ابن لهيعة ، حدثنا دراج ، عن عبد الرحمن بن جبير ، عن عبد الله بن عمرو بن العاص مرفوعا :

ورواه عن ابن لهيعة كلا من :
1- الحسن بن موسى : أخرجه أحمد بن حنبل في "مسنده" (2/175) : حدثنا حسن ، حدثنا ابن لهيعة ، حدثنا دراج ، عن عبد الرحمن بن جبير ، عن عبد الله بن عمرو بن العاصي ، قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : "إن أكثر منافقي أمتي قراؤها" .

2- عبد الله بن وهب : أخرجه ابن بطة في "الابانة" (942) .

رواية العبادلة عن ابن لهيعة :
قال الشيخ المحدث أبو معاذ طارق بن عوض الله في كتابه القيم : "النقد البناء لحديث أسماء" (ص 43 - 50) : "كان ابن لهيعة-رحمه الله تعالى-من علماء الإسلام، ومن فقهاء أهل مصر، إلا أنه لم يكن من أهل التثبت في الرواية، فكان يُخطئ إذا حدَّث من حفظه، وكان يُجيز كلَّ ما يُقرأُ عليه، سواء كان من حديثه المطابقِ لما في كتبه، أو: ليس من حديثه ، فكثُرت في أحاديثه المناكيرُ مما أُدخِل عليه من حديث غيرِه ، فأجازه لمن ألقاه عليه .
وكانت له أصول وكتب، ثم إن كتبه احتَرقت، وقيل: لم تَحتَرق ، وإنما كان شأنُ ابن لهيعة في أول أمره وآخره سواءً واحداً، وأنه كان يُجيز كل ما يُقرأُ عليه من غير أن يَرجع إلى كتبِه وأصولِه .
ومن يقول باحتراقها، يقول: إنَّ من كان يأخذ من أصول ابن لهيعة فسماعه أصح ممن لم يأخذ من أصوله .
فالاختلاف كما ترى شكليٌّ صوريٌّ، لا ينبني عليه اختلاف في الحكم، لأن الجميع متفقون على أن المعتمَد من حديث ابن لهيعة إنما هو الذي حدث به عنه من كان يأخذ من أصوله وكتبه، وأنَّ من كان يأخذ من كتب غيره ثم يقرأُها على ابن لهيعة فيجيزه إياها لا يُعتمَد عليه، ولو كان ابن لهيعة لم تَحترق كتبه .
بيد أن بعض العلماء المتأخرين، ومنهم بعض المعاصرين فهموا من هذا: أن ما رواه العبادلةُ الثلاثةُ عن ابن لهيعة هو صحيح في نفسه، بمعنى أنه مما حفظه ابن لهيعة، ولم يُخطئ فيه، كما هو الحال في المختلِط، أن ما رواه عنه من سمع منه قبل اختلاطه قُبِل، وإلا فلا .
وليس الأمرُ كذلك، وإنما مرادُ هؤلاء العلماء بتفريقهم بين مَن أخَذَ من أصوله ومَن لم يأخذ من أصوله، أنَّ من كان يأخذ من أصوله: حديثُه صحيح، مرادهم: صحة نسبته إلى ابن لهيعةَ، وأنه مِن حديثِه فعلاً، وأنه ثابتٌ عنه، وليس هو من حديث غيره الذي أُدخِل عليه، وأجازه لمن قرأه عليه .
يقول ابن سعد في: (طبقاته) (7/2/204): "كان يُقْرَأُ عليه ما ليس من حديثه فيسكت عليه، فقيل له في ذلك، فقال: وما ذنبي؟ إنما يجيئون بكتاب يقرؤونه ويقومون، ولو سألوني لأخبرتُهم أنه ليس من حديثي ! " .
ويقول أحمد بن صالح المصري-كما في: (المعرفة والتاريخ) (2/184): "كان ابن لهيعة طلاَّباً للعلم، صحيحَ الكتاب، وكان أَمْلَى عليهم حديثَه، من كتابه قديماً، فكتب عنه قوم يعقلون الحديثَ وآخرون لا يَضبطون، وقوم حَضَروا فلم يكتبوا وكتبوا بعد سماعهم، فوقع علمُه على هذا إلى الناس، ثم لم يُخرجْ كتُبَه، وكان يَقرأ من كتب الناس، فوقع حديثُه إلى الناس على هذا، فمن كتب بأخرة من كتاب صحيح قرأ عليه على الصحة، ومن كتب من كتاب من لا يضبط ولا يُصححُ كتابَه وقع عنده على فسادِ الأصل ..." .
ولهذا كان المحققون من أهل العلم لا يعتدون بكل ما يُروى عن ابن لهيعة، ولا يَعتبِرون حديثَه بكل ما يُروى عنه، إلا إذا رواه عنه من كان يأخذ من كتبه وأصوله .
يقول ابن مهدي-رحمه الله تعالى-: "ما أعتدُّ بشيء سمعتُه من حديث ابن لهيعة، إلا سماعَ ابن المبارك، ونحوِه" .
ومن تدبر كلامَ العلماء فيه فهِمَ هذا، وعَلِمَ أن إطلاقَ بعضهم الصحةَ على حديث العبادلة عنه، إنما يقصدون به: صحةَ ما رواه العبادلةُ عنه، أي: صحةَ ثبوتِه عن ابن لهيعة، وأنه من حديثه فعلاً المطابقِ لما في كتبه، وأنه محفوظ عنه، لا أنه هو نفسه حفِظه وضَبَطه ولم يخطئ فيه...ويؤكد ذلك :
أن الذين سَبَروا حديثَه الذي رواه عنه العبادلةُ وحديثَه الذي رواه عنه غيرُهم لم يَتَرَدَّدوا في تضعيفه، مما يدلُّ على أن ابن لهيعةَ كان في نفسه ضعيفاً، أو: لم تكن أصولُه في ذاتها مضبوطةً .
قال ابن الجنيد في: (سؤالاته لابن معين) (9/164/رقم:538): "قلت ليحيى بن معين: فسَماع القدماء والآخرين من ابن لهيعة سواء؟ قال: نعم، سواء واحد" .
وحكى ابن طهمان عن يحيى بن معين أنه قال: "ابن لهيعة ليس بشيء تغير أو: لم يتغير". (من كلام أبي زكرياء يحيى بن معين في الرجال، رواية أبي خالد الدقاق يزيد بن الهيثم بن طهمان) (11/96/رقم:342) .
وقال ابن معين-كما في: (تاريخ الدوري) (5388)، و(من كلام أبي زكرياء يحيى بن معين في الرجال، رواية أبي خالد الدقاق يزيد بن الهيثم بن طهمان) (11/87/رقم:298): (لا يحتج بحديثه) .
وقال-كما في: (تاريخ الدارمي) (533)، و(من كلام أبي زكرياء يحيى بن معين في الرجال، رواية أبي خالد الدقاق يزيد بن الهيثم بن طهمان) (11/87/رقم:298): (ضعيف الحديث) .
فهذه الأقوال من ابن معين في ابن لهيعةَ؛ تدل على أنه سَبَرَ حديثَه كلَّه القديمَ والأخيرَ، وتبيَّن له من خلال السَّبر أنه ضعيف بصرف النظر عمن يروي عنه .
وسئل أبوزرعة الرازيُّ عن سماع القدماءِ منه ؟
فقال: (آخره وأوله سواء، إلا أن ابن المباركِ، وابنَ وهب كانا يتتبَّعانِ أصولَه فيَكتبان منه، وهؤلاء الباقون كانو يأخذون من الشيخ، وكان ابن لهيعة لا يَضبط، وليس ممن يُحتجُّ بحديثه) .
فرغم أنه يرى فرقاً بين ما يرويه ابنُ المبارك، وابنُ وهب عنه وبين ما يرويه غيرُهما إلا أنه اعتبر ابنَ لهيعة ضعيفاً في نفسِه وأنَّ حديثَه الأول والآخر، سواء بصرف النظر عمن يروي عنه، وأنه لا يضبط، وأنه ليس ممكن يحتج بحديثه) .
وقال ابن أبي حاتم : (قلت لأبي: إذا كان مَن يَروِي عن ابن لهيعة مثلَ ابنِ المبارك وابنِ وهب، يُحتجُّ به؟ قال: لا) .
وقال عمر وبن علي الفلاس : (عبد الله بن لهيعة، احترقت كتبه، فمن كتب عنه قبل ذلك مثلُ ابن المبارك وعبد الله بن يزيد الْمُقرئ أصحُّ من الذين كتبوا بعد ما احتَرَقَتِ الكتبُ، وهو ضعيفُ الحديثِ) .
فرغم أنه يَرى التفرقةَ، قال: "وهو ضعيف الحديث"، أي: أنه في نفسه ضعيف بصرف النظر عن الرواة عنه .
وقوله: (أصح) الظاهر أنه يعني به الصحةَ النسبيةَ، أي: أقل ضعفاً، وهذا أمر بَدَهِي، لأنه إذا كان في نفسه ضعيفاً ثم احترقَتْ كُتبه، فمِن الْبَدَهِي أن يكون بعد احتراق كتبِه أشدَّ ضعفاً من ذي قبل .
ومثله، قول ابن سعد في: (الطبقات) (7/2/204): (كان ضعيفاً وعنده حديث كثير، ومن سمع منه في أول أمره أحسنُ حالاً في روايته ممن سمع منه بأخرة، وأما أهل مصر فيذكرون أنه لم يَختلط ولم يزل أولُ أمرِه وآخرُه واحداً، ولكن كان يُقْرَأُ عليه ما ليس من حديثه فيسكت عليه، فقيل له في ذلك، فقال: وما ذنبي؟ إنما يجئون بكتابٍ يقرؤونه ويقومون، ولو سألوني لأخبرتُهم أنه ليس من حديثي! ) .
وقد بيَّن ذلك بياناً شافياً، فقال في: (المجروحين) (2/12/13): (قد سَبَرت أخبارَ ابن لهيعةَ من رواية المتقدمين والمتأخرين عنه، فرأيتُ التخليطَ في رواية المتأخرين عنه موجوداً، وما لا أصل له من رواية المتقدمين كثيراً، فرجعتُ إلى الاعتبار، فرأيته كان يدلس عن أقوام ضَعْفَى، عن أقوام رآهم ابن لهيعة ثقاتٍ، فَالْتَزَقَتْ تلك الموضوعاتُ به) .
وقال أيضاً: (وأما روايةُ المتأخرين عنه بعد احتراق كتبه ففيها مناكيرُ كثيرة، وذلك أنه كان لا يبالي ما دُفِع إليه قَرَأَه، سواءٌ كان ذلك من حديثه أو: غير حديثه، فوجب التنكُّبُ عن رواية المتقدمين عنه قبل احتراق كتبه، لما فيها من الأخبار المدلَّسة عن الضعفاء والمتروكين، ووجب تركُ الاحتجاج برواية المتأخرين عنه بعد احتراق كتبه، ووجب ترك الاحتجاج برواية المتأخرين عنه بعد احتراق كتبه، لما فيه مما ليس من حديثه) .
وقد قال الدارقطني في: (الضعفاء والمتروكون) (322): (يُعتبَر بما يَروي عنه العبادلة: ابنُ المبارك، والمقرئُ، وابنُ وهب) .
فهذا هو القول الواضحُ البيِّنُ، أن روايةَ العبادلةِ الثلاثةِ عنه، هي التي يُعتَبَرُ بها حديثُ ابنِ لهيعةَ، ومفهومه: أن روايةَ غيرِ العبادلة عنه لا يُعتبَر بها .
ومثله، قول أبي زرعة-كما في: (الجرح والتعديل) (2/2/147)-: (يُكتبُ حديثُه على الاعتبار) .
أي: حديثه الذي يرويه العبادلةُ، لأنهم كانوا يأخذون عن أصوله، بخلاف غيرهم، كما قال أبو زرعة وغيره ... لكن على كل حال، وجود المناكير في أحاديث العبادلة عنه، دليل واضح على أنه هو نفسه ضعيفُ الحفظ، بصرف النظر عن الرواة عنه، لأن الراويَّ إنما يُعرف حالُه من حديثه، فكلما كثرت المناكير في حديثه كلما دلَّ ذلك على سوء حفظه " انتهى كلامه حفظه الله .


الخلاصة :
1- عبد الله بن لهيعة : ضعيف مطلقا سواء قبل الاختلاط وبعده .
2- حديثه قبل الاختلاط (الذي يرويه العبادلة ونحوهم) من أصوله وكتبه ، وهو ضعيف لكنه يصلح للاعتبار ، فيرتقي بغيره .
3- حديثه بعد الاختلاط ، ليس من أصوله وكتبه ، وكان يتلقن ، فما تفرد به منكر مطلقا ، ولا يعتبر به .

سيل الحق المتدفق
2013-08-25, 02:00 PM
ثانيا : حديث عقبة بن عامر رضي الله عنه

يرويه عبد الله بن لهيعة ، عن مشرح بن عاهان ، عن عقبة بن عامر مرفوعا ، ورواه عن ابن لهيعة كلا من :
أ‌- أبو سعيد مولى بني هاشم : أخرجه أحمد في "مسنده" (4/151)
ب‌- سعيد بن أبي مريم : أخرجه الروياني في "مسنده" (211) .
ت‌- منصور بن عمار : أخرجه تمام الرازي في "فوائده" (963) ، وابن عساكر في "تاريخه" (35/76) .
ث‌- أسد بن موسى : أخرجه ابن وضاح في "البدع والنهي عنها" (260) .
ج‌- قتيبة بن سعيد : أخرجه الفريابي في "صفة النفاق" (31) ، ومن طريقه ابن عدي في "الكامل" (5/243) ، وأبو نعيم الأصبهاني في "صفة النفاق" (154) ، والخطيب البغدادي في "تاريخه" (1/374) ، والذهبي في "سير أعلام النبلاء" (8/27 و 396) ، وفي "المعجم اللطيف" (2) .
ح‌- عبد الله بن المبارك : أخرجه نعيم بن حماد في "زوائد الزهد" (2/16) ، والفريابي في "صفة النفاق" (32) ومن طريقه الذهبي في "سير أعلام النبلاء" (8/396) .
خ‌- عبد الله بن يزيد المقريء : أخرجه أحمد بن حنبل في "مسنده" (4/155) ، والفريابي في "صفة النفاق" (33) .
د‌- عبد الله بن وهب : أخرجه ابن بطة في "الابانة" (944) .
ذ‌- موسى بن محمد البجلي : أخرجه أبو بكر الكلاباذي في "بحر الفوائد" (70) .

قال أبو نعيم الأصبهاني : "رواه ابن المبارك ، والوليد بن مسلم ، والمقرئ ، وبشر بن السري ، عن ابن لهيعة" ["صفة النفاق" (ص 166)]
قال الذهبي : "هذا حديث غاية في العلو لكنه ضعيف" [المعجم اللطيف] .



اضطراب ابن لهيعة :
ثم أن ابن لهيعة قد اضطرب في هذه الرواية ، فرواه عن شيخ آخر ، وهو أبي عشانة المعافري واسمه حي بن يؤمن :

أخرجه الطبراني في "المعجم الكبير" (17/305) : حدثنا أبو يزيد القراطيسي ، ثنا أسد بن موسى ، ح ،
وحدثنا بشر بن موسى، ثنا يحيى بن إسحاق السيلحيني ، ح ،
وحدثنا يحيى بن أيوب العلاف، ثنا سعيد بن أبي مريم ،
قالوا : ثنا ابن لهيعة ، عن أبي عشانة ، عن عقبة بن عامر قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : «أكثر منافقي أمتي قراؤها» .

قلت : والصواب هو ، روايته التي عن مشرح بن هاعان ، فقد توبع عليها ، تابعه : الوليد بن المغيرة :
أخرجه أحمد بن حنبل في "مسنده" (4/155) ، والبخاري في "خلق أفعال العباد" (2/312) ، والفريابي في "صفة النفاق" (34) ، والروياني في "مسنده" (215) ، والبيهقي في "شعب الايمان" (6561) ، من طريق منصور بن سلمة , قال : أخبرني الوليد بن المغيرة وكان ثبتا , قال : حدثنا مشرح بن هاعان ، عن عقبة بن عامر ، رضي الله عنه ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : أكثر منافقي أمتي قراؤها . ولفظ أحمد : "إن أكثر منافقي هذه الأمة لقراؤها" .

لذا قال الذهبي : "حديث محفوظ ، قد تابع فيه الوليد بن المغيرة: ابن لهيعة ، عن مشرح" ["سير أعلام النبلاء" (8/28)] ، في اشارة الى أن روايته عن أبي عشانة غير محفوظة .

وانظر : كتاب : "الارشادات في تقوية الشواهد والمتابعات" (ص 224 و 225) للشيخ المحدث طارق بن عوض الله حفظه الله .

حال مشرح بن هاعان :
قال حرب بن إسماعيل : سمعت أحمد بن حنبل يقول: مشرح بن هاعان، معروف، وذكر جماعة رووا عنه من المصريين . ["الجرح والتعديل" (8/431 و 432)]
قال الدارمي: قلت ليحيى بن معين: فمشرح بن هاعان؟ فقال: ثقة ، قال عثمان الدارمي: ومشرح ليس بذاك، وهو صدوق. ["تاريخه" (ص 204)]
وذكره الفسوي في ثقات التابعين من أهل مصر . ["المعرفة والتاريخ" (2/500)]
قال ابن حبان : "مشرح بن هاعان من أهل مصر يروي عن عقبة بن عامر روى عنه أهل مصر يخطىء ويخالف" ["الثقات" (5/452)] .
وقال أيضا : "كنيته أبو مصعب عداده في أهل مصر يروي عن عقبة بن عامر أحاديث مناكير لا يتابع عليها روى عنه بن لهيعة والليث وأهل مصر والصواب في أمره ترك ما انفرد من الروايات والاعتبار بما وافق الثقات" ["المجروحين" (3/28)]
وقال العجلي : "تابعي ثقة" ["الثقات" (2/279)]
وقال ابن عدي : "ولمشرح عن عقبة غير ما ذكرت يروي عنه بن لهيعة وغيره من شيوخ مصر وأرجو أنه لا بأس به" ["الكامل" (8/232)]
وقال الذهبي : "ثقة" ["الكاشف" (2/265)]
وقال ابن حجر : "مشرح بكسر أوله وسكون ثانيه وفتح ثالثه وآخره مهملة ابن هاعان المعافري بفتحتين وفاء المصري أبو مصعب ، مقبول من الرابعة ، مات سنة ثمان وعشرين" ["التقريب" (ص 532)]

الخلاصة : صدوق لا بأس به ، الا ما تفرد به عن الصحابي الجليل عقبة بن عامر رضي الله عنه ، فهو منكر .


(تنبيه)
أخطأ محققو طبعة الرسالة لمسند الامام أحمد بن حنبل ، فقالوا في هامش (28/597) : " ....والطبراني في "الكبير" 17/ (841) من طريق سعيد بن أبي مريم وأسد بن موسى ويحيى بن إسحاق السَّيلحيني، خمستهم عن ابن لهيعة، بهذا الإسناد " .
قلت : أي : عن ابن لهيعة ، عن مشرح ، عن عقبة بن عامر مرفوعا .
ولم يتنبهوا الى أن رواية الطبراني هذه عن أبي عشانة ، وليست عن مشرح بن عاهان .

سيل الحق المتدفق
2013-08-25, 02:01 PM
ثالثا : حديث عصمة بن مالك الخطمي رضي الله عنه

أخرجه الطبراني في "المعجم الكبير" (17/179) ، وابن عدي في "الكامل (7/123) كلاهما من طريق : الفضل بن المختار ، عن عبيد الله بن موهب ، عن عصمة بن مالك الخطمي ، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «أكثر منافقي أمتي قراؤها» .

قال الهيثمي : "رواه الطبراني ، وفيه الفضل بن المختار ، وهو ضعيف" ["مجمع الزوائد" (6/230)] .

حال الفضل بن المختار أبو سهل البصري :
قال أبو حاتم الرازي : " مجهول ، وأحاديثه منكرة يحدث بالأباطيل" ["الجرح والتعديل" (7/69) لابنه]
وقال العقيلي : "منكر الحديث" ["الضعفاء الكبير" (3/449)] .
وقال الأزدي : "منكر الحديث جدا" ["ميزان الاعتدال" (3/358)] .
وقال ابن عدي : "وللفضل بن المختار غير ما ذكرت من الحديث وعامته مما ، لا يتابع عليه إما إسنادا وإما متنا" ["الكامل" (7/125)] .

الخلاصة : منكر الحديث ، لا يتابع على ما يرويه !

سيل الحق المتدفق
2013-08-25, 02:03 PM
رابعا : حديث عبد الله بن عباس رضي الله عنهما

أخرجه العقيلي في "الضعفاء الكبير" (1/274) : حدثني موسى بن محمد بن كثير الجدي ، قال: حدثنا حفص بن عمر العدني قال : حدثنا الحكم بن أبان ، عن عكرمة ، عن ابن عباس ، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أكثر منافقي أمتي قراؤها» .

قال العقيلي : "ولا يتابع على هذا أيضا من حديث ابن عباس ، وقد روي هذا عن عبد الله بن عمرو ، عن النبي عليه السلام بإسناد صالح" .

حال حفص بن عمر العدني :
قال المروذي : وسألته – أي أحمد بن حنبل – عن حفص الفرخ , فقال: لم أكتب عنه، كان يتتبع السلطان. ["سؤالاته" (ص 44)]
وقال الآجري عن أبي داود: سمعت أحمد يقول: كان مع حماد في تلك البلايا. قال الآجري: يعني حمادًا البربري. ["تهذيب التهذيب" (2/410) لابن حجر]
قال ابن مُحرز : سأَلتُ يَحيَى بن مَعين ، عن حَفص العَدَني؟ فقال: ليس بشيءٍ، كان يقال: حَفص الفَرخ. ["تاريخ ابن معين" (1/53 و 54)]
قال ابن أبي حاتم : حدثني أبو عبد الله الطهراني ، نا حفص بن عمر العدني وكان ثقة ، وقال أيضا : سألت أبي عنه ، فقال: لين الحديث . ["الجرح والتعديل" (3/182)]
وقال النسائي : "ليس بثقة" ["الضعفاء والمتروكون" (ص 31)]
وقال العقيلي : "يعرف بالفرخ ، لا يقيم الحديث" ["الضعفاء الكبير" (1/273)]
وقال ابن حبان : "يعرف بفرخ يروي عن مالك بن أنس وأهل المدينة كان ممن يقلب الأسانيد قلبا لا يجوز الاحتجاج به إذا انفرد" ["المجروحين" (1/257)]
قال ابن عدي : "أخاف أن يكون ضعيفا كما ذكره النسائي" ["الكامل" (3/283)]
قال الدارقطني : " ويعرف بالفرخ ، ضعيف" ["العلل (15/324)] ، وقال أيضا : "متروك" ["العلل" (1/243)]
وذكره في "الضعفاء والمتروكون" (2/149) حفص بن عمر الفرخ العدني، عن الحكم بن أبان .
فائدة : قال البرقاني : "طالت محاورتي مع أبو منصور إبراهيم بن الحسين بن حمكان لأبي الحسن علي بن عمر الدارقطني - عفا الله عنه وعنهما- في المتروكين من أصحاب الحديث فتقرر بيننا وبينه على ترك من أثبته على حروف المعجم في هذه الورقات" ["الضعفاء والمتروكون للدارقطني" (1/249)] .

الخلاصة : ضعيف الحديث ، لا يتابع عليه .

تمييز : قال ابن الجوزي : "وَقد جعل أَبُو حَاتِم ابْن حبَان الحبطي والأيلي وَاحِدًا وَفرق بَينهمَا الدَّارَقُطْنِيّ وَهُوَ الصَّحِيح" ["الضعفاء والمتروكون" (1/223)]

حال شيخ العقيلي : موسى بن محمد بن كثير الجدي :

قلت : لم أقف له على ترجمة .

سيل الحق المتدفق
2013-08-25, 02:04 PM
أقوال العلماء في الحديث :

1- الامام أحمد بن حنبل :
قال صالح بن أحمد بن حنبل : سألت أبي عن قول النبي (صلى الله عليه وسلم): "أكثر منافقي أمتي قراؤها" : صحيح هو ؟ ، قال : "الله أعلم ، ما أدري" ["المنتخب من علل الخلال" (161) لموفق الدين المقدسي] .

2- الحافظ العقيلي :
قال "روي هذا عن عبد الله بن عمرو ، عن النبي عليه السلام بإسناد صالح" .

3- الحافظ البوصيري :
قال عن الطريق الأول من حديث عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما : "هذا إسناد حسن" ["اتحاف الخيرة المهرة" (6/351)]

4- العلامة أحمد شاكر :
قال : "اسناد صحيح" ["تخريجه وتعليقه على المسند" (10/123 و 125)]

5- العلامة الألباني :
صححه في "الجامع الصغير" (1203) ، والسلسلة الصحيحة (750) .

سيل الحق المتدفق
2013-08-25, 02:04 PM
(خلاصة درجة الحديث)

الحديث حسن لذاته ، ولم يصح من الطرق والوجوه سوى الطريق الأول من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما ، لأجل محمد بن هدية الصدفي ، وشراحيل بن يزيد المعافري ، وكلاهما صدوق حسن الحديث .

سيل الحق المتدفق
2013-08-25, 02:07 PM
الفوائد

فائدة 1 : قال ابن بطة : قال الشيخ عبيد الله بن محمد : فإن سأل سائل عن معنى هذا الحديث , وقال: لم خص القراء بالنفاق دون غيرهم؟ فالجواب عن ذلك : إن الرياء لا يكاد يوجد إلا في من نسب إلى التقوى , ولأن العامة والسوقة قد جهلوه , والمتحلين بحلية القراء قد حذقوه , والرياء هو النفاق , لأن المنافق هو الذي يسر خلاف ما يظهر , ويسر ضد ما يبطن , ويصف المحاسن بلسانه , ويخالفها بفعله , ويقول ما يعرف , ويأتي ما ينكر , ويترصد الغفلات لانتهاز الهفوات .
وقال عبد الله بن المبارك رحمه الله: هم الزنادقة , لأن النفاق على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم هي الزندقة من بعده " ["الابانة الكبرى" (2/703) لابن بطة العكبري]

فائدة 2 : قال البغوي : وقوله: «أكثر منافقي أمتي قراؤها» : فهو أن يعتاد ترك الإخلاص في العمل، كما جاء: «التاجر فاجر»، وأراد: إذا اعتاد التاجر الكذب في البيع والشراء، لا أن نفس التجارة فجور، بل هي أمر مأذون فيه، مباح في الشرع. ["شرح السنة" (1/77)]

فائدة 3 : قال ابن عبد البر : مالك ، عن يحيى بن سعيد ، أن عبد الله بن مسعود ، قال لإنسان : إنك في زمان كثير فقهاؤه ، قليل قراؤه ، تحفظ فيه حدود القرآن ، وتضيع حروفه ، قليل من يسأل ، كثير من يعطي ، يطيلون فيه الصلاة ، ويقصرون الخطبة ، يبدون أعمالهم قبل أهوائهم ، وسيأتي على الناس زمان قليل فقهاؤه ، كثير قراؤه ، يحفظ فيه حروف القرآن ، وتضيع حدوده ، كثير من يسأل ، قليل من يعطي ، يطيلون فيه الخطبة ، ويقصرون الصلاة يبدون فيه أهواءهم قبل أعمالهم" .
فإن هذا الحديث قد روي عن بن مسعود من وجوه متصلة حسان متواترة .
وفيه من الفقه مدح زمانه لكثرة الفقهاء فيه وقلة القراء وزمانه هذا هو القرن الممدوح على لسان النبي صلى الله عليه وسلم
وفيه دليل على أن كثرة القراء للقرآن دليل على تغير الزمان وذمه لذلك .
وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أكثر منافقي أمتي قراؤها من حديث عقبة بن عامر وغيره .
وقال مالك رحمه الله قد يقرأ القرآن من لا خير فيه والعيان في هذا الزمان على صحة معنى هذا الحديث كالبرهان .
وفيه دليل أن تضييع حروف القرآن ليس به بأس لأنه قد مدح الزمان الذي تضيع فيه حروفه وذم الزمان الذي يحفظ فيه حروف القرآن وتضيع حدوده " ["الاستذكار" (2/363)] .

فائدة 4 : قال البقاعي : "{الذين كانت أعينهم في غطاء عن ذكري} [الكهف: 101] {ومن يرغب عن ملة إبراهيم إلا من سفه نفسه} [البقرة: 130] {إن إبراهيم كان أمة قانتاً لله حنيفاً} [النحل: 120] . ولما كان متاع الخلق في الأرض إلى حين وشغل أكثرهم أكلهم وتمتعهم وألهاهم أملهم عن حظهم من الحنيفية بما أوتي العقل من التبليغ عن الله نظراً واعتباراً اصطفى الله سبحانه من الحنفاء منبهين على النظر الذي اشتغل عنه المعرضون وأنف منه واستكبر عنه المدبرون، وأكدوا تنبيههم بما أسمعوهم من نبأ ما وراء يوم الدنيا من أمر الله في اليوم الآخر وما تتمادى إليه أيام الله، وذكروهم بما مضى من أيام الله، وأنزل الله سبحانه معهم كتباً يتلونها عليهم ويبينونها لهم علماً وعملاً وحالاً، فقبل ما جاؤوا به وصدقه واستبشر به الحنيفيون وأنذر به المدبرون والمعرضون، فمنهم من آمن ومنهم من كفر، آمن من تنبه للنظر والاعتبار وألقى السمع وهو شهيد، وكفر من آثر متاعه بالعاجلة التي تراها الأعين على وعد الله ووعيده في الآجلة التي إنما يعيها القلب وتسمعها الأذن، وكما شغل المدعوين إلى الإسلام كفرهم ودنياهم كذلك شغل المولّدين في الإسلام غفلتهم ودنياهم ولعبهم في صباهم ولهوهم في شبابهم وتكاثرهم في الأموال في اكتهالهم وتكاثرهم في الأولاد في شَياخهم، فاشترك المدعو إلى الإسلام والمولد فيه الغافل في عدم الإقبال والقبول في ترك الاهتمام في الآجلة واختصارهما على الاهتمام بالعاجلة، وكلاهما جعل القرآن وراء ظهره المدعو لفظاً وعلماً والمولد الغافل علماً وعملاً، فلم يسمعه المدعو ولم يفهمه الغافل فجعله بالحقيقة وراء ظهره، ومن جعل القرآن خلفه ساقه إلى النار، وإنما جعله أمامه من قرأه علماً وحالاً وعملاً، ومن جعل القرآن أمامه قاده إلى الجنة؛ ولما قامت الحجة عليهم بقراءته إذا لم يجاوز حناجرهم كانوا أشد من الكفار عذاباً في النار - أكثر منافقي أمتي قراؤها، {إن المنافقين في الدرك الأسفل من النار} [النساء: 145] فإذاً لا بد في قراءة القرآن من تجديد إقبال وتهيُّؤ لقبول وتحقيق تقوى لأنه إنما هو هدى للمتقين، وإجماع على الاهتمام، وكما أن أمور الدنيا لا تحصل لأهلها إلا على قدر عزائمهم واهتمامهم فأحرى أن لا يحصل أمر الأخرى إلا بأشد عزيمة وأجمع اهتمام، فلا يقرأ القرآن من لم يقبل عليه بكلية ظاهره ويجمع اهتمامه له بكلية باطنه . ["نظم الدرر" (1/305 – 307)]

فائدة 5 : قال ابن مفلح الحنبلي : "ولأحمد من حديث عقبة وعبد الله بن عمرو "أكثر منافقي أمتي قراؤها" والمراد الرياء" ["الفروع" (10/189)]

فائدة 6 : قال عبد الرؤوف المناوي : "أي الذين يتأولونه على غير وجهه ، ويضعونه في غير مواضعه ، أو يحفظون القرآن تقية ، للتهمة عن أنفسهم ، وهم معتقدون خلافه ، فكان المنافقون في عصر النبي صلى الله عليه وسلم بهذه الصفة . ذكره ابن الأثير.
وقال الزمخشري: أراد بالنفاق الرياء لأن كلا منهما إرادة ما في الظاهر خلاف ما في الباطن. اه.
وبسطه بعضهم فقال: أراد نفاق العمل لا الاعتقاد ، ولأن المنافق أظهر الإيمان بالله لله وأضمر عصمة دمه وماله. والمرائي أظهر بعلمه الآخرة ، وأضمر ثناء الناس وعرض الدنيا والقارئ أظهر أنه يريد الله وحده وأضمر حظ نفسه وهو الثواب ويرى نفسه أهلا له وينظر إلى عمله بعين الإجلال فأشبه المنافق واستويا في مخالفة الباطن .
(تنبيه) قال الغزالي : أحذر من خصال القراء الأربعة : الأمل والعجلة والكبر والحسد قال وهي علل تعتري سائر الناس عموما والقراء خصوصا ترى القارئ يطول الأمل فيوقعه في الكسل وتراه يستعجل على الخير فيقطع عنه وتراه يحسد نظراءه على ما أتاهم الله من فضله فربما يبلغ به مبلغا يحمله على فضائح وقبائح لا يقدم عليها فاسق ولا فاجر .
ولهذا قال النووي : ما أخاف على ذمي إلا القراء والعلماء ، فاستنكروا منه ذلك ، فقال : ما أنا قلته وإنما قاله إبراهيم النخعي .
وقال عطاء: احذروا القراء واحذروني معهم ، فلو خالفت أودهم لي في رمانة أقول : أنها حلوة ، ويقول : إنها حامضة ما أمنته أن يسعى بدمي إلى سلطان جائر.
وقال الفضيل لابنه: اشتروا دارا بعيدة عن القراء. ما لي والقوم إن ظهرت مني زلة قتلوني وإن ظهرت علي حسنة حسدوني .
ولذلك ترى الواحد منهم يتكبر على الناس ويستخف بهم معبسا وجهه كأنما يمن على الناس بما يصلي زيادة ركعتين أو كأنما جاءه من الله منشور بالجنة والبراءة من النار أو كأنه استيقن السعادة لنفسه والشقاوة لسائر الناس ثم مع ذلك يلبس لباس المتواضعين ويتماوت وهذا لا يليق بالتكبر والترفع ولا يلائمه بل ينافيه لكن الأعمى لا يبصر" ["فيض القدير" (2/80 و 81)] .

فائدة 7 : قال الشيخ حمود بن عبد الله التويجري رحمه الله : "وعن أبي هريرة رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «سيأتي على أمتي زمان؛ يكثر فيه القراء، ويقل الفقهاء، ويقبض العلم، ويكثر الهرج ". قالوا: وما الهرج يا رسول الله؟ قال: "القتل بينكم، ثم يأتي من بعد ذلك زمان يقرأ القرآن رجال من أمتي لا يجاوز تراقيهم، ثم يأتي من بعد ذلك زمان يجادل المشرك بالله المؤمن في مثل ما يقول» .
رواه: الطبراني في "الأوسط"، والحاكم في "مستدركه "، وقال: "صحيح الإسناد ولم يخرجاه"، ووافقه الذهبي في "تلخيصه".
وقد ظهر مصداق هذا الحديث في زماننا: فقل الفقهاء العارفون بما جاء عن الله ورسوله صلى الله عليه وسلم، وكثر القراء في الكبار والصغار والرجال والنساء؛ بسبب كثرة المدارس وانتشارها، والمراد بالقراء - والله أعلم - الذين يجيدون القراءة ويقرؤون ما يكتب لهم، وليس في الحديث ما يدل على أن ذلك خاص بالذين يقرؤون القرآن دون الذين يقرؤون غيره من الكتب والصحف والمجلات وغيرها، مما قد كثر في زماننا، وانتشر غاية الانتشار، وشغف به الأكثرون من الكبار والصغار، وأكثر القراء في زماننا قد أعرضوا عن قراءة القرآن، وأقبلوا على قراءة الصحف والمجلات، وقصص الحب والغرام، وغيرها من القصص التي لا خير فيها، وكثير منها مفتعل مكذوب، ومع ذلك؛ فالأكثرون مكبون على القراءة فيما ذكرنا. ["إتحاف الجماعة بما جاء في الفتن والملاحم وأشراط الساعة" (2/98)]


(الحمد لله الذى بنعمته تتم الصالحات)

وكتبه
أبو عبد الله السكندري
ليلة 18 شوال 1434

ساجدة لله
2013-08-25, 04:42 PM
رائع جزاكم الله خير الجزاء