فارس العقيده
2008-10-26, 06:28 AM
معنى كلمة لاإله إلا الله
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وأصحابه ، ومن سلك سبيله واهتدى بهداه إلى يوم الدين..
معنى كلمة التوحيد لاإله إلا الله من كلام الشيخ عبدالعزيز بن باز رحمه الله تعالى.
قال الشيخ رحمه الله
هي أنه لا معبود حق إلا الله ، فهي نفي وإثبات . نفي للإلهية عن غير الله وإثبات لها بحق لله وحده سبحانه وتعالى ، فالإلهية التي يوصف بها غير الله باطلة وهي لله وحده بحق ثابتة له سبحانه وتعالى كما قال عز وجل : {ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ هُوَ الْبَاطِلُ} فالعبادة لله وحده دون كل ما سواه ، وأما صرف الكفار لها لغيره سبحانه فذلك باطل ووضع لها في غير محلها ، قال الله تعالى : {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} وقال سبحانه في سورة الفاتحة وهي أعظم سورة : {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} أمر الله المؤمنين أن يقولوا هكذا : {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} يعني نعبدك وحدك وإياك نستعين وحدك ، وقال عزوجل : {وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلا تُشْرِكُوا بِهِ شيئاً} وقال سبحانه : {وَمَا أُمِرُوا إِلا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ} وقال عز وجل : {فَادْعُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ} وقال سبحانه : {فَاعْبُدِ اللَّهَ مُخْلِصًا لَهُ الدِّينَ أَلا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ} إلى غير ذلك من آيات كثيرات كلها تدل على أنه سبحانه هو المستحق للعبادة وأن المخلوقين لا حظ لهم فيها ، وهذا هو معنى لا إله إلا الله وتفسيرها وحقيقتها تخص العبادة بحق الله وحده وتنفيها بحق عما سواه .
وكلمة لا إله إلا الله نفي وإثبات كما سبق ، نفي للعبادة بحق عن غير الله كائنا من كان وإثبات العبادة لله وحده بالحق كما قال جل وعلا عن إبراهيم الخليل عليه السلام أنه قال لأبيه وقومه : {إِنَّنِي بَرَاءٌ مِمَّا تَعْبُدُونَ إِلا الَّذِي فَطَرَنِي فَإِنَّهُ سَيَهْدِينِ وَجَعَلَهَا كَلِمَةً بَاقِيَةً فِي عقبه} وقال سبحانه : {قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَآءُ مِنْكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاءُ أَبَدًا حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ} وهذا قول الرسل جميعا لأن قوله سبحانه : {قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ} يعني به الرسل جميعا وهم الذين معه من أولهم إلى آخرهم ودعوتهم دعوته وكلمتهم هي البراءة من عبادة غير الله ومن المعبودين من دون الله الذين رضوا بالعبادة لهم ودعوا إليها ، فالمؤمن يتبرأ منهم وينكر عبادتهم ويؤمن بالله وحده المعبود بالحق سبحانه وتعالى ، ولهذا قال سبحانه في الآية السابقة عن إبراهيم أنه قال لأبيه وقومه : {إِنَّنِي بَرَاءٌ مِمَّا تَعْبُدُونَ إِلا الَّذِي فَطَرَنِي} وهو الله سبحانه وتعالى الذي فطره وفطر غيره فإنه لا يتبرأ من عبادته وإنما يتبرأ من عبادة غيره ، فالبراءة تكون من عبادة غيره سبحانه ، أما هو الذي فطر العباد وخلقهم وأوجدهم من العدم وغذاهم بالنعم فهو المستحق العبادة سبحانه وتعالى ، فهذا هو مدلول هذه الكلمة ومعناها ومفهومها ، وحقيقتها البراءة من عبادة غير الله وإنكارها واعتقاد بطلانها والإيمان بأن العبادة بحق لله وحده سبحانه وتعالى.
وكان الناس في عهد آدم وبعده إلى عشرة قرون كلهم على توحيد الله كما قال ابن عباس رضي الله عنهما ، ثم وقع الشرك في قوم نوح فعبدوا مع الله ودا وسواعا ويغوث ويعوق ونسرا كما ذكر الله ذلك في سورة نوح ، فأرسل الله إليهم نوحا عليه الصلاة والسلام يدعوهم إلى توحيد الله وينذرهم نقمة الله وعقابه ، فاستمروا في طغيانهم وكفرهم وضلالهم ولم يؤمن به منهم إلا القليل ، فأكثرهم ومعظمهم استكبروا عن ذلك كما بين الله ذلك في كتابه العظيم ، فماذا فعل الله بهم؟ فعل بهم ما بينه لنا في كتابه العظيم من إهلاكهم بالطوفان وهو الماء العام الذي ملأ الأرض وعلا فوق الجبال وأغرق الله به من كفر بالله وعصى رسوله نوح ولم ينج إلا من كان مع نوح في السفينة كما قال سبحانه : {فَأَنْجَيْنَاهُ وَأَصْحَابَ السَّفِينَةِ وَجَعَلْنَاهَا آيَةً لِلْعَالَمِينَ} وهذا عقابهم في العاجل في الدنيا ، ولهم عقاب آخر في الآخرة وهو العذاب في النار يوم القيامة نسأل الله العافية .
وجاء بعدهم قوم آخرون أشركوا بعبادتهم وكذبوا رسلهم فعاقبهم الله في الدنيا قبل الآخره وقد ذكرهم جل وعلا في كتابه العزيز إلى أن جاء خاتم الأنبياء محمد صلى الله عليه وسلم دعا الناس إلى عبادة الله وبشر بالجنة من آمن وحذر بالنار من كفر ، فآمن من آمن وهم القليل في مكة ، ثم بسبب الأذى له ولأصحابه أمره الله بالهجرة إلى المدينة ، فهاجر إليها ومن آمن معه ممن استطاع الهجرة ، فصارت المدينة دار الهجرة ، والعاصمة الأولى للمسلمين ، وانتشر فيها دين الله ، وقامت فيها سوق الجهاد بعد تعب عظيم ، وإيذاء شديد من قريش وغيرهم لرسول الله صلى الله عليه وسلم وللمؤمنين معه في مكة .
كل ذلك من أجل هذه الكلمة " لا إله إلا الله " الرسل تدعو إليها ومحمد خاتمهم عليه الصلاة والسلام يدعو إلى ذلك ، يدعو إلى الإيمان بها ، واعتقاد معناها ، وتعطيل الآلهة التي عبدوها من دون الله وإنكارها وإخلاص العبادة لله وحده ، والمشركون يأبون ذلك ، ويقولون إنهم سائرون على طريقة أسلافهم ، ويقولون : {إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِمْ مُقْتَدُونَ}
وكان صلى الله عليه وسلم إذا سئل عن عمل يدخل به العبد الجنة وينجو به من النار قال له : ( تشهد أن لا الله إلا الله وأن محمدا رسول الله ) وربما قال له : ( تعبد الله ولا تشرك به شيئا ) فعبر له بالمعنى ، فإن معنى شهادة أن لا إله إلا الله : أن تعبد الله ولا تشرك به شيئا . ولهذا لما سأله جبرائيل عليه السلام في حديث أبي هريرة رضي الله عنه فقال : يا رسول الله ، أخبرني عن الإسلام؟ قال : ( الإسلام أن تعبد الله ولا تشرك به شيئا) وفي حديث عمر رضي الله عنه قال : ( الإسلام أن تشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله ) فهذا يفسر هذا : فإن شهادة أن لا إله إلا الله : معناها إفراد الله بالعبادة ، وهذا هو عبادة الله وعدم الإشراك به مع الإيمان برسوله عليه الصلاة والسلام . وجاءه رجل فقال : يا رسول الله دلني على عمل أدخل به الجنة وأنجو من النار قال ( تعبد الله ولا تشرك به شيئا ) ثم قال ( وتقيم الصلاة ) إلى آخره . فعبادة الله وعدم الإشراك به هذا هو معنى لا إله إلا الله قال الله تعالى : {فَاعْلَمْ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ} يعني : اعلم أنه المستحق للعبادة ، وأنه لا عبادة لغيره ، بل هو المستحق لها وحده ، وأنه الإله الحق ، الذي لا تنبغي العبادة لغيره عز وجل . وإنكار المشركين لها يبين معناها . لأنهم إنما أنكروها لما علموا أنها تبطل آلهتهم وتبين أنهم على ضلالة ولهذا أنكروها فقالوا : {أَجَعَلَ الْآلِهَةَ إِلَهًا وَاحِداً} وقال الله عنهم : {إِنَّهُمْ كَانُوا إِذَا قِيلَ لَهُمْ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ يَسْتَكْبِرُونَ وَيَقُولُونَ أَئِنَّا لَتَارِكُو آلِهَتِنَا لِشَاعِرٍ مَجْنُونٍ} فعرفوا أنها تبطل آلهتهم وتبين زيفها ، وأنها لا تصلح للعبادة ، وأنها باطلة ، وأن الإله الحق هو الله وحده سبحانه وتعالى . ولهذا أنكروها فعبادتهم للأصنام أو الأشجار أو الأحجار ، أو الأموات أو الجن أو غير ذلك عبادة باطلة . فجميع المخلوقات ليس عندهم ضر ولا نفع ، كلهم مملوكون لله سبحانه وتعالى ، عبيده جل وعلا ، فلا يصلحون للعبادة . لأن الله سبحانه خالق كل شيء وهو القائل سبحانه وتعالى : {وَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ لا إِلَهَ إِلا هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ} وقال جل وعلا : {إِنَّمَا إِلَهُكُمُ اللَّهُ الَّذِي لا إِلَهَ إِلا هُوَ وَسِعَ كُلَّ شَيْءٍ علْماً}
فلوأن كل إنسان مسلم عمل بما تحتويه هذه الكلمه وأخلص بعبادته لله وحده في جميع أفعاله وأقواله لنجى من نار جهنم.
اللهم إنا نسألك الإخلاص في عبادتنا وأن تبعد عنا الشرك في القول والعمل اللهم آمين.
وصلي اللهم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين..
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وأصحابه ، ومن سلك سبيله واهتدى بهداه إلى يوم الدين..
معنى كلمة التوحيد لاإله إلا الله من كلام الشيخ عبدالعزيز بن باز رحمه الله تعالى.
قال الشيخ رحمه الله
هي أنه لا معبود حق إلا الله ، فهي نفي وإثبات . نفي للإلهية عن غير الله وإثبات لها بحق لله وحده سبحانه وتعالى ، فالإلهية التي يوصف بها غير الله باطلة وهي لله وحده بحق ثابتة له سبحانه وتعالى كما قال عز وجل : {ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ هُوَ الْبَاطِلُ} فالعبادة لله وحده دون كل ما سواه ، وأما صرف الكفار لها لغيره سبحانه فذلك باطل ووضع لها في غير محلها ، قال الله تعالى : {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} وقال سبحانه في سورة الفاتحة وهي أعظم سورة : {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} أمر الله المؤمنين أن يقولوا هكذا : {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} يعني نعبدك وحدك وإياك نستعين وحدك ، وقال عزوجل : {وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلا تُشْرِكُوا بِهِ شيئاً} وقال سبحانه : {وَمَا أُمِرُوا إِلا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ} وقال عز وجل : {فَادْعُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ} وقال سبحانه : {فَاعْبُدِ اللَّهَ مُخْلِصًا لَهُ الدِّينَ أَلا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ} إلى غير ذلك من آيات كثيرات كلها تدل على أنه سبحانه هو المستحق للعبادة وأن المخلوقين لا حظ لهم فيها ، وهذا هو معنى لا إله إلا الله وتفسيرها وحقيقتها تخص العبادة بحق الله وحده وتنفيها بحق عما سواه .
وكلمة لا إله إلا الله نفي وإثبات كما سبق ، نفي للعبادة بحق عن غير الله كائنا من كان وإثبات العبادة لله وحده بالحق كما قال جل وعلا عن إبراهيم الخليل عليه السلام أنه قال لأبيه وقومه : {إِنَّنِي بَرَاءٌ مِمَّا تَعْبُدُونَ إِلا الَّذِي فَطَرَنِي فَإِنَّهُ سَيَهْدِينِ وَجَعَلَهَا كَلِمَةً بَاقِيَةً فِي عقبه} وقال سبحانه : {قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَآءُ مِنْكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاءُ أَبَدًا حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ} وهذا قول الرسل جميعا لأن قوله سبحانه : {قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ} يعني به الرسل جميعا وهم الذين معه من أولهم إلى آخرهم ودعوتهم دعوته وكلمتهم هي البراءة من عبادة غير الله ومن المعبودين من دون الله الذين رضوا بالعبادة لهم ودعوا إليها ، فالمؤمن يتبرأ منهم وينكر عبادتهم ويؤمن بالله وحده المعبود بالحق سبحانه وتعالى ، ولهذا قال سبحانه في الآية السابقة عن إبراهيم أنه قال لأبيه وقومه : {إِنَّنِي بَرَاءٌ مِمَّا تَعْبُدُونَ إِلا الَّذِي فَطَرَنِي} وهو الله سبحانه وتعالى الذي فطره وفطر غيره فإنه لا يتبرأ من عبادته وإنما يتبرأ من عبادة غيره ، فالبراءة تكون من عبادة غيره سبحانه ، أما هو الذي فطر العباد وخلقهم وأوجدهم من العدم وغذاهم بالنعم فهو المستحق العبادة سبحانه وتعالى ، فهذا هو مدلول هذه الكلمة ومعناها ومفهومها ، وحقيقتها البراءة من عبادة غير الله وإنكارها واعتقاد بطلانها والإيمان بأن العبادة بحق لله وحده سبحانه وتعالى.
وكان الناس في عهد آدم وبعده إلى عشرة قرون كلهم على توحيد الله كما قال ابن عباس رضي الله عنهما ، ثم وقع الشرك في قوم نوح فعبدوا مع الله ودا وسواعا ويغوث ويعوق ونسرا كما ذكر الله ذلك في سورة نوح ، فأرسل الله إليهم نوحا عليه الصلاة والسلام يدعوهم إلى توحيد الله وينذرهم نقمة الله وعقابه ، فاستمروا في طغيانهم وكفرهم وضلالهم ولم يؤمن به منهم إلا القليل ، فأكثرهم ومعظمهم استكبروا عن ذلك كما بين الله ذلك في كتابه العظيم ، فماذا فعل الله بهم؟ فعل بهم ما بينه لنا في كتابه العظيم من إهلاكهم بالطوفان وهو الماء العام الذي ملأ الأرض وعلا فوق الجبال وأغرق الله به من كفر بالله وعصى رسوله نوح ولم ينج إلا من كان مع نوح في السفينة كما قال سبحانه : {فَأَنْجَيْنَاهُ وَأَصْحَابَ السَّفِينَةِ وَجَعَلْنَاهَا آيَةً لِلْعَالَمِينَ} وهذا عقابهم في العاجل في الدنيا ، ولهم عقاب آخر في الآخرة وهو العذاب في النار يوم القيامة نسأل الله العافية .
وجاء بعدهم قوم آخرون أشركوا بعبادتهم وكذبوا رسلهم فعاقبهم الله في الدنيا قبل الآخره وقد ذكرهم جل وعلا في كتابه العزيز إلى أن جاء خاتم الأنبياء محمد صلى الله عليه وسلم دعا الناس إلى عبادة الله وبشر بالجنة من آمن وحذر بالنار من كفر ، فآمن من آمن وهم القليل في مكة ، ثم بسبب الأذى له ولأصحابه أمره الله بالهجرة إلى المدينة ، فهاجر إليها ومن آمن معه ممن استطاع الهجرة ، فصارت المدينة دار الهجرة ، والعاصمة الأولى للمسلمين ، وانتشر فيها دين الله ، وقامت فيها سوق الجهاد بعد تعب عظيم ، وإيذاء شديد من قريش وغيرهم لرسول الله صلى الله عليه وسلم وللمؤمنين معه في مكة .
كل ذلك من أجل هذه الكلمة " لا إله إلا الله " الرسل تدعو إليها ومحمد خاتمهم عليه الصلاة والسلام يدعو إلى ذلك ، يدعو إلى الإيمان بها ، واعتقاد معناها ، وتعطيل الآلهة التي عبدوها من دون الله وإنكارها وإخلاص العبادة لله وحده ، والمشركون يأبون ذلك ، ويقولون إنهم سائرون على طريقة أسلافهم ، ويقولون : {إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِمْ مُقْتَدُونَ}
وكان صلى الله عليه وسلم إذا سئل عن عمل يدخل به العبد الجنة وينجو به من النار قال له : ( تشهد أن لا الله إلا الله وأن محمدا رسول الله ) وربما قال له : ( تعبد الله ولا تشرك به شيئا ) فعبر له بالمعنى ، فإن معنى شهادة أن لا إله إلا الله : أن تعبد الله ولا تشرك به شيئا . ولهذا لما سأله جبرائيل عليه السلام في حديث أبي هريرة رضي الله عنه فقال : يا رسول الله ، أخبرني عن الإسلام؟ قال : ( الإسلام أن تعبد الله ولا تشرك به شيئا) وفي حديث عمر رضي الله عنه قال : ( الإسلام أن تشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله ) فهذا يفسر هذا : فإن شهادة أن لا إله إلا الله : معناها إفراد الله بالعبادة ، وهذا هو عبادة الله وعدم الإشراك به مع الإيمان برسوله عليه الصلاة والسلام . وجاءه رجل فقال : يا رسول الله دلني على عمل أدخل به الجنة وأنجو من النار قال ( تعبد الله ولا تشرك به شيئا ) ثم قال ( وتقيم الصلاة ) إلى آخره . فعبادة الله وعدم الإشراك به هذا هو معنى لا إله إلا الله قال الله تعالى : {فَاعْلَمْ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ} يعني : اعلم أنه المستحق للعبادة ، وأنه لا عبادة لغيره ، بل هو المستحق لها وحده ، وأنه الإله الحق ، الذي لا تنبغي العبادة لغيره عز وجل . وإنكار المشركين لها يبين معناها . لأنهم إنما أنكروها لما علموا أنها تبطل آلهتهم وتبين أنهم على ضلالة ولهذا أنكروها فقالوا : {أَجَعَلَ الْآلِهَةَ إِلَهًا وَاحِداً} وقال الله عنهم : {إِنَّهُمْ كَانُوا إِذَا قِيلَ لَهُمْ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ يَسْتَكْبِرُونَ وَيَقُولُونَ أَئِنَّا لَتَارِكُو آلِهَتِنَا لِشَاعِرٍ مَجْنُونٍ} فعرفوا أنها تبطل آلهتهم وتبين زيفها ، وأنها لا تصلح للعبادة ، وأنها باطلة ، وأن الإله الحق هو الله وحده سبحانه وتعالى . ولهذا أنكروها فعبادتهم للأصنام أو الأشجار أو الأحجار ، أو الأموات أو الجن أو غير ذلك عبادة باطلة . فجميع المخلوقات ليس عندهم ضر ولا نفع ، كلهم مملوكون لله سبحانه وتعالى ، عبيده جل وعلا ، فلا يصلحون للعبادة . لأن الله سبحانه خالق كل شيء وهو القائل سبحانه وتعالى : {وَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ لا إِلَهَ إِلا هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ} وقال جل وعلا : {إِنَّمَا إِلَهُكُمُ اللَّهُ الَّذِي لا إِلَهَ إِلا هُوَ وَسِعَ كُلَّ شَيْءٍ علْماً}
فلوأن كل إنسان مسلم عمل بما تحتويه هذه الكلمه وأخلص بعبادته لله وحده في جميع أفعاله وأقواله لنجى من نار جهنم.
اللهم إنا نسألك الإخلاص في عبادتنا وأن تبعد عنا الشرك في القول والعمل اللهم آمين.
وصلي اللهم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين..