مشاهدة النسخة كاملة : الرد على شبهة عدم إنفاق الزوج على مرض زوجته
أبوحمزة السيوطي
2008-12-09, 01:25 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم
أما بعد ,,,
فقد أثيرت من قديم بلبلة حول فتوى هذا نصها :
رقـم الفتوى : 18627
عنوان الفتوى : ما قاله أهل العلم في حكم إنفاق الزوج لعلاج زوجته
تاريخ الفتوى : 21 ربيع الثاني 1423 / 02-07-2002
السؤال
ما حكم إلزام الزوج بالنفقة على علاج زوجته المريضة؟ قانونا وشرعا( باختلاف المذاهب), نرجو إفادتنا ولكم جزيل الشكر.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالمسلم يجب عليه أن يلزم أحكام الله المبينة في شرعه ولا يلتفت إلى ما خالفها من قوانين وضعية، وهذه القوانين المباينة للشرع يحرم على المسلم الرجوع إليها في تنازعه والتحاكم إليها في قضاياه.
وأما ثمن الدواء وأجرة الطبيب فلا تجب على الزوج لزوجته ولا تدخل من ضمن النفقة الواجبة عليه باتفاق المذاهب الأربعة؛ إلا أجرة القابلة فاختلفوا فيها. فقال الحنفية: واجبة على من استأجرها إن كان الزوج أو الزوجة، ولا يجبر الزوج على استئجارها، فإن جاءت بغير استئجار قالوا: فلقائل أن يقول أجرتها عليه لأنها مؤنة جماع، ولقائل أن يقول عليها كأجرة الطبيب.
والمشهور عند المالكية أن أجرة القابلة على الزوج، وأما الشافعية والحنابلة فلم نعثر على نص لهم في المسألة هذه، لكن الأشبه عند الشافعية هو وجوب أجرتها على الزوج لأنهم يوجبون عليه كل ما ترتب على سبب تسبب هو فيه، كثمن ماء غسل الجماع والنفاس ونحوهما من مؤنه الجماع فيجب على الزوج توفيره لها.
لكن ينبغي للزوج أن يعالج زوجته إن كان قادراً على ذلك ولا مال للزوجة، لأن ذلك من الإحسان وحسن العشرة والمعروف الذي يثاب ويؤجر عليه، وأولى الناس بمعروفه زوجته.
والله أعلم.
---------------------------------------------------------------------------------
والذي أثار فيها هو التصريح بأن الزوج ليس عليه أجرة الطبيب ولا الدواء وما يخص مرضها وظن البعض أن ذلك لأن الزوجة في هذه الحالة لا تكون قادرة على الجماع فتسقط عنه النفقة عليها وهذا كلام خطأ لا يستقيم مع الشريعة ..
وإنما هذه الفتوى كما قال بعض أهل العلم أنها مرتبطة بعرف القوم آن ذاك وأن هناك أشياء تكون نفقتها على الأب وليس على الزوج ..
وهذا مثل ما يتعارف عليه البعض الآن في حالة أن الزوجة تدرس في الجامعة مثلا فتكون نفقة الدراسة على الأب وليس على الزوج ..
لكن على كلٍ كلام المذاهب ليس وحياً أو نصوصاً قرآنية نقف عنده وإنما هو إجتهاد علماء يحتمل الصواب والخطأ وإذا كان عرفا يتقاضى به بعض القوم فلا يجب أن يكون أيضا دينا ..
وحتى لا أطيل ويظن أحد أني أرد على العلماء فأنقل لكم رد الامام ابن حزم رحمة الله على الجميع كلام تأصيلي جيد فيه فوائد كثيرة إن شاء الله ..
يتبع ...
أبوحمزة السيوطي
2008-12-09, 02:13 PM
من المحلى لابن حزم :
وعلى الزوج كسوة الزوجة مذ أن يعقد بها ...
1850 - مَسْأَلَةٌ: وَعَلَى الزَّوْجِ كِسْوَةُ الزَّوْجَةِ مُذْ يَعْقِدُ النِّكَاحَ وَنَفَقَتُهَا، وَمَا تَتَوَطَّاهُ وَتَتَغَطَّاهُ وَتَفْتَرِشُهُ، وَإِسْكَانُهَا كَذَلِكَ أَيْضًا صَغِيرَةً أَوْ كَبِيرَةً ذَاتَ أَبٍ أَوْ يَتِيمَةً غَنِيَّةً أَوْ فَقِيرَةً دُعِيَ إلَى الْبِنَاءِ أَوْ لَمْ يُدْعَ نَشَزَتْ أَوْ لَمْ تَنْشِزْ حُرَّةً كَانَتْ أَوْ أَمَةً بُوِّئَتْ مَعَهُ بَيْتًا أَوْ لَمْ تُبَوَّأْ. برهان ذَلِكَ: مَا رُوِّينَاهُ مِنْ طَرِيقِ أَبِي دَاوُد، حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، حَدَّثَنَا أَبُو قَزَعَةَ الْبَاهِلِيُّ "، عَنْ حَكِيمِ بْنِ مُعَاوِيَةَ الْقُشَيْرِيِّ قَالَ:
قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا حَقُّ زَوْجَةِ أَحَدِنَا عَلَيْهِ قَالَ: " أَنْ تُطْعِمَهَا إذَا طَعِمْتُ وَتَكْسُوَهَا إذَا اكْتَسَيْتُ، وَلاَ تَضْرِبْ الْوَجْهَ، وَلاَ تُقَبِّحْ، وَلاَ تَهْجُرْ إِلاَّ فِي الْبَيْتِ".
قال أبو محمد: أَبُو قَزَعَةَ هَذَا هُوَ سُوَيْدُ بْنُ حُجَيْرٍ ثِقَةٌ، رَوَى عَنْهُ شُعْبَةُ، وَابْنُ جُرَيْجٍ، وَحَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، وَابْنُهُ قَزَعَةُ، وَغَيْرُهُمْ. وَمِنْ طَرِيقِ مُسْلِمٍ، حَدَّثَنَا الْحَجَّاجُ، حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إبْرَاهِيمَ، هُوَ ابْنُ رَاهْوَيْهِ، عَنْ حَاتِمِ بْنِ إسْمَاعِيلَ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ فِي خُطْبَتِهِ فِي عَرَفَةَ يَوْمَ عَرَفَةَ:
"فَاتَّقُوا اللَّهَ فِي النِّسَاءِ فَإِنَّكُمْ أَخَذْتُمُوهُنَّ بِأَمَانِ اللَّهِ وَاسْتَحْلَلْتُمْ فُرُوجَهُنَّ بِكَلِمَةِ اللَّهِ تَعَالَى وَلَكُمْ عَلَيْهِنَّ أَنْ لاَ يُوطِئْنَ فُرُشَكُمْ أَحَدًا تَكْرَهُونَهُ، فَإِنْ فَعَلْنَ ذَلِكَ فَاضْرِبُوهُنَّ ضَرْبًا غَيْرَ مُبَرِّحٍ وَلَهُنَّ عَلَيْكُمْ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ" .
فَعَمَّ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كُلَّ النِّسَاءِ وَلَمْ يَخُصَّ نَاشِزًا مِنْ غَيْرِهَا، وَلاَ صَغِيرَةً، وَلاَ كَبِيرَةً، وَلاَ أَمَةً مُبَوَّأَةً بَيْتًا مِنْ غَيْرِهَا وَمَا يَنْطِقُ، عَنِ الْهَوَى إنْ هُوَ إِلاَّ وَحْيٌ يُوحَى وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيًّا.
حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ خَالِدٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ السَّلاَمِ الْخُشَنِيُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْقَطَّانُ، حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ أَخْبَرَنِي نَافِعٌ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: كَتَبَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ إلَى أُمَرَاءِ الأَجْنَادِ: أَنْ اُنْظُرُوا إلَى مَنْ طَالَتْ غَيْبَتُهُ أَنْ يَبْعَثُوا بِنَفَقَةٍ أَوْ يَرْجِعُوا وَذَكَرَ بَاقِي الْخَبَرِ، فَلَمْ يَسْتَثْنِ عُمَرُ امْرَأَةً مِنْ امْرَأَةٍ.نَا مُحَمَّدُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ نَبَاتٍ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَوْنِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ السَّلاَمِ الْخُشَنِيُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ غُنْدَرٌ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ قَالَ: سَأَلْت الْحَكَمَ بْنَ عُتَيْبَةَ، عَنْ امْرَأَةٍ خَرَجَتْ مِنْ بَيْتِ زَوْجِهَا غَاضِبَةً هَلْ لَهَا نَفَقَةٌ قَالَ: نَعَمْ.
قال أبو محمد: وَرُوِّينَا، عَنْ نَحْوِ خَمْسَةٍ مِنْ التَّابِعِينَ: لاَ نَفَقَةَ لِنَاشِزٍ وَهَذَا قَوْلٌ خَطَأٌ مَا نَعْلَمُ لِقَائِلِهِ حُجَّةً. فإن قيل: إنَّ النَّفَقَةَ بِإِزَاءِ الْجِمَاعِ، وَالطَّاعَةِ قلنا: لاَ، بَلْ هَذَا الْقَوْلُ كَذِبٌ، وَأَوَّلُ مَنْ يُبْطِلُهُ أَنْتُمْ، أَمَّا الْحَنَفِيُّونَ، وَالشَّافِعِيُّونَ فَيُوجِبُونَ النَّفَقَةَ عَلَى الزَّوْجِ الصَّغِيرِ عَلَى الْكَبِيرَةِ، وَلاَ جِمَاعَ هُنَالِكَ، وَلاَ طَاعَةَ.
وَالْحَنَفِيُّونَ، وَالْمَالِكِيُّونَ، وَالشَّافِعِيُّونَ: يُوجِبُونَ النَّفَقَةَ عَلَى "الْمَجْبُوبِ وَالْعِنِّينِ".
وَلاَ خِلاَفَ فِي وُجُوبِ النَّفَقَةِ عَلَى الْمَرِيضَةِ الَّتِي لاَ يُمْكِنُ جِمَاعُهَا، وَقَدْ بَيَّنَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ مَا عَلَى النَّاشِزِ فَقَالَ: {وَاَللاَّتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلاَ تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلاً} .
فَأَخْبَرَ عَزَّ وَجَلَّ أَنَّهُ لَيْسَ عَلَى النَّاشِزِ إِلاَّ الْهَجْرُ وَالضَّرْبُ، وَلَمْ يُسْقِطْ عَزَّ وَجَلَّ نَفَقَتَهَا، وَلاَ كِسْوَتَهَا فَعَاقَبْتُمُوهُنَّ أَنْتُمْ بِمَنْعِهَا حَقَّهَا، وَهَذَا شَرْعٌ فِي الدِّينِ لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ، فَهُوَ بَاطِلٌ. فَإِنْ قَالُوا: إنَّهَا ظَالِمَةٌ بِنُشُوزِهَا قلنا: نَعَمْ، وَلَيْسَ كُلُّ ظَالِمٍ يَحِلُّ مَنْعُهُ مِنْ مَالِهِ إِلاَّ أَنْ يَأْتِيَ بِذَلِكَ نَصٌّ، وَإِلاَّ فَلَيْسَ هُوَ حُكْمُ اللَّهِ، هَذَا حُكْمُ الشَّيْطَانِ، وَظُلْمَةُ الْعُمَّالِ وَالشَّرْطِ.
وَالْعَجَبُ كُلُّهُ أَنَّهُمْ لاَ يُسْقِطُونَ قَرْضًا أَقْرَضَتْهُ إيَّاهُ مِنْ أَجْلِ نُشُوزِهَا فَمَا ذَنْبُ نَفَقَتِهَا تَسْقُطُ دُونَ سَائِرِ حُقُوقِهَا إنَّ هَذَا لَعَجَبٌ عَجِيبٌ وَقَالَ بِوُجُوبِ النَّفَقَةِ عَلَى الصَّغِيرَةِ: سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، وَأَبُو سُلَيْمَانَ، وَأَصْحَابُنَا.
وَمَا نَعْلَمُ لِمَنْ أَسْقَطَهَا حُجَّةً أَصْلاً، فَهُوَ بَاطِلٌ بِلاَ شَكٍّ، قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: {قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ} فَصَحَّ أَنَّ مَنْ لاَ برهان لَهُ عَلَى صِحَّةِ قَوْلِهِ فَقَوْلُهُ بَاطِلٌ. وقال مالك: لاَ نَفَقَةَ عَلَى الزَّوْجِ إِلاَّ حَتَّى يُدْعَى إلَى الْبِنَاءِ.
قال أبو محمد: هَذَا الْحُكْمُ دَعْوَى مُجَرَّدَةٌ لاَ برهان عَلَى صِحَّتِهَا، لاَ مِنْ قُرْآنٍ، وَلاَ مِنْ سُنَّةٍ، وَلاَ قَوْلِ صَاحِبٍ، وَلاَ قِيَاسٍ، وَلاَ رَأْيٍ صَحِيحٍ. وَقَدْ بَيَّنَّا أَنَّ السُّنَّةَ الثَّابِتَةَ جَاءَتْ بِخِلاَفِهِ فَهُوَ سَاقِطٌ وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ.
يتبع ...
أبوحمزة السيوطي
2008-12-09, 02:20 PM
يجب على الزوج النفقة على زوجته في كل الحالات وتحت كل الظروف لأنه قد أخذها من أهله وانتقلت من كفالة ورعاية أبيها الى كفالة ورعاية الزوج فيجب عليه أن ينفق عليها كما ينفق على أولاده غنية كانت أو فقيرة ..
د. عبدالعزيز بن فوزان الفوزان :
: إذا كانت المرأة مقتدرة مادياً أو غنية هل يعفى الزوج من مسؤولياته تجاهها وتجاه بيته وأولاده ؟
نفقة الزوجة واجبة على زوجها، وهي حق من آكد حقوقها عليه، فيلزمه توفير كل ما تحتاج إليه من طعام وكساء ودواء ومأوى وأدوات تنظيف ومتاع بيت ونحو ذلك مما تحتاجه المرأة وجرت به العادة وتعارف عليه الناس.
والنفقة لازمة للزوج على كل حال سواء كان موسراً أو معسراً، وسواء كانت زوجته غنية أو فقيرة، لأن نفقته عليها من باب المعاوضة، فهي محبوسة عليه لمصلحته ومصلحة بيته وعياله، فتجب عليه نفقتها ولو كانت تملك الملايين.
وهذا من أهم الفروق بين نفقة الزوجات، ونفقة القرابة كالوالدين والأولاد وغيرهم، لأن النفقة عليهم من باب الإحسان والمواساة، فيشترط لوجوب النفقة لهم أن يكون المنفِق غنياً قادراً على الإنفاق، وأن يكونوا فقراء لا مال لهم ولا كسب يستغنون به، فإن كان أحدهم موسراً أو قادراً على التكسب فلا نفقة له، لأنها تجب له على سبيل المواساة، والموسر مستغنٍ عن المواساة.
أما الزوجة فتجب لها النفقة مطلقاً، موسرة كانت أو معسرة، لأن وجوب تلك النفقة ليس لوجود الحاجة، وإنما على سبيل المعاوضة، فيستوي فيها المعسرة والموسرة، كالمهر.
وقد دل على ذلك الكتاب والسنة والإجماع والمعقول. قال الله تعالى: {الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاء بِمَا فَضَّلَ اللّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنفَقُواْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ} (النساء/34) فدلت الآية على وجوب نفقة الزوجة على زوجها، وأن إلزامه بهذا الواجب من أسباب جعل القوامة له عليها. وقال ـ عز وجل ـ: {لِيُنفِقْ ذُو سَعَةٍ مِّن سَعَتِهِ وَمَن قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنفِقْ مِمَّا آتَاهُ اللَّهُ لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا مَا آتَاهَا} (سورة الطلاق/7)
وقد جاءت هذه الآية في سياق أحكام الزوجات، والخطاب فيها للأزواج، أن ينفقوا على زوجاتهم بقدر استطاعتهم، والأمر للوجوب.
قال القرطبي في الآية:"أي: لينفق الزوج على زوجته، وعلى ولده الصغير على قدر وسعه، حتى يوسع عليهما إذا كان موسّعاً عليه. ومن كان فقيراً فعلى قدر ذلك"[1]
وقال - عز وجل -: {وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلاَدَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَن يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ وَعلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ لاَ تُكَلَّفُ نَفْسٌ إِلاَّ وُسْعَهَا} (سورة البقرة/233)
فالضمير في قوله: {رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ} (سورة البقرة/233)راجع إلى الوالدات المذكورات في أول الآية، فدلت الآية على أنه يجب على والد الطفل نفقة الوالدات وكسوتهن بالمعروف.
وعن عائشة - رضي الله عنها - قالت: دخلت هند بنت عتبة، امرأة أبي سفيان على رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقالت: يارسول الله، إن أبا سفيان رجل شحيح، لايعطيني من النفقة مايكفيني، ويكفي بنيّ، إلا ماأخذت من ماله بغير علمه، فهل عليّ في ذلك من جناح ؟ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "خذي من ماله بالمعروف، ما يكفيك ويكفي بنيك"متفق عليه[2].
فهذا الحديث صريح في وجوب نفقة الزوجة على زوجها، وأن ذلك مقدر بكفايتها، ولو لم تكن نفقتها واجبة عليه، لم يأذن لها بالأخذ من ماله بغير إذنه.
كما يدل على ذلك: المعقول الصحيح، حيث إن المرأة محبوسة على زوجها، لمنفعته ورعاية حقه. فكانت نفقتها عليه، لأن نفع حبسها عائد إليه.
فالنفقة جزاء الاحتباس. وكل من كان محبوساً لمنفعة تعود إلى غيره، كانت نفقته عليه.وذلك كالوالي والقاضي والمفتي، والمضارب، والعامل على الصدقات، ونحوهم.
ولهذا فلا يجوز للزوج الامتناع عن النفقة أو المماطلة فيها، وقد بين النبي - صلى الله عليه وسلم – إثم من يفعل ذلك فقال:"كفى بالمرء إثماً أن يضيع من يعول"رواه أبو داود والنسائي وصححه الحاكم والذهبي[3]. ورواه مسلم بلفظ"كفى بالمرء إثماً أن يحبس عمن يملك قوته"[4]
والمعنى: يكفيه من الإثم أن يضيع من يلزمه قوته من الزوجات والأقارب.
ولم يكتف الإسلام بتحريم منع النفقة الواجبة، بل ألزم مانعها بدفعها لمستحقيها، ولو أدى ذلك إلى حبسه، أو أخذ النفقة من ماله كرهاً.
فقد قال العلماء: إذا امتنع شخص من دفع النفقة الواجبة عليه، رُفع أمره إلى الحاكم، فيأمره بالإنفاق، ويجبره عليه، فإن أبى حَبَسه، وضربه، فإن لم يُجد ذلك معه، أخذ الحاكم النفقة من ماله ودفعها لمستحقها من الزوجات أو القرابات. وهذه قاعدة عامة في كل من امتنع من أداء حق واجب عليه، مع قدرته على أدائه.
فإن كان الزوج فقيراً عاجزاً عن النفقة، فيحق للزوجة رفع أمرها إلى القاضي لكي يفسخها منه.
--------------------------------------------------------------------------------
[1] الجامع لأحكام القرآن (18/170).
[2] صحيح البخاري (18/80/5364)، صحيح مسلم (11/383/4574).
[3] سنن أبي داود (5/262/1694)، السنن الكبرى للنسائي (5/374)، مستدرك الحاكم مع تعليقات الذهبي (7/81).
[4] صحيح مسلم (6/295/2359).
أبوحمزة السيوطي
2008-12-09, 02:30 PM
بل إن علماء المذاهب إختلفوا في هذا الأمر على أنفسهم فمنهم من قال وجوب النفقة ومنهم ن قال عدم وجوبها فممن قال بوجوب النفقة على المريضة :
أما الزوجة المريضة فلها النفقة عند الأئمة الأربعة، قال ابن عابدين (حنفي) : اعلم أن المذهب المصحح الذي عليه الفتوى وجوب النفقة للمريضة قبل النقلة أو بعدها. حاشية ابن عابدين.
وقال النفراوي (مالكي): المدخول بها تجب لها النفقة مطلقا على الزوج البالغ الموسر، سواء كان حرا أو عبدا، سواء كانت صغيرة أو كبيرة، صحيحة أو مريضة. الفواكه الدواني.
وقَالَ الشَّافِعِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى: وَلَوْ كَانَتْ مَرِيضَةً لَزِمَتْهُ نَفَقَتُهَا. انتهى من الحاوي في الفقه الشافعي .
قال البهوتي - وهو حنبلي -: فتجب النفقة حتى ولو تعذر وطؤها لمرض أو حيض أو نفاس .
أبوحمزة السيوطي
2008-12-09, 02:33 PM
الموضوع ( 3320 ) مصاريف علاج الزوجة والأولاد.
المفتى : فضيلة الشيخ حسن مأمون.
14 رمضان سنة 1377ه 3 إبريل سنة 1958م.
المبادئ:
1- مصاريف علاج الزوجة من أجرة طبيب ومداواة تكون على الزوج ولوكانت موسرة.
2- جميع ما يحتاجه الصغير الفقير من طعام وكسوة وأجرة خادم وطبيب وثمن دواء يكون على أبيه لا يشاركه أحد.
سئل : من م ع ح بطلبه بيان حكم علاج الزوجة والأولاد من أجرة طبيب وثمن أدوية وأجرة القابلة وعلى من تجب على الزوج أو الزوجة ؟؟
أجاب :
عن مصاريف علاج الزوجة مذهب الحنفية أن مصاريف علاج الزوجة لا تجب على الزوج فقد جاء فى رد المحتار ( كما لا يلزمه مداواتها أى اتيانه لها بدواء المرض ولا أجرة الطبيب ولا الحجامة هندية عن السراج ) - انتهى -.
وهذا هو المعروف فى مذاهب الأئمة الثلاثة أيضا إلا أن صاحب منح الجليل نقل عن ابن عبد الحكم من فقهاء المالكية ( إن على الزوج أجرة الطبيب والمداواة ) وهو رأى وجيه نرى الأخذ والافتاء به فنوجب على الزوج مصاريف علاج زوجته من ماله الخاص ولو غنية -
الياس الجزائري
2008-12-09, 02:44 PM
:p015::p015::p015:
بارك الله فيك
رد رائع
أبوحمزة السيوطي
2008-12-09, 02:44 PM
ومن كلام الإمام السرخسي في كتاب المبسوط ( الفقه الحنفي) :
بابُ النَّفَقَةِ ( قَالَ : ) رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ اعْلَمْ بِأَنَّ نَفَقَةَ الْغَيْرِ تَجِبُ بِأَسْبَابٍ مِنْهَا الزَّوْجِيَّةُ ، وَمِنْهَا الْمِلْكُ ، وَمِنْهَا النَّسَبُ ، وَهَذَا الْبَابُ لِبَيَانِ نَفَقَةِ الزَّوْجَاتِ .
وَالْأَصْلُ فِيهِ قَوْله تَعَالَى { وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ } وَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى : { وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ } وَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى : { أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنْتُمْ مِنْ وُجْدِكُمْ } مَعْنَاهُ : أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنْتُمْ وَأَنْفِقُوا عَلَيْهِنَّ مِنْ وُجْدِكُمْ ، وَقَالَ : صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { أُوصِيكُمْ بِالنِّسَاءِ خَيْرًا ؛ فَإِنَّهُنَّ عِنْدَكُمْ عَوَانٌ ، اتَّخَذْتُمُوهُنَّ بِأَمَانَةِ اللَّهِ ، وَاسْتَحْلَلْتُمْ فُرُوجَهُنَّ بِكَلِمَةِ اللَّهِ ، وَإِنَّ لَكُمْ عَلَيْهِنَّ أَنْ لَا يُوطِئْنَ فُرُشَكُمْ أَحَدًا ، وَأَنْ لَا يَأْذَنَّ فِي بُيُوتِكُمْ لِأَحَدٍ تَكْرَهُونَهُ ، فَإِذَا فَعَلْنَ ذَلِكَ فَاضْرِبُوهُنَّ ضَرْبًا غَيْرَ مُبَرِّحٍ ، وَإِنَّ لَهُنَّ عَلَيْكُمْ نَفَقَتُهُنَّ ، وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ } وَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِهِنْدَ : { خُذِي مِنْ مَالِ أَبِي سُفْيَانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ مَا يَكْفِيك وَوَلَدَك بِالْمَعْرُوفِ } ، وَلِأَنَّهَا مَحْبُوسَةٌ لِحَقِّ الزَّوْجِ وَمُفَرِّغَةٌ نَفْسَهَا لَهُ فَتَسْتَوْجِبُ الْكِفَايَةَ عَلَيْهِ فِي مَالٍ ، كَالْعَامِلِ عَلَى الصَّدَقَاتِ لَمَّا فَرَّغَ نَفْسَهُ لِعَمَلِ الْمَسَاكِينِ اسْتَوْجَبَ كِفَايَتَهُ فِي مَالِهِمْ ، وَالْقَاضِي لَمَّا فَرَّغَ نَفْسَهُ لِعَمَلِهِ لِلْمُسْلِمِينَ اسْتَوْجَبَ الْكِفَايَةَ فِي مَالِهِمْ .
انتهى كلامه رحمه الله ...
وعليه ومما سبق نقول :
أن نفقة الزوج على الزوجة مطلقة لأنها كما قلت انتقلت من رعاية وكفالة أهلها أو أبيها الى رعايتة وكفالة الزوج فحبسها عنده فوجب عليه النفقة مطلقا ..
بل إن حاجة الزوجة للدواء أكثر من حاجتها للكسوة فكيف يعقل أن تكون الكسوة واجبة وأن الدواء ليس واجب عليه ..
ولعل ما ذهب إليه بعض المذهبيين له أبعاد أخرى أو حكموا فيها تبعا لعرف القوم آن ذاك ولن نبحث في ذلك لكن نلتمس أعذارا ولا حاجة للبحث لأنه ليس منصوص على ذلك في القرآن أو السنة بل المنصوص عليه هو وجوب النفقة مطلقا والقائل بغير ذلك لزمته الحجة وإظهار الدليل إن استطاع ..
والله أعلى وأعلم ..
وحسبنا الله ونعم الوكيل
أبوحمزة السيوطي
2008-12-09, 02:48 PM
:p015::p015::p015:
بارك الله فيك
رد رائع
وفيك بارك أخي الحبيب
شرفني مرورك
سيف الحتف
2008-12-09, 02:59 PM
بارك الله فيك اخى الحبيب فلقد نسفت تلك الشبهة نسفاً , سلمت يداك
أبوحمزة السيوطي
2008-12-09, 03:45 PM
حبيبي وأخي صاعقة الاسلام
بارك الله فيك وجزاك خيرا على مرورك الطيب
Powered by vBulletin® Version 4.2.0 Copyright © 2024 vBulletin Solutions, Inc. All rights reserved, TranZ by Almuhajir