المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : بلاغة القرآن في حرف الواو



الصفحات : [1] 2

أبوحمزة السيوطي
2009-02-09, 06:39 PM
الحمد لله رب العالمين وأصلي وأسلم على نبينا الأمين وآله وصحبه أجمعين

أما بعد ,,,

فإن خير كلام كلام الله عز وجل أحسن الكلام تنسيقا وأحسنه بيانا وأقواه بلاغةً وإن فيه حلاوة و أن عليه لطلاوة و أنه لمثمر أعلاه مغدق أسفله و أنه ليعلو و ما يعلى و أنه ليحطم ما تحته .

يغدو في معانيه القلب ويروح ويخشع وتقشعر من خشية قائله الأبدان والجلود وتخضع .

إذا قُرِء نزلت السكينة وإذا أُصغي إليه حفت الرحمة القارئ والسامع لا يتدبره إلا ذو لب سليم ولا يُهمله إلا من كانت على قلوبهم أقفال مفاتيحها لتنوء بالعصبة أولي القوة .

نظمها الله عز وجل بما عجز أهل الكلام من الإنس والجن عن الإتيان بمثله ولو كان بعضهم لبعض ظهيرا .

فصار للحرف مكانً وبيانا وبلاغةً يعرفها الحذاق والبسطاء إذا فقهوا شرط الله عز وجل عليهم { أفلا يتدبرون القرآن }

ومن مزاياه أنه يصور المشهد تصويرا يستقر في الأذهان كأنه رأي عين ومن بلاغته أنه بحرف واحد يضع الشيء في موضعه ويرسم لك صورة كاملة واضحة ومن ذلك قول الله عز وجل في سورة الزمر وأرجوا التدبر وتصور الموقفين التاليين :

{ وَسِيقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى جَهَنَّمَ زُمَرًا حَتَّى إِذَا جَاءُوهَا فُتِحَتْ أَبْوَابُهَا وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ يَتْلُونَ عَلَيْكُمْ آيَاتِ رَبِّكُمْ وَيُنْذِرُونَكُمْ لِقَاءَ يَوْمِكُمْ هَذَا قَالُوا بَلَى وَلَكِنْ حَقَّتْ كَلِمَةُ الْعَذَابِ عَلَى الْكَافِرِينَ (71) }

{ وَسِيقَ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ إِلَى الْجَنَّةِ زُمَرًا حَتَّى إِذَا جَاءُوهَا وَفُتِحَتْ أَبْوَابُهَا وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا سَلَامٌ عَلَيْكُمْ طِبْتُمْ فَادْخُلُوهَا خَالِدِينَ (73) }

بالنسبة لوفد النار { حَتَّى إِذَا جَاءُوهَا فُتِحَتْ أَبْوَابُهَا }

وإذا أداة شرط وجوابها فتحت فدل ذلك على أنها أي الأبواب كانت مغلقة وبمجرد وصول أهل النار إلى النار فتحت أوابها ..

وتصوير المشهد أنه من المعلوم أن للنار زئير وشهيق وزفير يأكل بعضها بعضا لها حثيث فيساق أهلها وهم في الطريق إليها يسمعون حثيثها وهي مغلقة أمامهم فيكون ذلك تعذيب نفسي لهم لأنهم لا يعلمون ما سيُلاقونه وراء هذه الأبواب من هول ما يسمعون فكان مشهدا قاسيا حتى إذا وصلوا إليها فتحت أبوابها ..

أعاذني الله وإياكم منها ومن حثيثها ..


وبالنسبة لأهل الجنة { حَتَّى إِذَا جَاءُوهَا وَفُتِحَتْ أَبْوَابُهَا }

قال الآلوسي رحمه الله :

والواو للحال والجملة حالية بتقدير قد على المشهور أي جاءوها وقد فتحت لهم أبوابها كقوله تعالى : { جَنَّـٰتِ عَدْنٍ مُّفَتَّحَةً لَّهُمُ ٱلأَبْوَابُ }[ص: 50]
ويشعر ذلك بتقدم الفتح كأن خزنة الجنات فتحوا أبوابها ووقفوا منتظرين لهم، وهذا كما تفتح الخدم باب المنزل للمدعو للضيافة قبل قدومه وتقف منتظرة له، وفي ذلك من الاحترام والإكرام ما فيه .

قلت :
أي أن تقدير الكلام حتى إذا جاءوها وقد فتحت أبوابها إستعدادا لاستقبال أهلها فيراها أهلها من خلال الأبواب المفتوحة وهم يساقون إليها من بُعد يرون إشراقها ويشمون من ريحها وإن للجنة ريحا يزداد طيبه كلما اقتربوا إليها فهم في الطريق في شوق وبهجة وتفاؤل مشرقة وجوههم من النعيم الذي يرون دلائله نابعا من هذه الأبواب المفتحة .

جعلني الله وإياكم من أهلها ...

فأي كلام مثل كلام الله عز وجل بيانا وبلاغة ...

والحمد لله رب العالمين

زنبقة الاسلام
2009-02-09, 07:06 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
جزاك الله كل خير أخي الفاضل أبو حمزة
موضوع قيم
ماأجمل كلام الله

جعلني الله وإياكم من أهلها ...
اللهم آمين

سيف الحتف
2009-02-09, 07:22 PM
جزّاكم الله خيراً شيخنا أبو حمزة ..

لكن لىّ تعقيب ..

لقد سمعت شرح لها قبل ذلك على قناة اقرأ ولكنى لا أتذكره كثيراً وهو أن حرف الواو فى اللغة العربية بيدل على أن العدد يزيد عن 7 ..وأبواب الجنة 8 أبواب وأبواب النار 7 أبواب ..لذلك لم يأت حرف الواو مع ابواب النار وجاءت مع أبواب الجنة لأنه تزيد عن 7 وهذا من بلاغة القرآن..

أرجو أن أكون وفقت فى شرح ما أردت إيضاحه ..

الهزبر
2009-02-09, 09:31 PM
السلام عليكم

حَتَّى إِذَا جَاءُوهَا فُتِحَتْ أَبْوَابُهَا


اذا هنا ظرف لزمان المستقبل يفيد معنى الشرط. وجوابه فتحت فلا تفتح الا اذا جاؤوها.

جزيت خيرا



لقد سمعت شرح لها قبل ذلك على قناة اقرأ ولكنى لا أتذكره كثيراً وهو أن حرف الواو فى اللغة العربية بيدل على أن العدد يزيد عن 7 ..وأبواب الجنة 8 أبواب وأبواب النار 7 أبواب ..لذلك لم يأت حرف الواو مع ابواب النار وجاءت مع أبواب الجنة لأنه تزيد عن 7 وهذا من بلاغة القرآن..

أرجو أن أكون وفقت فى شرح ما أردت إيضاحه ..

لقد وفقت باذن الله يا اخي. وساعود قريبا للتعليق على ما قلت

الهزبر
2009-02-09, 10:01 PM
السلام عليكم


لقد سمعت شرح لها قبل ذلك على قناة اقرأ ولكنى لا أتذكره كثيراً وهو أن حرف الواو فى اللغة العربية بيدل على أن العدد يزيد عن 7 ..وأبواب الجنة 8 أبواب وأبواب النار 7 أبواب ..لذلك لم يأت حرف الواو مع ابواب النار وجاءت مع أبواب الجنة لأنه تزيد عن 7 وهذا من بلاغة القرآن..


{التَّائِبُونَ الْعَابِدُونَ الْحَامِدُونَ السَّائِحُونَ الرَّاكِعُونَ السَّاجِدُونَ الآمِرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّاهُونَ عَنْ الْمُنكَرِ وَالْحَافِظُونَ لِحُدُودِ اللَّهِ وَبَشِّرْ الْمُؤْمِنِينَ} . 112 سورة التوبة.

تلك الواو التي بالاحمر سماها النحوييون واو الثمانية ويكثر استعمالها عند معدود ثامن. لكنها ليست من الامور المتفقة عليها ويجوز ان اعد الى ما لا نهاية مع ايراد واو بين كل معدودين ويجوز ايضا الا اثبتها. فهي ليست شرطا. ولم يقل بها اغلب النحاة بل قال بها ضعافهم كابن خالويه


قال هشام في مغني اللبيب"

وذكرها جماعة من الأدباء كالحريري، ومن المفسرين كالثعلبي، وزعموا أن العرب إذا عدوا قالوا: ستة سبعة وثمانية، إيذانا بأن السبعة عدد تام وأن ما بعدها عدد مستأنف، واستدلوا بآيات إحداها: {سَيَقُولُونَ ثَلاَثَةٌ رَابِعُهُمْ كَلْبُهُمْ - إلى قوله سبحانه - سَبْعَةٌ وَثَامِنُهُمْ كَلْبُهُمْ} [الكهف:22]. ثم قال: الثانية آية الزمر [71] إذ قيل: {فُتِحَتْ} في آية النار لأن أبواب جهنم سبعة {وَفُتِحَتْ} [الزمر: 73] في آية الجنة إذ أبوابها ثمانية. ثم قال: الثالثة: {وَالنَّاهُونَ عَنْ الْمُنكَرِ} فإنه الوصف الثامن. ثم قال: والرابعة: {وَأَبْكَارًا} في آية التحريم [5] ذكرها القاضي الفاضل وتبجح باستخراجها وقد سبقه إلى ذكرها الثعلبي... وأما قول الثعلبي: أن منها الواو في قوله تعالى: {سَبْعَ لَيَالٍ وَثَمَانِيَةَ أَيَّامٍ حُسُومًا} [الحاقة:7] فسهو بين وإنما هذه واو العطف."

وقال ابن عطية "وحدثني أبي عن الأستاذ النحوي أبي عبد الله الكفيف المالقي وأنه قال: هي لغة فصيحة لبعض العرب من شأنهم أن يقولوا إذا عدوا: واحد، اثنان، ثلاثة، أربعة، خمسة، ستة، سبعة، وثمانية، تسعة، عشرة، فهكذا هي لغتهم. ومتى جاء في كلامهم أمر ثمانية أدخلوا الواو"

ولن يمكن ان يظهر لنا المراد من الواو اذا اتممنا اعراب الاية وقارننا بينها وبين بقية الايات التي وردت فيها مثل تلك الواو او التي احتج بها اصحاب ذلك الراي وردود بقية العلماء عليهم.

ولكني اميل الى كون ذلك اتفاقية لغوية مع ايماني باعجاز القران وانه كلام لا كاكلام. وساسكت فلست اهلا للترجيح في مثل هذه الامور. ننتظر مرور الاخ السيوطي عله يجد لنا اقول بعض العلماء والمفسرين في هذه الواو.

أبوحمزة السيوطي
2009-02-09, 10:09 PM
أنار الموضوع جمع من الفضلاء أشكرهم جميعا

أختنا الفاضلة زنبقة الإسلام
أخي الحبيب صاعقة الاسلام
أستاذي الحبيب الهزبر

شرفني مروركم

السيف العضب
2009-02-09, 10:12 PM
أحسنتم أحسن الله لكم .

أبوحمزة السيوطي
2009-02-09, 10:19 PM
القول بأن الواو دليل على الثمانية نقله القرطبي عن أبي بكر بن عياش وهذا قول أنكره أهل اللغة والتفسير ولم يعتمدوه ..

قال ابن كثير رحمه الله :

ومن زعم أن الواو في قوله تبارك وتعالى: { وَفُتِحَتْ أَبْوَٰبُهَا } واو الثمانية، واستدل به على أن أبواب الجنة ثمانية، فقد أبعد النجعة، وأغرق في النزع، وإنما يستفاد كون أبواب الجنة ثمانية من الأحاديث الصحيحة . أ.هـ

والذي عليه جمهور المفسرين واللغويين أنها واو حال وتقدير الآية حتى إذا جاءوها وقد فتحت أبوابها .

الهزبر
2009-02-09, 10:44 PM
السلام عليكم

جزيت خيرا اخي السيوطي

سيف الحتف
2009-02-10, 07:30 AM
أخى الهزبر
أخى أبو حمزة

أشكركم كثيراً على الإفادة ...