المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : فقة النصيحة



عزتي بديني
2009-02-18, 04:39 AM
بسم الله الرحمن الرحيم



فقه النصيحة


النصيحة كلمة عظيمة موحية تحمل في طياتها معاني الودِّ، والصدق، والإخلاص، والرحمة، والشفقة، وتطلب الكمال، وما جرى مجرى ذلك من المعاني الجميلة.

فلا غرو - إذًا - أن يحصر الدين بالنصيحة كما في صحيح مسلم من حديث تميم الداري -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "الدين النصيحة".

قالوا لمن يا رسول الله؟

قال: "لله، ولكتابه، ولرسوله، ولأئمة المسلمين وعامتهم".

فمما ينبغي التنبيه عليه في باب النصيحة:

v استشعار الرحمة بالمنصوح، وحب الخير له؛ فليست النصيحة حِمْلًا يريد باذلُها إلقاءه عن نفسه فحسب، بل لا بد أن يستشعر معنى الرحمة، وحب الخير، ومحاولة الإصلاح؛ فذلك يدعوه إلى مزيد من الرفق، والتلطُّف، والمداراة، وحسن المدخل.

v ومن ذلك أن لا ينصح الإنسان على شرط القبول؛ فإذا لم تقبل نصيحته أزرى بالمنصوح، واتهمه بالكبر، والتعجرف.

قال ابن حزم -رحمه الله-: "لا تنصح على شرط القبول، ولا تشفع على شرط الإجابة، لكن على استعمال الفضل، وتأدية ما عليك من النصيحة، والشفاعة، وبذل المعروف".

ومما يدعو لقبول النصيحة تنوع طرقها وأساليبها؛ فمن ذلك الإسرار بالنصيحة، واستعمال المداراة فيها، والثناء على المنصوح، وتذكيره بسلفه، وأياديه البيضاء، وإنزاله منزلته اللائقة به، والحذر كل الحذر من السخرية أو الشماتة به؛ فذلك مما يفتح قلبه، ويرهف عزمه، ويثير همته.

ومما تجدر الإشارة إليه في باب النصيحة مسألة أسلوبها، فذلك باب عظيم قلَّ من يحسن الدخول؛ إذ إن كثيرًا من الناس يظن أن النصيحة تلقى في أي صورة كانت دون مراعاة لزمنها، ومكانها، وذوقها، وما تقضيه مقامات الناس وأحوالهم؛ فالناصح في دين الله يحتاج إلى علم، وعقل، وروية حسنة، واعتدال مزاج وتؤدة.

وإن لم تكن فيه تلك الخصال؛ كان الخطأ أسرع إليه من الصواب.

وما من مكارم الأخلاق أدق ولا أخفى ولا أعظم من النصيحة.

فلا غرو - إذًا - أن تُقْبِل النفوس على نصيحة شخص، وترتاح إليه ارتياح الربى لقطر الهواتن، وتسيغه إساغة الظمآن للماء القراح.

وتُدْبِرُ عن نصيحة آخر، فتزل نصيحته عن القلوب كما زلت الصفواء بالمتنزل.

v ومما يحسن التنبيه إليه في باب النصيحة قلة التواصي بها؛ فذلك يعود إلى التمادي في الباطل، وإِلْفِه، وترك محاولة الرقي إلى المعالي.

v ومن ذلك التكبر عن قبول النصيحة الهادفة؛ والنقد البناء؛ فقد يبذلها ناصح أمين، وناقد بصير، ولكن لا تجد أفئدة مصغية، ولا آذانًا مصيخة، بل قد يتكبر المنصوح، ويتعاظم في نفسه، ويستنكف عن قبول النصيحة، فيستمر على خطئه، ويعز علاجه، واستصلاحه.

v وأخيرًا فإنه يحسن بمن نُصح أن يتقبل النصح، وأن يأخذ به؛ حتى يكمل سؤدده، وتتم مروءته، ويتناهى فضله.

بل ينبغي لمتطلب الكمال -خصوصًا إذا كان رأسًا مطاعًا- أن يتقدَّم إلى خواصه، وثقاته، ومن كان يسكن إلى عقله من خدمه وحاشيته؛ فيأمرهم أن يتفقَّدوا عيوبه ونقائصه، ويطلعوه عليها، ويعلموه بها؛ فهذا مما يبعثه للتنزه من العيوب، والتطهير من دنسها.

بل ينبغي له أن يتلقى من يهدى إليه شيئًا من عيوبه بالبشر والقبول، ويظهر له الفرح والسرور بما أطلعه عليه.

بل المستحسن أن يجيز الذي يوقفه على عيوبه أكثر مما يجيز المادح على المدح والثناء الجميل، ويشكر من ينبهه على نقصه، ويتحمل لومته بفعله؛ فإنه إذا لزم هذه الطريقة، وعرف بها؛ أسرع أصحابه وخواصه إلى تنبيهه على عيوبه.

وإذا نُبِّه على ما فيه من النقص أَنِفَ منه, واستشعر أن أولئك سيعيرونه به, ويصغرونه من أجله؛ فيلزمه –حينئذ- أن يأخذ نفسه بالتنزُّه من العيوب، ويقهرها على التخلص منها؛ فإصلاح النفس لا يتم بتجاهل عيوبها، ولا بإلقاء الستار عليها.


للشيخ: محمد بن إبراهيم الحمد –حفظه الله-

أبوحمزة السيوطي
2009-02-18, 07:00 AM
من لسان العرب :

نَصَحَ الشيءُ: خَلَصَ.
والناصحُ: الخالص من العسل وغيره.
وكل شيءٍ خَلَصَ، فقد نَصَحَ .
ويقال: نَصَحْتُ له نَصيحتي نُصوحاً أَي أَخْلَصْتُ وصَدَقْتُ .
والنُّصْح: نقيض الغِشّ .

وبسبب هذه المعاني الرائقة لمعنى النصيحة قرنها النبي صلى الله عليه وسلم بالدين فقال الدين النصيحة .

فكما يلزم العسل ناصح مخلص من أي شائبة يلزم صاحب الدين ناصح مخلص من العيوب حتى ينقى .

بارك الله فيك أختنا الكريمة وجزاك خيرا على هذا الموضوع القيم

أبو البراء المصري
2009-02-18, 07:10 AM
جزاكم الله الجنه أستاذتى الكريمه

وقد كان منهج أنبياء الله ورسله مع أممهم مبنياً على النصح لهم والشفقة عليهم ،قال نوح عليه السلام مخاطبا قومه : { أبلغكم رسالات ربي وأنصح لكم وأعلم من الله ما لا تعلمون } ( الأعراف 62ا ) . وقال صالح عليه السلام لقومه : {يا قوم لقد أبلغتكم رسالة ربي ونصحت لكم ولكن لا تحبون الناصحين} ( الأعراف 79ا ) ،وقال هود عليه السلام: { أبلغكم رسالات ربي وأنا لكم ناصح أمين } ( الأعراف 68ا ) .


والنصيحة كلمة يعبر بها عن إرادة الخير للمنصوح له , ولا يمكن أن يعبر عن هذا المعنى بكلمة واحدة تحصرها وتجمع معناها غير هذه الكلمة

عزتي بديني
2009-02-19, 07:25 AM
بارك الله فيكم وجزاكم كل خير