المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : مناظرة: (عِصْمَةُ النَّبِيِّ مُحَمَّدٍ). بين الداعي و al kharek.



الصفحات : 1 2 3 4 5 6 7 8 9 [10] 11 12

الداعي
2009-10-10, 01:32 AM
الداعي (http://www.albshara.com/member.php?u=10384) http://www.albshara.com/images/mysticArt/statusicon/user_online.gif
مواطن حرّ
تاريخ التسجيل بالموقع: December, 2008
المداخلات: 138


http://www.albshara.com/images/icons/icon1.gif
زميلي الخارق, لك لفتة لطيفة:
موضوع المناظرة هو: (عصمة النبي محمد), وقد أومأت لك آنفًا إلى أن العصمة تبدأ مع اللحظة التي يصبح فيها المرء نبيًّا, أي لا عصمةَ له قبل النبوة, ولم أدَّعِ أنَّ الأنبياء معصومون من أيِّ أمرٍ قبل النبوة, وقلت لك:
على أنَّ النبيَّ_ صلى الله عليه وسلَّم _لا يضرُّه لو اقترف ما ذكرت مادام قبل النبوة؛ فهذا نبي الله آدم_ عليه السلام _قد عصى ربَّه قبل النبوة, قال تعالى: ﴿فَأَكَلَا مِنْهَا فَبَدَتْ لَهُمَا سَوْآتُهُمَا وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِنْ وَرَقِ الْجَنَّةِ وَعَصَى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوَى * ثُمَّ اجْتَبَاهُ رَبُّهُ فَتَابَ عَلَيْهِ وَهَدَى﴾, (طه: 121_122). فالمعصية حصلت, ثم اجتباه الله_ أي اصطفاه وجعله نبيًّا _بعد هذه المعصية؛ فأصبح معصومًا.
وهذا نبي الله موسى_ عليه السلام _قد قتل شخصًا قبل النبوة, قال تعالى: ﴿وَدَخَلَ الْمَدِينَةَ عَلَى حِينِ غَفْلَةٍ مِنْ أَهْلِهَا فَوَجَدَ فِيهَا رَجُلَيْنِ يَقْتَتِلَانِ هَذَا مِنْ شِيعَتِهِ وَهَذَا مِنْ عَدُوِّهِ فَاسْتَغَاثَهُ الَّذِي مِنْ شِيعَتِهِ عَلَى الَّذِي مِنْ عَدُوِّهِ فَوَكَزَهُ مُوسَى فَقَضَى عَلَيْهِ قَالَ هَذَا مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ عَدُوٌّ مُضِلٌّ مُبِينٌ * قَالَ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي فَاغْفِرْ لِي فَغَفَرَ لَهُ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ﴾, (القصص: 15_16). ولمَّا عايره فرعون بفعلته هذه إذ يقول له: ﴿قَالَ أَلَمْ نُرَبِّكَ فِينَا وَلِيدًا وَلَبِثْتَ فِينَا مِنْ عُمُرِكَ سِنِينَ * وَفَعَلْتَ فَعْلَتَكَ الَّتِي فَعَلْتَ وَأَنْتَ مِنَ الْكَافِرِينَ﴾, (الشعراء: 18_19). قال له موسى دافعًا معايرته إياه: ﴿قَالَ فَعَلْتُهَا إِذًا وَأَنَا مِنَ الضَّالِّينَ (20) فَفَرَرْتُ مِنْكُمْ لَمَّا خِفْتُكُمْ فَوَهَبَ لِي رَبِّي حُكْمًا وَجَعَلَنِي مِنَ الْمُرْسَلِينَ﴾, (الشعراء: 20_21). فموسى_ عليه السلام _يدفع معايرة فرعون له أَنْ حصل ما حصل قبل أن أكون من المرسلين.
وهذا أبو الأنبياء, إبراهيم_ عليه السلام _قد عبد غير الله قبل نبوته, قال تعالى: ﴿فَلَمَّا جَنَّ عَلَيْهِ اللَّيْلُ رَأَى كَوْكَبًا قَالَ هَذَا رَبِّي فَلَمَّا أَفَلَ قَالَ لَا أُحِبُّ الْآفِلِينَ * فَلَمَّا رَأَى الْقَمَرَ بَازِغًا قَالَ هَذَا رَبِّي فَلَمَّا أَفَلَ قَالَ لَئِنْ لَمْ يَهْدِنِي رَبِّي لَأَكُونَنَّ مِنَ الْقَوْمِ الضَّالِّينَ * فَلَمَّا رَأَى الشَّمْسَ بَازِغَةً قَالَ هَذَا رَبِّي هَذَا أَكْبَرُ فَلَمَّا أَفَلَتْ قَالَ يَا قَوْمِ إِنِّي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ﴾, (الأنعام: 76_78). ولمَّا منَّ الله_ سبحانه وتعالى _عليه بالنبوة قال: ﴿إِنِّي وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ حَنِيفًا وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ﴾, (الأنعام: 79).
وعليه, لو قارف النبي محمد_ صلى الله عليه وسلم _أيًّا من الذنوب التي ذكرتَ لا يضرُّه؛ لأنَّ العبرة بما بعد البعثة, مؤكِّدًا لك أنَّ النبي_ صلى الله عليه وسلم _كان الصادق الأمين قبل البعثة وبعدها, ولم يسجد لأحدٍ غير الله, فصلوات ربي وسلامه على نبيِّنا وحبيبنا محمد, الذي أرسله لعموم الثقلين بشيرًا ونذيرًا, وداعيا إلى الله بإذنه وسراجًا منيرًا.
إذن, إصرارك على إثبات أن النبي محمدًا e قد عبد الأصنام لا طائل من تحته؛ لأمرين: لأنَّ بحث هذا الموضوع لا دخل له بالعصمة, ونحن موضوعنا عن العصمة, ولأنَّ إثباتك أن النبي e قد عبد الأوثان قبل النبوة لا ينال من عصمته شيئًا؛ لأنَّ العصمة بعد البعثة, وليس غير. وأذكرك بمدحك لي؛ إذ تقول: (وهنيئا لك قوة الملاحظة), وأرجو أن تستفيد من مدحك لي!!
والآن, نذهب إلى مداخلتك لسبر غورها:
· قولك: (وأهملت التعقيب على الرد على ما سبق تلك المداخلة).
· التعليق عليه:
أنسيت قولي: (زميلي الخارق, هل عندك من تعليقات على آية المدثر وما هو منوط بها من أبحاث لغوية وغيرها؟ إن لم يكن عندك ما تدحض به ما جئناك به, فهذا إقرار منك على صدق ما جئناك به. بعد آية المدثر ننتقل للنقطة الثانية, ألا وهي: (النسيان بعد التبليغ). وكل ما له علاقة بهذه النقطة مما أثرته من قبل). ولقد علقت أنت على قولي بقولك: (رأيت انك لا تريد ان تدخل في اسباب النزول لتلك الايه الا وهي ايه 52 من سوره الحج. وقلت ان ننتهي مما سبق طرحه اولا ..اذن انا معك فيما تقول و ساوافق فقط حتي يعلن الله الحق للجميع). فلا أدري لماذا تناقض نفسك: تارةً توافق, وتارةً تفارق؟!!
· قولك: (إن مجرد إقرارك بوجود دلالة منطوق غير صريح - ايا كانت نوعها - فى قوله ( والرجز فاهجر ) تفيد التلبس بالرجز هو فى حد ذاته إنجاز لم اكن اتوقعه او أنتظره لسبق نفيك له أكثر من مرة وبإصرار ، واكتفى بهذا الإقرار حاليا وإن كنت اعتقد أن هذا الإقرار طرح بدافع إظهار المعرفة ليس إلا).
· التعليق عليه:
ü يذكرني هذا القول بالمثل القائل: (الغريق يتمسَّك بقشَّةٍ؛ يظنُّ أنَّها تنجيه!!). وقولك: (إنجاز لم اكن اتوقعه او أنتظره) يثير رغبتي إلى الضحك.
ü وقولك: (لسبق نفيك له أكثر من مرة وبإصرار) قول باطل عاطل؛ لأنَّني قلت لك من بادئ الأمر: (من أساليب العرب في الأمر أنَّها تأمر المرء أمرًا وله حالتان: فإمَّا أن يكون تاركًا لهذا الأمر وهو الأصل, وإمَّا أن يكون قائمًا بهذا الأمر, وهذا الأخير من أساليب البلاغة والفصاحة العربية. ومن أساليب العرب في النهي أنَّها تنهى المرء عن أمر وله حالتان: فإمَّا أن يكون متلبسًا بهذا الأمر وهو الأصل, وإمَّا أن يكون تاركًا لهذا الأمر, وهذا كذلك من أساليب البلاغة والفصاحة العربية). فأنا لم أنفِ أنَّ الصيغة لا تحتمل أن يكون متلبسًا النبي بعبادة الأصنام, بل قلت قولا مفاده: من المحتمل أن يكون النبي عابدًا للأوثان, ومن المحتمل أن لا يكون عابدًا لها, فإن لم يكن عابدًا لها, فهذه من أساليب البلاغة والفصاحة العربية. ولكنَّك أنت كنت تنفي هذا الأمر بشدَّةٍ, ابتغاء الأهواء, وقلت: (ما فائدة الآية إن لم يكن عابدًا للأوثان؟!), فقلنا لك: (إنَّ هذا من أساليب العرب في كلامهم من حيث البلاغة والفصاحة), فقلت لنا: (فما هو هذا الغرض البلاغى المقصود من وراء توجيه الأمر لشخص تارك للرجز اصلا بتركه؟!), فقلنا لك: (الغرض البلاغي من آية: ﴿وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ﴾ واحد من اثنين حسب آراء العلماء: فأما الأول: (الدوام), أي دم على هجرانها. وأمَّا الثاني: أسلوب (إياك أعني, واسمعي يا جارة).), فقلت لنا: (من العلماء الذين اشرت لهم فى مداخلتك قال ذلك), فجوابي لك:
1. تفسير البحر المديد: (﴿والرُّجزَ فاهجرْ﴾, أي: دم على هجرانها، قاله الزهري وغيره).
2. أيسر التفاسير: (والرجز فاهجر: أي أدم هجرانك للأوثان). وقال: (﴿وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ﴾, أي: والأصنام التي يعبدها قومك فاهجرها فلا تقربها ودم على هجرانها).
3. تفسير المنتخب: (والعذاب فاترك، أي: دُمْ على هَجْر ما يوصل إلى العذاب).
4. تفسير النيسابوري: (هو بالكسر والضم العذاب, والمراد: اهجر ما يؤدي إليه من عبادة الأوثان وغيرها, أي: أثبت على هجره, مثل: اهدنا).
5. تفسير الألوسي: (ولما كان المخاطب بهذا الأمر هو النبي e, وهو البريء عن ذلك, كان من باب (اياك أعني واسمعي) أو المراد (الدوام والثبات) على هجر ذلك).
إذن, أنت لا ترى من المداخلة إلا ما تجد فيه مسلكًا للطعن؛ لأنَّ هؤلاء العلماء قد ذكرتهم في المداخلات سابقة الوضع.
ü وقولك: (وإن كنت اعتقد أن هذا الإقرار طرح بدافع إظهار المعرفة ليس إلا) بان عواره, وفصح ضلاله, وظهرت آثامه؛ لأنَّني من قبل مقرٌّ أن الصيغة تحتمل الأمرين, ولكنَّك تنفي أن تحتمل الأمرين. ومهما يكن من أمر, فالتفاسير قضت على أحلامك في مسعاك. فتأمَّل.
· قولك: (و على الرغم من وجود إختلاف حول ماهية تلك الدلالة او نوعها فهذا الخلاف سأتغاضي عنه الآن حرصا على عدم تشتيت الموضوع بالخوض فى الفرعيات ولعدم الخوض فى امور ليست بذات اهمية كبري).
· التعليق عليه:
بل حرصًا على عدم تسليط الأضواء على جهلك وتناقضك, وتذكر قولي: (في الحقيقة بدأ زميلنا بداية سليمة صحيحة, فقال: (3- دلالة الإشارة ما يخصنا فى الموضوع). فدلالة الإشارة هي التي تعنينا في موضوعنا من حيث كون النبي e كان متلبسًا بالأصنام, أي بعبادتها. ثمًّ نكص عن هذه البداية السليمة إلى أخرى سقيمة, فقال: (النوع الاخير دلالة الإشارة وهو غير مرتبط بالموضوع). لماذا غير مرتبط بالموضوع؟ ألم تقل قبل كلمات قليلة: (ما يخصنا في الموضوع)؟! هذا التناقض والاضطراب الذي وصل إليه زميلنا, جعله يستنبط استنباطات ما أنزل الله بها من سلطان). فأنت لا تريد أن تسلط الضوء على تناقضك في ثلاثة أسطر, وليس حرصًا على عدم تشتيت الموضوع, حسب زعمك.
وتذكر قولي: (أمَّا ادعاؤك أن هذا الأمر الإيجابي يدل على أن المأمور به كان تاركًا له حسب دلالة الاقتضاء فهو خطأ, فلا دخل لدلالة الاقتضاء في هذا أصلا!! ولو قلت بدلالة الإشارة نفهم أنَّ المأمور به كان تاركًا له لقبلنا منك ذلك, ولكنك قلت: (النوع الاخير دلالة الإشارة وهو غير مرتبط بالموضوع). فأنت نفيت أصلاً أن يكون لدلالة الإشارة أي صلة بالموضوع). وتريد أن تهرب من هذه الحقيقة التي ألجمتك, ولا عجب, فأنت القائل: (اللغة العربانية ليست لغتي), وأنَّى لك أن تعي أسالب اللغة العربية؟!!
· قولك: (أخيرا متن الحديث يحوي ما يقطع بضعفه (وزعموا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ...) من هم من زعموا ... مجاهيل؟).
· التعليق عليه:
ü لجدير بك أن لا تلج في (علم الحديث)؛ لأنَّ امرأً لا يستطيع أن يميز بين متن الحديث وسنده, لحري به أن يستحيي من نفسه؛ ذلك أن قوله: (وزعموا) هو من سند الحديث, أما متنه, فهو: (لا تسلني باللات والعزى شيئا، فوالله ما أبغضت بغضهما شيئا قط). فتأمَّل.
ü يقول علي بن أبي طالب_ رضي الله عنه _: سمعت رسول الله_ صلى الله عليه وسلم _يقول: (ما هممت بما كان أهل الجاهلية يهمون به إلا مرتين من الدهر كلاهما يعصمني الله تعالى منهما. قلت ليلة لفتى كان معي من قريش في أعلى مكة في أغنام لأهلها ترعى: أبصر لي غنمي حتى أسمر هذه الليلة بمكة كما تسمر الفتيان, قال: نعم. فخرجت, فلما جئت أدنى دار من دور مكة سمعت غناء وصوت دفوف وزمر, فقلت: ما هذا؟ قالوا: فلان تزوج فلانة لرجل من قريش تزوج امرأة, فلهوت بذلك الغناء والصوت حتى غلبتني عيني فنمت فما أيقظني إلا مس الشمس, فرجعت فسمعت مثل ذلك, فقيل لي ما قيل لي, فلهوت بما سمعت وغلبتني عيني فما أيقظني إلا مس الشمس, ثم رجعت إلى صاحبي فقال: ما فعلت؟ فقلت: ما فعلت شيئا. قال رسول الله_ صلى الله عليه و سلم _: فو الله ما هممت بعدها أبدا بسوء مما يعمل أهل الجاهلية حتى أكرمني الله تعالى بنبوته), رواه الحاكم في المستدرك, وابن حبان في صحيحه, وأورده الهيثمي في مجمع الزوائد, وقال: أخرجه البزار, ورجاله ثقات. وقال الذهبي: صحيح على شرط مسلم. وقال شعيب الأرنؤوط: إسناده حسن.
هذه الرواية هدمت آمالك_ أيها الزميل _؛ ذلك أنَّ النبي ينفي عن نفسه أنَّه همَّ يومًا بصنمٍ, بل هو همَّ بأقل من عبادة الأصنام مرتين فعصمه الله منهما: (ما هممت بما كان أهل الجاهلية يهمون به إلا مرتين من الدهر كلاهما يعصمني الله تعالى منهما), وتأمَّل قوله: (فو الله ما هممت بعدها أبدا بسوء مما يعمل أهل الجاهلية حتى أكرمني الله تعالى بنبوته).
ü وقولك: (بدون هذين الحديثين يسقط كل كلامك كالقش) قول خاطئ؛ ولن أقول لك قد جئتك برواية جديدة رواها علي بن أبي طالب, بل سأقول لك: وجود الحديثين ينفي احتمال عبادة النبي للأوثان في آية المدثر, وغياب الحديثين يبقي الاحتمال؛ لأنَّ الأمر السلبي في العربية لا يختص بمن كان قائمًا بالفعل, بل يصلح كذلك لمن كان تاركًا للفعل, وهذه الأخيرة من أساليب البلاغة والفصاحة العربية. إذن, غياب الحديثين يجعل النص محتملا للتلبس وعدمه, والقاعدة الشرعية: (عند الاحتمال يسقط الاستدلال), فآية المدثر فيها أمران ظنيان غير قاطعين, ألا وهما: صيغة الآية, ولفظ الآية. فأمَّا صيغة الآية فهي الأمر السلبي, والأمر السلبي لا يُثبت قطعًا أن المرء متلبسًا بالفعل, بل يحتمل ذلك, وعند الاحتمال يسقط الاستدلال حسب القاعدة الشرعية. وأمَّا لفظ الآية فهو لفظ مشترك, وهو يحتمل معنى الأوثان ومعاني غيرها, وليس معنى أولى من معنى في الاعتماد, فيدور معنى اللفظ على عبادة الأوثان وغيرها, وعبادة الأوثان فيه محتمل, وعند الاحتمال يسقط الاستدلال.
إذن, من دون الحديثين لا يسقط كلامي كالقش, بل تصبح نتائجك محتملة, وعند الاحتمال لا قيمة لدليلك؛ لأننا نروم دليلا خِرِّيتا, وبرهانا ساطعا, وسلطانا مبينا, وحجة بالغة, وليست احتمالات لا تقدم ولا تؤخر. فتأمَّل.
· قولك: (هذا غير الطعون الشهيرة في محمد بن اسحاق والذي رمي بالتشيع وبالتدليس والإرسال).
· التعليق عليه:
ورد في كتاب (الثقات لابن حبان) تحت (باب الميم) الآتي:
10534 - محمد بن إسحاق بن يسار مولى عبد الله بن قيس بن مخرمة القرشي من أهل المدينة كنيته أبو بكر وكان جده من سبى عين التمر وهو أول سبى دخل المدينة من العراق يروى عن الزهري ونافع روى عنه الثوري وشعبة والناس مات سنة إحدى أو اثنتين وخمسين ومائة ببغداد وقد قيل سنة خمسين ومائة وله أخوان أبو بكر وعمر ابنا إسحاق وقد تكلم في بن إسحاق رجلان هشام بن عروة ومالك بن أنس: فأما هشام بن عروة فحدثني محمد بن زياد الزيادي قال ثنا بن أبى شيبة قال ثنا على بن المديني قال سمعت يحيى بن سعيد القطان يقول قلت لهشام بن عروة إن بن إسحاق يحدث عن فاطمة بنت المنذر قال وهل كان يصل إليها قال أبو حاتم رضي الله عنه و هذا الذي قاله هشام بن عروة ليس مما يجرح به الإنسان في الحديث وذلك أن التابعين مثل الأسود وعلقمة من أهل العراق وأبى سلمة وعطاء ودونهما من أهل الحجاز قد سمعوا من عائشة من غير أن ينظروا إليها سمعوا صوتها وقبل الناس أخبارهم من غير أن يصل أحدهم إليها حتى ينظر إليها عيانا وكذلك بن إسحاق كان يسمع من فاطمة والستر بينهما مسبل أو بينهما حائل من حيث يسمع كلامها فهذا سماع صحيح والقادح فيه بهذا غير منصف. وأما مالك فإنه كان ذلك منه مرة واحدة ثم عاد له إلى ما يحب وذلك أنه لم يكن بالحجاز أحد أعلم بأنساب الناس وأيامهم من محمد بن إسحاق وكان يزعم أن مالكا من موالي ذي أصبح وكان مالك يزعم أنه من أنفسهم فوقع بينهما لهذا مفاوضة فلما صنف مالك الموطأ قال بن إسحاق ائتونى به فانى بيطاره فنقل ذلك إلى مالك فقال هذا دجال من الدجاجلة يروى عن اليهود وكان بينهم ما يكون بين الناس حتى عزم محمد بن إسحاق على الخروج إلى العراق فتصالحا حينئذ فأعطاه مالك عند الوداع خمسين دينارا نصف ثمرته تلك السنة ولم يكن يقدح فيه مالك من أجل الحديث إنما كان ينكر عليه تتبعه غزوات النبي صلى الله عليه و سلم عن أولاد اليهود الذين أسلموا وحفظوا قصة خيبر و قريظة والنضير وما أشبهها من الغزوات عن أسلافهم وكان بن إسحاق يتتبع هذا عنهم ليعلم من غير أن يحتج بهم وكان مالك لا يرى الرواية إلا عن متقن صدوق فاضل يحسن ما يروى ويدرى ما يحدث حدثني محمد بن عبد الرحمن قال ثنا بن قهزاد قال ثنا على بن الحسين بن واقد قال دخلت على بن المبارك وإذا هو وحده فقلت يا أبا عبد الرحمن كنت أشتهى أن ألقاك على هذه الحالة قال هات قلت ما تقول في محمد بن إسحاق فقال أما إنا وجدناه صدوقا ثلاث مرات. سمعت محمد بن إسحاق الثقفى يقول سمعت المفضل بن غسان يقول سمعت يحيى بن معين يقول كان محمد بن إسحاق ثَبْتًا في الحديث قال أبو حاتم رضي الله عنه لم يكن أحد بالمدينة يقارب بن إسحاق في علمه ولا يوازيه في جمعه وكان شعبة وسفيان يقولان محمد بن إسحاق أمير المؤمنين في الحديث ومن أحسن الناس سياقا للأخبار وأحسنهم حفظا لمتونها وإنما أتى ما أتى لأنه كان يدلس على الضعفاء فوقع المناكير في روايته من قبل أولئك فأما إذا بين السماع فيما يرويه فهو ثبت يحتج بروايته سمعت محمد بن إسحاق بن خزيمة يقول سمعت محمد بن يحيى الذهلي وسأله كرخويه عن محمد بن إسحاق فقال سمعت على بن المديني يقول محمد بن إسحاق صدوق والدليل على صدقه أنه ما روى عن أحد من الجلة إلا وروى عن رجل عنه فهذا يدل على صدقه سمعت محمد بن أحمد المسندي يقول سمعت محمد بن نصر الفراء يقول قلت لعلي بن المديني ما تقول في محمد بن إسحاق فقال ثقة قد أدرك نافعا وروى عنه وروى عن رجل عنه وعن رجل عن رجل عنه هل يدل هذا إلا على الصدق قال أبو حاتم رضي الله عنه كان محمد بن إسحاق يكتب عمن فوقه ومثله ودونه لرغبته في العلم وحرصه عليه وربما يروى عن رجل عن رجل قد رآه و يروى عن آخر عنه في موضع آخر و يروى عن رجل عن رجل عنه فلو كان ممن يستحل الكذب لم يحتج إلى الإنزال بل كان يحدث عمن رآه ويقتصر عليه فهذا مما يدل على صدقه وشهرة عدالته في الروايات وإنما يمعن الكلام في هذا الفصل عند ذكرنا إياه في كتاب الفصل بين النقلة إن قضى الله ذلك وشاء سمعت محمد بن أحمد المسندي يقول سمعت محمد بن نصر الفراء يقول سمعت يحيى بن يحيى وذكر عنده محمد بن إسحاق فوثقه.
إذن, أهل العلم وثَّقوا ابن إسحق, وكانوا يعرفون حقيقة تلك الطعون التي لم تنل من ثقته شيئًا, بل جعلوه أمير المؤمنين من حيث الحديث.
· قولك: (ولكن إذا كانت الدلالة مشتركة بين اكثر من معنى جميعها سئ ومستقبح ، مستفاد من المعانى المختلفة للفظة الرجز ومن الأمر بتركه. فتعد دلالة شاملة وعامة على السوء وقبح المعنى المقصود من الرجز).
· التعليق عليه:
لا أدري ما فائدة هذا الكلام!! اعْلمْ أن لفظ (الرجز) مشترك بين عبادة الأوثان وغيرها, وجميع معانيه مذمومة من حيث العقيدة الإسلامية, ولكنَّ الاستدلال به على أنَّ النبي كان متلبسًا بعبادة الأوثان باطل عاطل؛ لأنه لا يفيد ذلك إلا احتمالا, وعند الاحتمال يسقط الاستدلال.
إنَّ عجزك عن دحض قاعدة الاحتمال دفعك إلى هذا القول, واعلمْ أنني تحدثت عن الآية من حيث دلالات المنطوق والمفهوم متجاهلاً أن دليلك قد سقط اعتباره في اللحظة التي أثبتنا فيها أنه مجرد احتمال ولا يفيد القطع.
· قولك: (خلاصة القول ان المدح عن طريق الذم اسلوب معروف وقديم ولا يخالف المنطق).
· التعليق عليه:
يقول ابن فارس في (الصاحبي في فقه اللغة) الآتي: (من سنن العرب مخالفة ظاهرِ اللفظ معناه، كقولهم عند المدح: (قاتله الله ما أشعره), فهم يقولون هذا, ولا يريدون وقوعه). أَيُّ موافقةٍ للمنطق هذه؟! المنطق يقول: إذا أردت أن تمدح شاعرًا تقول له: (حفظك الله ما أشعرك). أمَّا أن تقول له: (قاتلك الله ما أشعرك) فهذا أبعد ما يكون عن المنطق, ولكنَّه من سنن العرب في كلامهم.
ومن المنطق أن تقول: (زيد فارس غير أنه لا يجيد السباحة)؛ لأنَّ أصل استعمال (غير أن) يقضي أن يكون المستثنى مغايرًا للمستثنى منه, فكونه لا يجيد السباحة يتناقض مع فروسيته, ويكون ذمَّا صحيحًا. وليس من المنطق بوجهٍ أن تقول: (زيد فارس غير أن سهامه لا تخطئ)؛ لأن دقة رميه للسهام تتقاطع مع فروسيته, وتتناغم معها, فظاهر الأسلوب أنه جعل دقة تصويب السهام مغايرًا للفروسية. إذن, منطوق النص يجعل دقة رمي السهام مغايرًا للفروسية, ولكنَّ أسلوب المدح في العربية يستخدم أسلوب الذم لخدمة المدح, للفت انتباه السامع إلى ميزة كريمة في الممدوح فاقت صفاته الأخرى؛ لأنَّ إشعار السامع بذم الممدوح يلفت الانتباه, ويشد السمع, فمجرد سماعه (غير أن) ينتظر الصفة الذميمة للمدوح, فإذا به يسمع مدحًا آخر زاد عن سابقه, وهذه الأساليب تظهر روعة اللغة العربية وجمالها. وهذا الأسلوب أبعد ما يكون عن المنطق, ودليل ذلك أن قاصري الملكة العربية لا يجدون سبيلا لفهم كثير من الأشعار, فتراهم يعيبون على الشاعر أنه اعتبر من الذم ما هو ممدوح في واقعه, وقد غاب عنهم أن أسلوب الشاعر لا يفيد الذم, بل هو أسلوب بديع خلاب في المدح؛ فلمًا تعاملوا مع النص بالمنطق الطبيعي ضلُّوا السبيل, ولو كانوا مدركين أساليب العرب في الكلام لفهموا المعنى المقصود من النص الشعري أو النثري.
وعليه, ليس من الحكمة بوجهٍ أن تخضع اللغة للمنطق, بل يتخذ حيال دراستها المنهج الوصفي؛ لتقرير اللغة حسب لسان أهلها, وليس حسب مبتغى العقل؛ لذلك لم يخطِّئ اللغويون قول الشاعر:


إِنَّ أَبَاهَا وَأَبَا أَبَاهَا ... قَدْ بَلَغَا فِي المَجْدِ غَايَتَاهَا

فمن حيث القواعد المطردة, يجب أن يقول: (وأبا أبيها), وليس: (وَأَبَا أَبَاهَا). ويجب أن يقول: (غايتيها), وليس: (غايتاها). فلم يخطئ اللغويون ذلك, بل قالوا: يحكى عن بعض العرب أنهم يقولون: هذا أباك, ورأيت أباك, ومررت بأباك, بالألف في حالة الرفع والنصب والجر؛ فيجعلونه اسما مقصورًا. وواقع البيت أنه مخالف للمنطق من حيث قواعده.
وأمَّا قول من قال: (المنطق نحو عقلي, والنحو منطق لغوي) فقد وقعت في خطأ جسيم؛ لأنَّك لم تنل مرادهم من قولهم, فما يعنينا منه شطره الثاني, ألا وهو: (والنحو منطق لغوي), ومما يجدر ذكره, أنهم قد قالوا قولهم؛ لشدة ارتباط المنطق والنحو من حيث تقعيد القواعد, ليس غير.
لقد خفي عنك_ يا زميلي _أمر مهم, ألا وهو الفرق بين النحو وبين الأساليب اللغوية من حيث الفصاحة والبلاغة, فثمَّة اختلاف كبير بين (النحو) و(علم البيان), وبالمثال يتضح المقال:
قالت العرب: (خرق الثوبُ المسمارَ), فحسب القواعد المطردة, الثوب هو الذي خرق المسمار, وهذا بعيد عن الواقع, فمن حيث النحو, الجملة صحيحة؛ لأنَّ بها فعلا وفاعلا ومفعولا به, ومن حيث الفصاحة والبلاغة والبيان لا يجوز هذا القول؛ لذلك قالوا: (قد يرفع المفعول وينصب الفاعل عند أمن اللبس, كقولهم: (خرق الثوب المسمار), ولا ينقاس ذلك, بل يقتصر فيه على السماع). يجوز نحويًا أن تقول: (أكلَتِ الكرةُ الجبلَ), والإعراب: أكل فعل ماضٍ, والتاء للتأنيث, والكرة الفاعل, والجبل المفعول به. ولكن لا يجوز ذلك من حيث البلاغة والفصاحة؛ لأنه تركيب لا يفيد إلا الهذيان.
وصفوة الحديث: قولهم: (والنحو منطق لغوي) لا دخل له بموضوعنا, فنحن نتكلم عن الفصاحة والبلاغة وأساليبهما, ولا نتحدث عن النحو. بَيْدَ أنَّ المنطقَ اللغويَّ لا دخل له بالمنطقِ العقليِّ, فأنت تمنطق اللغة حسب المنطق العقلي, وليس حسب المنطق اللغوي, وإن أردت أن تتناول اللغة منطقيًّا, فلا بدَّ من أن يكون تناولك مختصًّا بالنحو, وبالمنطق اللغوي. على أنَّ المنطق لا يصلح أن يكون أساسًا للتفكير, لأنَّ الأساس المنطقي مظنة للخطأ بخلاف الأساس الحسي فإنه من حيث وجود الشيء لا يمكن أن يتطرق إليه الخطأ مطلقاً، وما يمكن أن يتسرب إليه الخطأ لا يصح أن يُجعل أساساً في التفكير؛ والمنطق تتوقف صحة نتائجه على سلامة المقدمة الكبرى والمقدمة الصغرى, وعلى سلامة الاستنتاج.
فأنت تقول: (فلا يعقل ان يتم مطالبة شخص بترك شئ معين بفعل امر سلبي مالم يكن فاعلا له, والا لأصبح ذلك مجرد لغو لا طائل من وراءه), ولكنَّ العرب عقلته, ولم تعتبره مجردَ لغوٍ, بل جعلته من أساليب البلاغة والفصاحة العربية, وقد ذكرنا لك قول الهاشمي الذي عدد لك بعض الأغراض البلاغية مما اعتبرته مجرد لغوٍ, وهذا ما حذرتك منه, فمقياس الصحة ليس عقلك_ أيها الزميل _فيما اعترضت عليه, بل اللسان العربي هو المقياس في ذلك,واللسان العربي جعلها من أساليب البلاغة والفصاحة التي امتازت بها اللغة العربية وانمازت. فتأمَّل.
· قولك: (هذا رابط الكتاب بصيغة pdf بعنوان ... وليس له علاقة باقتباسك عن صيغ الأمر).
· التعليق عليه:
ü الرابط لا يعمل.
ü لقد بدت نواجذي من قولك: (وليس له علاقة...)؛ لأنك توحي أنني ملفق مختلق, أنسب كلامًا غير موثق, وتتجاهل أن طبعة الكتاب والمكتبة الطابعة له تساعدان في اختلاف نسخه المتعاقبة, فلماذا تتقصد ذلك؟! وهل وصل بك العجز إلى استخدام هذا الأسلوب الهابط في التضليل, تضليل القارئ عن نصاع حجتنا وصدق قولنا؟!
ü نسختي هي من مكتبة الإيمان, ط1, سنة 1420هـ/1999م. وضبطها وعلق عليها محمد رضوان مهنا.
ü مبحث (في كيفية إلقاء المتكلم الخبر للمخاطب) يبدأ في نسختي من ص: 38_48. واقتباسي عن صيغ الأمر يأتي بعد المبحث بصفحات قليلة.
· قولك: (لما كان من المعتاد فى القرآن إفراد صيغ خطاب وتخصيصها بتوجيه الخطاب الى رسول الإسلام تارة مثل (يا أيها النبي) والى المسلمين مثل (يا أيها الذين آمنوا) او الى النساء, فإن تخصيص الحوار فى النص بتخصيص المخاطب يعد دليلا على تخصيص النص بتوجيه الخطاب الى المخاطب بالنص ما لم يقم الدليل على غير ذلك).
· التعليق عليه:
ü خطاب الذكر هو خطاب للذكر والأنثى ما لم تأت قرينة تخصصه بالذكر.
ü خطاب الأنثى هو خاص بالأنثى فقط.
ü خطاب النبي e خطاب له ولأمته ما لم تأت قرينة تخصصه بالنبي e.
ü فقولك: (فإن تخصيص الحوار فى النص بتخصيص المخاطب يعد دليلا على تخصيص النص بتوجيه الخطاب الى المخاطب بالنص) قول عار عن الصحة, وهو من طرائفك التي زججت بها, وهو ما لم يقل به أحد من المسلمين, فخطاب الذكر لم يخصص بالذكر من دون الأنثى إلا بقرينة, وخطاب النبي e خطاب لا يختص به من دون قرينة, وخطاب الأنثى هو فقط من يختص بالأنثى.
· قولك: (ان خطاب النبي خطاب لأمته ايضا ما لم يرد دليل على تخصيص الخطاب للنبي فقط, وليس معناه ان خطاب النبي ينصرف الى أمته فقط من دون النبي).
· التعليق عليه:
ومن قال غير ذلك؟! فالنبي e مطالب بهجر عبادة الأوثان مثله مثل المسلمين, ولمَّا كان خطاب النبي e هو خطابًا للأمة, كان قول الله Y: ﴿وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ﴾ نظيرًا لقولنا: (والرجز فاهجروا). فالله U يخاطب المؤمنين بخطابه نبيَّهم, فالخطاب: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا﴾ يشمل النبي e والمسلمين, والخطاب: ﴿يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا﴾, (الأحزاب: 59) يشمل النبي e والمسلمين. إذن, قول الله Y: ﴿وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ﴾ يخاطب جماعة المؤمنين, ومنهم النبي e, ولا يشترط في خطاب الجماعة الحاصل من هذه الآية أن يكونوا جميعهم على حال واحدة, فإن افترضنا فرضًا يفيد أن المأمور بأمر سلبيٍّ يكون متلبسًا بما نهي عنه, فإنَّه لا تشترط هذه الحال في جميع المخاطبين, فكون مسلمي مكة عبدةَ أوثانٍ قبل إسلامهم, لا يفيد أنَّ جميعهم على حالٍ واحدةٍ, فالنبي e قد يكون متلبسًا بعبادة الأوثان وقد يكون غير ذلك, وعند الاحتمال يسقط الاستدلال.
· قولك: (لو كان هذا صحيحا لكان اوضح ذلك فى تفسير وإنما سارع الى نفى هذا المعنى بقوله: (على كل تقدير لا يلزم تلبسه بشيء من ذلك) ولم يذكر الأسباب).
· التعليق عليه:
1. أيها الزميل, إنك لا تحسن أن تكتب سطرًا واحدًا من دون أن يكون زاخرًا بالأخطاء الإملائية والنحوية والأسلوبية, فكيف تجرؤ على الاعتراض على الإمام ابن كثير من دون أن تدعم رأيك بلغويٍّ معتبر كالجرجاني, وابن جني, والمبرد, والأخفش, والفراء, وسيبويه, والكسائي, وغيرهم؟!
2. أنسيت قولي: (إتيانك_ أيها المناظر _لا نثق به؛ لأنَّ هذه الأمور يحتاج المرء إلى علم رفيع في اللغة العربية حتى يدرك حقيقتها, ولا أريد هنا أن أختبرك في مدى إدراكك لما نسخته ولصقته, بل أريد أمرًا فاصلاً: من أعلم بما ذكرت: أنت أم الإمام ابن كثير؟! قطعًا, لا يلتفت إلى رأي أيِّ شخص ما لم يكن عنده من العلم ما عند ابن كثير, وهذا أمر يقبله أولو الألباب, وترضاه ذوو النهى)؟!
3. ثمَّ أنسيت قولي: (أيها القارئ, انظر مَنْ يردُّ على عالم من أجلِّ علماء التفسير واللغة العربية, يردُّ عليه من يقول عن نفسه: (اللغة العربانية ليست لغتي), ولا أدري كيف تجرَّأ على مناقشة أمر لا يفهمه؟!! ففاقد الشيء لا يعطيه, والأدهى من ذلك والأمرُّ أنَّه لم يستشهد على صحة قوله بقول أيِّ عالم لغوي, فيا حسرة على قلوب قد مسَّها العمى؛ فأصبحت كالكوز مجخيًا!!)؟!
4. ومن الفائدة للقارئ الآتي:
ولننتقل الآن إلى مناقشة رأي الرازي. لقد كان الحديث على أنَّ الآية لا توجب بالضرورة أن يكون النبي_ صلى الله عليه وسلم _عابدًا للأوثان, وهذا الأمر قد أجاب عنه الرازي في المسألة الثانية من المسائل التي تخصُّ الآية, ونحن إنَّما نستدلُّ بالجزء الذي يعنينا, وهو هنا الحديث عن أنَّ الآية لا تفيد بالضرورة أنَّ النبي عبد الأوثان قبل البعثة, أو تودد إليها كما يزعم الأفَّاكون, وهذا الحديث موجود في المسألة الثانية, ولكنَّ زميلي قد قال لي عندما اقتصرت على الجزء الذي يلزم حديثنا قال لي: (أَخْذُ مسألةٍ دون الباقي لا يعبر عن أمانة علمية, بل يعبر عن تضليل لنفسك ولغيرك). ولا يدري المناظر أنَّ الجمع بين المسألتين سيكون قاصمة ظهر له, وسينسف رأيه نسفًا. ولأنِّي حريص على الأخذ بيديه للخير, فإنِّي سأحاول إزالة الصمم من أذنه, والغشاوة عن عينه, والران عن قلبه, والله الموفق. قال الرازي:
﴿وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ﴾, (المدثر: 5). فيه مسائل:
المسألة الأولى: ذكروا في الرجز وجوهاً,
· الأول: قال العتبي: الرجز العذاب, قال الله تعالى: ﴿لَئِن كَشَفْتَ عَنَّا الرجز﴾, [الأعراف: 134], أي العذاب. ثم سمي كيد الشيطان رجزاً لأنه سبب للعذاب، وسميت الأصنام رجزاً لهذا المعنى أيضاً، فعلى هذا القول تكون الآية دالة على وجوب الاحتراز عن كل المعاصي، ثم على هذا القول احتمالان, أحدهما: أن قوله: ﴿والرجز فاهجر﴾ يعني كل ما يؤدي إلى الرجز فاهجره، والتقدير وذا الزجر فاهجر, أي ذا العذاب فيكون المضاف محذوفاً. والثاني: أنه سمي إلى ما يؤدي إلى العذاب عذاباً تسمية للشيء، باسم ما يجاوره ويتصل به.
· القول الثاني: أن الرجز اسم للقبيح المستقذر, وهو معنى الرجس، فقوله : ﴿والرجز فاهجر﴾ كلام جامع في مكارم الأخلاق, كأنه قيل له: اهجر الجفاء والسفه وكل شيء قبيح، ولا تتخلق بأخلاق هؤلاء المشركين المستعملين للرجز، وهذا يشاكل تأويل من فسر قوله : ﴿وَثِيَابَكَ فَطَهّرْ﴾, [المدثر: 4] على تحسين الخلق وتطهير النفس عن المعاصي والقبائح.
المسألة الثانية: احتج من جوز المعاصي على الأنبياء بهذه الآية، قال: لولا أنه كان مشتغلاً بها وإلا لما زجر عنها بقوله: ﴿والرجز فاهجر﴾, والجواب: المراد منه الأمر بالمداومة على ذلك الهجران، كما أن المسلم إذا قال: اهدنا فليس معناه أنا لسنا على الهداية فاهدنا، بل المراد ثبتنا على هذه الهداية، فكذا ههنا.
أرأيت_ أيها القارئ _كيف أن زميلي وقع في واحدة من اثنتين: فإمَّا أنَّه لم يستطع أن يفهم المسألتين فاعتبرني مضللاً لنفسي وللقارئ, وإمَّا أنَّه أراد أن يلصق للرازي ما لم يقله إذا اعتبر المسألة الأولى تقرُّ أن النبي عابدًا للأوثان, أو مقترفًا للآثام. وأحلاهما مرٌّ.
أيها القارئ, الرازي بحث في المسألة الأولى معنى الرجز, وهذا ما فعله ابن عباس ومجاهد وعكرمة وغيرهم, فهم يفسرون معنى الرجز, ولا يعتبرون نبيهم عابدًا للأوثان لأنهم فسروا معنى الرجز بعبادة الأوثان أو الشرك أو الآثام, ثمَّ الرازي نفسه قد ردَّ هذا الفهم السقيم من الآية في المسألة الثانية, فقال: (احتج من جوز المعاصي على الأنبياء بهذه الآية), والمناظر نلحقه بالفئة التي تحدث عنها الرازي, وهم في الأغلب العجم وضعاف اللغة العربية, فهل وافقهم الرازي على فهم هذا؟ لا؛ لأنَّ الرازي دحض فهمهم السقيم للآية بقوله: (والجواب: المراد منه الأمر بالمداومة على ذلك الهجران), ثمَّ مثل لهم بتعبير من تعابير العرب, فقال: (كما أن المسلم إذا قال: اهدنا فليس معناه أنا لسنا على الهداية فاهدنا، بل المراد ثبتنا على هذه الهداية، فكذا ههنا).
أرأيت_ أيها القارئ _كيف أنَّ الرازي الذي فسر الرجز بما فسره السابقون كابن عباس ومجاهد ومع ذلك نفى أن تكون الآية دليلاً على أن النبي كان عابدًا للأوثان. ولا أدري أين هو تجافي استدلالي مع الأمانة العلمية بالنقل؟!! وهذا ردٌّ على (al kharek) ليس من الداعي, بل من الرازي, ولا تعقيب على مفسر ذي باع في اللغة والتفسير. وهذه دعوة للمناظر إلى فهم أقوال المفسرين قبل أن يأتي لنا بما يقسم ظهره هو, ويؤيد رأينا من حيث لا يشعر. والحمد لله ربِّ العالمين.
· قولك: (لفظة اجتنب (تعنى ابتعد عن أو تفادى) وهى تفصح عن القرب المكاني لأن الأمر هنا بالابتعاد والتفادي وليس بالترك. أما لفظة اهجر بمعنى اترك تفصح عن التلبس في الماضي).
· التعليق عليه:
1. هذه الطرائف تدلُّ على مدى تخبطك, فأنت عندما تباطأتُ أنا بوضعها خدعت؛ لأنَّك كنت تظنُّني لا آلوا جهدًا في البحث عن مثالٍ مطابقٍ, فلمَّا أتيتك بها ضاعت آمالك, وانتهت أحلامك, فأخذت تنثر كلماتٍ تدل على آلامك, وتقوي ما خطَّت أناملك, وأنَّى لك أن تستمرَّ في ذلك!!
2. جاء في أيسر التفاسير: ({فاجتنبوا الرجس}: أي: اجتنبوا عبادة الأوثان). إذن قولك: (وهى تفصح عن القرب المكاني) تساقط كتساقط أوراق الخريف!! فهي لم تفصح عن القرب المكاني, بل عن عبادة الأوثان, وشتان بينهما شتان.
3. جاء في تفسير السمرقندي: ({فاجتنبوا الرجس مِنَ الأوثان}، يعني: اتركوا عبادة الأوثان). إذن قولك: (لأن الأمر هنا بالابتعاد والتفادي وليس بالترك) ذهب أدراج الرياح, فهو هشيم تذروه الرياح في يومٍ عاصف!! فها هم أهل التفسير فسَّروا (اجتنبوا) بـ(اتركوا), فهل ترى لقولك من باقية؟!
ولحقيق بنا وخليق ذكر بعض سيرة النبي e المتعلقة بعبادته قبل البعثة, فقد روي عَنْ عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ، أَنَّهَا قَالَتْ: (أَوَّلُ مَا بُدِئَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ_ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ _مِنَ الْوَحْيِ الرُّؤْيَا الصَّالِحَةُ فِي النَّوْمِ، ... ، ثُمَّ حُبِّبَ إِلَيْهِ الْخَلاءُ، وَكَانَ يَخْلُو بِغَارِ حِرَاءٍ، فَيَتَحَنَّثُ فِيهِ، ... فَقَالَتْ خَدِيجَةُ: كَلا وَاللَّهِ, مَا يُخْزِيكَ اللَّهُ أَبَدًا: إِنَّكَ لَتَصِلُ الرَّحِمَ، وَتَحْمِلُ الْكَلَّ، وَتُكْسِبُ الْمَعْدُومَ، وَتَقْرِي الضَّيْفَ، وَتُعِينُ عَلَى نَوَائِبِ الْحَقِّ...), متفق عليه. فهذا الحديث فيه محاسن الصفات ومكارم الأخلاق للنبي محمد e, وفيه أنَّه كان يتعبَّد في غار حراء, وقد حُبِّبَ إليه الخلاء, وقد بدأ عبادته فيه قبل البعثة بثلاث سنوات, وكان مدركًا ضلال قومه في عبادة الأوثان, ولم يسجد يومًا لصنم, وقد أتاه الوحي وهو على هذه الحال من اعتزال الأصنام وحب الخلاء, فكيف يكون مقصودًا في آية المدثر وهو معتزلٌ الأصنام, وبريء من هذه الآثام؟! لا يكون هذا.
وأخرج ابن سعد عن ابن عباس قال: فبينا رسول الله_ صلى الله عليه وسلم _على ذلك وهو بأجياد إذ رأى ملكا واضعا إحدى رجليه على الأخرى في أفق السماء, يصيح: يا محمد, أنا جبرئيل, فذعر رسول الله_ صلى الله عليه وسلم _من ذلك, وجعل يراه كلما رفع رأسه إلى السماء, فرجع سريعا إلى خديجة فأخبرها خبره, وقال: (والله_ يا خديجة _ما أبغضت بغض هذه الأصنام شيئا قط ولا الكهان, وإني لأخشى أن أكون كاهنا). قالت: كلا, لا تقل ذلك, فإن الله لا يفعل ذلك بك أبدا...
بالنسبة للحديث عن آية الصلب من حيث دلالتها: أهي ظنية أم قطعية, فإنَّ مكانها ليس هنا, فافتح لها بابًا مستقلاً.
بعد آية المدثر ننتقل للنقطة الثانية, ألا وهي: (النسيان بعد التبليغ). وكل ما له علاقة بهذه النقطة مما أثرته من قبل. أنتظر إذنك في خوض غمار مسألة النسيان, وسبر غورها: أفتأذن لي, أم عندك ما تدلو به في آية المدثر وما هو منوط بها؟

ذو الفقار
2009-10-10, 09:59 AM
لقد بدت نواجذي من قولك: (وليس له علاقة...)؛ لأنك توحي أنني ملفق مختلق, أنسب كلامًا غير موثق, وتتجاهل أن طبعة الكتاب والمكتبة الطابعة له تساعدان في
اختلاف نسخه المتعاقبة, فلماذا تتقصد ذلك؟! وهل وصل بك العجز إلى استخدام هذا الأسلوب الهابط في التضليل, تضليل القارئ عن نصاع حجتنا وصدق قولنا؟!

أحسنت إذ بينت للقارئ ذلك أخي الداعي

ألاحظ أن المجهود مضاعف مع المخروق ن فلم يقتصر على رد قوله بل ولشرح قواعد نحوية وبلاغية أيضاً

بارك الله فيك أخي الحبيب وأيدك بنصره

elqurssan
2009-10-10, 05:10 PM
أتمنى ولو لمرة أن أرد شاكراً لهذا العبقرى ولكن.....!!!!للأسف
كالعادة تَعجز أصابع يداى عن تقديم كلمات شكر تليق بهذا
المجهود الجبَّـار
والعاقِبة ُ للتـَقـَوى
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــ

elqurssan
2009-10-10, 05:12 PM
http://www.albshara.com/images/myframes/7_cur.gif تـَرَقــَبْــواالمُفآجَأةَ الكـُبـرى الخاصَة بالمُنتـَدىhttp://www.albshara.com/images/myframes/7_cul.gif

الداعي
2009-10-11, 05:01 PM
ذا الفقار, أحسن الله إليك.
إنَّ مداخلاته لا توحي إلى أنه سيسلم؛ لأن قلبه وعقله قد استحكم بهم البغض والكبر ورفض الحق!!
إنا لله, وإنا إليه راجعون.

ذو الفقار
2009-10-11, 05:23 PM
إنَّ مداخلاته لا توحي إلى أنه سيسلم؛ لأن قلبه وعقله قد استحكم بهم البغض والكبر ورفض الحق!!


إنك لا تدي من أحببت أخي الحبيب وإن لم يكن فيه رجاء فلعل من قرأ المناظرة يجد فيها ضالته

جزاك الله كل خير

الداعي
2009-10-11, 05:23 PM
elqurssan, لقد أخجلت تواضعي بمداخلتك!!
وأنا أملك الحلَّ لعجز قلمك وأصابعك في ردِّ الشكر, والحلُّ يكمن في قول النبي_ صلى الله عليه وسلم _: "مَنْ صُنِعَ إِلَيْهِ مَعْرُوفٌ فَقَالَ لِصَاحِبِهِ: (جَزَاكَ اللَّهُ خَيْرًا) فَقَدْ أَبْلَغَ فِي الثَّنَاءِ", أخرجه الترمذي, وقال: حسن صحيح.
إذن, ما عليك إلا أن تقول لي: (جزاك الله خيرًا), وعندها أصبح أنا عاجزًا عن ردِّ شكرك بأيِّ أمر أسديه إليك. وأرجو منك أن تعتزل هذه المخاطبة: (العبقري) و(النابغة), فما أنا إلا طالب علم, بل طُوَيْلِبُ علم.


وما توفيقي إلا بالله

الداعي
2009-10-11, 05:24 PM
http://www.albshara.com/images/myframes/7_cur.gif تـَرَقــَبْــواالمُفآجَأةَ الكـُبـرى الخاصَة بالمُنتـَدىhttp://www.albshara.com/images/myframes/7_cul.gif




لقد شوقتنا يا أخي!!

elqurssan
2009-10-11, 08:36 PM
من حقك أن تطلب
وأرجو منك أن تعتزل هذه المخاطبة: (العبقري) و(النابغة)
,
ولكن تذكر انه من حَقى انا أيضاً ان ارفض
:36_sf1_1[1]::36_11_6::36_sf1_1[1]:

ولكن طلبكم من الممكن ان ننظر فى أمره...
أما بخصوص
الشكرفكما قال الحبيب
المـُصـطـفى :salla:
سأفعل وأقول لكم
(جَزاكم اللهُ كل خير)

أما بخصوص
http://www.albshara.com/islamic-5/buttons/viewpost.gif (http://www.albshara.com/showthread.php?p=94904#post94904)
http://www.albshara.com/images/myframes/7_cur.gif تـَرَقــَبْــواالمُفآجَأةَ الكـُبـرى الخاصَة بالمُنتـَدىhttp://www.albshara.com/images/myframes/7_cul.gif


فأنا لم أكتبها سوى بالأمس وأعتقد انه هناك وقتاً عليها كى أفصح عنها
ولكن ممكن ان تقول انها هديتى الرابعة من هداياى التى أهديها دوماً لمنتداى الحبيب
وستكون أنت الموضوع الخاص بها:36_1_39:
يعنى سأبدأ بك(فى المُقدمَة)
(أعتقد اننى وضحتها والثانية لباقى الأعضآء)
وأكثر من ذلك انا فى قمة الأسف لأننى لن أستطيع
ان اهمس ولو بكلمة ودعونا نعمل بصمت
تذكر انك لم تجيبنى على سؤالى
الخاص بتفسير آى الذكر الحكيم
لعل المانِع خير
واللهُ المُستـَعــَـان

حامل دعوة
2009-10-11, 10:06 PM
والحلُّ يكمن في قول النبي_ صلى الله عليه وسلم _: "مَنْ صُنِعَ إِلَيْهِ مَعْرُوفٌ فَقَالَ لِصَاحِبِهِ: (جَزَاكَ اللَّهُ خَيْرًا) فَقَدْ أَبْلَغَ فِي الثَّنَاءِ", أخرجه الترمذي, وقال: حسن صحيح.

صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم.

جزاك الله خيرًا على هذه التربية النبوية.