تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : تأليف رواية يسوع : " لوقا " إنجيل للوثنيين السـذ ّج



يوسفوس فلافيوس
2009-10-21, 02:41 PM
لـوقـا




إنجيل للوثنيين السذج



1 وفي السنة الخامسة عشر من سلطنة طيباريوس قيصر اذ كان بيلاطس البنطي واليا على اليهودية وهيرودس رئيس ربع على الجليل وفيلبس اخوه رئيس ربع على ايطورية وكورة تراخونيتس وليسانيوس رئيس ربع على الابلية (Abilene) لوقا 3: 1

إستخدم مؤلف لوقا عدة علامات لتحديد إعلان أول ظهور ليوحنا المعمدان , و إنطلاقا من ذلك يبدأ في سرد سيرة يسوع نفسه اللاحقة .

السنة الخامسة عشر من حكم طيباريوس واضحة تماما ــ 28-29 م . و نحن نعلم ان بيلاطس كان واليا في ذاك الوقت ( 26-36) , و أنتيباس حقا كان رئيس ربع على الجليل ( 4 ق. م ــ 34م ) . و لكن من على الأرض كان " ليسيانوس رئيس ربع الأبلية " ؟
كانت الأبلية قطعة بالكاد تصل مساحتها إلى 50 ميل مربع في سوريا . و كانت في " السنة الخامسة عشر" في أقصى الشمال من إقطاعية فيليب بن هيرودس , تحوطها سمعة رديئة بسبب قطاع الطرق و أشياء قليلة في ما عدا ذلك . كانت هذه القطعة تملك, في يوم ما , حاكما محليا يدعى ليسيانوس ,لكن مارك انطونيو كان قد قتله لإسترضاء كليوباطره قبل هذا التاريخ بأكثر من نصف قرن
( يوسفوس : العصور القديمة 15 . 4.1 )

حيث ان مؤلف لوقا وقع على حاكم خطأ , لماذا يذكر مثل هذه الإقطاعية الصغيرة جدا , التي لا علاقة لها إطلاقا , بالقصة التي ينوي سردها , على أي حال ؟؟ ( ما لم ينتحل من نصوص شخص آخر )

لعل مؤلف لوقا فقط قد خلط الأبلية Abilene بالأديبانية Adiabene, التي كانت في حوالي نهاية القرن في 115 م مملكة يهودية هامة في أرض ما بين النهرين و تتصل مع أرمينيا القديمة تقريبا . و كانت عاصمتها أربيلا ( أربيل اليوم في إقليم كردستان العراق ) .
و رغم ان هذه المملكة تبعد 600 ميل عن أورشليم , إلا أنها لعبت دورا هاما في أحداث القرن الأول التي جرت في اليهودية .

فقد شحنت هيلين ملكة ألأديبانية مؤن إلى اورشليم لتخفيف المجاعة التي حدثت في زمن الأمبراطور كلاوديوس . كما كتب يوسفوس أن جرابت , قريب إزياتيس , ملك الأديبانية بنى قصرا في المدينة ( يوسفوس : حروب 4 . 9 . 11 ), و أن هيلين كان لها قصر آخر ( حروب 5 . 6 . 1 ) . و خلال حرب اليهود ضد روما 66ــ70 قامت العائلة الملكية الأديبانية بدعم الجانب اليهودي , و أن قبور ملوك الأديبانية يمكن رؤيتها في اورشليم اليوم .
هل خلط مؤلف لوقا بين الأبيلية و الأديبانية ؟
من السهل ذلك في عقود الفوضى الباكرة من القرن الثاني . لكن عندئذ ليست سوى قصة .
http://www.albshara.com/imgcache/2/13399albshara.jpg
الأبلية , مقاطعة صغيرة جدا في شرق فينيقيا , محصورة بين جبل حرمون و سفوح جبال لبنان .
لماذا إختار مؤلف لوقا أن يشير إلى مثل هذه العلامة الغامضة ؟


وثنية حميدة :

إنتهى حكم الأمبراطور هدريان الطويل و المستنير بموته سنة 138م , و خلفه الأمبراطور القادر أنطونينوس ( الذي لقب بالتقي لإخلاصه للتقاليد الرومانية ) , ثم أتى ماركوس آوريليوس " الأمبراطور الفيلسوف " . و قد إنتهت هذه السلالة الحاكمة بقتل الأمبراطور كومودوس , إبن ماركوس أوريليوس المشوش ذهنيا .
بعد سنة من الحرب الأهلية إستقر الوضع على رفع رجل قوي من جبهة الدانوب , سبتموس سيفيروس , إلى العرش . الذي ورثه إبنه جيتا , ثم كركلا في ما بعد .

تميز العهد المذكور , من انطونينوس إلى حكم أبناء سيفيروس , بأنه سجل أعلى نقاط السلام و الثراء و التساهل الديني في أرجاء العالم الروماني . كانت الأمبراطورية تحت حكم عسكري مطلق , لكن جميع المعتقدات و الديانات مقبولة و متساهل معها ــــ كانت هناك ليبرالية يصفها إدوارد جيبون بأنها : " اللامبالاة المعتدله للعصر القديم " .

لم يكن في العهد الذهبي للعصور القديمة قواعد إقتصادية , لا للرومان , و لا لليونانيين , لحسد اليهود , و لم يفعلوا ذلك . بل بالأحرى كانوا يستخفون بؤلئك الذين يطلقون على انفسهم إسم يهود لإحجامهم عن الأنضمام إلى الثقافة العالمية التي كانت تمنح منافعها بصورة واضحة لكل الناس .

و لم يكن الرومان و لا اليونانيون عنصريين بالمعنى الحديث للكلمة . كانت روما تقف بعيدا محتقرة الجزء الأكبر من " العبادات الشرقية " و لا تتحرك ضدها إلا عندما تبدو أنها تثير الشغب و البلبلة و تهدد الأمن العام .

لم تكن هناك حروب دينية في تلك الأزمنة و لا " تطهير عرقي " .

و نظرا لكل شكوك اليهود و كرههم , قامت سلسلة من الأباطرة الرومان بحمايتهم , و المحافظة على تقاليدهم , و منحهم مزايا خاصة . و ببساطة , لم يكن هناك أي إضطهاد واسع النطاق لليهود تحت الحكم الوثني .

و تحت الحكم الحميد للأباطرة الرومان " الوثنيين " إستطاعت الديانة المسيحية ,اللامتسامحة جوهريا , أن تلتئم, و تصبح ديانة منظمة و أن تغوي, في النهاية , الدولة الرومانية .

" إسرائيل " تطفو خالية من اليهود :

في أواسط القرن الثاني كان اليهود المشتتون في مدن شرق البحر المتوسط معرضون أكثر من أي وقت مضى لتأثيرات متنوعة . هؤلاء الناجون كانوا مصدومين بالمجازر الرهيبة للحروب , و دمار الهيكل و اختفائه, مما أدى إلى تذبذب ولائهم و إيمانهم . و كانت هذه الأعداد الضخمة من اللاجئين و العبيد اليهود في مدن شرق المتوسط معرضين لمذاهب و معتقدات معطرة .

ليس من الصعب ان نتصور " المهاجرين " اليهود المفجوعين في دمار هيكلهم يغطسون في
الديانات الخصبة لتلك المدن , فيتبنون و يلائمون مظاهر من تلك الديانات الشعبية المتعددة في شكل أقرب إلى ذوقهم و نظرتهم . كما لا بد و أنهم كانوا يدركون أن الديانات المصرية و اليونانية ينظر إليها بعين الرضى في روما .

أن الأمل الواسع الإنتشار بين اليهود في " مملكة إسرائيل" ارضية ـــ مثلما كان مفهوما تقليديا ـــ كان قد تلاشى . و الآن الكلام من المنتقلين إلى الديانة المسيحية الوثنية كان عن " إسرائيل جديدة( أو حقيقية ) " , لا علاقة كبيرة تربطها باليهود .



للموضوع بقية

يوسفوس فلافيوس
2009-11-01, 09:13 PM
أبهة دينية فارغة :

كانت التنويعات اليهودية حول عبادة اللأله " الميت ـــ المولود من جديد" في أواخر العقد الثالث من القرن الثاني سارية منذ فترة زمنية ما و كانت قد إكتسبت تفصيلا مؤثرا في سيرة البطل . على سبيل المثال ، إكتسب يسوع الآن صلة قرابة بيوحنا المعمدان ـــــ كانا أبناء عمومة ( لوقا 1 : 36 ) .وتم إعطاء يوحنا نفسه بالحرى معاملة أفضل . فيما أسقط الآن الضعف اللاهوتي الذي يكتنفه تعميد يوحنا ليسوع : يتجنب لوقا الإفصاح عن إسم من عمد يسوع

{ 19 اما هيرودس رئيس الربع فاذ توبخ منه لسبب هيروديا امرأة فيلبّس اخيه ولسبب جميع الشرور التي كان هيرودس يفعلها 20 زاد هذا ايضا على الجميع انه حبس يوحنا في السجن 21 ولما اعتمد جميع الشعب اعتمد يسوع ايضا.واذ كان يصلّي انفتحت السماء 22 ونزل عليه الروح القدس بهيئة جسمية مثل حمامة وكان صوت من السماء قائلا انت ابني الحبيب بك سررت }

العديد من سير الإله البشري كانت موجودة, و تناقض بعضها في كثير من النواحي , لكنها كانت تزود بمصدر خصب لأبهة دينية فارغة و مسرحيات درامية . إن محاكمة يسوع طبقا للوقا ثقيلة و مثيرة للسخرية ــــ من المحتمل أن المؤلف كان يمزج عناصر من قصتين مبكرتين . فقد جعل يسوع يمثل اولا امام بيلاطس , ثم أمام هيرودس أنتيباس , ثم أمام بيلاطس مرة اخرى . من الصعب تاريخيا ان يكون ذلك و لكنه مسرحية مسلية على اي حال .

ملوك طيبون و آخرون سيؤون , و كهنة و جنود و ملائكة , تم إدخالهم إلى القصة , و هنا نجد التسلية , و حكايات أخلاقية , و السلوى و الوعد بالخلود . و لتلوين القصة النامية , و لكي تزيد إقناعا إضيف الميلاد العجائبي ( مبشر من الملائكة , و مبارك من الكهنة و الحكماء .. إلخ ) من التراث إلى قصة الموت و القيامة المركزية .

مستعيرا بحرية من نسخة من إنجيل مرقس , و من التراث عن ميثرا و أدونيس , أعطى مؤلف يوناني من اتباع بول , و هو يكتب من مدينة انطاكية , صورة مستمدة من المعتقدات القديمة للإله البشرى : أصل سماوي , ميلاد عجائبي , أفعال مذهلة للغاية , و هي خواص مميزة جدا للآلهة الوثنية المخلصة .


أول كلمات مسجلة للإله البشري :

{ 46 وبعد ثلاثة ايام وجداه في الهيكل جالسا في وسط المعلمين يسمعهم ويسألهم. 47 وكل الذين سمعوه بهتوا من فهمه واجوبته. 48 فلما ابصراه اندهشا.وقالت له امه يا بنيّ لماذا فعلت بنا هكذا.هوذا ابوك وانا كنا نطلبك معذبين. }

إن هذه الحكاية عن النقاش مع المعلمين في الهيكل ـــــ و هي الفصل الوحيد الذي تم تخيله لملء الفراغ بين ميلاده العجائبي و كرازته المفبركة ـــــ تثبت أنها اسطورية بكل الظروف التي تحيط بها .

إن القول بان أمه و أباه غادرا أورشليم , ظانين أنه معهما , و أنهما سافرا يوما كاملا قبل ان يكتشفا أنه ليس برفقتهما , و أنهما بعد ثلاثة ايام وجداه في الهيكل يسأل و يجيب على أسالة المعلمين , يتضمن سلسلة من اللاحتمالية الرهيبة . من جهة أخرى , يزود يوسفوس فلافيوس بمصدر معقول للقصة غير المعقولة ـــ إنها حكاية من النوادر, ترد في سيرته الذاتية !!!

في هذا النموذج الأولي لما سيكون إنجيل لوقا المستقبلي , تمت أيضا زخرفة قيامة يسوع من الموت , بإضافة تفاصيل زائدة ـــ ليس سيئا , عمر بعد الحادثة المفترضة و حربين مدمرتين !!

بكلام غير مسبوق في شدة لهجته يبريء المؤلف روما من اي مسؤولية عن مقتل اللأله البشري , و يشير بإصبع الإتهام إلى غدر اليهود . و في الحقيقة , ما يوضح أن الكاتب غير يهودي هو " أخطأه الصارخة " في " أشياء يهودية " ( ماير : اليهودي المهمش , ص 210 ) . و هنا على وجه الخصوص حين يخلط مؤلف لوقا مخطأ بين شعيرتين مختلفتين
ـــ بين طهارة الأم ( بعد وضع حملها ) و بين إفتداء الإبن البكر .

.... للموضوع بقية