قوله تعالى (وَفَجَّرْنَا خِلَالَهُمَا نَهَرًا )أي أجرينا وشققنا وسط الجنتين بنهر.
(وَكَانَ لَهُ ثَمَرٌ )قرأ أبو جعفر وشيبة وعاصم ويعقوب وابن أبي إسحاق (ثَمَرٌ )بفتح الثاء والميم، وكذلك قوله (وَأُحِيطَ بِثَمَرِهِ)الكهف : 42 جمع ثمرة.
قال الجوهري : الثمرة واحدة الثمروالثمرات، وجمع الثمر ثمار؛ مثل جبل وجبال. قال الفراء : وجمع الثمار ثمر؛ مثل كتاب وكتب، وجمع الثمر أثمار؛ مثل أعناق وعنق. والثمر أيضا المال المثمر؛ يخفف ويثقل.
وقرأ أبو عمرو (وَكَانَ لَهُ ثُمُر )بضم الثاء وإسكان الميم، وفسره بأنواع المال. والباقون بضمها في الحرفين. قال ابن عباس : ذهب وفضة وأموال. وقد مضى في (الأنعام)نحو هذا مبينا.
ذكر النحاس : حدثنا أحمد بن شعيب قال أخبرني عمران بن بكار قال حدثنا إبراهيم بن العلاء الزبيدي قال حدثنا شعيب بن إسحاق قال هارون قال حدثني أبان عن ثعلب عن الأعمش أن الحجاج قال : لو سمعت أحدا يقرأ (وَكَانَ لَهُ ثُمُر) لقطعت لسانه؛فقلت للأعمش : أتأخذ بذلك؟ فقال : لا؟ ولا نعمة عين. فكان يقرأ (ثُمُر)ويأخذه من جمع الثمر.
قال النحاس : فالتقدير على هذا القول أنه جمع ثمرة على ثمار، ثم جمع ثمارعلى ثمر؛ وهو حسن في العربية إلا أن القول الأول أشبه والله أعلم؛
لأن قوله(كِلْتَا الْجَنَّتَيْنِ آتَتْ أُكُلَهَا)يدل على أن له ثمرا.
قوله تعالى(فَقَالَ لِصَاحِبِهِ وَهُوَ يُحَاوِرُهُ) أي يراجعه في الكلام ويجاوبه. والمحاورة المجاوبة،والتحاور التجاوب. ويقال : كلمته فما أحار إلي جوابا، وما رجع إلي حويرا ولا حويرةولا محورة ولا حوارا؛ أي ما رد جوابا.
(أَنَا أَكْثَرُ مِنْكَ مَالًا وَأَعَزُّنَفَرًا)النفر : الرهط وهو ما دون العشرة. وأراد ههنا الاتباع والخدم والولد، حسبما تقدمبيانه.
(وَدَخَلَ جَنَّتَهُ وَهُوَ ظَالِمٌ لِّنَفْسِهِ قَالَ مَاأَظُنُّ أَن تَبِيدَ هَذِهِ أَبَداً* وَمَا أَظُنُّ السَّاعَةَ قَائِمَةً وَلَئِنرُّدِدتُّ إِلَىرَبِّي لأَجِدَنَّ خَيْراً مِنْهَامُنقَلَباً(الكهف: 35، 36
وقوله تعالى: (وَدَخَلَ جَنَّتَهُ وَهُوَ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ)أي بكفره وتمرده وتجبره وإنكاره المعاد،)قَالَ مَا أَظُنُّ أَنْ تَبِيدَ هَذِهِ أَبَدًا(وذلك اغترار منه، لما رأى فيها من الزروع والثمار والأشجار والأنهار المطردة في جوانبها وأرجائها ظن أنها لا تفنى ولا تفرغ ولا تهلك ولا تتلف، وذلك لقلة عقله وضعف يقينه باللّه وإعجابه بالحياة الدنيا وزينتها، وكفره بالآخرة، ولهذا قال: (وَمَا أَظُنُّ السَّاعَةَ قَائِمَةً) أي كائنة، (وَلَئِنْ رُدِدْتُ إِلَى رَبِّي لَأَجِدَنَّ خَيْرًامِنْهَا مُنْقَلَبًا) أي ولئن كان معاد ورجعة إلى اللّه ليكوننَّ لي هناك أحسن من هذا الحظ عند ربي، ولولا كرامتي عليه ما أعطاني هذا،
كما قال في الآية الأخرى (وَلَئِنْ رُجِعْتُ إِلَى رَبِّي إِنَّ لِي عِنْدَهُ لَلْحُسْنَى) فصلت: 50، وقال تعالى: (أَفَرَأَيْتَ الَّذِي كَفَرَبِآيَاتِنَا وَقَالَ لَأُوتَيَنَّ مَالًا وَوَلَدًا)مريم :
77
(قَالَ لَهُ صَاحِبُهُ وَهُوَيُحَاوِرُهُ أَكَفَرْتَ بِالَّذِي خَلَقَكَ مِن تُرَابٍ ثُمَّ مِن نُّطْفَةٍ ثُمَّسَوَّاكَ رَجُلاً* لَكِنَّاْ هُوَ اللَّهُ رَبِّي وَلاَ أُشْرِكُ بِرَبِّي أَحَداً * وَلَوْلا إِذْ دَخَلْتَ جَنَّتَكَ قُلْتَ مَا شَاءَ اللَّهُ لاَ قُوَّةَ إِلاَّبِاللَّهِ إِن تَرَنِ أَنَا أَقَلَّ مِنكَ مَالاً وَوَلَداً * فَعَسَى رَبِّي أَنيُؤْتِيَنِي خَيْراً مِّن جَنَّتِكَ وَيُرْسِلَ عَلَيْهَا حُسْبَاناً مِّنَالسَّمَاءِ فَتُصْبِحَ صَعِيداً زَلَقاً * أَوْ يُصْبِحَ مَاؤُهَا غَوْراً فَلَنتَسْتَطِيعَ لَهُ طَلَباً)الكهف 37-41
المفضلات