باركَ الله فيكَ أخي ذو الفقار وزادكَ الله علما
قرأت الموضوع أكثر من مرة وقد أبدعتَ في الرد حقا ، جزاكَ الله خيرا وجعله في ميزان حسناتك
الذي لاحظته في كلام هذا الشخص هداه الله أنه يحاول الربط بين مفهوم التجسد السخيف الذي يدّعوه لإلهم المزعوم وبين ظهور الله سبحانه وتعالى في الأخرة للناس ،كل هذا من خلال معرفته الدنيوية بالصورة (مع العلم أنه قد أختار التفسير الذي يريده هو فقط وتغاضى عن التفسير الأخر لمعنى الصورة والذي أوضحته أنت في ردك )
فقد جاء واضحا بما لا لبس فيه وفي العديد من الأحاديث أن ما موجود في الدنيا مختلف تماما عما في الأخرة حتى ولو تشابهت الأسماء وهذا ما أوردته أخي في حديث إبن عباس رضي الله عنه حين قال
"ليس في الدنيا مما في الأخرة إلا الأسماء "

فمحاولته تخيل كون الصورة هي عبارة عن شكل أو أبعاد محددة محدودة هو من قبيل معرفته القاصرة بحقيقة الصورة نفسها وهذا ليس حاله هو فقط بل هو حال أغلب الناس لأن معرفة الكيفية وكنه الأشياء قاصر على الخزين المعرفي الذي أخذناه من حياتنا الدنيا هذه فمحاوله فهم كنه الصورة التي سيجيء بها الله جل وعلا يوم القيامة ثم مجيئه لاحقا بصورة أخرى غير الصورة التي جاء بها أول الأمر هو شيء خارج عن حدود قدرتنا الدنيوية .

وربما والله أعلم لهذا السبب بالذات فإن الله سبحانه وتعالى لم يخبرنا عن هذه الصورة على لسان نبيه محمد إلا القليل لعدم قدرتنا على معرفتها وتمييزها بحواسنا الدنيوية ،لكن الأمر مختلف في الأخرة فإدراك حقيقة الصورة سيكون ممكنا هناك.

كل هذا يجعل من محاولة ربط هذا الحدث العظيم الخارج عن مستوى إدراكنا وتصورنا مع التجسد السخيف الذي يدّعوه لإلهم في شيء محدود معلوم ومحدد هو جسد المسيح هراء .

وهناك شيء مهم لاحظته من خلال قراءة الأحاديث التالية التي نقلتها وهي التالية وفيه أريد التركيز على حدث واحد فقط

[quote]
ومن هذه الأدلة الحديث الذي أخرجه الألباني في الجامع الصحيح "يجمع الله الناس يوم القيامة في صعيد واحد ، ثم يطلع عليهم رب العالمين ، فيقول : ألا يتبع كل إنسان ما كان يعبد ؟ فيمثل لصاحب الصليب صليبه ، ولصاحب التصاوير تصاويره ، ولصاحب النار ناره ، فيتبعون ما كانوا يعبدون ، ويبقى المسلمون ، فيطلع عليهم رب العالمين ، فيقول : ألا تتبعون الناس ؟ فيقولون : نعوذ بالله منك ، نعوذ بالله منك ، الله ربنا ، وهذا مكاننا ، حتى نرى ربنا ، وهو يأمرهم ويثبتهم ، قالوا : وهل نراه يا رسول الله ؟ قال : وهل تضارون في رؤية القمر ليلة البدر ؟ قالوا : لا ، قال : فإنكم لا تضارون في رؤيته تلك الساعة ، ثم يتوارى ، ثم يطلع ، فيعرفهم نفسه ، ثم يقول : أنا ربكم فاتبعوني ، فيقوم المسلمون ، ويوضع الصراط ، فيمر عليه مثل جياد الخيل والركاب ، وقولهم عليه : سلم سلم ، ويبقى أهل النار ، فيطرح فيها منهم فوج ، ثم يقال : هل امتلأت ؟ فتقول : هل من مزيد ؟ ثم يطرح فيها فوج ، ثم يقال : هل امتلأت ؟ فتقول : هل من مزيد ؟ ثم يطرح فيها فوج ، فيقال : هل امتلأت ؟ فتقول : هل من مزيد ؟ حتى إذا أوعبوا فيها وضع الرحمن قدمه فيها ، وأزوى بعضها إلى بعض ، ثم قال : قط ؟ قالت : قط قط ، فإذا أدخل الله أهل الجنة الجنة ، وأهل النار النار ، أتي بالموت ملببا ، فيوقف على السور الذي بين أهل الجنة وأهل النار ! ثم يقال : يا أهل الجنة ! فيطلعون خائفين ، ثم يقال : يا أهل النار ! فيطلعون مستبشرين ، يرجون الشفاعة ، فيقال لأهل الجنة وأهل النار : هل تعرفون هذا ؟ فيقول هؤلاء وهؤلاء : قد عرفناه هو الموت الذي وكل بنا ، فيضجع فيذبح ذبحا على السور ، ثم يقال : يا أهل الجنة ! خلود لا موت ، ويا أهل النار ! خلود لا موت "
/quote]

أما الحديث الثاني

[quote]قال فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم { فتخرجون من الأصوى ومن مصارعكم فتنظرون إليه وينظر إليكم قال : قلت : يا رسول الله كيف وهو شخص واحد ونحن ملء الأرض ننظر إليه وينظر إلينا قال : أنبئك بمثل ذلك في آلاء الله ؟ : الشمس والقمر آية منه صغيرة ترونهما في ساعة واحدة ويريانكم ولا تضامون في رؤيتهما ولعمر إلهك لهو على أن يراكم وترونه أقدر منهما على أن يرياكم وتروهما . قلت : يا رسول الله فما يفعل بنا ربنا إذا لقيناه ؟ قال : تعرضون عليه بادية له صفحاتكم ولا يخفى عليه منكم خافية فيأخذ ربك بيده غرفة من الماء فينضح بها قبلكم فلعمر إلهك ما يخطئ وجه واحد منكم قطرة فأما المؤمن فتدع وجهه مثل الريطة البيضاء ؛ وأما الكافر فتخطمه مثل الحمم الأسود ؛ إلا ثم ينصرف نبيكم صلى الله عليه وسلم فيمر على أثره الصالحون - أو قال - ينصرف على إثره الصالحون ؛ قال : فيسلكون جسرا من النار } وذكر حديث " الصراط " . وقد روى أهل السنن : قطعة من حديث أبي رزين بإسناد جيد { عن أبي رزين قال : قلت : يا رسول الله أكلنا يرى ربه يوم القيامة وما آية ذلك في خلقه ؟ قال : يا أبا رزين أليس كلكم يرى القمر مخليا به ؟ قلت : بلى . قال : فالله أعظم } . فهذا الحديث فيه أن قوله : { تنظرون إليه وينظر إليكم } عموم لجميع الخلق كما دل عليه سياقه . وروى ابن خزيمة عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه مرفوعا إلى النبي صلى الله عليه وسلم قال : { والله ما منكم من أحد إلا سيخلو الله به كما يخلو أحدكم بالقمر ليلة البدر - أو قال - ليلة يقول : ابن آدم ما غرك بي ؟ ابن آدم ما عملت فيما علمت ؟ ابن آدم ماذا أجبت المرسلين ؟ } ." إنتهى .
/quote]

يلاحظ أن الحديث الثاني يذكر حادثة أخذ الله سبحانه وتعالى غرفة من الماء بيده فينضح بها على الناس وطبعا هذا لم يذكر في الحديث الاول من هذا نستنتج أن النبي عليه الصلاة والسلام يوضح الأحداث التي ستحدث يوم القيامة لكن ليس بالضرورة كلها (هذا واضح من خلال ورود ذكر حادثة نضح الماء على الناس والتي لم تذكر في سياق الكلام في الحديث الأول).
لذا محاولة معرفة وإستنباط الصورة الألهية من خلال هذه المعلومات القليلة هو أمر غير مجدي البتة .