قال النصراني العيي:
وعبارة " غير صورته التييعرفون " ..
اراها تسبب للمسلمين احراجاً شديداً ..
أقول و بالله التوفيق:
أولا:
المتكلم في الحديثين اللذين ساقهما المفتري النصراني من كلام رسول الله صلى الله عليه و سلم و هو أعلم الخلق بربه .فمن نصدق ؟
قال ابن القيم رحمه الله بعد أن ذكر المحاذير التي يسقط فيها المتأولون قال :
المحذور الثالث نسبة المتكلم الكامل العلم الكامل البيان التام النصح إلى ضد البيان والهدى والإرشاد وإن المتحيرين المتهوكين أجادوا العبادة في هذا الباب وعبروا بعبارة لا توهم من الباطل ما أوهمته عبارة المتكلم بتلك النصوص ولا ريب عند كل عاقل أن ذلك يتضمن أنهم كانوا أعلم منه أو أفصح أو أنصح للناس.
و من لطائف الإشارات ما ذكره الحافظ ابن القيم رحمه الله في كتابه الصواعق المرسلة فقال :
قال الله سبحانه وتعالى : سبحان ربك رب العزة عما يصفون وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين .سورة الصافات الآيات 180و 181 و182.
فنزه نفسه عما يصفه به الخلق ثم سلم على المرسلين لسلامة ما وصفوه به من النقائص والعيوب ثم حمد نفسه على تفرده بالأوصاف التي يستحق عليها كمال الحمد .انتهى كلامه يرحمه الله .
و لا شك أن النصراني يريدنا أن نراه أعقل و أعلم من رسول الله .و حاشا أن نجمع الدرة مع البعرة .و النفيس من الأقوال مع الخسيس.
فهل نصدق ؟
1 – رسول الله أعلم الخلق بالله
و أعرف الناس به و بمراده من كلامه ؟
2 – النصراني المودع في البلابل ؟
و هو من هو جهلاً و حماقة ًو جراءة ًعلى الله و رسوله؟
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :
كيف يكون هؤلاء المحجوبون المفضلون المنقوصون المسبوقون الحيارى المتهوكون : أعلم بالله وأسمائه وصفاته وأحكم في باب ذاته وآياته من السابقين الأولين من المهاجرين والأنصار والذين اتبعوهم بإحسان من ورثة الأنبياء وخلفاء الرسل وأعلام الهدى ومصابيح الدجى الذين بهم قام الكتاب وبه قاموا وبهم نطق الكتاب وبه نطقوا الذين وهبهم الله من العلم والحكمة ما برزوا به على سائر أتباع الأنبياء فضلا عن سائر الأمم الذين لا كتاب لهم وأحاطوا من حقائق المعارف وبواطن الحقائق بما لو جمعت حكمة غيرهم إليها لاستحيا من يطلب المقابلة ثم كيف يكون خير قرون الأمة أنقص في العلم والحكمة - لا سيما العلم بالله وأحكام أسمائه وآياته - من هؤلاء الأصاغر بالنسبة إليهم ؟ أم كيف يكون أفراخ المتفلسفة وأتباع الهند واليونان وورثة المجوس والمشركين وضلال اليهود والنصارى والصابئين وأشكالهم وأشباههم : أعلم بالله من ورثة الأنبياء وأهل القرآن والإيمان . انتهى بالحرف كلام ابن تيمية و هو كلام نفيس للغاية يرد على هذا المتخرص سليل صنيع اليهود .
نحن نعلم علم اليقين أن الهدى و البيان في طريق رسول الله صلى الله عليه و سلم و بيانه و هو المأمور بالتبليغ و البيان . ثم العجب فيمن يأتي بعد و يقول أنا أعلم بربكم من نبيكم (؟؟؟؟) ألا ساء ما يزرون.
إن المودع في البلابل لا يعلم مبنى النصوص التي يستشهد بها فضلا عن معناها .فهل يجوز لمثل هذا الذي لا يحسن الكتابة و التعبير بالعربية أن يتحدث عن معاني الآيات القرآنية والأحاديث النبوية و هي بلسان العرب ،و هو يرتكب من الأخطاء النحوية و الإملائية ما يؤكد جهله بالمباني و المعاني .
ثانيا:
ظواهر نصوص الصفات معلومة لنا باعتبار المعنى و مجهولة لنا باعتبار الكيفية التي هي عليها .و إلا فليخبرنا المودع في البلابل بكيفية روحه و ماهيتها.و كيفية عقله و ماهيته.وهما مخلوقان لله فكيف القول بالنسبة للخالق سبحانه و تعالى.قال الحافظ أبو عمر يوسف بن عبد البر النمري رحمه الله في التمهيد :
أهل السنة مجمعون على الإقرار بالصفات الواردة كلها في القرآن والسنة والإيمان بها وحملها على الحقيقة لا على المجاز إلا أنهم لا يكيفون شيئا من ذلك ولا يحدون فيه صفة محصورة.اهـ
و قال ابن رجب الحنبلي رحمه الله في كتابه:
اختيار الأولى في شرح حديث اختصام الملأ الأعلى.
.. فكل ما وصف النبي صلى الله عليه و سلم به ربه عز وجل فهو حق وصدق يجب الإيمان والتصديق به كما وصف الله عز وجل به نفسه مع نهي التمثيل عنه، ومن أشكل عليه فهم شيء من ذلك واشتبه عليه فليقل كما مدح الله تعالى به الراسخين في العلم وأخبر عنهم أنه يقولون عند المتشابه: (آمنّا به كُلٌّ من عند ربِّنا) وكما قال النبي ( في القرآن: " وما جهلتم منه فكِِــــلُــوه إلى عالمه " . خرجه الإمام أحمد والنسائي وغيرهما، ولا يتكلف ما لا علم له فإنه يُخشى عليه من ذلك الهلكة.
سمع ابن عباس يوماً من يروي عن النبي( شيئاً من هذه الأحاديث فانتفض رجل استنكاراً لذلك، فقال ابن عباس: " ما فرق هؤلاء؟! يجدون رقةً عند محكمه، ويهلكون عند متشابهه! " خرجه عبد الرزاق في كتابه عن معمر عن ابن طاوس عن أبيه عن ابن عباس رضي الله عنهما.
فكلما سمع المؤمنون شيئاً من هذا الكلام قالوا: هذا ما أخبرنا الله ورسوله (وصدقَ الله ورسولُه وما زادَهُم إلاّ إيماناً وتسليماً).اهـ قول ابن رجب رحمه الله.
الشيء لا نعرف كيفية صفاته إلا بعد علمنا بكيفية ذاته. أو علمنا بنظير مساوٍ له .أو أن يخبرنا صادق عنه فهذه ثلاث طرق و هذا تذكير بها :
1 – معرفة الذات.
2 – معرفة النظير.
3- الخبر الصادق عن عارف.
و هذه الثلاث منتفية في ذات الله تعالى فلا أحد من خلقه يحيط به علما و لا مثيل له .أما ما له علاقة بالطريق الثالث فالقرآن أخبر بعجز العقل البشري عن الإحاطة بذات الله و أخبر رسوله عن ذلك : لا أحصي ثناء عليك .كما قال صلى الله عليه و سلم في الحديث الذي أخرجه مسلم عن عائشة رضي الله عنها.
زد على ذلك أن أي كيفيةً يتخيلها العقل البشري و يقدرها لصفات الله .فالله تعالى أعظم و أجل من ذلك.
[overline]السؤال:[/overline]
من خلال الحديث الصحيح:
فيأتيهم الله - تبارك وتعالى - في صورة غير صورته التي يعرفون فيقول أنا ربكم.
من المتحدث عنه ؟
فيأتيهم الله : المتحدث عنه هو: الله سبحانه و تعالى
في صورة غير صورته التي يعرفون:المتحدث عنه هو الله سبحانه و تعالى.
فهل من إشكال ؟
الضمير في صورته عائد على الذات الإلهية.
فلا إشكال إذن إلا في عقول المرضى.
من خلال آيات القرآن الكريم و الأحاديث النبوية الصحيحة سيتبين أن الله عز وجل هو الرب المستحق للعبادة و أنه القاهر فوق عباده يفعل ما يشاء لا يُسأل عما يفعل سبحانه و تعالى.
:{وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ }البقرة255
{فَاطِرُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ جَعَلَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجاً وَمِنَ الْأَنْعَامِ أَزْوَاجاً يَذْرَؤُكُمْ فِيهِ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ }الشورى
{فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ }الواقعة96
{إِنَّهُ كَانَ لَا يُؤْمِنُ بِاللَّهِ الْعَظِيمِ }الحاقة33
هذه آيات تبين أن من صفات الله العظمة و أنه سبحانه منزه عن مشابهة المخلوقين.
في صحيح مسلم عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه عن النبى صلى الله عليه وسلم قال: « لا يدخل الجنة من كان فى قلبه مثقال ذرة من كبر ». قال رجل إن الرجل يحب أن يكون ثوبه حسنا ونعله حسنة. قال « إن الله جميل يحب الجمال الكبر بطر الحق وغمط الناس ».
في صحيح ابن حبان عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه و سلم كان يقول :
( اللهم لك أسلمت وبك آمنت وعليك توكلت وإليك أنبت وبك خاصمت أعوذ بك لا إله إلا أنت أن تضلني أنت الحي الذي لا يموت والجن والإنس يموتون )
المفضلات