مجد الغد حِكَماً تنقش على جدار الزمن ، فتتلقفها النفوس ، وتغتذي منها العقول




اعداد مجد الغد


سلسلة متصله متنوعة .





الغد حِكَماً تنقش جدار الزمناقتباسالغد حِكَماً تنقش جدار الزمنالغد حِكَماً تنقش جدار الزمنالنفس الإنسانية هي واحدة لا تتغير على مر الدهور وكر العصور ، تأسى وتحزن ، تنتشي وتتألم . تحوز ما تتشوف إليه فتسعد ، ويخطئها ذلك أحياناً فتشكو .
وترى الحكيم العاقل يكتسب العظات من هذا وذاك ، فيرسلها حِكَماً تنقش على جدار الزمن ، فتتلقفها النفوس ، وتغتذي منها العقول .
هذا شاعرنا العظيم أبو الوليد البحتري يقف على إيوان كسرى ، فيستلهم الحادثات كنوزاً من العبر ، ويستنبط من صروف الدهر العِظات والدروس ، فيرسلها أبياتاً تزداد بريقاً وتوهجاً لآلئ بلاغة ، وضياء معرفة .
فهو يصون نفسه عما يشينها ، ويتماسك لتقلبات الدهر ، فلا يتضعضع لجفاء الناس ، إنما يبتعد عمن يتناساه ، ويرحل عنه . الغد حِكَماً تنقش جدار الزمنالغد حِكَماً تنقش جدار الزمن




وتراه يسلي نفسه بعبر الماضين الذين كانوا ملء العين والبصر ، فصاروا أثَراً بعد عين . .. هكذا الدنيا ، فما ينبغي لعاقل ان يركن إليها ...

الغد حِكَماً تنقش جدار الزمناقتباسالغد حِكَماً تنقش جدار الزمنالغد حِكَماً تنقش جدار الزمن
وسانبدأ ان شاء بموضوع مميز وفريد من نوعه


الغد حِكَماً تنقش جدار الزمنالغد حِكَماً تنقش جدار الزمن
وهو

سينية البحتري





كان إيوان كسرى مضرب المثل في الأنس والعمران ، تقصده الجموع ترتجي الحظوة عند صاحبه ، وتخطب ودّه ، وتلتمس رضاه . فأمسى مضرب المثل في انقطاع السرور وذهاب السلطة ، وتفاهة الحياة الدنيا ، والدمار والهلاك .. وقل ما شئت من تعبيرات تدل على أن ما له بداية صائر -لا محالة - إلى نهاية ...
أولو الأبصار والعقول – وحدهم - يعلمون علم اليقين أنهم في دار اختبار ، فهم يسابقون الزمن للفوز بدار البقاء ... ويا سعادتهم حين يصلون إليها غانمين ....

- الغد حِكَماً تنقش جدار الزمناقتباسالغد حِكَماً تنقش جدار الزمنالغد حِكَماً تنقش جدار الزمنالبحتريّ :
هو أبو عبادة الوليد بن عبيد الطائي ، و اشتهر بالبحتري نسبة إلى" بحتر"وهي قبيلة يمنية الأصل ، ولد بمنبج في الشام ، و نشأ في قبائل طيء ،و تنقل بين القبائل البدوية ، وتأثر بفصاحتها ثم استقر في بغداد و مدح الخليفة المتوكل ووزيره الفتح بن خاقان .
الغد حِكَماً تنقش جدار الزمنالغد حِكَماً تنقش جدار الزمن



تتلمذ في الشعر على يد أبي تمام و لكنه لم يولع مثله بالمحسنات كما أنه لم يتأثر بالفلسفة و لم يتعمق في المعاني كأستاذه أبي تمام ، إنما برع في جمال التعبير و انتقاء الألفاظ و القدرة على التصوير ، حتى قال النقاد : " المتنبي و أبو تمام حكيمان ، و إنما الشاعر البحتري " توفي سنة 284هـ .

مناسبة القصيدة :


كانت " المدائن" عاصمة بلاد الفرس قبل أن يفتحها المسلمون ، أما مقر الملك فيها فيُدعى " القصر الأبيض " و في وسطه "إيوان كسرى" قاعة ُ عرش كسرى . وعلى جدرانها رسمت معركة أنطاكية التي دارت بين الفرس و الروم . وقد أصبح هذا القصر من الآثار الرائعة بعد زوال دولة الفرس .الغد حِكَماً تنقش جدار الزمناقتباسالغد حِكَماً تنقش جدار الزمنالغد حِكَماً تنقش جدار الزمنو كان البحتري الشاعرالمقرب للخليفة العباسي المتوكل ، فلما قتل حزن عليه و رثاه ، فضاق به "المنتصر بالله "ابن المتوكل الذي كانت له يد في قتل أبيه ،فجفاه ، و فترت العلاقة بينهما ، الغد حِكَماً تنقش جدار الزمنالغد حِكَماً تنقش جدار الزمن




فامتلأت نفس البحتري هما وغمّاً ،و ذهب إلى المدائن في رحلة يسلي بها نفسه ، فوقف أمام الإيوان الدارس يصفه وصفا حسيا رائعا ،ثم انتقل إلى تاريخهم و عظمتهم .



الغد حِكَماً تنقش جدار الزمناقتباسالغد حِكَماً تنقش جدار الزمنالغد حِكَماً تنقش جدار الزمنو القصيدة تقع في ستة وخمسين بيتا ، عشرة منها في ذكر حاله و شكوى دهره ، وستة في السبب التاريخي لهذه الوقفة ،ثم ستة في ذكر عظمة الفرس ،و ستة في ذكر أحوال خاصة. وما بقي وصف للإيوان وقد تفنن فيه الشاعر في الوصف ،و قد فاضت خواطره و تأملاته و آلامه الغد حِكَماً تنقش جدار الزمنالغد حِكَماً تنقش جدار الزمن




و فيها يذكر جفاء (المنتصر )ابن المتوكل ، و يذكر رحلته إلى بلاد الفرس و نفسه مليئة بالحزن لاغتيال المتوكل ، فيقول:


صنت نفسي عما يدنس نفسي *** وَتَرَفَّعتُ عَن جَدا كُلِّ جِبسِ

وَتَماسَكتُ حينَ زَعزَعَني الدَهـ *** ـرُ التِماسًا مِنهُ لِتَعسي وَنَكسي
بُلَغٌ مِن صُبابَةِ العَيشِ عِندي *** طَفَّفَتها الأَيّامُ تَطفيفَ بَخسِ
وَبَعيدٌ مابَينَ وارِدِ رِفْهٍ *** عَلَلٍ شُربُهُ وَوارِدِ خِمسِ
وَكَأَنَّ الزَمانَ أَصبَحَ مَحمو *** لًا هَواهُ مَعَ الأَخَسِّ الأَخَسِّ
وَاشتِرائي العِراقَ خُطَّةُ غَبنٍ *** بَعدَ بَيعي الشَآمَ بَيعَةَ وَكسِ
لاتَرُزني مُزاوِلًا لِاختِباري *** بَعدَ هَذي البَلوى فَتُنكِرَ مَسّي
وَقَديمًا عَهِدَتني ذا هَناتٍ *** آبِياتٍ عَلى الدَنِيّاتِ شُمسِ
وَلَقَد رابَني نُبُوُّ ابنُ عَمّي *** بَعدَ لينٍ مِن جانِبَيهِ وَأُنسِ
وَإِذا ماجُفيتُ كُنتُ جَديرًا *** أَن أَرى غَيرَ مُصبِحٍ حَيثُ أُمسي
حَضَرَت رَحلِيَ الهُمومُ فَوَجَّهـ *** ـتُ إِلى أَبيَضِ المَدائِنِ عَنسي
أَتَسَلّى عَنِ الحُظوظِ وَآسى *** لِمَحَلٍّ مِن آلِ ساسانَ دَرسِ
أَذكَرتِنيهُمُ الخُطوبُ التَوالي *** وَلَقَد تُذكِرُ الخُطوبُ وَتُنسي
وَهُمُ خافِضونَ في ظِلِّ عالٍ *** مُشرِفٍ يَحسِرُ العُيونَ وَيُخسي
مُغلَقٍ بابُهُ عَلى جَبَلِ القَبـ *** ـقِ إِلى دارَتَي خِلاطَ وَمُكسِ
حِلَلٌ لَم تَكن كَأَطلالِ سُعدى *** في قِفارٍ مِنَ البَسابِسِ مُلسِ
وَمَساعٍ لَولا المُحاباةُ مِنّي *** لَم تُطِقها مَسعاةُ عَنسٍ وَعَبسِ
نَقَلَ الدَهرُ عَهدَهُنَّ عَنِ الـ *** ـجِدَّةِ حَتّى رَجَعنَ أَنضاءَ لُبسِ

l[] hgy] pA;QlhW jkra ugn []hv hg.lk K tjjgrtih hgkt,s K ,jyj`d lkih hgur,g