239 " إذا رميتم الجمرة فقد حل لكم كل شيء إلا النساء " .

قال الألباني في "السلسلة الصحيحة" 1 / 425 :

أخرجه أحمد ( 1 / 234 ) : حدثنا وكيع حدثنا سفيان عن سلمة عن الحسن العرني
عن # ابن عباس # قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : فذكره , ثم قال
( 1 / 344 ) : حدثنا وكيع و عبد الرحمن قالا : حدثنا سفيان به . إلا أنه لم
يقل : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم .
و زاد في آخره في الموضعين :
" فقال رجل : و الطيب ( يا أبا العباس ) , فقال ابن عباس : أما أنا فقد رأيت
رسول الله صلى الله عليه وسلم يضمخ رأسه بالمسك , أفطيب ذاك أم لا ? " .

ثم أخرجه ( 1 / 369 ) : حدثنا يزيد أنبأنا سفيان به موقوفا أيضا قال :
" سئل ابن عباس عن الرجل إذا رمى الجمرة أيتطيب ? فقال : أما أنا .... " الحديث

و أخرجه النسائي ( 2 / 52 ) و ابن ماجه ( 2 / 245 ) من طريق يحيى بن سعيد
و ابن ماجه أيضا عن وكيع و هو و أبو يعلى في " مسنده " ( ق 143 / 1 ) عن
عبد الرحمن , و البيهقي ( 5 / 133 ) عن ابن وهب و ( 5 / 204 ) عن أبي داود
الحفري كلهم عن سفيان به مثل رواية عبد الرحمن عند أحمد الموقوفة مع الزيادة
و قد رواه الطحاوي ( 1 / 419 ) من طريق أبي عاصم عن سفيان به .

قلت : و هذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين , لكنه منقطع بين الحسن العرني
و هو ابن عبد الله و بين ابن عباس فإنه لم يسمع منه كما قال أحمد , بل قال
أبو حاتم : لم يدركه . ثم إن أكثر الرواة عن سفيان أوقفوه على ابن عباس , و لم
يرفعه إلا وكيع في الرواية الأولى , و أما في روايته المقرونة مع عبد الرحمن
فهي موقوفة أيضا , و كذلك هي عند ابن ماجه . فالصواب أن الحديث مع انقطاعه
موقوف .
لكن له شاهد من حديث عائشة رضي الله عنها قالت :
" طيبت رسول الله صلى الله عليه وسلم بيدي بذريرة لحجة الوداع للحل و الإحرام ,
حين أحرم , و حين رمى جمرة العقبة يوم النحر , قبل أن يطوف بالبيت " .
أخرجه أحمد ( 6 / 244 ) عن عمر بن عبد الله بن عروة أنه سمع عروة و القاسم
يخبران عن عائشة به .

قلت : و هذا سند صحيح على شرط الشيخين , و أصله عندهما .
و قد تابعه الزهري عن عروة وحده به نحوه .
أخرجه النسائي ( 2 / 10 - 11 ) عن سفيان عنه , و سنده صحيح أيضا , و رجاله رجال
الشيخين غير سعيد بن عبد الرحمن أبي عبيد المخزومي شيخ النسائي و هو ثقة , خاصة
في سفيان بن عيينة و هذا من روايته عنه .
و قد خالفه عن الزهري الحجاج بن أرطاة , فقال : عن الزهري عن عمرة بنت
عبد الرحمن عن عائشة مرفوعا بلفظ :
" إذا رمى أحدكم جمرة العقبة فقد حل له كل شيء إلا النساء " .
و الحجاج مدلس و قد عنعنه في جميع الروايات عنه , و اختلفوا عليه في متنه , كما
بينته في " الأحاديث الضعيفة " في رقم ( 1013 ) .
و قد روي الحديث من طريق عمرة عن عائشة مرفوعا , مثل حديث ابن عباس هذا , لكن
بزيادة " و ذبحتم و حلقتم " . و هي زيادة منكرة لا تثبت , و لذلك أوردته في
" الأحاديث الضعيفة " , و بينت هناك علته , فليراجع و ذكرت بعده شاهدا آخر من
حديث أم سلمة فيه زيادة أخرى منكرة أيضا .
ثم وجدت لحديث عائشة الشاهد طريقا أخرى عند البيهقي ( 5 / 135 ) عن عبد الرزاق
أنبأنا معمر عن الزهري عن سالم عن ابن عمر قال : سمعت عمر رضي الله عنه يقول :
" إذا رميتم الجمرة بسبع حصيات , و ذبحتم و حلقتم , فقد حل كل شيء إلا النساء
و الطيب . قال سالم : و قالت عائشة رضي الله عنها : حل له كل شيء إلا النساء .
قال : و قالت عائشة رضي الله عنها : أنا طيبت رسول الله صلى الله عليه وسلم
يعني لحله " .

قلت : و هذا سند صحيح على شرطهما , ثم روى البيهقي من طريق عمرو بن دينار عن
سالم قال : قالت عائشة رضي الله عنها :
" أنا طيبت رسول الله صلى الله عليه وسلم لحله و إحرامه , قال سالم : و سنة
رسول الله صلى الله عليه وسلم أحق أن تتبع " .

قلت : و سنده صحيح أيضا , و أخرجه الطحاوي أيضا ( 1 / 421 ) و كذا سعيد
بن منصور كما في " المحلى " ( 7 / 139 ) .

و في الحديث دلالة ظاهرة على أن الحاج يحل له بالرمي لجمرة العقبة كل محظور من
محظورات الإحرام إلا الوطئ للنساء , فإنه لا يحل به بالإجماع , و ما دل عليه
الحديث عزاه الشوكاني ( 5 / 60 ) للحنفية و الشافعية و العترة , و المعروف عن
الحنفية أن ذلك لا يحل إلا بعد الرمي و الحلق , و احتج لهم الطحاوي بحديث عمرة
عن عائشة المتقدم و قد عرفت ضعفه , فلا حجة فيه لاسيما مع مخالفته لحديثها
الصحيح الذي احتجت به على قول عمر الموافق لمذهبهم . نعم ذكر ابن عابدين في
" حاشيته " على " البحر الرائق " ( 2 / 373 ) عن أبي يوسف ما يوافق ما حكاه
الشوكاني عن الحنفية , فالظاهر أن في مذهبهم خلافا , و قول أبي يوسف هو الصواب
لموافقته للحديث , و من الغرائب قول الصنعاني في شرح حديث عائشة الضعيف :
" و الظاهر أنه مجمع على حل الطيب و غيره إلا الوطء بعد الرمي , و إن لم يحلق "
فإن هذا و إن كان هو الصواب , فقد خالف فيه عمر و غيره من السلف و حكى الخلاف
فيه غير واحد من أهل العلم منهم ابن رشد في " البداية " ( 1 / 295 ) فأين
الإجماع ? ! لكن الصحيح ما أفاده الحديث , و هو مذهب ابن حزم في " المحلى " ,
( 7 / 139 ) و قال :
" و هو قول عائشة و ابن الزبير و طاووس و علقمة و خارجة بن زيد بن ثابت " .