ويمكن أن نرى أصداءً لنفس التمييز في كتابات كثير من علماء الاجتماع الغربيين:

1 ـ يميِّز ماكس فيبر الرأسمالية التقليدية (العضوية) عن الرأسمالية الرشيدة )التعاقدية).

2 ـ يميِّز أليكس دي توكفيل بين المجتمعات الديموقراطية والمجتمعات التقليدية والمجتمعات العسكرية.

3 ـ يميِّز هربرت سبنسر بين المجتمعات المبنية على التضامن الآلي (البسيط) وتلك المبنية على التضامن العضوي (المركب).

4 ـ يميِّز سير هنري مين بين المجتمعات التي تقوم على أساس المكانة والمجتمعات التي تقوم على أساس التعاقد.

وهذه جميعاً محاولات لرصد هذا التقابل بين نوعين من المجتمعات شعر بوجودهما الإنسان الغربي وشعر بأنه ابتداءً من عصر النهضة بدأ الانتقال من الجماعة التراحمية أو التكافلية العضوية إلى المجتمع التعاقدي وأن عملية الانتقال تسـارعت في القرن الثامن عشـر وزادت حدتها وقسوتها مع الثورتين الصناعية والفرنسية في بدايات القرن التاسع عشر. وعملية الانتقال هذه هي عملية الانتقال من المجتمع الديني (والمرجعية المتجاوزة) إلى المجتمع العلماني (والمرجعية المادية الكامنة)، أي أنها وصف لتزايد معدلات العلمنة!

وما يجدر ذكره أن هذا التمييز الذي تغلغل في الفكر الاشتراكي الغربي، يكمن وراء الهجوم على اليهود واليهودية باعتبار أن اليهودي جزء من الاقتصاد التجاري (الموضوعي التعاقدي) مقابل الاقتصاد الزراعي (العضوي المبني على الارتباط الداخلي). ولا يمكن أن نفهم تحليل ماركس للمسألة اليهودية دون أن نأخذ هذا البُعد في الاعتبار.