1000 - " توضأ وضوءا حسنا ، ثم قم فصل ، قاله لمن قبل امرأة " .

قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 2 / 428 ) :

ضعيف .

أخرجه الترمذي ( 4 / 128 - تحفة ) و الدارقطني في " سننه " ( 49 ) و
الحاكم ( 1 / 135 ) و البيهقي ( 1 / 125 ) و أحمد ( 5 / 244 ) من طرق عن عبد
الملك بن عمير عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن معاذ بن جبل : " أنه كان قاعدا
عند النبي صلى الله عليه وسلم فجاءه رجل و قال : يا رسول الله ما تقول في رجل
أصاب امرأة لا تحل له ، فلم يدع شيئا يصيبه الرجل من امرأته إلا و قد أصابه
منها ، إلا أنه لم يجامعها ؟ فقال : توضأ وضوءا حسنا ثم قم فصل ، قال : فأنزل
الله تعالى هذه الآية *( أقم الصلاة طرفي النهار و زلفا من الليل )* الآية
، فقال : أهي له خاصة أم للمسلمين عامة ؟ فقال : بل للمسلمين عامة " . و قال
الترمذي : " هذا حديث ليس إسناده بمتصل ، عبد الرحمن بن أبي ليلى لم يسمع من
معاذ بن جبل ، و معاذ مات في خلافة عمر و قتل عمر و عبد الرحمن بن أبي ليلى
غلام صغير ابن ست سنين ، و قد روى عن عمر و رآه . و روى شعبة هذا الحديث عن عبد
الملك بن عمير عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلا
" . قلت : و بهذا أعله البيهقي أيضا فقال عقبه : " و فيه إرسال ، عبد الرحمن بن
أبي ليلى لم يدرك معاذ بن جبل " . و أما الدارقطني فقال عقبه : " صحيح " . و
وافقه الحاكم ، و سكت عنه الذهبي . و الصواب أن الحديث منقطع كما جزم به
الترمذي و البيهقي ، فهو ضعيف الإسناد . و قد جاءت هذه القصة عن جماعة من
الصحابة في " الصحيحين " و " السنن " و " المسند " و غيرها من طرق و أسانيد
متعددة ، و ليس في شيء منها أمره صلى الله عليه وسلم بالوضوء و الصلاة ، فدل
ذلك على أن الحديث منكر بهذه الزيادة . و الله أعلم . و أما قول أبي موسى
المديني في " اللطائف " ( ق 66 / 2 ) بعد أن ساق الحديث من طريق أحمد : " هذا
حديث مشهور ، له طرق " . فكأنه يعني أصل الحديث ، فإنه هو الذي له طرق ، و أما
بهذه الزيادة فهو غريب ، و منقطع كما عرفت ، و الله أعلم . إذا تبين هذا فلا
يحسن الاستدلال بالحديث على أن لمس النساء ينقض الوضوء ، كما فعل ابن الجوزي في
" التحقيق " ( 1 / 113 ) و ذلك لأمور : أولا : أن الحديث ضعيف لا تنهض به حجة
. ثانيا : أنه لو صح سنده ، فليس فيه أن الأمر بالوضوء إنما كان من أجل اللمس
، بل ليس فيه أن الرجل كان متوضئا قبل الأمر حتى يقال : انتفض باللمس ! بل
يحتمل أن الأمر إنما كان من أجل المعصية تحقيقا للحديث الآخر الصحيح بلفظ :
" ما من مسلم يذنب ذنبا فيتوضأ و يصلي ركعتين إلا غفر له " . أخرجه أصحاب السنن
و غيرهم و صححه جمع ، كما بينته في " تخريج المختارة " ( رقم 7 ) . ثالثا : هب
أن الأمر إنما كان من أجل اللمس ، فيحتمل أنه من أجل لمس خاص ، لأن الحالة التي
وصفها ، هي مظنة خروج المذي الذي هو ناقض للوضوء ، لا من أجل مطلق اللمس ، و مع
الاحتمال يسقط الاستدلال . و الحق أن لمس المرأة و كذا تقبيلها لا ينقض الوضوء
، سواء كان بشهوة أو بغير شهوة ، و ذلك لعدم قيام دليل صحيح على ذلك ، بل ثبت
أنه صلى الله عليه وسلم كان يقبل بعض أزواجه ثم يصلي و لا يتوضأ . أخرجه أبو
داود و غيره ، و له عشرة طرق ، بعضها صحيح كما بينته في " صحيح أبي داود " (
رقم 170 - 173 ) و تقبيل المرأة إنما يكون مقرونا بالشهوة عادة ، و الله أعلم
.
(2/499)
________________________________________
1001 - " كان يركع قبل الجمعة أربعا ، و بعدها أربعا لا يفصل بينهن " .

قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 3/45 ) :

باطل .

رواه الطبراني في " المعجم الكبير " ( 3/172/1 ) عن بقية بن الوليد ، عن مبشر
ابن عبيد عن الحجاج بن أرطاة عن عطية العوفي عن ابن عباس مرفوعا .
و رواه ابن ماجه في سننه ( 1/347 ) من هذا الوجه دون قوله : " و بعدها أربعا "
و قال الزيلعي في " نصب الراية " ( 2/206 ) :
سنده واه جدا ، فمبشر بن عبيد معدود في الوضاعين ، و حجاج و عطية ضعيفان .
و قال البوصيري في " الزوائد " ( ق 72/1 ) :
هذا إسناد مسلسل بالضعفاء ، عطية متفق على تضعيفه ، و حجاج مدلس ، و مبشر بن
عبيد كذاب ، و بقية بن الوليد يدلس تدليس التسوية ، و صلاته صلى الله عليه وسلم
بين الأذان و الإقامة يوم الجمعة متعذر ; لأنه كان بينهما الخطبة ، فلا صلاة
حينئذ بينهما ، نعم بعد إحداث عثمان للأذان على الزوراء ، يمكن أن يصلي سنة
الجمعة قبل خروج الإمام للخطبة .
قلت : و لكنه لم يرد إطلاقا أنه كان بين أذان عثمان و الخطبة وقت لصلاة أربع
ركعات سنة الجمعة المزعومة ، و لا ورد أيضا أنهم كانوا يصلونها في عهده رضي
الله عنه ، فبطل الاحتمال المذكور ، على أنه لو ثبت وجود مثل هذا الوقت ، لم
يدل ذلك على جواز إحداث عبادة لم تكن في عهده صلى الله عليه وسلم ، بخلاف إحداث
عثمان للأذان ، فإنه كان من باب المصالح المرسلة ، كما حققت ذلك كله في رسالتنا
الأجوبة النافعة عن أسئلة لجنة مسجد الجامعة ، فليراجعها من شاء ، فإن فيها
تحقيقا لكثير من المسائل المتعلقة بصلاة الجمعة ، و كأنه لما سبق ذكره حكم بعض
الأئمة على هذا الحديث بالبطلان ، فقال الحافظ ابن حجر في " فتح الباري "
( 2/341 ) : سنده واه ; قال النووي في الخلاصة : إنه حديث باطل .
و قال ابن القيم في " زاد المعاد " ( 1/170 ) :
هذا الحديث فيه عدة بلايا ، ثم أطال في بيان ذلك بما خلاصته ما نقلناه عن
البوصيري من العلل الأربع ، و من العجيب أن يخفى ذلك على الحافظ الهيثمي ، فإنه
قال في " المجمع " ( 2/195 ) :
واه الطبراني في " الكبير " ، و فيه الحجاج بن أرطاة و عطية العوفي و كلاهما
فيه كلام ، ففاته ذكر العلتين الأخريين ، لا سيما التي سببها مبشر بن عبيد
الكذاب الوضاع ، ثم تلطف جدا في تضعيف الحجاج و عطية ، فأوهم أن الضعف في إسناد
الحديث يسير ، و ليس بشديد ، فكان من نتائج ذلك أن جاء من بعده صاحب " جمع
الفوائد " فلخص كلام الهيثمي بقوله فيه ( 1/268 ) :
للكبير بلين ! ، فأفصح بذلك عما يدل عليه كلام الهيثمي مما أشرنا إليه من الضعف
اليسير ، و ذلك خطأ منه جر إلى خطأ أوضح بسبب التقليد ، و عدم الرجوع في
التحقيق إلى الأصول ، و إلى أقوال الأئمة الفحول ، والله المستعان .
و أما قول المناوي في " فيض القدير " بعد أن نقل عن الحافظين العراقي و ابن حجر
أنهما قالا في حديث ابن ماجه : سنده ضعيف جدا ، و بعد أن بين وجه ذلك بنحو ما
سبق ، قال متعقبا على السيوطي :
قد أساء التصرف حيث عدل لهذا الطريق المعلول ، و اقتصر عليه ، مع وروده من طريق
مقبول ، فقد رواه الخلعي في فوائده من حديث علي كرم الله وجهه ، قال الحافظ
الزين العراقي : إسناده جيد .
فأقول : إنني في شك من ثبوت ذلك عن علي ، و إن كان العراقي قد تابعه على هذا
القول تلميذه البوصيري ، و قد وجدت في كلام هذا ما فتح الطريق علي لتحقيق شكي
المشار إليه ، فقد قال في " الزوائد " ( ق 72/1 ) بعد أن أعل إسناد ابن ماجه
على ما نقلته عنه :
رواه أبو الحسن الخلعي في " فوائده " بإسناد جيد ، من طريق أبي إسحاق عن عاصم
عن علي عن النبي صلى الله عليه وسلم ، و هكذا قال أبو زرعة في " شرح التقريب "
( 3/42 ) ، و الظاهر أن البوصيري نقله عنه .
قلت : و المعروف من هذه الطريق عن علي بلفظ :
" كان يصلي قبل الظهر أربع ركعات " ، هكذا أخرجه أحمد و غيره ، فهو المحفوظ
والله أعلم .
و لئن صح ما عند الخلعي فهو محمول على ما قبل الأذان و صعود النبي صلى الله
عليه وسلم على المنبر لفقدان المحل كما تقدم بيانه ، والله ولي التوفيق .
و كتاب الخلعي المذكور منه أجزاء مخطوطة في المكتبة الظاهرية ، و ليس في شيء
منها هذا الحديث لننظر في إسناده ، ثم وقفت عليه عند غيره ، فتأكدت مما ذهبت
إليه هنا أنه غير معروف ، فانظر الحديث الآتي برقم ( 5290 ) إن شاء الله تعالى
، و قد روي الحديث عن ابن مسعود أيضا ، و سنده ضعيف منكر ، كما يأتي بيانه بلفظ
: " كان يصلي قبل الجمعة أربعا .... " . رقم ( 1016 ) .
(2/500)
________________________________________
1002 - " كان يسبح بالحصى " .

قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 3/47 ) :

موضوع .


رواه أبو القاسم الجرجاني في " تاريخ جرجان " ( 68 ) من طريق صالح بن علي
النوفلي : حدثنا عبد الله بن محمد بن ربيعة القدامي : حدثنا ابن المبارك عن
سفيان الثوري عن سمي عن أبي صالح عن أبي هريرة مرفوعا .
قلت : و هذا موضوع ، آفته القدامي - نسبة إلى قدامة بن مظعون - و هو متهم ، قال
الذهبي في " الميزان " : أحد الضعفاء ، أتى عن مالك بمصائب .
ثم ذكر بعض مصائبه !
و في " اللسان " : ضعفه ابن عدي و الدارقطني .
و قال ابن حبان : يقلب الأخبار ، لعله قلب على مالك أكثر من مائة و خمسين حديثا
، و روى عن إبراهيم بن سعد نسخة أكثرها مقلوب ، و قال الحاكم و النقاش : روى
عن مالك أحاديث موضوعة ، و قال أبو نعيم : روى المناكير .
قلت : و صالح بن علي النوفلي لم أجد من ترجمه ، و هذا الحديث يخالف ما ثبت عن
عبد الله بن عمرو ، قال :
" رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يعقد التسبيح بيمينه " .
أخرجه أبو داود ( 1/235 ) بسند صحيح ، و حسنه النووي في " الأذكار " ( ص 23 ) ،
و كذا الحافظ ابن حجر في " نتائج الأفكار " ( ق 18/1 ) ، و عزاه الأول للنسائي
، و هو عنده ( 1/198 ) ضمن حديث ، و كذلك أخرجه في عمل اليوم و الليلة ( 819 )
، و ثبت عند أبي داود أيضا و غيره ، أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر النساء أن
يعقدن بالأنامل و قال : " فإنهن مسؤولات مستنطقات " ، و صححه الحاكم و الذهبي .
فهذا هو السنة في عد الذكر المشروع عده ، إنما هو باليد ، و باليمنى فقط ،
فالعد باليسرى أو باليدين معا ، أو بالحصى كل ذلك خلاف السنة ، و لم يصح في
العد بالحصى فضلا عن السبحة شيء ، خلافا لما يفهم من " نيل الأوطار " و " السنن
و المبتدعات " و غيرهما ، و قد بسطت القول في ذلك في رسالتنا " الرد على
التعقيب الحثيث " ، فليرجع إليها من شاء التوسع في ذلك ، و استرواح بعض
المعاصرين إلى الاستدلال بعموم حديث " الأنامل " و غيره غفلة منه ، لأنه عموم
لم يجر العمل به ، و تجاهل منه لحديث العقدة باليمين ، لا يليق بمن كان من أهل
العلم ، فتنبه و لا تكن من الغافلين .
(3/1)
________________________________________
1003 - " بل لنا خاصة . يعني فسخ الحج إلى العمرة " .

قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 3/49 ) :

ضعيف .


أخرجه أصحاب " السنن " إلا الترمذي و الدارمي و الدارقطني و البيهقي و أحمد
( 3/468 ) عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن عن الحارث بن بلال بن الحارث عن أبيه
قال :
قلت : يا رسول الله ! فسخ الحج لنا خاصة ؟ أم للناس عامة ؟ قال : فذكره .
قلت : و هذا سند ضعيف ، فإن الحارث هذا لم يوثقه أحد ، بل أشار الإمام أحمد إلى
أنه ليس بمعروف ، و ضعف حديثه هذا كما يأتي .
و قال الحافظ في " التقريب " :
مقبول ، يعني عند المتابعة ، و إلا فلين الحديث ، كما نص عليه في المقدمة .
و أما ما نقله الشوكاني في " نيل الأوطار " ( 4/280 ) عن الحافظ أنه قال في
الحارث هذا : من ثقات التابعين ، فإن صح هذا عنه ، فهو من أوهامه ، لأنه لو كان
ثقة عنده لوثقه في " التقريب " ، و لذكر من وثقه في أصله " التهذيب " ،
و كل ذلك لم يكن ، بل قال أبو داود في " المسائل " ( ص 302 ) :
قلت لأحمد : حديث بلال بن الحارث في فسخ الحج ؟ قال : و من بلال بن الحارث أو
الحارث بن بلال ؟ ! و من روى عنه ؟ ! ليس يصح حديث في أن الفسخ كان لهم خاصة ،
و هذا أبو موسى يفتي به في خلافة أبي بكر ، و صدر خلافة عمر .
و قال ابن القيم في " زاد المعاد " ( 1/288 ) :
و أما حديث بلال بن الحارث ، فلا يكتب ; و لا يعارض بمثله تلك الأساطين الثابتة
، قال عبد الله بن أحمد : كان أبي يرى للمهل بالحج أن يفسخ حجه إن طاف بالبيت و
بين الصفا و المروة ، و قال في المتعة : هو آخر الأمرين من رسول الله صلى الله
عليه وسلم ، و قال صلى الله عليه وسلم : " اجعلوا حجكم عمرة " <1> ، قال
عبد الله : فقلت لأبي : فحديث بلال بن الحارث في فسخ الحج ؟ يعني قوله : " لنا
خاصة " قال : لا أقول به ، لا يعرف هذا الرجل ( قلت : يعني ابنه الحارث ) ، هذا
حديث ليس إسناده بالمعروف ، ليس حديث بلال بن الحارث عندي بثبت .
قال ابن القيم :
و مما يدل على صحة قول الإمام ، و أن هذا الحديث لا يصح ، أن النبي صلى الله
عليه وسلم أخبر عن تلك المتعة التي أمرهم أن يفسخوا حجهم إليها أنها لأبد الأبد
، فكيف يثبت عنه بعد هذا أنها لهم خاصة ؟ ! هذا من أمحل المحال ، و كيف يأمرهم
بالفسخ ، و يقول : " دخلت العمرة في الحج إلى يوم القيامة " <2> ، ثم يثبت عنه
أن ذلك مختص بالصحابة ، دون من بعدهم ؟ فنحن نشهد بالله أن حديث بلال بن الحارث
هذا لا يصح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم و هو غلط عليه .
و أما ما رواه مسلم في " صحيحه " و أصحاب " السنن " و غيرهم عن أبي ذر أن
المتعة في الحج كانت لهم خاصة ، فهذا مع كونه موقوفا ، إن أريد به أصل المتعة ،
فهذا لا يقول به أحد من المسلمين ، بل المسلمون متفقون على جوازها إلى يوم
القيامة ، و لذلك قال الإمام أحمد :
رحم الله أبا ذر هي في كتاب الرحمن : *( فمن تمتع بالعمرة إلى الحج )* .
و إن أريد به متعة فسخ الحج ، احتمل ثلاثة وجوه من التأويل ، ذكرها ابن القيم ،
فليراجعها من شاء ، فإن غرضنا هنا التنبيه على ضعف هذا الحديث الذي يحتج به من
لا يذهب إلى أفضلية متعة الحج و يرى الإفراد أو القران أفضل ، مع أن ذلك خلاف
الثابت عنه صلى الله عليه وسلم في أحاديث كثيرة استقصاها ابن القيم في " الزاد
" فلتطلب من هناك .
و قال ابن حزم في " المحلى " ( 7/108 ) :
و الحارث بن بلال مجهول ، و لم يخرج أحد هذا الخبر في صحيح الحديث ، و قد صح
خلافه بيقين ، كما أوردنا من طريق جابر بن عبد الله أن سراقة بن مالك قال
لرسول الله إذ أمرهم بفسخ الحج إلى العمرة : يا رسول الله ألعامنا هذا أم لأبد
؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
" بل لأبد الأبد " . رواه مسلم " .
و بهذه المناسبة أقول : من المشهور الاستدلال في رد دلالة حديث جابر هذا و ما
في معناه على أفضلية التمتع ، بل وجوبه بما ثبت عن عمر و عثمان من النهي عن
متعة الحج ، بل ثبت عن عمر أنه كان يضرب على ذلك ، و روي مثله عن عثمان <3> ،
حتى صار ذلك فتنة لكثير من الناس و صادا لهم عن الأخذ بحديث جابر المذكور
و غيره ، و يدعمون ذلك بقوله صلى الله عليه وسلم : " عليكم بسنتي و سنة الخلفاء
الراشدين " ، و قوله : " اقتدوا باللذين من بعدي ، أبي بكر و عمر " ، و نحن
نجيب عن هذا الاستدلال غيرة على السنة المحمدية من وجوه :
الأول : أن هذين الحديثين لا يراد بهما قطعا اتباع أحد الخلفاء الراشدين في
حالة كونه مخالفا لسنته صلى الله عليه وسلم باجتهاده ، لا قصدا لمخالفتها ،
حاشاه من ذلك ، و من أمثلة هذا ما صح عن عمر رضي الله عنه أنه كان ينهى من لا
يجد الماء أن يتيمم و يصلي <4> !! و إتمام عثمان الصلاة في منى مع أن السنة
الثابتة عنه صلى الله عليه وسلم قصرها كما هو ثابت مشهور ، فلا يشك عاقل ،
أنهما لا يتبعان في مثل هذه الأمثلة المخالفة للسنة ، فينبغي أن يكون الأمر
هكذا في نهيهما عن المتعة للقطع بثبوت أمره صلى الله عليه وسلم بها .
لا يقال : لعل عندهما علما بالنهي عنها ، و لذلك نهيا عنها ، لأننا نقول :
قد ثبت من طرق أن نهيهما إنما كان عن رأي و اجتهاد حادث ، فقد روى مسلم ( 4/46
) و أحمد ( 1/50 ) عن أبي موسى أنه كان يفتي بالمتعة ، فقال له رجل : رويدك
ببعض فتياك ، فإنك لا تدري ما أحدث أمير المؤمنين في النسك بعد ، حتى لقيه بعد
، فسأله ، فقال عمر : قد علمت أن النبي صلى الله عليه وسلم قد فعله و أصحابه ،
و لكن كرهت أن يظلوا معرسين بهن في الأراك ، ثم يروحون في الحج تقطر رؤوسهم .
و رواه البيهقي أيضا ( 5/20 ) .
و هذا التعليل من عمر رضي الله عنه إشارة منه إلى أن المتعة التي نهى عنها هي
التي فيها التحلل بالعمرة إلى الحج كما هو ظاهر ، و لكن قد صح عنه تعليل آخر
يشمل فيه متعة القران أيضا فقال جابر رضي الله عنه :
تمتعنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فلما قام عمر قال :
إن الله كان يحل لرسوله ما شاء بما شاء ، و إن القرآن قد أنزل منازله ، فأتمموا
الحج و العمرة لله كما أمركم الله ، فافصلوا حجكم من عمرتكم ; فإنه أتم لحجتكم
، و أتم لعمرتكم .
أخرجه مسلم و البيهقي ( 5/21 ) .
فثبت مما ذكرنا أن عمر رضي الله عنه تأول آية من القرآن بما خالف به سنته
صلى الله عليه وسلم فأمر بالإفراد ، و هو صلى الله عليه وسلم نهى عنه ، و نهى
عمر عن المتعة ، و هو صلى الله عليه وسلم أمر بها ، و لهذا يجب أن يكون موقفنا
من عمر هنا كموقفنا منه في نهيه الجنب الذي لا يجد الماء أن يتيمم و يصلي ،
و لا فرق .
الثاني : أن عمر رضي الله عنه ، قد ورد عنه ما يمكن أن يؤخذ منه أنه رجع عن
نهيه عن المتعة ، فروى أحمد ( 5/143 ) بند صحيح عن الحسن أن عمر رضي الله عنه
أراد أن ينهى عن متعة الحج ، فقال له أبي : ليس ذاك لك ، قد تمتعنا مع
رسول الله صلى الله عليه وسلم ، و لم ينهنا عن ذلك ، فأضرب عن ذلك عمر .
قلت : الحسن - و هو البصري - لم يسمع من أبي ، و لا من عمر ، كما قال الهيثمي (
3/236 ) ، و لولا ذاك لكان سنده إلى عمر صحيحا ، لكن قد جاء ما يشهد له ، فروى
الطحاوي في " شرح المعاني " ( 1/375 ) بسند صحيح عن ابن عباس قال :
" يقولون : إن عمر رضي الله عنه نهى عن المتعة ، قال عمر رضي الله عنه : لو
اعتمرت في عام مرتين ثم حججت لجعلتها مع حجتي " .
رواه من طريق عبد الرحمن بن زياد قال : حدثنا شعبة عن سلمة بن كهيل قال : سمعت
طاووسا يحدث عن ابن عباس .
قلت : و هذا سند جيد رجاله ثقات معروفون ، غير عبد الرحمن بن زياد و هو الرصاصي
، قال أبو حاتم : صدوق ، و قال أبو زرعة : لا بأس به ، و لم يتفرد به ، فقد
أخرجه الطحاوي أيضا من طريق أخرى عن سفيان عن سلمة بإسناده عنه قال : قال عمر :
فذكر مثله ، و سنده جيد أيضا ، و قد صححه ابن حزم فقال ( 7/107 ) في صدد الرد
على القائلين بمفضولية المتعة ، المحتجين على ذلك بنهي عمر عنها :
هذا خالفه الحنفيون و المالكيون و الشافعيون ; لأنهم متفقون على إباحة متعة
الحج ، و قد صح عن عمر الرجوع إلى القول بها في الحج ، روينا من طريق شعبة عن
سلمة بن كهيل عن طاووس عن ابن عباس قال : قال عمر بن الخطاب : لو اعتمرت في سنة
مرتين ثم حججت لجعلت مع حجتي عمرة ، و رويناه أيضا من طريق سفيان عن سلمة بن
كهيل به ، و رويناه أيضا من طرق ، فقد رجع عمر رضي الله عنه إلى القول بالمتعة
اتباعا للسنة ، و ذلك هو الظن به ، رضي الله عنه ، فكان ذلك من جملة الأدلة
الدالة على ضعف حديث الترجمة ، و الحمد لله رب العالمين .
*--------------------------------------------------------------------------*

[1] انظر كتابي " حجة النبي صلى الله عليه وسلم كما رواها جابر رضي الله عنه "
. اهـ .

[2] انظر المصدر السابق . اهـ .

[3] انظر المحلى ( 7/107 ) . اهـ .

[4] أخرجه الشيخان في " صحيحيهما " . فانظر كتابي " مختصر صحيح الإمام البخاري
" رقم ( 191 ) و " صحيح مسلم " ( 1/193 ) . اهـ .
4
(3/2)
________________________________________
1004 - " إذا دخلت على مريض فمره أن يدعو لك ، فإن دعاءه كدعاء الملائكة " .

قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 3/53 ) :

ضعيف جدا .


رواه ابن ماجه ( 1/440 ) : حدثنا جعفر بن مسافر : حدثني كثير بن هشام : حدثنا
جعفر بن برقان عن ميمون بن مهران عن عمر بن الخطاب قال : قال لي النبي
صلى الله عليه وسلم . فذكره .
قلت : و هذا سند ضعيف جدا ، و له علتان :
الأولى : الانقطاع بين ميمون و عمر ، و به أعلوه ، فقال البوصيري في " الزوائد
" ( ق 90/1 ) :
هذا الإسناد رجاله ثقات <1> ، إلا أنه منقطع ، قال العلائي في " المراسيل " ،
و المزي في " التهذيب " : إن رواية ميمون بن مهران عن عمر مرسلة .
و قال المنذري في " الترغيب " ( 4/164 ) :
و رواته ثقات مشهورون ، إلا أن ميمون بن مهران لم يسمع من عمر ، و تبعه الحافظ
في " الفتح " فقال ( 10/99 ) :
أخرجه ابن ماجه بسند حسن لكن فيه انقطاع ، و غفلوا جميعا عن العلة الأخرى ،
و هي : الثانية : و هي أن راويه عن جعفر بن برقان ليس هو كثير بن هشام كما هو
ظاهر هذا الإسناد ، بل بينهما رجل متهم ، بين ذلك الحسن بن عرفة فقال : حدثنا
كثير بن هشام الجزري عن عيسى بن إبراهيم الهاشمي عن جعفر بن برقان عن ميمون بن
مهران به ، أخرجه ابن السني في " عمل اليوم و الليلة " ( ص 178 ) .
و عيسى هذا قال فيه البخاري و النسائي :
منكر الحديث ، و قال أبو حاتم : متروك الحديث ، فلعله سقط من رواية جعفر بن
مسافر وهما منه ، فقد قال فيه الحافظ :
صدوق ربما أخطأ ، ثم رجعت إلى " التهذيب " فرأيته قد تنبه لهذه العلة ، فقال
متعقبا لقول النووي الذي نقلته عنه آنفا :
فمشى على ظاهر السند ، و علته أن الحسن بن عرفة رواه عن كثير ، فأدخل بينه
و بين جعفر رجلا ضعيفا جدا ، و هو عيسى بن إبراهيم الهاشمي . كذلك أخرجه ابن
السني و البيهقي من طريق الحسن ، فكأن جعفرا كان يدلس تدليس التسوية ، إلا أني
وجدت في نسختي من ابن ماجه تصريح كثير بتحديث جعفر له ، فلعل كثيرا عنعنه فرواه
جعفر عنه بالتصريح ، لاعتقاده أن الصيغتين سواء من غير المدلس ، لكن ما وقفت
على كلام أحد وصفه بالتدليس ، فإن كان الأمر كما ظننت أولا ، و إلا فيسلم جعفر
من التسوية و يثبت التدليس في كثير ، والله أعلم .
قلت : لكن أحدا لم يصف أيضا بالتدليس كثيرا هذا ، فالأقرب أن جعفرا وهم في سنده
; فأسقط عيسى منه كما سبق مني ، فإنه موصوف بالوهم كما عرفت من " تقريب "
الحافظ ، و سلفه في ذلك ابن حبان ، فإنه قال فيه في " الثقات " :
كتب عن ابن عيينة ، ربما أخطأ .
*--------------------------------------------------------------------------*
[1] هكذا في نسختنا من " الزوائد " ، و نقل السدي عنه أنه قال : إسناده صحيح
، و رجاله ثقات إلا أنه ... " و ما في نسختنا أقرب إلى المعروف في استعمالاتهم
. اهـ .
1
(3/3)
________________________________________
1005 - " اكشف الباس ، رب الناس ! عن ثابت بن قيس بن شماس " .

قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 3/55 ) :

ضعيف .


أخرجه أبو داود ( 2 / 337 - طبع الحلبي ) و ابن حبان في " صحيحه " ( رقم 1418 -
موارد ) عن يوسف بن محمد بن ثابت بن قيس بن شماس عن أبيه عن جده عن
رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه دخل على ثابت بن قيس و هو مريض ، فقال :
فذكره ، ثم أخذ ترابا من بطحان فجعله في قدح ، ثم نفث عليه بماء فصبه عليه ،
و لفظ ابن حبان : فجعله في قدح فيه ماء فصبه عليه " ، لم يذكر النفث .
قلت : و هذا سند ضعيف علته يوسف بن محمد ، و قلبه بعض الرواة فقال : محمد بن
يوسف ، قال أبو داود : و الصواب الأول .
قلت : و هو مجهول العين ، أورده ابن أبي حاتم ( 4/228 ) و لم يذكر فيه جرحا
و لا تعديلا ، و قال الذهبي في " الميزان " : لا يعرف حاله ، روى عنه عمرو بن
يحيى بن عمارة .
قلت : الصواب عدم ذكر لفظ ( حاله ) ، فإنه إذا كان لم يرو عنه غير عمرو هذا فهو
مجهول العين كما قلنا ، و ليس مجهول الحال كما هو مقرر في علم مصطلح الحديث .
و أما الحافظ فقال في " التقريب " : مقبول ، يعني عند المتابعة و إلا فلين
الحديث كما نص عليه في المقدمة .
و اعلم أننا إنما أوردنا هذا الحديث لما في آخره من جعل البطحان ( و هو الحصا
الصغار ) في القدح إلخ ، فإنه غريب منكر ، و أما الدعاء " اكشف الباس رب
الناس " ، فهو ثابت من حديث عائشة رضي الله عنها بلفظ : " كان يعود بعض أهله ،
يمسح بيده اليمنى و يقول : اللهم رب الناس ، أذهب الباس ، و اشفه أنت الشافي ،
لا شفاء إلا شفاؤك ، شفاء لا يغادر سقما " .
أخرجه الشيخان و غيرهما ، و له فيهما و في " المسند " طرق ( 6/44 ، 45 ، 50 ،
108 ، 109 ، 114 ، 115 ، 120 ، 124 ، 125 ، 127 ، 131 ، 208 ، 260 ، 278 ،
280 ) .
(3/4)
________________________________________
1006 - " نعم العبد صهيب ، لو لم يخف الله لم يعصه " .

قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 3/56 ) :

لا أصل له .

قال السخاوي في " الفتاوي الحديثية " ( 12/2 ) : قد اشتهر في كلام الأولين
و أصحاب المعاني و العربية من حديث عمر بن الخطاب و ذكر الشيخ بهاء الدين
السبكي أنه لم يظفر به في شيء من الكتب ، و كذا قال جمع من أهل اللغة ، ثم رأيت
بخط شيخنا رحمه الله أنه ظفر به في " مشكل الحديث " لأبي محمد بن قتيبة ، لكن
لم يذكر له ابن قتيبة إسنادا ، و قال : أراد أن صهيبا إنما لم يعص الله حياء
لا مخافة عذابه ، انتهى .
و قد وقعت على معنى ذلك من قول عمر <1> رضي الله عنه ، إلا أنه في حق سالم مولى
أبي حذيفة ، فروى أبو نعيم في " الحلية " من طريق عبد الله بن الأرقم :
حضرت عمر عند وفاته مع ابن عباس و المسور بن مخرمة ، فقال : رسول الله
صلى الله عليه وسلم يقول : إن سالما شديد الحب لله عز وجل ، لو كان لا يخاف ما
عصاه ، و سنده ضعيف .
قلت : بل هو موضوع ; لأنه في " الحلية " ( 1/177 ) معلق من طريق محمد بن إسحاق
عن الجراح بن منهال عن حبيب بن نجيح عن عبد الرحمن بن غنم قال :
قدمت المدينة في زمان عثمان ، فأتيت عبد الله بن الأرقم فقال : حضرت عمر رضي
الله عنه عند وفاته مع ابن عباس و المسور بن مخرمة ، فقال عمر : سمعت رسول الله
صلى الله عليه وسلم : فذكره ، فلقيت ابن عباس فذكرت ذلك له ، فقال : صدق ،
انطلق بنا إلى المسور بن مخرمة حتى يحدثك به ، فجئنا المسور ، فقلت : إن
عبد الله بن الأرقم حدثني بهذا الحديث ، قال : حسبك لا تسل عنه بعد عبد الله بن
الأرقم .
قلت : فهذا إسناد هالك ، مسلسل بالعلل :
الأولى : أنه معلق غير متصل .
الثانية : أن محمد بن إسحاق مدلس و قد عنعنه .
الثالثة : أن الجراح بن المنهال متهم بالكذب ، و كنيته أبو العطوف ، قال
البخاري و مسلم : منكر الحديث .
و قال النسائي و الدارقطني : متروك .
و قال ابن حبان : كان يكذب في الحديث ، و يشرب الخمر .
الرابعة : جهالة حبيب بن نجيح ، قال أبو حاتم ( 1/2/110 ) :
مجهول ، و لا يعتبر برواية أبي العطوف عنه ، يعني لضعف أبي العطوف .
و كذا قال الذهبي في " الميزان " : مجهول .
و أما ابن حبان فذكره في " الثقات " على قاعدته في توثيق المجهولين !
*--------------------------------------------------------------------------*
[1] كذا الأصل و الظاهر أن الصواب " حديث عمر " لأنه مرفوع كما سترى . اهـ .
1
(3/5)
________________________________________
1007 - " أيما امرأة نكحت على صداق أو حباء أو عدة قبل عصمة النكاح ، فهو لها ، و ما كان بعد عصمة النكاح ، فهو لمن أعطيه ، و أحق ما أكرم عليه الرجل ابنته أو أخته " .

قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 3/58 ) :

ضعيف .

أخرجه أبو داود ( 2129 ) و النسائي ( 2/88 - 89 ) و ابن ماجه ( 1955 )
و البيهقي ( 7/248 ) و أحمد ( 2/182 ) عن ابن جريج عن عمرو بن شعيب عن أبيه
عن جده مرفوعا .
قلت : و هذا إسناد ضعيف ; لأن ابن جريج مدلس و قد عنعنه .
و قد تابعه مدلس آخر و هو الحجاج بن أرطاة فقال : عن عمرو بن شعيب به و لفظه :
ما استحل به فرج المرأة من مهر أو عدة ، فهو لها ، و ما أكرم به أبوها أو أخوها
أو وليها بعد عقدة النكاح ، فهو له ، و أحق ما أكرم الرجل به ابنته أو أخته .
أخرجه البيهقي .
تنبيه : استدل بعضهم بهذا الحديث على أنه يجوز لولي المرأة أن يشترط لنفسه
شيئا من المال ! و هو لو صح كان دليلا ظاهرا على أنه لو اشترط ذلك لم يكن المال
له بل للمرأة ، قال الخطابي :
هذا يتأول على ما يشترطه الولي لنفسه سوى المهر ، و قد اعتاد كثير من الآباء
مثل هذا الشرط ، و أنا و إن كنت لا أستحضر الآن ما يدل على تحريمه ، و لكني أرى
- و العلم عند الله تعالى - أنه لا يخلو من شيء ، فقد صح أن النبي صلى الله
عليه وسلم قال : إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق ، و لا أظن مسلما سليم الفطرة ،
لا يرى أن مثل هذا الشرط ينافي مكارم الأخلاق ، كيف لا ، و كثيرا ما يكون سببا
للمتاجرة بالمرأة إلى أن يحظى الأب أو الولي بالشرط الأوفر ، و الحظ الأكبر ،
و إلا أعضلها ! و هذا لا يجوز لنهي القرآن عنه .
(3/6)
________________________________________
1008 - " لو اجتمعتما في مشورة ما خالفتكما ، يعني أبا بكر و عمر رضي الله عنهما " .

قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 3/59 ) :

ضعيف .

رواه أحمد ( 4/227 ) عن شهر بن حوشب عن عبد الرحمن بن غنم أن رسول الله
صلى الله عليه وسلم قال لأبي بكر و عمر : فذكره .
قلت : و هذا سند ضعيف ، شهر ضعيف لسوء حفظه ، و أعله الهيثمي في " المجمع "
( 9/53 ) بعلة أخرى فقال :
رواه أحمد و رجاله ثقات ، إلا أن ابن غنم لم يسمع من النبي صلى الله عليه
وسلم .
و لا يخفى ما في قوله : " و رجاله ثقات " من البعد عن الصواب ، فإن شهرا لا يصح
أن يوصف بكونه ثقة ، و فيه الكلام المعروف عن جماعة من الأئمة .
و لا يتقوى الحديث بحديث البراء بن عازب أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لأبي
بكر و عمر :
الحمد لله الذي أيدني بكما ، و لولا أنكما تختلفان علي ما خالفتكما " .
قال الهيثمي ( 9/52 ) :
رواه الطبراني في الأوسط ، و فيه حبيب بن أبي حبيب كاتب مالك و هو متروك .
قلت : و قد كذبه غير واحد ، و ذكر له الذهبي حديثين موضوعين عن مالك ! و لذلك
فلا يصح الاستشهاد به لكن الشطر الأول من حديث حبيب هذا أخرجه الحاكم ( 3/74 )
عن عاصم بن عمر أخي عبيد الله عن سهيل بن أبي صالح عن محمد بن إبراهيم بن
الحارث عن أبي سلمة بن عبد الرحمن عن أبي أروى الدوسي قال :
كنت جالسا عند النبي صلى الله عليه وسلم ، فاطلع أبو بكر و عمر رضي الله عنهما
، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
الحمد لله الذي أيدني بكما ، و قال : صحيح الإسناد ، و رده الذهبي بقوله :
قلت : عاصم واه .
(3/7)
________________________________________
1009 - " الشريك شفيع ، و الشفعة في كل شيء " .

قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 3/60 ) :

منكر .

أخرجه الترمذي ( 2/294 ) و الطحاوي ( 2/268 ) و الدارقطني ( 519 ) و الطبراني
في " الكبير " ( 3/115/1 ) و عنه الضياء في " المختارة " ( 62/289/2 )
و البيهقي ( 6/109 ) من طريق أبي حمزة السكري عن عبد العزيز بن رفيع عن ابن أبي
مليكة عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : فذكره و قال
الترمذي :
هذا حديث غريب ، لا نعرفه مثل هذا إلا من حديث أبي حمزة السكري ، و قد روى غير
واحد هذا الحديث عن عبد العزيز بن رفيع عن ابن أبي مليكة عن النبي صلى الله
عليه وسلم مرسلا ، و هذا أصح " .
و قال الدارقطني :
خالفه شعبة و إسرائيل و عمرو بن أبي قيس و أبو بكر بن عياش ; فرووه عن
عبد العزيز بن رفيع عن ابن أبي مليكة مرسلا ، و هو الصواب ، و وهم أبو حمزة في
إسناده .
و كذا قال البيهقي : أن الصواب مرسل .
قلت : و اسم أبي حمزة محمد بن ميمون ، و هو ثقة فاضل محتج به في " الصحيحين "
كما في " التقريب " ، لكن فيه كلام يسير ، فقال النسائي :
" لا بأس به إلا أنه كان قد فقد بصره في آخر عمره ، فمن كتب عنه قبل ذلك فحديثه
جيد " .
و ذكره ابن القطان الفاسي فيمن اختلط كما في " التهذيب " ، و قال أبو حاتم :
" لا يحتج به " كما في " الميزان " .
قلت : فمثله يحتج به إن شاء الله تعالى إذا لم يخالف ، و أما مع المخالفة فلا ،
فإذ قد خالف في هذا الحديث فزاد في السند ابن عباس و وصله خلافا للثقات الآخرين
الذين أرسلوه ، دل ذلك على وهمه كما جزم به الدارقطني ، و أشار إليه الترمذي ،
و أن الصواب في الحديث أنه مرسل ، فهو على ذلك ضعيف لا يحتج به .
و قد روي عن أبي حمزة على وجه آخر ، رواه البيهقي من طريق عبدان عنه عن محمد بن
عبيد الله عن عطاء عن ابن عباس مرفوعا . و قال :
" و محمد هذا هو العرزمي ، متروك الحديث . و قد روي بإسناد آخر ضعيف عن ابن
عباس موصولا " .
ثم ساقه باللفظ الآتي عقب هذا ، و قد أخرجه ابن عدي في " الكامل " ( ق 281/2 )
عن أبي حمزة عن العرزمي به ، و قال :
" لا أعلم رواه عن محمد بن عبيد الله غير أبي حمزة . و قوله : " و الشفعة في كل
شيء " منكر . و محمد بن عبيد الله العرزمي عامة رواياته غير محفوظة " .
قلت : و مما يؤيد نكارة هذا الحديث عن ابن عباس أن الطحاوي روى ( 2/269 ) من
طريق معن بن عيسى عن محمد بن عبد الرحمن عن عطاء عن ابن عباس قال :
" لا شفعة في الحيوان " .
احتج به الطحاوي على أن قوله في حديث الباب : " الشفعة في كل شيء " ، ليس على
عمومه يشمل الحيوان و غيره . قال :
" و إنما معناه الشفعة في الدور و العقار و الأرضين ، و الدليل على ذلك ما قد
روي عن ابن عباس رضي الله عنهما ، حدثنا أحمد بن داود قال : حدثنا يعقوب قال :
حدثنا معن بن عيسى ... " .
قلت : و إسناد هذا الموقوف جيد ، رجاله كلهم ثقات معروفون ، غير أحمد بن داود
هذا و هو ابن موسى الدوسي أبو عبد الله وثقه ابن يونس كما في " كشف الأستار "
عن " المغاني " .
و الحديث قال الحافظ في " الفتح " ( 4/345 ) :
" رواه البيهقي ، و رجاله ثقات ، إلا أنه أعل بالإرسال ، و أخرج له الطحاوي
شاهدا من حديث جابر بإسناد لا بأس برواته " .
و نقله هكذا الشوكاني في " نيل الأوطار " ( 5/283 ) و لكنه - كما هي عادته - لم
يعزه إلى الحافظ ! و كذلك صنع صديق خان في " الروضة الندية " ( 2/127 ) إلا أنه
وقع عنده بلفظ " بإسناد لا بأس به " . بدل " لا بأس برواته " و شتان ما بين
العبارتين ، فإن الأولى نص في تقوية الإسناد ، بخلاف الأخرى ، فإنها نص في
تقوية رواته ، و لا تلازم بين الأمرين ، كما لا يخفى على الخبير بعلم مصطلح
الحديث ، و ذلك لأن للحديث ، أو الإسناد الصحيح شروطا أربعة : عدالة الرواة
و ضبطهم ، و اتصاله ، و سلامته من شذوذ أو علة ، فإذا قال المحدث في سند ما : "
رجاله لا بأس بهم " أو ثقات " أو " رجال الصحيح " ، و نحو ذلك ، فهو نص في تحقق
الشرط الأول فيه ، و أما الشروط الأخرى فمسكوت عنها ، و إنما يفعل ذلك بعض
المحدثين في الغالب لعدم علمه بتوفر هذه الشروط الأخرى فيه ، أو لعلمه بتخلف
أحدها ، مثل السلامة من الانقطاع أو التدليس أو نحو ذلك من العلل المانعة من
إطلاق القول بصحته <1> ، و هذا هو حال إسناد هذا الشاهد ، فإن فيه علة لا تسمح
بتصحيحه مع كون رجاله ثقاتا ، فإنه عند الطحاوي ( 2/369 ) من طريق يوسف بن عدي
قال : حدثنا ابن إدريس عن ابن جريج عن عطاء عن جابر قال :
" قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم بالشفعة في كل شيء " . فأول علة تبدو
للناظر لأول وهلة في هذا السند هو عنعنة ابن جريج ، فإنه كان يدلس بشهادة غير
واحد من الأئمة المتقدمين و المتأخرين ، بل قال الدارقطني : " تجنب تدليس ابن
جريج فإنه قبيح التدليس ، لا يدلس إلا فيما سمعه من مجروح ، مثل إبراهيم بن أبي
يحيى و موسى بن عبيدة و غيرهما " و وصفه بالتدليس الذهبي و العسقلاني و غيرهما
. على أنه يمكن للباحث في طرق هذا الحديث أن يكشف عن علة أخرى في هذا السند ،
و ذلك أن جماعة من الثقات الأثبات رووه عن عبد الله بن إدريس عن ابن جريج عن
أبي الزبير عن جابر به ، بلفظ :
" قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم بالشفعة في كل شرك لم يقسم ، ربعة أو حائط
، لا يحل له أن يبيع حتى يؤذن شريكه ، فن شاء أخذ ، و إن شاء ترك ، فإن باع فلم
يؤذنه فهو أحق به " .
أخرجه مسلم ( 5/57 ) و النسائي ( 2/234 ) و الدارمي ( 2/273 - 274 ) و الطحاوي
( 2/265 ) و ابن الجارود ( رقم 642 ) و الدارقطني ( 520 ) و البيهقي ( 6/101 )
كلهم عن الجماعة به .
و قد صرح ابن جريج بالسماع من أبي الزبير ، و هذا من جابر في رواية الطحاوي ،
و هو رواية لمسلم . فهذا هو المحفوظ عن ابن إدريس عن ابن جريج ، إنما هو عن أبي
الزبير ليس عن عطاء .
و قد تابعه إسماعيل بن إبراهيم - و هو ابن علية - عن ابن جريج به .
أخرجه النسائي ( 2/229 ) و صرح عنده ابن جريج بالتحديث و أحمد ( 3/316 ) و عنه
أبو داود ( 2/256 ) و البيهقي .
و من الملاحظ في هذا اللفظ أن طرفه الأول موافق تماما لرواية يوسف بن عدي عن
ابن جريج المتقدمة ; إلا في حرف واحد و هو قوله : " في كل شرك " ، فإن لفظه في
الرواية المشار إليها " في كل شيء " ، فأخشى أن يكون تصحف على بعض رواتها .
و يؤيده تمام الحديث في الرواية المحفوظة " لم يقسم ... " فإنه يدل على أن
الحديث ليس فيه هذا العموم الذي أفادته تلك الرواية ، بل يدل على أنه خاص بغير
المنقول من دار أو بستان أو أرض ، قال الحافظ في " الفتح " ( 4/345 ) :
" و قد تضمن هذا الحديث ثبوت الشفعة في المشاع ، و صدره يشعر بثبوتها في
المنقولات ، و سياقه يشعر باختصاصها بالعقار ، و بما فيه العقار " .
فثبت مما تقدم أن هذا الشاهد عن جابر لا يصلح شاهدا لحديث ابن عباس لثبوت خطأ
الراوي في قوله : " شيء " بدل : " شرك " ، فهو شاذ ، و مقابله هو المحفوظ .
على أنه يمكن أن يقال : لو سلمنا جدلا بأن هذا اللفظ محفوظ ، فإن مما لا شك فيه
أنه مختصر من الرواية المحفوظة كما تقدم ، فلابد أن يضم إليه تمام الحديث الذي
رواه الثقات ، و عند ذلك يتبين أن عموم هذا اللفظ ليس بمراد ، و أن اختصار
الحديث من الراوي اختصار مخل بالمعنى .
و يؤيد ذلك أن الحديث ورد من طريق أخرى عن جابر بهذا التمام ، فقال أحمد :
( 3/296 ) :
حدثنا عبد الرزاق : أنا معمر عن الزهري عن أبي سلمة بن عبد الرحمن عن جابر بن
عبد الله قال :
إنما جعل رسول الله صلى الله عليه وسلم الشفعة في كل مال لم يقسم ، فإذا وقعت
الحدود و صرفت الطرق فلا شفعة .
و من طريق أحمد أخرجه أبو داود ( 2/256 ) و عنه البيهقي ( 6/102 - 103 ) ثم
أخرجه هذا من طريق أخرى عن عبد الرزاق به ، إلا أنه قال : " كل ما لم يقسم " .
و هكذا وقع عند أبي داود من طريق أحمد ، و يرجح هذا أن البخاري أخرجه من طريق
عبد الواحد بن زياد عن معمر به ، لكن وقع في مكان آخر عند البخاري من هذا الوجه
( 4/323 ) بلفظ : " كل مال " مثل رواية أحمد ، إلا أن كلام الحافظ في شرحه يشعر
بأن اللفظ إنما هو باللفظ الذي قبله " كل ما لم يقسم " فالظاهر أن خلافه خطأ
على عبد الواحد من بعض الرواة أو النساخ ، نعم أخرجه البخاري من طريق أخرى عن
عبد الرزاق بلفظ أحمد ، " كل مال " و رجح الحافظ هذا اللفظ بأن إسحاق بن راهويه
قد رواه عن عبد الرزاق بلفظ " قضى بالشفعة في الأموال ما لم تقسم " ، والله
أعلم .
فلو أن بعض الرواة اقتصر من هذا الحديث على قوله : " قضى بالشفعة في الأموال "
لأوهم العموم الذي أوهمته رواية الطحاوي الشاذة ، فالحمد لله الذي حفظ لنا
أحاديث نبينا كاملة غير منقوصة ، و جعلها بيانا للقرآن و ألزمنا العمل بها كما
ألزمنا العمل به .
تنبيه : عرفت مما سبق ضعف حديث ابن عباس و شاهده من حديث جابر ، فلا تغتر بما
يدل عليه كلام الصنعاني في " سبل السلام " من الميل إلى تصحيحه ، بعد أن عرفت
الحق فيه ، لا سيما و هو قد اغتر بقول الحافظ في حديث جابر في " البلوغ " : " و
رجاله ثقات " ، فإنه مثل قوله في " الفتح " كما تقدم : " لا بأس برواته "
، و قد سبق تفصيل الكلام في المراد بمثل هذا القول ، و أنه لا يستلزم الصحة ،
فلا يفيد إعادة الكلام فيه ، و إنما الغرض الآن أن الصنعاني قد خلط عجيبا في
كلامه على حديث ابن عباس هذا ، فإنه قال عقب حديث جابر عند الطحاوي :
و مثله عن ابن عباس عند الترمذي مرفوعا : الشفعة في كل شيء ، و إن قيل : إن
رفعه خطأ ، فقد ثبت إرساله عن ابن عباس ، و هو شاهد لرفعه ، على أن مرسل
الصحابي إذا صحت عنه الرواية حجة ، هكذا قال ! و قد علمت أن الخلاف ليس في رفعه
و وقفه ، و إنما في إرساله و وصله ، فكأنه أطلق على الوصل الرفع ، فلئن كان ذلك
، فما معنى قوله : ثبت إرساله عن ابن عباس ، على أن مرسل الصحابي حجة .. لا شك
أن هذا كلام مضطرب لا يتحصل منه على شيء !
و أما اللفظ الآخر الذي سبقت الإشارة إليه فهو :
" الشفعة في العبيد ، و في كل شيء " .
*--------------------------------------------------------------------------*
[1] و راجع لزيادة البيان مقدمتي لكتابي " صحيح الترغيب و الترهيب " ، و " ضعيف الترغيب " . اهـ .
(3/8)
________________________________________
1010 - " الشفعة في العبيد ، و في كل شيء " .

قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 3/65 ) :

ضعيف جدا .

رواه أبو بكر الشافعي في " الفوائد " ( 3/18/2 ) و عنه ابن عساكر ( 13/185/2 )
و ابن عدي في " الكامل " ( ق 243/2 ) و البيهقي ( 6/110 ) من طرق ، عن عمر بن
هارون البلخي عن شعبة عن أبي بشر جعفر بن أبي وحشية عن سعيد بن جبير عن
ابن عباس مرفوعا ، و قال ابن عدي : و هذا الحديث يعرف بعفان البلخي عن عمر
ابن هارون ، و وثب عليه ابن حميد ، رواه عن عمر بن هارون ، و كان وثابا .
كذا قال ، و هو عند البيهقي من طريقين آخرين عن ابن هارون ، و عند الشافعي من
طريق ثالثة عنه فلم ينفرد به عفان البلخي ، فالصواب ما يقوله البيهقي : تفرد به
عمر بن هارون البلخي عن شعبة و هو ضعيف لا يحتج به .
قلت : بل هو متروك شديد الضعف ، قال الذهبي في " الضعفاء " : تركوه .
و قال الحافظ في " التقريب " : متروك و كان حافظا .
(3/9)
************************************
يتبع ان شاء الله