تابع رد القبطان :
السببية ودليل الحدوث

اقتباس:
اقتباس:
إذا كنت تعيب على المؤمن استثناء وجود الله من سبب وجود فأنتم تستثنون وجود الكون /العالم من سبب وجود.
إذن فأنتم تتساوون مع المؤمن في استثناء كائن من السؤال عن خالق له.
المؤمن يستثني الله.
وأنتم تستثنون العالم.
الاعتراض مقبول، فأنا لا أزعم أنني أعلم أكثر من المؤمن عن استثناءات السببية، ولكني أوضح له أن استدلاله فاسد.
قد يكون الكون بدون سبب، وقد يكون للكون سبب هو الله، وقد يكون الله فعلا بدون سبب، كما يزعم المؤمن.
ولكن معرفتنا الحالية لا تكفي للوصول إلى نتيجة بهذا الخصوص.

ولكن إن كنا سنستثني شيئا من السببية، فليكن الشيء الذي لدينا دليل مباشر على وجوده، وهو الكون.
إنما هي الفرضية الاقتصادية، حسب نصل أوكام.

ولكن ربما نكون متفقين على شيء:
اقتباس:
اقتباس:
إذن فتلك الدوامة الطويلة التي تعيبونها على الموقف الأيماني لأستثناء الله من المخلوقية تسقطون فيها أنتم أيضا.
فلماذا تستعجبون ؟
الاستعجاب هو لتوضيح ضعف هذه المحاججة، فإن كنت متفقين على ضعفها، فلا حاجة للاستعجاب من كلا الطرفين..

اقتباس:
اقتباس:
فيه اختلال في لغة الأصطلاح ،فنحن لا نقول "لكل شيء سبب" حتى يتم الرد علينا بالقول ،فلماذا تستثنون الله من انطباق قانون السببية عليه؟
بل نقول :"لكل حادث سبب ". وإذا قلنا "لكل شيء سبب"فمعناه لكل شيء حادث سبب.
لكل شيء سبب، إنما هو تعبير يستند إلى أرسطو ومفهومه عن "العلة الكافية" (efficient cause).
وهذا التعبير يؤكد على "بداهة" السببية، وعمومها على مجمل الظواهر.
في الوقت نفسه فهذه الصياغة مناسبة لإظهار الضعف الكامن في هذا الدليل.
فالمحاجج يضطر بهذه الطريقة لاستثناء الله من المقدمة التي وضعها (المقدمة الأولى: لكل شيء سبب، النتيجة: هناك شيء ليس له سبب). مما يؤدي إلى أن ينقض هذا الدليل نفسه بنفسه.

بينما دليل الحدوث بالصيغة التي طرحها زميلي، هو من اختصاص المتكلمين المسلمين (الكندي، الفارابي، ابن رشد). وهو يمثل برأيي مجرد صياغة تهربية لمشكلة التناقض الذاتي.

والصياغة الجديدة هي عبارة عن تغيير في صياغة المقدمة الكبرى ليستثني الله منها، فكل شيء حادث، إلا ذلك الكائن المفترض (الله).
بذلك فدليل الحدوث إنما هو برهان دائري، يضع في مقدمته النتيجة التي يريد الوصول إليها.
وهي ذلك الكائن المفترض الذي لا تنطبق عليه المقدمة.

اقتباس:
اقتباس:
ويمكنني أن أفهم عدم اهتمام دفيد هيوم بالسببية وعدم احترامه وتقديره لها. لكن لا يمكن أن نستسيغ من فزيائي عدم تقديره للسببية مثل بول دفيز.

ديفيز هو الأقرب إلى الفكر اللاهوتي من معظم الفيزيائيين المعاصرين.
ورفضه للسببية على المستوى الكوانتي إنما هو الاتجاه المتعارف عليه علميا.
فإذا كنت تستخدم الانفجار العظيم لأنه النظرية المتفق عليها، فمن الخطأ أن تتعلق بالسببية التي خسرها أينشتاين.

اقتباس:
اقتباس:
ولم أقرأ بعد أي نقد إلحادي معقول لدليل الأحتياج إلى العلة الأولى. ولقد قرأت مرارا كتاب "الدين الطبيعي" لدفيد هيوم ولم أزدد إلا اقتناعا بدليل الأيمان ووجوب علة أولى لهذا الكون.
واختلال النقد الإلحادي للأيمان واضح حتى من ذاته سواء عند هيوم أو غيره من الفلاسفة مثل شوبنهور.

كما أوضحت سابقا، فمشكلة دليل الحدوث إنما هي دورانية البرهان.
والدور في البرهنة إنما هو مأزق عميق، وقد يكون خفيا وغامضا، وقد لا يتضح إلا عند تفحص الظواهر التي تم عليها بناء الدور، والمفاهيم المستخدمة للخروج منه.
وبذلك فاستثناء الله من المقدمة الأولى، إنما قد حدث "بالتفصيل"، فلا عجب من أن يكون عدم الحاجة إلى تطبيق المبدأ عليه تحصيل حاصل في هذه المحاججة.

اقتباس:
اقتباس:
إذن فرفض مبدأ نسير عليه كلنا في يوميات حياته موقوف على احتمال ظني خلاصته قد نكتشف ظاهرة ليس لها سبب؟؟؟

لاحظ أن الحياة اليومية ليست حكما على نشأة الكون.
فحياتنا اليومية محكومة بالسرعة البطيئة والأجسام الكبيرة.
لذلك لا نستطيع هضم النظرية النسبية فكريا، بسبب معالجتها للسرعات الكبيرة، ولا نستطيع التعامل بشكل عفوي مع الكم، لأنه يتعلق بالأجسام الصغيرة.

أما الاحتمال الذي اعتبرته ظنيا، فهو الوضع المتحقق حاليا في نظرية الكم، وهي النظرية الفيزيائية الأساسية.

والسببية إنما هي طريقة تفسيرية مساعدة في مجال الأجسام الماكروية، خصوصا وأننا غالبا ما نستخدم الفيزياء النيوتنية لهذا الغرض، ولكنها غير ضرورية، بل وخاطئة، على مستوى نظرية الكم.

اقتباس:
اقتباس:
إلى حين اكتشافها يبقى الواجب هو الاشتغال بمبدأ السببية ويبقى التفكير المؤمن هو التفكير المنسجم ، مع العقل ومع كينونة الوجود..فمن الذي يقوم بالتفكير وفق أصول عقلانية ، هل الذي يستنتج من حدوث الوجود محدث له وفق قانون السببية أم الذي يرفض ذلك بدعوى احتمالية مفادها " حيث قد نكتشف ظاهرة جديدة ليس لها مسبب، فتسقط القاعدة وجميع استنتاجاتها. "؟؟؟؟ !!!!
رفض السببية بناء على الاستقراء، هو نقد جوهري لكل من يزعم باليقين في أمور الاستنباط العقلي المحض.
ويعني أن السببية نفسها، إنما هي مبدأ ظني، وما يبنى عليها إنما هو ظني أيضا.
هذا مقبول لدي، فالأخذ بالأرجح هو أقصى ما نصبوا إليه.
ولكن هذا التفريق مهم لكل من يزعم بإمكان البرهنة على وجود العلة الأولى بشكل قاطع ويقيني.

ولكننا نعرف ظواهر دون سببية في الفيزياء، وبذلك فالموضوع ليس احتمالا نظريا فقط.
بل نعرف مثل هذه الظواهر في فيزياء الكم، وهي المسئولة بشكل مباشر عن تفسير نشأة الكون ضمن الانفجار العظيم.
ولذلك فلا عجب أن نرى النظريات التي تطرح نشأة الكون بمحض الصدفة، فهي تبني على المتفق عليه في فيزياء الكم.
أو حتى تلك التي تفترض أن الأكوان تتوالد بشكل تطوري (لي سمولين)، فمبدأ التطور (التناسخ مع الطفرة) أثبت نجاحه لتفسير تنوع أشكال الحياة وتأقلمها، فمن الممكن الآن استخدام الأمر نفسه لتفسير تأقلم الكون بشكل معين.

اقتباس:
اقتباس:
ثم لما يحس الموقف الالحادي بضعف نقده لوجوب العلة الأولى يريد أن يسلم بها ، لكن مع إلصاقها بكائن آخر غير الأله الخالق ، وهذا بحد ذاته دليل على قوة الدليل الأيماني

ما تنتقده إنما هو التفاعل مع الأدلة المطروحة على كافة المستويات.
أي حتى لو وافقنا جدلا على ما سبق، فهذا لن يؤدي إلى ما يريده المؤمن.

فدليل الحدوث لا يمكن أن يبرهن أكثر من وجود علة أولى لا تنطبق عليها قوانين السببية.
ومثل ذلك معروف حاليا في عالم فيزياء الكم، تفكك ذرة اليورانيوم لا يخضع لقانون السببية.
والحدوث لا يبرهن على أكثر من ذلك.
أي أن هناك شيء يشبه ذرة اليورانيوم تلك في بداية الكون.

أما صفات الإرادة فلا يمكن إلصاقها بتلك العلة من دليل الحدوث نفسه.

اقتباس:
اقتباس:
فهل من المعقول نقد الاستدلال اللأيماني على العلة الأولى القائم على منطق محكم يتم به استبعاد التسلسل والدور المحال منطقيا بمجرد هذا القول ؟؟؟؟
لكن رغم ذلك أجيب :
إذا كان الموقف الألحادي يرفض أن تكون العلة الأولى التي أوجدت الكون هي خالق قادر مريد (الله)
أرجو تحديد ماهية هذه العلة الأخرى البديلة حتى يصار إلى بحثها .
لكن أعرف مسبقا لماذا يتم استبعاد التحديد ،لأن أي علة أخرى غير الله تسقط الفكر الألحادي في مآزق .
فالقول بأن الكون او الطبيعة علة ذاتها يسقط الفكر الألحادي في مأزقين اثنين :
أولا إرجاع وجود الكون إلى ذاته.
نحن نبحث عن تلك العلة، إن وجدت، ضمن الحدود الممكنة معرفيا.
وافتراض علة عاقلة لا يفيد في فهم نشأة الكون، إذا لم نعرف كيف قامت بفعلها العاقل هذا.
فهو يضيف عاملا سحريا، ليس إلا في سلسلة المعرفة التي نحاول الوصول إليها.

وافتراض صفات معينة (الإرادة) في العلة الأولى، لا يوجد ما يبرره.

يتبع .....