تكملة الرد على مشاركة سابقة لك

تقول نقلاً ((
قال الشيخ الإمام أبو علي الحسن بن عطاء في أثناء جواب عن سؤال وجه إليه سنة إحدى وثمانين وأربعمائة: الحروف مسبوق بعضها ببعض، والمسبوق لا يتقرر في العقول أنه قديم فإن القديم لا ابتداء لوجوده، وما من حرف وصوت إلا وله ابتداء، وصفات البارىء جل جلاله قديمة لا ابتداء لوجودها، ومن تكلم بالحروف يترتب كلامه، ومن ترتب كلامه يشغله كلام عن كلام، والله تبارك وتعالى لا يشغله كلام عن كلام، وهو سبحانه يحاسب الخلق يوم القيامة في ساعة واحدة، فدفعة واحدة يسمع كل واحد من كلامه خطابه إياه، ولو كان كلامه بحرف ما لم يتفرغ عن يا إبراهيم ولا يقدر أن يقول يا محمد فيكون الخلق محبوسين ينتظرون فراغه من واحد إلى واحد وهذا محالٌ ."
و الحديث الشريف الذي أوردته لا يراد به أن هذه الحروف صفة لله ، و إنما الثواب المترتب عن قراءتها . و معلوم أن نطقي لهذه الحروف و الأصوات هو المحدث و المخلوق . ))

و الجواب على هذا ما ذكره الإمام السجزي في رسالته لأهل زبيد و المعروفة بالرد على من أنكر الحرف و الصوت

قال رحمه الله تعالى ((
اعلموا ـ أرشدنا الله وإياكم ـ أنه لم يكن خلاف بين الخلق على اختلاف نحلهم من أول الزمان إلى الوقت الذي ظهر فيه ابن كلاب والقلانسي والصالحي والأشعري وأقرانهم الذين يتظاهرون بالرد على المعتزلة وهم معهم بل أخس حالاً منهم في الباطن في أن الكلام لا يكون إلا حرفاً وصوتاً ذا تأليف واتساق وإن اختلفت به اللغات .
وعبر عن هذا المعنى الأوائل الذين تكلموا في العقليات وقالوا : الكلام حروف متسقة وأصوات مقطعة .
وقالت العرب : الكلام اسم وفعل وحرف جاء لمعنى فالاسم مثل : زيد وعمرو وحامد والفعل مثل : جاء وذهب وقام وقعد والحرف الذي يجئ لمعنى مثل : هل وبل وما شاكل ذلك .
فالإجماع منعقد بين العقلاء على كون الكلام حرفاً وصوتاً فلما نبغ ابن كلاب وأضرابه وحاولوا الرد على المعتزلة من طريق مجرد العقل وهم لا يخبرون أصول السنة ولا ما كان السلف عليه ، ولا يحتجون بالأخبار الوارد في ذلك زعماً منهم أنها أخبار آحاد وهي لا توجب علما وألزمتهم المعتزلة أن الاتفاق حاصل على أن الكلام حرف وصوت ويدخله التعاقب والتأليف وذلك لا يوجد في الشاهد إلا بحركة وسكون ولا بد له من أن يكون ذا أجزاء وأبعاض وما كان بهذه المثابة لا يجوز أن يكون من صفات ذات الله لأن ذات الله سبحانه لا توصف بالاجتماع والافتراق والكل والبعض والحركة والسكون وحكمة الصفة الذاتية حكم الذات .
قالوا : فعلم بهذه الجملة أن الكلام المضاف إلى الله سبحانه خلق له أحدثه وأضافه إلى نفسه كما تقول :عبد الله ، وخلق الله وفعل الله .
فضاق بابن كلاب وأضرابه النفس عند هذا الإلزام لقلة معرفتهم بالسنن وتركهم قبولها وتسليمهم العنان إلى مجرد العقل فالتزموا ما قالته المعتزلة وركبوا مكابرة العيان وخرقوا الإجماع المنعقد بين الكافة المسلم والكافر وقالوا للمعتزلة : الذي ذكرتموه ليس بحقيقة الكلام وإنما يسمى ذلك كلاماً على المجاز لكونه حكاية أوعبارة عنه وحقيقة الكلام : معنى قائم بذات المتكلم .
فمنهم من اقتصر على هذا القدر ، ومنهم من احترز عما علم دخوله على هذا الحد فزاد فيه ما ينافي السكوت والخرس والآفات المانعة من الكلام ثم خرجوا من هذا إلى أن إثبات الحرف والصوت في كلام الله سبحانه تجسيم وإثبات اللغة فيه تشبيه .
وتعلقوا بشبه منها قول الأخطل :
إن البيان من الفؤاد وإنما ,,, جعل اللسان على الفؤاد دليلا
فغيروه وقالوا :إن الكلام من الفؤاد وإنما ،،، جعل اللسان على الكلام دليلا
وزعموا أن لهم حجة على مقالتهم في قول الله سبحانه وتعالى {ويقولون في أنفسهم لولا يعذبنا الله بما نقول } وفي قوله عز وجل { فأسرها يوسف في نفسه ولم يبدها لهم قال : أنتم شر مكانا } .
واحتجوا بقول العرب : " أرى في نفسك كلاما ، وفي وجهك كلاما " فألجأهم الضيق مما يدخل عليهم في مقالتهم إلى أن قالوا : الأخرس متكلم وكذلك الساكت والنائم ولهم في حال الخرس والسكوت والنوم كلام هم متكلمون به ثم أفصحوا بأن الخرس والسكوت والآفات المانعة من النطق ليس بأضداد الكلام وهذه مقالة تبين فضيحة قائلها في ظاهرها من غير رد عليه
))

أما ما نقلته عن الإمام أبي حنيفة النعمان فأنت مطالب باثبات سند الرواية له ثم صحة الفهم الذي فهمته من النقل قبل أن تزعم أنه مؤيد لكلامك . هذا بالنسبة للنقل الأول أما النقل الثاني عنه رحمه الله إن صحت نسبته إليه فلا أرى به بأس .