1. وهذا القسم قد اختلف الفقهاء فيه على ثلاثة اقوال # احدها ان الذمي يستتاب منه كما يستتاب المسلم منه وهذا قول طائفة من المدنيين كما تقدم وكان هؤلاء لم يروه نقضا للعهد لان ناقض العهد يقتل كما يقتل المحارب ولا معنى لاستتابة الكافر الاصلي والمحارب وانما رأوا حده القتل فجعلوه كالمسلم وهو يستتيبون المسلم فكذلك يستتاب الذمي على قول هؤلاء فالأشبه ان استتابة من السب لا تحتاج إلى إسلامه بل تقبل توبته مع بقائه على دينه # القول الثاني انه لايستتاب لكن ان اسلم لم يقتل وهذا قول ابن القاسم وغيره وهو قول الشافعي وهو احدى الروايتين عن احمد وعلى طريقة القاضي لم يذكر فيه خلاف بناء على انه قد نقض عهده فلا يحتاج قتله إلى استتابة لكن اذا اسلم سقط عنه القتل كالحربي # القول الثالث انه يقتل بكل حال وهو ظاهر كلام مالك واحمد لان قتله وجب على جرم محرم في دين الله وفي دينه فلم يسقط عنه موجبه بالإسلام كعقوبته على الزنى والسرقة والشرب وهذا القول هو الذي يدل عليه أكثر الادلة المتقدم ذكرها

فصل # السب الذي ذكرنا حكمه من المسلم هو الكلام الذي يقصد به الانتقاص والاستخفاف وهو ما يفهم منه السب في عقول الناس على اختلاف اعتقاداتهم كاللعن والتقبيح ونحوه وهو الذي دل عليه قوله تعالى ^ ولا تسبوا الذين يدعون من دون الله فيسبوا الله عدوا بغير علم ^ # فهذا أعظم ما تفوه به الالسنة فاما ما كان سبا في الحقيقة والحكم لكن من الناس من يعتقده دينا ويراه صوابا وحقا ويظن ان ليس فيه انتقاص ولاتعييب فهذا نوع من الكفر حكم صاحبه اما حكم المرتد المظهر للردة او المنافق المبطن للنفاق والكلام في الكلام الذي يكفر به صاحبه او لايكفر وتفصيل الاعتقادات وما يوجب منها الكفر او البدعة فقط وما اختلف فيه من ذلك ليس هذا موضعه وانما الغرض ان لايدخل هذا في قسم السب الذي تكلمنا في استتابة صاحبه نفيا واثباتا والله اعلم
فصل # فان سب موصوفا بوصف او مسمى باسم وذلك يقع على الله سبحانه او بعض رسله خصوصا او عموما لكن قد اظهر انه لم يقصد ذلك اما لاعتقاده ان الوصف او الاسم لا يقع عليه او لانه وان كان يعتقد وقوعه عليه لكن ظهر انه لم يرده لكون الاسم في الغالب لا يقصد به ذلك بل غيره فهذا القول وشبهه حرام في الجملة يستتاب صاحبه منه ان لم يعلم انه حرام ويعزر مع العلم تعزيرا بليغا لكن لا يكفر بذلك ولايقتل وان كان يخاف عليه الكفر # مثال الاول سب الدهر الذي فرق بينه وبين الاحبة او الزمان الذي احوجه إلى الناس او الوقت الذي ابلاه بمعاشرة من ينكد عليه ونحو ذلك مما يكثر الناس قوله نظما ونثرا فانه انما يقصد ان يسب من فعل ذلك به ثم انه يعتقد او يقول ان فاعل ذلك هو الدهر الذي هو الزمان فيسبه وفاعل ذلك انما هو الله سبحانه فيقع السب عليه من حيث لم يعتمده المرء والى هذا اشار النبي بقوله لا تسبوا الدهر فان الله هو الدهر بيده الامر وقوله فيما يرويه عن ربه تبارك وتعالى يقول ابن ادم يا خيبة الدهر وانا الدهر بيدي الامر أقلب الليل والنهار فقد نهى النبي عن هذا القول وحرمه ولم يذكر
كفرا ولا قتلا والقول المحرم يقتضي التعزيز والتنكيل # ومثال الثاني ان يسب مسمى باسم عام يندرج فيه الانبياء وغيرهم لكن يظهر انه لم يقصد الانبياء من ذلك العام مثل ما نقل الكرماني قال سالت احمد قلت رجل افترى على رجل فقال يا ابن كذا وكذا إلى ادم وحواء فعظم ذلك جدا وقال نسال الله العافية لقد اتى هذا عظيما وسئل عن الحد فيه فقال لم يبلغني في هذا شيء وذهب إلى حد واحد وذكر هذا أبو بكر عبد العزيز ايضا فلم يجعل احمد رضي الله عنه بهذا القول كافرا مع ان اللفظ يدخل فيه نوح وادريس وشيث وغيرهم من النبيين لان الرجل لم يدخل ادم وحواء في عمومه وانما جعلها غاية وحدا لمن قذفه والا لو كانا من المقذوفين تعين قتله بلا ريب ومثل هذا العموم في مثل هذا الحال لايكاد يقصد به صاحبه من يدخل فيه من الانبياء فعظم الإمام احمد ذلك لان احسن احواله ان يكون قذف خلقا من المؤمنين ولم يوجب الا حدا واحدا لان الحد هنا ثبت للحي ابتداء على اصله وهو واحد وهذا قول أكثر المالكية في مثل ذلك

  1. ذهب سحنون واصبغ وغيرهما في رجل قال له غريمه صلى الله على النبي محمد فقال له الطالب لا صلى الله على من صلى عليه قال سحنون ليس هو كمن شتم النبي او شتم الملائكة الذين يصلون عليه اذا كان على ما وصف من الغضب لانه انما شتم الناس وقال اصبغ وغيره لا يقتل انما شتم الناس وكذلك قال ابن أبي زيد فيمن قال لعن الله العرب ولعن الله بني إسرائيل ولعن الله بني ادم وذكر انه لم يرد الانبياء وانما اردت الظالمين منهم ان عليه الادب بقدر اجتهاد السلطان # وذهب طائفة منهم الحارث بن مسكين وغيره إلى القتل في

مسالة المصلي ونحوها وكذلك قال أبو موسى بن مناس فيمن قال لعنه الله إلى ادم أنه يقتل وهذه مسألة الكرماني بعينها وهذا قياس أحد الوجهين لاصحابنا فيمن قال عصيت الله في كل ما امرني به فان أكثر اصحابنا قالوا ليس ذلك بيمين لانه انما التزم المعصية كما لو قال محوت المصحف او شربت الخمر ان فعلت كذا ولم يظهر قصد ارادة الكفر من هذا العموم لانه لو اراده لذكره باسمه الخاص ولم يكتف بالاسم الذي يشركه فيه جميع المعاصي # ومنهم من قال هو يمين لان مما امره الله به الايمان ومعصيته فيه كفر ولو التزم الكفر بيمينه بان قال هو يهودي او نصراني او هو برئ من الله او من الإسلام او هو يستحل الخمر والخنزير او لايراه الله في مكان كذا ان فعل كذا ونحوه كان يمينا في المشهور عنه
ووجه هذا القول ان اللفظ عام فلا يقبل منه دعوى الخصوص ولعل من يختار هذا يحمل كلام الإمام احمد على ان القائل كان جاهلا بان في النسب انبياء # ووجه الاول ان أبا بكر رضي الله عنه كتب إلى المهاجر بن أبي امية في المراة التي كانت تهجو المسلمين يلومه على قطع يدها ويذكر له انه كان الواجب ان يعاقبها بالضرب مع ان الانبياء يدخلون في عموم هذا اللفظ ولان الالفاظ العامة قد كثرت وغلب ارادة الخصوص بها فاذا كان اللفظ لفظ سب وقذف وللأنبياء ونحوهم من الخصائص والمزايا ما يوجب ذكرهم بأخص اسمائهم اذا اريد ذكرهم والغضب يحمل الانسان على التجوز في القول والتوسع فيه كان ذلك قرائن عرفية ولفظية وحالية في انه لم يقصد دخولهم في العموم لا سيما اذا كان دخول ذلك الفرد في العموم لا يكاد يشعر به # ويؤيد هذا ان يهوديا قال في عهد النبي والذي اصطفى
موسى على العالمين فلطمه المسلم حتى شكاه إلى النبي ونهى النبي عن تفضيله على موسى لما فيه من انتقاض المفضول بعينه والغض منه ولو ان اليهودي اظهر القول بان موسى أفضل من محمد لوجب التعزير عليه اجماعا أما بالقتل او بغيره كما تقدم التنبيه عليه
فصل # والحكم في سب سائر الانبياء كالحكم في سب نبينا فمن سب نبيا مسمى باسمه من الانبياء المعروفين كالمذكورين في القران او موصوفا بالنبوة مثل ما يذكر حديثا ان نبيا فعل كذا او قال كذا فيسب ذلك القائل او الفاعل مع العلم بانه نبي وان لم يعلم من هو أو يسب نوع الانبياء على الاطلاق فالحكم في هذا كما تقدم لان الايمان بهم واجب عموما وواجب الايمان خصوصا بمن قصه الله علينا في كتابه وسبهم كفر وردة ان كان من مسلم ومحاربة ان كان من ذمي

  1. وقد تقدم في الادلة الماضية ما يدل على ذلك بعمومه لفظا او معنى وما اعلم احدا فرق بينهما وان كان أكثر كلام الفقهاء انما فيه ذكر من سب نبيا فانما ذلك لمسيس الحاجة اليه وانه وجب التصديق له والطاعة له جملة وتفضيلا ولا ريب ان جرم سابه أعظم من جرم ساب غيره كما ان حرمته أعظم من حرمة غيره وان شاركه سائر اخوانه من النبيين والمرسلين في ان سابهم كافر محارب حلال الدم # فاما ان سب نبيا غير معتقد لنبوته فانه يستتاب من ذلك اذا كان ممن علمت نبوته بالكتاب والسنة لان هذا جحد لنبوته ان كان ممن يجهل انه نبي واما ان كان ممن لايجهل انه نبي فانه سب محض ولا يقبل قوله اني لم اعلم انه نبي

فصل # فاما من سب ازواج النبي فقال القاضي أبو يعلى من قذف عائشة بما براها الله منه كفر بلا خلاف وقد حكى الاجماع على هذا غير واحد وصرح غير واحد من الائمة بهذا الحكم # فروي عن مالك من سب أبا بكر جلد ومن سب عائشة قتل قيل له لم قال من رماها فقد خالف القران ولان الله تعالى قال ^ يعظكم الله ان تعودوا لمثله ابدا كنتم مؤمنين ^ # وقال أبو بكر بن زياد النيسابوري سمعت القاسم بن محمد
يقول لاسماعيل بن اسحاق اتى المأمون بالرقة برجلين شتم احدهما فاطمة والاخر عائشة فأمر بقتل الذي شتم فاطمة وترك الاخر فقال إسماعيل ما حكمهما الا ان يقتلا لان الذي شتم عائشة رد القران وعلى هذا مضت سيرة اهل الفقه والعلم من اهل البيت وغيرهم

  1. قال أبو السائب القاضي كنت يوما بحضرة الحسن بن زيد الداعي بطبرستان وكان يلبس الصوف ويأمر بالمعروف وينهى عن المنكر ويوجه في كل سنة بعشرين الف دينار إلى مدينة السلام يفرق على سائر ولد الصحابة وكان بحضرته رجل ذكر عائشة بذكر قبيح من الفاحشة فقال يا غلام اضرب عنقه فقال له العلويون هذا رجل من شيعتنا فقال معاذ الله هذا رجل طعن على النبي قال الله تعالى ^ الخبيثات للخبيثين والخبيثون للخبيثات

والطيبات للطيبين والطيبون للطيبات اولئك مبرءون مما يقولون لهم مغفرة ورزق كريم ^ فان كانت عائشة خبيثة فالنبي خبيث فهو كافر فاضربوا عنقه فضربوا عنقه وانا حاضر رواه اللالكائي # وروي عن محمد بن زيد أخي الحسن بن زيد انه قدم عليه رجل من العراق فذكر عائشة بسوء فقام اليه بعمود فضرب به دماغه فقتله فقيل له هذا من شيعتنا ومن يتولانا فقال هذا سمى جدي قرنان
ومن مسمي جدي قرنان استحق القتل فقتله # واما من سب غير عائشة من ازواجه ففيه قولان # احدهما انه كساب غيرهن من الصحابة على ما سيأتي # والثاني وهو الاصح ان من قذف واحدة من امهات المؤمنين فهو كقذف عائشة رضي الله عنها وقد تقدم معنى ذلك عن ابن عباس وذلك لان هذا فيه عار وغضاضة على رسول الله واذى له أعظم من اذاه بنكاحهن بعده وقد تقدم التنبيه على ذلك فيما مضى عند الكلام على قوله ^ ان الذين يؤذون الله ورسوله ^ الاية والامر فيه ظاهر
فصل # فاما من سب احدا من اصحاب رسول الله من اهل بيته وغيرهم فقد اطلق الإمام احمد انه يضرب ضربا نكالا وتوقف عن كفره وقتله # قال أبو طالب سألت احمد عمن شتم اصحاب النبي قال القتل اجبن عنه ولكن اضربه ضربا نكالا # وقال عبد الله سألت أبي عمن شتم رجلا من اصحاب النبي قال ارى ان يضرب قلت له حد فلم يقف على الحد الا انه قال يضرب وقال ما اراه على الإسلام # وقال سالت أبي من الرافضة فقال الذين يشتمون
او يسبون أبا بكر وعمر رضي الله عنهما # وقال في الرسالة التي رواها أبو العباس احمد بن يعقوب الاصطخري وغيره وخير الامة بعد النبي أبو بكر وعمر بعد أبي بكر وعثمان بعد عمر وعلي بعد عثمان ووقف قوم على عثمان وهم خلفاء راشدون مهديون ثم اصحاب رسول الله بعد هؤلاء الاربعة خير الناس لا يجوز لاحد ان يذكر شيئا من مساويهم ولا يطعن على أحد منهم بعيب ولا نقص فمن فعل ذلك فقد وجب
على السلطان تأديبه وعقوبته ليس له ان يعفو عنه بل يعاقبه ويستتيبه فان تاب قبل منه وان ثبت اعاد عليه العقوبة وخلده الحبس حتى يموت او يراجع # وحكى الإمام احمد هذا عمن ادركه من اهل العلم وحكاه الكرماني عنه وعن اسحاق والحميدي وسعيد بن منصور وغيرهم # وقال الميموني سمعت احمد يقول ما لهم ولمعاوية نسأل الله
العافية وقال لي يا أبا الحسن اذا رأيت احدا يذكر اصحاب رسول الله بسوء فاتهمه على الإسلام # فقد نص رضي الله عنه على جواب تعزيره واستتابة حتى يرجع بالجلد وان لم ينته حبس حتى يموت او يراجع وقال ما اراه على الإسلام واتهمه على الإسلام وقال اجبن عن قتله # وقال اسحاق بن راهويه من شتم اصحاب النبي يعاقب ويحبس # وهذا قول كثير اصحابنا منهم ابن أبي موسى قال ومن سب السلف من الروافض فليس بكفؤ ولا يزوج ومن رمى عائشة رضي الله عنها بما برأها الله منه فقد مرق من الدين ولم ينعقد له نكاح على مسلمة الا ان يتوب ويظهر توبته وهذا في الجملة قول عمر بن
عبد العزيز وعاصم الاحول وغيرهما من التابعين # قال الحارث بن عتبة ان عمر بن عبد العزيز اتى برجل سب عثمان فقال ما حملك على ان سببته قال ابغضه قال وان ابغضت رجلا سببته قال فامر به فجلد ثلاثين سوطا # وقال إبراهيم بن ميسرة ما رايت عمر بن عبد العزيز ضرب انسانا قط الا انسانا شتم معاوية فضربه اسواطا رواهما اللالكائي

  1. وقد تقدم انه كتب في رجل سبه لا يقتل الا من سب النبي ولكن اجلده فوق راسه اسواطا ولولا اني رجوت ان ذلك خير له لم افعل # وروى الإمام احمد حدثنا أبو معاوية حدثنا عاصم الاحول قال اتيت برجل قد سب عثمان قال فضربته عشرة اسواط قال ثم عاد لما قال فضربته عشرة اخرى قال فلم يزل يسبه حتى ضربته سبعين سوطا # وهذا هو المشهور من مذهب مالك قال مالك من شتم النبي قتل ومن شتم اصحابه ادب # وقال عبد الملك بن حبيب من غلا من الشيعة إلى بغض

عثمان والبراءة منه ادب ادبا شديدا ومن زاد إلى بغض أبي بكر وعمر فالعقوبة عليه اشد ويكرر ضربه ويطال سجنه حتى يموت ولا يبلغ به القتل الا في سب النبي # وقال ابن المنذر لا اعلم احدا يوجب قتل من سب من بعد النبي # وقال القاضي أبو يعلى الذي عليه الفقهاء في سب الصحابة ان كان مستحلا لذلك كفر وان لم يكن مستحلا فسق ولم يكفر سواء كفرهم او طعن في دينهم مع إسلامهم # وقد قطع طائفة من الفقهاء من اهل الكوفة وغيرهم بقتل من سب الصحابة وكفر الرافضة قال محمد بن يوسف الفريابي وسئل عمن
شتم أبا بكر قال كافر قيل فيصلى عليه قال لا وسأله كيف يصنع به وهو يقول لا اله الا الله قال لا تمسوه بايديكم ادفعوه بالخشب حتى تواروه في حفرته # وقال احمد بن يونس لو ان يهوديا ذبح شاة وذبح رافضي لأكلت ذبيحة اليهودي ولم اكل ذبيحة الرافضي لانه مرتد عن الإسلام # وكذلك قال أبو بكر بن هانيء لا تؤكل ذبيحة الروافض
والقدرية كما لا تؤكل ذبيحة المرتد مع انه تؤكل ذبيحة الكتابي لان هؤلاء يقامون مقام المرتد واهل الذمة يقرون على دينهم وتؤخذ منهم الجزية # وكذلك قال عبد الله بن ادريس من اعيان ائمة الكوفة ليس لرافضي شفعه لانه لا شفعة الا لمسلم # وقال فضيل بن مرزوق سمعت الحسن بن الحسن يقول
لرجل من الرافضة والله ان قتلك لقربة إلى الله وما امتنع من ذلك الا بالجوار وفي رواية قال رحمك الله قد عرفت انما تقول هذا تمزح قال لا والله ما هو بالمزح ولكنه الجد قال وسمعته يقول لئن امكننا الله منكم لنقطعن ايديكم وارجلكم # وصرح جماعات من اصحابنا بكفر الخوارج المعتقدين البراءة من علي وعثمان وبكفر الرافضة المعتقدين لسب جميع الصحابة الذين كفروا الصحابة وفسقوهم وسبوهم # وقال أبو بكر عبد العزيز في المقنع واما الرافضي فان كان
يسب فقد كفر فلا يزوج # ولفض بعضهم وهو الذي نصره القاضي أبو يعلى انه ان سبهم سبا يقدح في دينهم او عدالتهم كفر بذلك وان كان سبا لا يقدح مثل ان يسب أبا احدهم او يسبه سبا يقصد به غيظه ونحو ذلك لم يكفر # قال احمد في رواية أبي طالب في الرجل يشتم عثمان هذه زندقة وقال في رواية المروذي من شتم أبا بكر وعمر وعائشة ما اراه على الإسلام وقال في رواية حنبل من شتم رجلا من اصحاب النبي ما اراه على الإسلام # قال القاضي أبو يعلى فقد اطلق القول فيه انه يكفر بسبه لاحد من
الصحابة وتوقف في رواية عبد الله وابي طالب عن قتله وكمال الحد وايجاب التعزير يقتضي انه لم يحكم بكفره # قال فيحتمل ان يحمل قوله ما اراه على الإسلام اذا استحل سبهم بانه يكفر بلا خلاف ويحمل اسقاط القتل على من لم يستحل ذلك بل فعله مع اعتقاده لتحريمه كمن ياتي المعاصي قال ويحتمل ان يحمل قوله ما اراه على الإسلام على سب يطعن في عدالتهم نحو قوله ظلموا وفسقوا بعد النبي واخذوا الامر بغير حق ويحمل قوله في اسقاط القتل على سب لا يطعن في دينهم نحو قوله كان فيهم قلة علم وقلة معرفة بالسياسة والشجاعة وكان فيهم شح ومحبة للدنيا ونحو ذلك قال ويحتمل ان يحمل كلامه على ظاهره فتكون في سابهم روايتان احداهما يكفر والثانية يفسق وعلى هذا استقر قول القاضي وغيره حكوا في تكفيرهم روايتين # قال القاضي ومن قذف عائشة رضي الله عنها بما برأها الله منه كفر بلا خلاف # ونحن نرتب الكلام في فصلين احدهما في حكم سبهم مطلقا والثاني في تفصيل احكام السب

  1. اما الاول فسب اصحاب رسول الله حرام بالكتاب والسنة # اما الاول فلأن الله سبحانه يقول ^ ولا يغتب بعضكم بعضا ^ وادنى احوال الساب لهم ان يكون مغتابا و ^ ويل لكل همزة لمزة ^ والطاعن عليهم همزة لمزة وقال ^ والذين يؤذون المؤمنين والمؤمنات بغير ما اكتسبوا فقد احتملوا بهتانا وإثما مبينا ^ وهم صدور المؤمنين فانهم هم المواجهون بالخطاب في قوله تعالى ^ يا ايها الذين امنوا ^ حيث ذكرت ولم يكتسبوا ما يوجب اذاهم لان الله سبحانه رضي عنهم رضى مطلقا بقوله تعالى ^ والسابقون الاولون من المهاجرين والانصار والذين اتبوعوهم باحسان رضي الله عنهم ورضوا عنه ^ فرضي عن السابقين من غير اشتراط احسان ولم يرض عن التابعين الا ان يتبعوهم باحسان و ^ لقد رضي الله عن المؤمنين اذا يبايعونك تحت الشجرة ^ والرضى من الله صفة

قديمة فلا يرضى الا عن عبد علم انه يوافقه على موجبات الرضى ومن رضى الله عنه لم يسخط عليه ابدا وقوله تعالى ^ اذ يبايعونك ^ سواء كانت ظرفا محضا او ظرفا فيها معنى التعليل فان ذلك ظرف لتعلق الرضى بهم فانه يسمى رضى ايضا كما في تعلق العلم والمشيئة والقدرة وغير ذلك من صفات الله سبحانه وقيل بل الظرف يتعلق بنفس الرضى وانه يرضى عن المؤمن بعد ان يطعيه ويسخط عن الكافر بعد ان يعصيه ويحب من اتبع الرسول بعد اتباعه له وكذلك امثال هذا وهذا قول جمهور السلف واهل الحديث وكثير من اهل الكلام وهو الاظهر وعلى هذا فقد بين في مواضع اخر ان هؤلاء الذين رضي الله
عنهم هم من اهل الثواب في الاخرة يموتون على الايمان الذي به يستحقون ذلك كما في قوله تعالى ^ والسابقون الاولون من المهاجرين والانصار والذين اتبعوهم بإحسان رضي الله عنهم ورضوا عنه واعد لهم جنات تجري تحتها الانهار خالدين فيها ابدا ذلك الفوز العظيم ^ # وقد ثبت في الصحيح عن النبي انه قال لا يدخل النار أحد بايع تحت الشجرة # وايضا فكل من اخبر الله أنه رضي عنه فانه من اهل الجنة وان كان رضاه عنه بعد ايمانه وعمله الصالح فانه يذكر ذلك في معرض الثناء عليه والمدح عليه فلو علم انه يتعقب ذلك ما يسخط الرب لم يكن من اهل ذلك # وهذا كما في قوله تعالى ^ يا ايتها النفس المطمئنة ارجعي إلى ربك راضية مرضية فادخلي في عبادي وادخلي جنتي ^
ولانه سبحانه وتعالى قال ^ لقد تاب الله على النبي والمهاجرين والانصار الذين اتبعوه في ساعة العسرة من بعد ما كاد يزيغ قلوب فريق منهم ثم تاب عليهم انه بهم رءوف رحيم ^ وقال سبحانه وتعالى ^ واصبر نفسك مع الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون وجهه ^ و ^ محمد رسول الله والذين معه اشداء على الكفار رحماء بينهم تراهم ركعا سجدا يبتغون فضلا من الله ورضوانا ^ الاية و ^ كنتم خير امة اخرجت للناس ^ ^ وكذلك جعلناكم امة وسطا ^ وهو أول من وجه بهذا الخطاب فهم مرادون بلا ريب وقال سبحانه وتعالى ^ والذين جاءوا من بعدهم يقولون ربنا اغفر لنا ولاخواننا الذين سبقونا بالايمان ولاتجعل في قلوبنا غلا للذين امنوا ربنا انك رءوف رحيم ^ فجعل سبحانه ما افاء الله على رسوله من اهل القرى للمهاجرين والانصار والذين جاءوا من بعدهم مستغفرين للسابقين وداعين الله ان لايجعل في قلوبهم غلا لهم فعلم ان الاستغفار لهم وطهارة القلب من الغل لهم امر يحبه الله ويرضاه ويثني على فاعله كما انه قد امر
بذلك رسوله في قوله تعالى ^ فاعلم انه لا اله الا الله واستغفر لذنبك وللمؤمنين والمؤمنات ^ و ^ فاعف عنهم واستغفر لهم ^ ومحبة الشيء كراهة لضده فيكون الله سبحانه وتعالى يكره السب لهم الذي هو ضد الاستغفار والبغض لهم الذي هو ضد الطهارة وهذا معنى قوله عائشة رضي الله عنها امروا بالاستغفار لاصحاب محمد فسبوهم رواه مسلم # وعن مجاهد عن ابن عباس قال لا تسبوا اصحاب محمد فان
الله قد امرنا بالاستغفار لهم وقد علم انهم سيقتتلون رواه الإمام احمد # وعن سعد بن أبي وقاص قال الناس على ثلاث منازل فمضت منزلتان وبقيت واحدة فأحسن ما انتم كائنون عليه ان تكونوا بهذه المنزلة التي بقيت قال ثم قرأ ^ للفقراء المهاجرين ^ إلى قوله ^ ورضوانا ^ فهؤلاء المهاجرون وهذه منزلة قد مضت ^ والذين تبوءوا الدار والايمان من قبلهم يحبون من هاجر اليهم ^ إلى قوله ^ ولو كان بهم خصاصة ^ قال هؤلاء الأنصار وهذه منزلة قد مضت ثم قرا ^ والذين جاءوا من بعدهم ^ إلى قوله ^ رحيم ^ قد مضت هاتان وبقيت هذه المنزلة فاحسن ما انتم كائنون عليه ان تكونوا بهذه المنزلة التي بقيت يقول ان تستغفروا لهم ولان من
حاز سبه لعينه او لعنته لم يجز الاستغفار له كما لا يجوز الاستغفار للمشركين لقوله تعالى ^ ما كان للنبي والذين امنوا ان يستغفروا للمشركين ولو كانوا أولي قربى من بعد ما تبين لهم انهم اصحاب الجحيم ^ وكما لا يجوز ان يستغفرلجنس العاصين مسمين باسم المعصية لان ذلك لا سبيل اليه ولانه شرع لنا ان نسأل الله ان لايجعل في قلوبنا غلا للذين امنوا والسب باللسان أعظم من الغل الذي لاسب معه ولو كان الغل عليهم والسب لهم جائزا لم يشرع لنا ان نسأله ترك مالا يضر فعله ولانه وصف مستحقي الفيء بهذه الصفة كما وصف السابقين بالهجرة والنصرة فعلم ان ذلك صفة لهم وشرط فيهم ولو كان السب جائزا لم يشترط في استحقاق الفيء ترك امر جائز كما لايشترط ترك سائر المباحات بل لو لم يكن الاستغفار لهم واجبا لم يكن شرطا في استحقاق الفيء لان استحقاق الفيىء لا يشترط فيه
ما ليس بواجب بل هذا دليل على ان الاستغفار لهم داخل في عقد الدين واصله # واما السنة ففي الصحيحين عن الاعمش عن أبي صالح عن أبي سعيد رضي الله عنه قال قال رسول الله لا تسبوا اصحابي فوالذي نفسي بيده لو ان احدكم انفق مثل أحد ذهبا ما ادرك مد احدهم ولانصيفه