· هل يوجد في القرآن شيء لا يفهم معناه؟
الجواب:
هذه مسألة خلافية بين المسلمين, وأصل هذه المسألة هو قول الله y: ﴿وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا﴾, (آل عمران: 7). فاختلف في الواو: أهي استئنافية أم عاطفة في قوله: ﴿إِلَّا اللَّهُ (وَ) الرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ﴾؟ فحجة من جعلها استئنافية هو قول الله: ﴿يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا﴾؛ لأنه اعتبر الحال يشمل المعطوف والمعطوف عليه, فإذا اعتبرنا ﴿يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا﴾ جملة حالية فإنه لا يليق بالله أن يكون حاله ﴿يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا﴾؛ فدل على أن الواو استئنافية, والجملة في محل رفع خبر (الراسخون). والحقُّ أن رأيهم ضعيف لما يلي:
ü لغةً, يجوز أن يكون الحال مقتصرًا على المعطوف عليه بقرينة تدل على ذلك, وهذا في كتاب الله, ففي قول الله y: ﴿وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ نَافِلَةً﴾, (الأنبياء: 72). فنافلة هي حال ليعقوب من دون إسحق, والقرينة هي التي دلت على ذلك. إذن, لا مانع من أن يقتصر الحال على المعطوف عليه, والقرينة هي التي تبين هذا القصر. وعليه, فكونه لا يليق بالله أن يكون حاله: ﴿يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا﴾, فهذه قرينة تقصر الحال على الراسخين في العلم من دون الله, وليست قرينة تجعل الواو استئنافية. فتأمل.


إن جملة ( يقولون آمنـا به كل من عنـد ربنـا ) ليســت حــالا بل هي خـبر للمبـتدأ ( والراسـخون في العـلم ) أي أن الراسـخين في العلم يؤمنـون به إجمــالا بأنـه من عنـد الله ، والجمـلة لا تصـلح أن تكـون حــالا لأن الحــال إنمـا هـو لبـيان حــال الفـاعل وقت حدوث الفعـل كأن تقـول ( دخـل الجــندي شـاهرا ســيفه ) فإشـهار السـيف إنمـا يكون وقت الدخـول فقـط وليس على الإطـلاق ، ولو قبـلنا قـولك مجــازا بأن الجمـلة حــالا لكان المعنى أن الله تبارك وتعـالى يعلم تأويله على الإطــلاق والراسـخون في العـلم يعلمونه فقـط عنـد إيمانهم به إجمـالا دون التدخـل في متشـابهه فلو دخـلوا في التشـابه لصاروا من الذين في قلوبهم زيغ الموضـحين في صـدر الآية ، وفي هذه الحـالة تقول وما يعلم تأويله إلا الله والراسـخون في العلم وهم يقولون آمنـا به كل من عنـد ربنـا ، كقـوله تعـالى ( ويؤتون الزكاة وهم راكعــون ) أي في حـال ركوعـهم فتـأمل ،

وكذلك قولك في قوله تعـالى ( ووهبنا له إسـحاق ويعقـوب نافلة ) فنـافلة أيضـا ليسـت حـالا بل هي مفـعول مطـلق على الأرجـح كقولك ( رجـعت القهـقرى ) ، وقد تكـون مفعــولا لأجــله إذا اعتـبرت أن الله وهبه يعقــوب لأجـل الزيادة ،

أمـا عن سـؤالك الأول هل يوجد في القرآن ما لا يفهم معنـاه ، فالجـواب عليه إن عـدم الفهم نســبي فالقرآن العظـيم يشــتمل على معـان ليس لهـا انتهــاء وهـو محفـوظ للناس إلى يوم القـيامة فمـا يشــكل على جـيل فهمـه يتضـح لأجيــال لاحـقة كمـا هو الحـال في قوله تعـالى ( والسـماء والطــارق ) وقد بين الأخ ذو الفقـار ما بين عن طريق وكالات الفضـاء عن النجم الثاقب وكان سـببا في إســلام الأخ حــبيب فمـا كان هـذا المعنى واضـحا لدى الأجــيال الســالفة ، ومثــل ذلك كثــير ومعــين القرآن لا ينضـب ،