4- المسيح فى كل مواضع الإنجيل لم يقل : سوف أصلب ، وإنما كان يتكلم بضمير الغائب :
"إن ابن الإنسان سوف يصلب ، ويقتل"

وواضح أن استخدام ضمير الغائب هنا ليس اعتباطا , بل هو مقصود بالتأكيد , لإثبات الغائب الحاضر أو الحاضر الغائب ، فالشخص الحقيقى (المسيح) غائب , والشخص المصلوب شبيه المسيح (حاضر) , ولذلك لا يمكن لأى ضمير آخر أن يعبر عن هذا الأمر إلا ضمير الغائب . والموضع الوحيد الذى تكلم فيه المسيح بضمير المتكلم :
"وحين أعلق مرفوعا من الأرض ، أجذب إلى الجميع" يوحنا (12 :32)
فإنه لم يذكر هنا أى إشارة إلى الصلب ، كما أن الترجمة العربية "أعلق" غير صحيحة ، لأن الكلمة الإنجليزيةlifted up أى "أرُفع" لا "أعلق" ولا خلاف بيننا على أن المسيح قد رفع إلى السماء حيا أو ميتا ، كما أن الجملة باستخدام ضمير المتكلم هى جملة غير صحيحة أيضا ، وذلك لأن رد الكتبة والشيوخ على هذه العبارة وفى نفس الإنجيل (يوحنا) وفى الآية التى تليها هو الذى يشير إلى عدم صحتها , حيث أنهم قالوا :

"علمتنا الشريعة أن المسيح يبقى حيا إلى الأبد "
فكيف تقول : إن ابن الإنسان لابد أن يعلق ؟ لقد نسى يوحنا أنه قد بدل عبارة المسيح عند استخدامه ضمير المتكلم "وحين أعلق ...." ولكن لأن الكذب "مالوش رجلين" عاد هنا وكشف نفسه بنفسه حين استخدم مصطلح ابن الإنسان , ونحن بالتأكيد نتقدم بخالص الشكر إلى يوحنا, وإلى كل من كان عونا لنا فى إثبات التدخل البشر بين النصوص ؛ فهل من المنطقى أن يقول المسيح "وحين أعلق....." دون أن يذكر عبارة ابن الإنسان ,فيكون الرد منهم : فكيف تقول إن ابن الإنسان لابد أن يعلق؟ أم إن المنطقى أن يكون الرد : فكيف تقول إنك لابد أن تعلق ؟ بدليل أنهم قالوا بعد ذلك من هو ابن الإنسان هذا ؟، أى أنه لم يتكلم عن نفسه ابتداء . إذن ففى كل مواضع الإنجيل التى تحدث فيها المسيح عن الصلب , لم يقل سوف أصلب ، ولكنه قال إن ابن الإنسان سوف يصلب ويقتل . إذن ابن الإنسان هو أما صورة المسيح (شبيه) أوالمسيح الحقيقى

لقد استطاع المسيح عليه السلام بتأييد من الله سبحانه وتعالى أن يمكر بهؤلاء الذين سعوا إلى قتل نبيهم ، بعدما رآوا بأعينهم كل هذه المعجزات الباهرة التى أيده الله بها ، إذن فقد خُُُُدعوا من حيث أرادوا أن يخدعوا , وهم بلا شك يحملون ذنب قتل نبى ؛ لأنهم كانوا يعتقدون أنه هو ، ولا يشفع لهم ولا يعفيهم من الذنب أن المصلوب هو يهوذا حقيقة ، لأنهم يحاسبون وفق نيتهم هم , وهي "محاولة قتل نبى"

شبهة :
قد يقولون : جاء فى إنجيل متى :
" من ذلك الوقت بدأ يسوع يعلن لتلاميذه أنه لابد أن يمضي إلى أورشليم , ويتألم على أيدى الشيوخ ورؤساء الكهنة والكتبة ويقتل ......" متى (16 : 21)


والجواب
نعم لقد أعلن المسيح ذلك من خلال ضمير الغائب ابن الإنسان لا من خلال ضمير المتكلم , حيث أن هذه الرواية فى هذا الموضع جاءت متعارضة مع روايتى مرقس ولوقا اللذين استخدما مصطلح ابن الإنسان .
يقول مرقس :
"وأخذ يعلمهم أن ابن الإنسان لابد أن يتألم كثيرا ، ويرفضه الشيوخ ورؤساء الكهنة والكتبة ويقتل ....." مرقس (8 : 31)

ويقول لوقا :
"وسوف تتم جميع الأمور التى كتبها الأنبياء عن ابن الإنسان ، فإنه سيسلم إلى أيدى الأمم ، فيستهزأ به ويهان ويبصق عليه وبعد أن يجلدوه يقتلونه......" لوقا (8 : 31)

إذن يتضح أن مرقس ولوقا قد اتفقا على مصطلح ابن الإنسان ، أما متى فقد كتب ما فهمه هو لا ما قاله المسيح حرفيا ، فإما أن المسيح قد قال عبارة ابن الإنسان , وإما أنه قد تحدث عن نفسه ، فهل نقبل هذا التعارض ؟ أم نقبل روايتى كل من مرقس ولوقا ؟ أم نرفض الجميع ؟ إذن ليس أمامنا حل سوى هو , لا ما قاله المسيح حرفيا .

صاعقة :
لم يفهم أحد من التلاميذ عمن كان يتكلم المسيح , حتى موته المزعوم وقيامته المزعومة , وهذا دليل على نسف رواية متى .
" ولكنهم لم يفهموا شيئا من ذلك , وكان هذا الأمر خافيا عليهم ولم يدركوا ماقيل . "لوقا ( 18 : 34 )
"فإن التلاميذ لم يكونوا حتى ذلك الوقت قد فهموا أن الكتاب تنبأ بأنه لابد أن يقوم من بين الأموات " يوحنا (20 : 9 )