ثانياً: إذا سلمنا جدلاً أن المقصود بوصف الإيمان هو الإيمان الحقيقي الذي هو مناط الثناء والمثوبة عند الله تعالى، فما هو الدليل على بقاء هذا الوصف بعد تحقق الاقتتال بين الطرفين، هل في الآية دلالة على ذلك؟ من الواضح أن الجواب بالنفي، ومن يزعم غير هذا فهو إما جاهل باللغة العربية، أو متعمد للتلبيس على البسطاء.. وإلا فأين دلالة الآية على أن المقتتلين بقوا على وصف الإيمان حتى بعد وقوع الاقتتال؟
ثالثاً: إنَّ الباغي المقاتل إذا انجر بغيه إلى قتل المؤمن، فهو داخل تحت قوله تعالى: (وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُتَعَمِّداً فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِداً فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَاباً عَظِيماً) (النساء: 93) . ومن الواضح البين أن بغي معاوية وأهل الشام انجر إلى مقتل عدد عظيم من الصحابة والتابعين.. فما لكم كيف تحكمون؟!
رابعاً: لو سلمنا جدلاً أن المقاتل الباغي لا يزال متصفاً بوصف المؤمن بمقتضى الآية حسب ما يزعم الأمويون، فهل هذا يشمل حتى الباغي الذي يعتدي على الخليفة الراشد، ويشق عصا الجماعة، ويستبب في مقتل آلاف المسلمين من الصحابة والتابعين والأولياء الصالحين؟ هذا والنبي يقول: قاتل عمار وسالبه في النار، ويقول: ويح عمار تقتله الفئة الباغية يدعوهم إلى الجنة ويدعونه إلى النار؟
يقول علي بن أبي طالب رضي الله عنه لأهل حربه: (إنا لم نقاتلهم على التكفير لهم، ولم نقاتلهم على التكفير لنا، ولكنا رأينا أنّا على الحق ورأوا أنهم على الحق). قرب الإسناد: (ص:45)، بحار الأنوار: (32/324).
ألا يكفيك قول علي رضي الله عنه ؟!!
المفضلات