ثم بعد أن تعرف ما تأخذ وما تدع ، لا بد أن تصوغ ، وإذا أردت أن تصوغ فلا بد أن تأتي بعشر كلمات ، لا بُدَّ أن تقول: أخرجه فلان في كتابه كتاب وباب وجزء وصفحة ورقم حديث بلفظه أو نحوه أو معناه من حديث فلان.

لكن ما وجدته من هذه الأمور العشرة فنُصَّ عليه ، وما لم تجده فاتركه ، لأن هناك من يستوفي هذه الأمور العشر وهناك من لا يستوفيها.
لكن يبقى الكلام عن كلمة لفظه ، لا بُدَّ أن تأخذ اللفظ الذي معك ثم تقارنه باللفظ الذي وصلت إليه في الكتاب الأصلي ، فإما أن تقول رواه بلفظه أي تُقارن بين المتن الذي معك والمتن الذي وجدته في الأصل ، فإما أن تقول بلفظه أو بنحوه أو مُطوّلاً أو مُختصراً أو مُقتصراً على شطره الأول أو فيه قصة أو مُقتصراً على شطره الأخير أو أصل الحديث أو ما يدل بدقة وليس له داعٍ أن تُشير إلى لفظ الحديث ، فالذين نراهم يُوردون لفظ الحديث ويقولون:
هذا لفظ مسلم وهذا لفظ البخاري وهذا لفظ كذا ، ثم يُورد ويملئ الصفحات ، فهذا لقلة فقهه وخبرته. وإلا فإنك تُقارن هل هو بلفظه أو بنحوه مطولاً ... ألخ.

ثم بعد أن ننظر نصوغ دون التعرض لمتنه ، لكن بعد أن تصل إلى الطرق . كيف تصوغ ؟
وما الذي ينبغي أن تقدّم ؟.

لا بد أن تجعل للحديث شجرة ، والإنسان لا يستطيع أن يُخرّج أو يحكم حتى يعرف مدار الحديث ، وما لم يعرف مدار الحديث فإنه ضائع.

ثم بعد ذلك البداءة بالتخريج ، ما الذي يحكمها ؟

يحكمها الإسناد الذي معك . ليس البخاري هو الذي يُبدأ به ولا مسلم ولا غيره ، وإنما يحكم البداءة هو الإسناد الذي معك .
فلنضرب مثالاً:
لو أن السند الذي أُريد تخريجه هو سند أبو عوانة في مستخرجه ، فإن أوّل ما يمكن أن يُقدم هو إسناد مسلم لأنه يلتقي به قبل أن نصل إلى المدار.وتَلحظ أنّا تركنا البخاري وتركنا مسلم من أقوى طُرقه ، لأن الإسناد يصل إلى إسناد مسلم قبل أن يصل إلى البخاري ، فإنه لا يصل إلا بالمدار ، لأنهما يرويان عن عبيدالله العُمري.

إذاً ما الذي يُبدأ به ؟

البداءة تكون بالإسناد الذي معك.
بعد الوصول إلى المدار الأولى أن تأخذ الأشهر والأكثر طُرقاً ، ثم إذا وصلت إلى الأشهر بعد أن تأتي بالإسناد الذي معك حتى تصل إلى ملتقى الطرق ، تأتي إلى أشهر من روى عنه ذلك به.

مثلاً:
مالك أشهر من روى عنه في هذا الإسناد . ثم بعد ذلك تبتدأ بالأعلى إسناداً ، فتقول: رواه مالك في الموطأ كتاب وباب وجزء ... ألخ. ثم بعد ذلك تقول ومن طريق مالك أخرجه البخاري ـ لأن البخاري أقوى من مسلم ـ ثم بعد ذلك تُعرًج على مسلم.
وإن اتفقا فتبدأ بالأقوى أو الأعلى إسناداً ، ثم بعد ذلك إن شئت أن تبدأ بعبدالرزاق لأنه أعلى إسناداً أو بمسلم لأنه أقوى وإن كان نازلاً.
ثم بعد ذلك أبدأ بأقرب إسناد في الإسناد الذي معي.

مثال: أبو عوانة أقرب شيء له مسلم من رواية ابن نُمير عن أبيه.



* هناك فرق بين ( من طريق ) و (عن ):

إذا كان بينهما وسائط فأقول (من طريق) ، وإذا كان مباشر فأقول (عن) . مثال: لو أردت رواية الضحاك بن عثمان الأسدي أقول أخرجه مسلم من طريق الضحاك ، لأني تركت راويين قبل الوصول. ولكن إذا قلت مالك في الموطأ وعنه البخاري ، لأن (عن) معناها : أن البخاري يروي مباشرة عن تلميذه.
ثم أقول أربعتهم عن نافع به.