الحواريون عدد من تلاميذ المسيح آمنوا به وصحبوه وشهدوا كثيراً من المعجزات التي أيده الله بها .. وقد سموا بالحواريين من الحور وهو البياض لصفاء قلوبهم ونقاء سريرتهم
نحن كمسلمين نؤمن كما أخبرنا الله تعالى أن أولئك الحواريين قد نصروا المسيح ونصروا دعوته وآمنوا به كرسول من عند الله فلم يبدلوا أو يغيّروا..
وقد أثنى الله تعالى عليهم بقوله: (فَلَمَّا أَحَسَّ عِيسَى مِنْهُمُ الْكُفْرَ قَالَ مَنْ أَنْصَارِي إِلَى اللَّهِ قَالَ الْحَوَارِيُّونَ نَحْنُ أَنْصَارُ اللَّهِ ءَامَنَّا بِاللَّهِ وَاشْهَدْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ(52)رَبَّنَا ءَامَنَّا بِمَا أَنْزَلْتَ وَاتَّبَعْنَا الرَّسُولَ فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ(53)) (سورة آل عمران).
وفي الحديث الذي يرويه مسلم في صحيحه يبيّن النبي صلى الله عليه وسلم أن الحواريين هم خاصة اتباع الرسل وصحابتهم. فعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (ما من نبي بعثه الله في أمة قبلي، إلا كان له من أمته حواريون وأصحاب، يأخذون بسنته ويقتدون بأمره، ثم تخلف من بعدهم خلوف يقولون ما لا يعلمون ويفعلون ما لا يؤمرون، فمن جاهدهم بيده فهو مؤمن، ومن جاهدهم بلسانه فهو مؤمن، ومن جاهدهم بقلبه فهو مؤمن، وليس وراء ذلك من الأيمان حبة خردل).
فهذا كله يدل على أن الحواريين هم خاصة الأنبياء وأنصارهم، وكذلك كان حواريو عيسى عليه السلام، لم يضرّهم من عاداهم ولا من خالفهم وخذلهم من المشركين الذين وصفوا عيسى بالألوهية، وحرّفوا الكتاب والشريعة التي جاء بها، وبدلوا الكلم عن مواضعه.
بل ثبت أولئك الحواريون على ما تركهم عليه عيسى عليه السلام رغم الأذى والعذاب والقتل والنشر بالمناشير.
فعن معاذ بن جبل رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (خذوا العطاء مادام عطاء، فإذا صار رشوة على الدين فلا تأخذوه، ولستم بتاركيه فيمنعكم ذلك الفقر.
ألا إن رحى الإسلام دائرة تدور مع الكتاب حيث يدور، ألا إن السلطان والكتاب سيفترقان، ألا فلا تفارقوا الكتاب. ألا إنه سيكون عليكم أمراء إن أطعمتموهم أضلوكم، وإن عصيتموهم قتلوكم، قالوا: فكيف نصنع يا رسول الله..؟
قال : كما صنع أصحاب عيسى عليه السلام، حملوا على الخشب، ونشروا بالمناشير، موت في طاعة الله خير من حياة في معصية الله).
هكذا أثنى الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم على الحواريين ووصفهم بأطيب الصفات وأجمل الخلال..
أما النصارى فقد أظهروهم في أناجيلهم على أنهم أناس جبناء خذلوا المسيح وهربوا عند الحقائق وتبرؤوا منه وأنكروا معرفتهم به عند اعتقاله بل وصوروهم على أنهم أغبياء وثقيلوا الفهم عُمْي القلوب!!
وتأمل سؤالهم بعد بعض المعجزات التي ظهرت على يد المسيح، فتراهم مع أنهم أتباعه وتلامذته وخاصته: (خافوا خوفاً شديداً وقال بعضهم لبعض: من ترى هذا حتى الريح والبحر يطيعانه ؟) مرقس (4/41).
فمع أن الأصل في المعجزة أن الله يظهرها على أيدي أنبيائه كدليل على صدقهم وصدق رسالاتهم.. إلا أنهم في الأناجيل يظهرونها مبهمة لا تُعرف الغاية من ورائها، ولا يَعرِف من يشهدها ؛ من هذا الذي تحصل على يديه…! وما ذلك إلا ليبقوا باب الإشراك مفتوحاً، فيجيبوا متى شاءوا : إنه ابن الله !!
كبرت كلمة تخرج من أفواههم إن يقولون إلا كذباً.
بل جعلوا من حوارييه وتلامذته وخاصته، من خان المسيح وأسلمه إلى أعدائه مقابل ثلاثين درهماً([23])وكان سّرافاً يسرق أموال المسيح وتلامذته الباقين وهو يهوذا الإسخريوطي هذا مع أنهم يذكرون عن المسيح أنه جعل لجميع الحواريين ـ ومنهم هذا الخائن السارق ـ سلطاناً على الشياطين وقدرة على إبراء وإشفاء المرضى، كما في إنجيل متى (10/1-9): ( ودعا تلاميذه الاثني عشر فأولاهم سلطاناً يطردون به الأرواح النجسة ويشفون الناس من كل مرض وعلة وهذه أسماء الرسل الإثْني عشر ) :-
1- سمعان الذي يقال له بطرس
2- وإندرواس أخوه.
3- فيعقوب بن زبَدى
4- ويوحنا أخوه
5- ففيلبُّس.
6- وبَرتُلماوُسُ
7- فتوما.
8- ومتى العشار
9- فيعقوب بن حَلفى
10- وتَدَّاوُس
11- فسمعان الغيور
12- ويهوذا الإسخريوطي ذاك الذي أسلمه.
وتأمل كيف لم يعدوا في جملتهم هنا ( برنابا ) صاحب الإنجيل المشهور الذي خالفهم فيه في عقائدهم الشركية فرفضوه ، مع أنهم يقرون أنه من أشهر أتباع المسيح والدعاة إلى المسيحية في زمنه، بل وصفوه بأنه ( كان رجلا صالحا ممتلئا من الروح القدس ومن الإيمان ) كما في ( أعمال الرسل 11/24) وذكروا أن الروح القدس أرسله مع شاول (بولس) موفدين يبشران بكلمة الله بين اليهود .. ( أعمال الرسل 13/2-5) وغيرها .
هؤلاء الإثني عشر أرسلهم يسوع وأوصاهم قال: لا تسلكوا طريقاً إلى الوثنيين ولا تدخلوا مدنية للسامريين، بل اذهبوا إلى الخراف الضالة من آل إسرائيل([32])، وأعلنوا في الطريق أن قد أقترب ملكوت السماوات.
تأمل! وأقيموا الموتى.. خاصّية يهبها إلى تلاميذه الإثني عشر ومنهم ذلك الخائن السارق الذي أسلمه لأعدائه بثلاثين درهماً..!!
من التناقض الصريح والكثير في أناجيلهم، أنهم ذكروا بعد ذلك في إنجيل ( متى 17/14-21) أن جميع تلامذته هؤلاء، قد عجزوا عن طرد شيطان من جسد غلام.. والطريف في هذا الموضع أنهم لما رأوا المسيح يطرده سألوه: ( لماذا لم نستطيع نحن أن نطرده؟) فقال لهم: ( لقلة إيمانكم )!! الحق أقول لكم : إن كان لكم من الإيمان قدر حبة خردل، قلتم لهذا الجبل: أنتقل من هنا ألى هناك، فينتقل) أهـ. وفيه أيضاً عند قصة التينة التي أمرها المسيح فيبست، فعجب التلاميذ من ذلك. فقال لهم: (21/18-22): (الحق أقول لكم إن كان لكم إيمان لا يداخله ريب. لا تفعلون ما فعلته بالتينة فحسب، بل كنتم إذا قلتم لهذا الجبل؛ قم فاهبط في البحر، يكون ذلك..)أهـ.
ولابن حزم رحمه الله تعالى في الفِصل، كلام نفيس يعلق فيه على هذا التناقض ملخصه؛ أن يقال: ( لا يخلو التلاميذ المذكورون، ثم هؤلاء النصارى بعدهم إلى اليوم، من أن يكونوا مؤمنين بالمسيح عليه السلام، أو غير مؤمنين، ولا سبيل إلى قسم ثالث…
- فإن كانوا مؤمنين، فقد كذب المسيح ـ على قولهم ـ فيما وعدهم به في هذه الفصول جهالاً، وحاشاه من الكذب، أو كذبت أناجيلهم.ز فما منهم أحد قط قدر أن يأمر ورقة فتيبس، فكيف بتسيير جبل، أو قلعه وإلقائه بالبحر..؟؟
- وإن كانوا غير مؤمنين، فقد صدقوا في هذا، وهم بإقرارهم به قد شهدوا على أنفسهم بالكفر، ولا يجوز أن يُصدّق كافر أو يُتّبع أو يُؤخذ الدين عنه..!!
ثم يقال؛ إذا كان الحواريون وهم صفوة أتباع المسيح وخاصته. ليس في قلوبهم مثقال حبة من خردل من إيمان!! وليس في قلوبهم إيمان لا ريب فيه، بل إن كان فيها إيمان فهو إيمان مدخول بالريب والشك..!! فما بالك بمن هم دونهم من النصارى إلى هذه الأزمنة المتأخرة..؟ ومعلوم أن الإيمان إن دخله شك وريب أبطله..
فإذا كان إيمان هؤلاء التلاميذ باطلاً كما شهد عليهم المسيح هنا..!! فكيف يُولّيهم قبل ذلك سلطان طرد الشياطين وأشفاء المرضى، وإبراء البرص، بل وإحياء الموتى ؟!!
وعلى كل حال فهذه الأسماء التي عدَّدوها، هم حواريو المسيح وتلامذته وهذه بعض صفاتهم على زعم النصارى.. أما نحن المسلمون فنعتقد بأن للمسيح حواريين وأصحاب أتقياء نصروه،ونصروا دعوته واحتملوا في سبيلها الأذى والقتل والبلاء ، أما أسماؤهم فلم يثبت عندنا في ذلك خبر مرفوع.
وقد جزم النصارى بان الحواريين هم هؤلاء المذكورين ؛ مع أن أناجبلهم، ذكرت تلاميذ آخرين للمسيح أشهرهم برنابا، إلا أن الكنيسة لم تثبته مع الحواريين .
والنصارى ينسبون إلى المذكورين من الباطل و الشرك والقول بألوهية المسيح وغير ذلك مما يستحيل أن ينتحله خاصة الرسل وحوارييهم..
وعلى كل حال فقد قال أبن جزم في الفصل: (2/17): "إن كل من شمعون باطرة ويوحنا ومتى ومرقس ولوقا وبولس كانوا مختفين مستترين لا يظهرون دينهم بل كانوا مظهرين لدين اليهود من التزام السبت وغيره طول حياتهم إلى أن ظفر بهم فقتلوا ..)أهـ.
فإذا كان هذا حال أشهرهم وهو : (شمعون باطره) المعروف ببطرس: أي صخر، إشارة إلى ثباته!! و أنه أنكر معرفته بالمسيح عند الحقائق. فكيف بمن هم دونه ممن يزعمون أنهم خاصة المسيح وتلامذته؟؟.
اتمني ان اكون قد افدتك اخي الكريم عبد الرحمن في تبيان ما جاء به القران والاحاديث في امر الحواريين وما جاء فيهم من الاناجيل والفارق بينهم واضح جدا بين الحواريين في القران والاناجيل
المفضلات