أكثر النصراني صاحب الشبهة من الدندنة حول نقطة الحياء الواردة في إحدى روايات الحديث و راح يسأل قائلاً

يعني انت مقتنع الان بان الرسول كان خجلان؟ مع انه هو القائل "من رأى منكرا فليغيره بيده...الخ" ؟
اذن اليهودي الكافر علّم نبيكم فعلا يا صاحبي!
نبي يخجل من ان يعلن حق ربه! ولا يذهب حياؤه الا بعد تلقي #### من يهودي كافر مغضوب عليه


أولاً : قلت مسبقاً أن الحياء الذي كان يمنع النبي هنا هو عدم وجود الإذن الإلهي بالنهي لا أنه يخجل و يستحي منهم مدارة ً كما يدّعي النصراني باطلاً و إلا ما كان يمنعه مسبقاً سيمنعه لاحقاً . فالنبي صلى الله عليه و سلم لا يؤمر و لا ينهى إلا بما أذن له به الله و قصة نوح عليه السلام خير شاهد على هذا فهو دعا على قومه دعوةً لم يؤمر بها حتى اتخذ ذلك سبباً للتأخر عن الشفاعة كما جاء في حديث الشفاعة الطويل ، فمن عظمة موقف المقام المحمود نجد الأنبياء تتأخر عن الشفاعة و هذا من شدة ورعهم وكمال فضلهم وخوفهم وعبوديتهم وتواضعهم وتقواهم صلوات الله و سلامه عليهم .

المهم الشاهد في الموضوع هو أن نوحاً عليه السلام لمّا دعا دعوةً على قومه لم يؤمر بها اتخذ هذا سبباً في التأخر عن الشفاعة .

قال شيخ الإسلام في مجموع الفتاوى الجزء 8 صفحة 338

(( ودعاء نوح على أهل الأرض بالهلاك كان بعد أن أعلمه الله أنه لايؤمن من قومك إلا من قد آمن ومع هذا فقد ثبت فى حديث الشفاعة فى الصحيح أنه يقول أنى دعوت على أهل الأرض دعوة لم أومر بها فإنه وإن لم ينه عنها فلم يؤمر بها فكان الأولى أن لا يدعو إلا بدعاء مأمور به واجب أو مستحب فإن الدعاء من العبادات فلا يعبد الله إلا بمأمور به واجب أو مستحب وهذا لو كان مأمورا به لكان شرعا لنوح ثم ننظر فى شرعنا هل نسخه أم لا ))

ثانياً : المتدبر لسيرة الرسول صلى الله عليه و سلم يتقين تماماً أن هذه الدعوى متهافتة فهو صلى الله عليه و سلم لم يتأخر بتاتاً عن بيان حق ربه لا خجلاً و لا مدارةً لقومهو اثبات هذا أشد من خرط القتاد، فإن تعلق الأمر بالشرك الأكبر كان النهي المباشر الذي لا يحتمل التأجيل ، فهل تسفيه أحلام قريش و سب ألهتها يعد حياءً و خجلاً منهم ؟؟؟؟ هل تأخر نهي النبي لقومه عندما طالبوه أن يجعل لهم ذات أنواط كما كان يفعل أهل الشرك أم نهاهم عن ذلك مباشرة ؟؟؟

أما إن تعلق الأمر بالشرك الأصغر فقلنا أن النهي قد يأتي بالتدريج و بعد الإذن الإلهي بذلك و هذا ما ذكرناه مسبقاً مراراً و تكراراً .

ثالثاً : لا نسلم للنصراني أن نهي النبي صلى الله عليه و سلم فقط قد جاء بعد كلام اليهودي بل الروايات الأخرى دلت أن النهي قد جاء بعد الرؤيا التي رأها الطفيل بن سخبرة ، فلم الانتقائية و التشويش ؟؟؟؟؟

رابعاً : ما وضّحه مسبقاً الأخ الحبيب السيوطي حيث قال

وهذه الروايات ليس فيها ذكر اليهودي إذٍ كان النبي يسمعها من بعضهم وكان يكرهها لكن يمنعه الحياء ..

الحياء من ماذا؟؟


كان أعظم الدعاة إلى الله عالماً بفقه الواقع وعالماً بواقع النفوس .

فهؤلاء كانوا حديثي عهد بجاهلية وما كان الصحابة يشركون حقيقة ولكنهم كانوا يقولونها من باب أن لا يتقدموا على النبي بمشيئتهم وإرادتهم فكانو يقولون ما شاء الله ورسوله ..

ولما كانت اللفظة موهمة كرهها النبي عليه السلام ولكن لما وقع الوهم في النفوس مثل هذا اليهودي أو مثل الصحابي الذي رأى في المنام انكار ذلك ..

لما وقع ذلك نهى النبي عنها ..

قال السندي: قوله: "كان يمنعني الحياء.. إلخ ": فيه أن ما يوهم المنكر يمكن السكوت عنه حياءً، ثم إنه إنما نهى عنه لما علم إيهام هذه الكلمة المساواة، لا بمجرد الرؤيا . أ.هـ