بسم الله الرحمن الرحيم
بداية أعتذر لأنه وعدت بالرد و لم أف بسبب كتابتي الرد و عندما أرسلته انقطع النت فضاع كل شيء و أنا الذي قمت بكتابة الرد و جمع نصوص فضاع كل شيء .
و الآن سأغير المنهجية مع الأخت المسلمة و ننطلق من سؤال فأجيب عنه فإن اقتنعت مررنا إلى الذي يلي .
رب اشرح لي صدري و يسر لي أمري و احلل عقدة من لساني يفقهوا قولي.
إخواني أخواتي السلام عليكم و رحمة الله و بركاته.
إن ما يحدث من شك و تضعضع في النفوس إنما مرده إلى هشاشة في العقيدة إذ لو كان الإنسان محصنا بعقيدة التوحيد علما لما وقع ما وقع .
و ما أثار استغرابي تكرار مثل هذا :
الصمت معناه انقطاع و معناه عجز عن الرد . فمتى كان للإلحاد صولة ؟ و متى كان الإلحاد غالبا و ظاهرا؟
و لذلك وجب الاهتمام بالعقيدة و هذه دعوة صريحة أبدا فيها بنفسي ثم أوصي إخواني بالاستجابة . فمن أراد ألا يهزم فعليه بالعقيدة النقية .
هذا سؤال منكر شرعا مرفوض عقلا لأن الإيجاد بعنى الخلق . فشرعا تأباه النصوص القرآنية و الحديثية .فمن القرآن
في سورة الحديد :
هوَ الْأَوَّلُ وَالْآَخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (3)
و قال الرسول صلى الله عليه و سلم:
اللَّهُمَّ أَنْتَ الْأَوَّلُ فَلَيْسَ قَبْلَكَ شَيْءٌ وَأَنْتَ الْآخِرُ فَلَيْسَ بَعْدَكَ شَيْءٌ وَأَنْتَ الظَّاهِرُ فَلَيْسَ فَوْقَكَ شَيْءٌ وَأَنْتَ الْبَاطِنُ فَلَيْسَ دُونَكَ شَيْءٌ . و الحديث صحيح رواه الإمام مسلم .
روى الإمامان البخاري و مسلم في صحيحيهما عن أبي هريرة رضي الله عنه:
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَيَأْتِي الشَّيْطَانُ أَحَدَكُمْ فَيَقُولُ مَنْ خَلَقَ كَذَا مَنْ خَلَقَ كَذَا حَتَّى يَقُولَ مَنْ خَلَقَ رَبَّكَ فَإِذَا بَلَغَهُ فَلْيَسْتَعِذْ بِاللَّهِ وَلْيَنْتَهِ. اللفظ للبخاري.
فالنبي صلى الله عليه و سلم يأمرنا بالانتهاء عن طرح مثل ذلك السؤال هذا شرعا .
قال ابن بطال في شرحه لصحيح البخاري في الحديث المتقدم :
ما المانع أن يخلق الخالق نفسه . قيل له : هذه وسوسة ينقض بعضها بعضا ؛ لأن بقولك يخلق قد أوجبت وجوده تعالى ، وبقولك نفسه قد أوجبت عدمه ، والجمع بين كونه موجودًا ومعدومًا معًا تناقض فاسد ؛ لأن من شرط الفاعل تقدم وجوده على وجود فعله فيستحيل كون نفسه فعلاً له ؛ لاستحالة أن يقال إن النفس تخلق النفس التى هى هو وهذا بين فى حل هذه الشُبه وهو صريح الإيمان . انتهى قول ابن بطال رحمه الله.
قال الإمام ابن أبي العز الحنفي في شرحه للعقيدة الطحاوية :
فقول الشيخ [ يعني أبا جعفر الطحاوي]: قديم بلا ابتداء ، دائم بلا انتهاء ، هو معنى اسمه الأول والآخر . والعلم بثبوت هذين الوصفين مستقر في الفطرة ، فإن الموجودات لا بد أن تنتهي إلى واجب الوجود لذاته ، قطعا للتسلسل ، فأنت تشاهد حدوث الحيوان والنبات والمعادن وحوادث الجو كالسحاب والمطر وغير ذلك ، وهذه الحوادث وغيرها ليست ممتنعة ، فإن الممتنع لا يوجد ، ولا واجبة الوجود بنفسها ، فإن واجب الوجود بنفسه لا يقبل العدم ، وهذه كانت معدومة ثم وجدت ، فعدمها ينفي وجودها ، ووجودها ينفي امتناعها ، وما كان قابلا للوجود والعدم لم يكن وجوده بنفسه ، كما قال
تعالى : { أم خلقوا من غير شيء أم هم الخالقون } . يقول سبحانه : أحدثوا من غير محدث أم هم أحدثوا أنفسهم ؟ ومعلوم أن الشيء المحدث لا يوجد نفسه ، فالممكن الذي ليس له من نفسه وجود ولا عدم لا يكون موجودا بنفسه ، بل إن حصل ما يوجده ، وإلا كان معدوما ، وكل ما أمكن وجوده بدلا عن عدمه ، وعدمه بدلا عن وجوده ، فليس له من نفسه وجود ولا عدم لازم له .
في شرحها للحوالي:
إذاً فواجب الوجود هذا لا بد أن يكون أزلياً يعني: لا أول لوجوده، لأنه إذا كان لوجوده أول أصبح من جملة الموجودات الممكنات التي تحتمل الوجود والعدم، إذاً ثبت بالدليل العقلي من كلامكم ومن نظرياتكم أن الله سبحانه وتعالى لا أول لوجوده أو لا بداية له وهذا مثل ما قطعه النبي صلى الله عليه وسلم بقوله: ( لا يزال الشيطان يأتي أحدكم فيقول: هذا خلق الله حتى يقول له: من خلق الله فإذا وجد ذلك فليستعذ بالله ) ونحن نشاهد هذا الكلام لا ميزان له في العقل، هذا الشعور أو هذا الخاطر أو الهاجس لا وجود له ولا صحة له في نظر العقل السليم حتى عقولالفلاسفة أنفسهم نجد -على كلامهم هذا- أن الممكنات أو المحدثات لا بد لها من محدث فهي مفتقرة إلى واجب الوجود، ولو قلنا: إن واجب الوجود مثلها مخلوق أو ممكن أو محدث لاحتاج إلى واجب يوجده وهكذا يتسلسل الأمر إلى ما لا نهاية، إذاً لا بد أن نقول هناك موجودات وجدت ولوجودها بداية، وهناك خالق مُوجِدٌ أوجدها ولا أول لوجوده ولا بداية له.
و قال ابن الجوزي في كشف المشكل:
وفي الحديث الثالث عشر بعد المائة ( ( يأتي الشيطان أحدكم فيقول من خلق كذا حتى يقول من خلق ربك فإذا بلغه فليستعذ بالله ولينته ) ) المعنى فليعرض عن مساكنة الفكر بعد هذا فإن كل خصم ربما انتهى جدله ووسوسة الشيطان لا تنتهي فليس إلا التعوذ وقطع المساكنة لها وإنما يستعين إبليس على هذه الوسوسة بالحس لا بالعقل والحس لم يعرف وجود شيء إلا من شيء وبشيء فأما العقل فيقطع على وجود خالق ليس بمخلوق. اهـ
هل خرجت من هذه ؟
هل بقي من إشكال ؟
وَلاَ تُفَكِّرَنْ فِي ذَا العُلاَ عَزَّ وَجْهُهُ ـــــ فَإِنَّكَ تُرْدَى إنْ فَعَلْتَ وتُخْذَلُ
وَدُونَكَ مَصْنُوعاتِهِ فَاعْتَبِرْ بِها ـــــ وَقُلْ مِثْلَ مَا قَالَ الخَلِيلُ المُبَجَّلُ
أخرج أبو الشيخ في العظمة و حسنه الألباني :
تفكروا في آلاء الله و لا تفكروا في الله .
أنتظر تعقيبك .
المفضلات