لقد طالعت الرابط مطالعة سريعة
وأرى أن الجدال فى هذا الأمر قد أمتد الى الصحابة أنفسهم
وبدلا من جدال لا طائل منه
أين ذلك الاختلاف أخي التائب الذي تراه ؟؟

هل نفى أحد منهم وجود وجه أو يدين لله أو غير ذلك ؟؟

كما أني نقلت عن شيخ الإسلام ابن تيمية :-

1- إجماع القرون الثلاثة الأولى على عدم التأويل..

2- ما تعليقك أخي الكريم على هذه النقطة...


فيقول‏:‏ إن اليد تكون بمعنى النعمة والعطية، تسمية للشىء باسم سببه، كما يسمى المطر والنبات سماء، ومنه قولهم‏:‏ لفلان عنده أياد، وقول أبي طالب لما فقد النبي     ‏:‏
يا رب رد راكبي محمدًا ** رده علي واصطنع عندي يدا
وقول عروة بن مسعود لأبي بكر يوم الحديبية‏:‏لولا يد لك عندي لم أجزك بها لأجبتك‏.‏
وقد تكون اليد بمعنى القدرة، تسمية للشىء باسم مسببه؛ لأن القدرة هي تحرك اليد، يقولون‏:‏ فلان له يد في كذا وكذا، ومنه قول زياد لمعاوية‏:‏ إني قد أمسكت العراق بإحدى يدي، ويدي الأخرى فارغة، يريد نصف قدرتي ضبط أمر العراق‏.‏ ومنه قوله‏:‏ ‏{‏بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ‏}‏ ‏[‏البقرة‏:‏237‏]‏، والنكاح كلام يقال، وإنما معناه أنه مقتدر عليه‏.‏
وقد يجعلون إضافة الفعل إليها إضافة الفعل إلى الشخص نفسه؛ لأن غالب الأفعال لما كانت باليد جعل ذكر اليد إشارة إلى أنه فعل بنفسه، قال الله تعالى‏:‏‏{‏لَّقَدْ سَمِعَ اللّهُ قَوْلَ الَّذِينَ قَالُواْ إِنَّ اللّهَ فَقِيرٌ وَنَحْنُ أَغْنِيَاء‏}‏إلى قوله‏:‏‏{‏ذَلِكَ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيكُمْ‏}‏‏[‏آل عمران‏:‏ 181، 182‏]‏ أي‏:‏ بما قدمتم، فإن بعض ما قدموه كلام تكلموا به‏.‏ وكذلك قوله تعالى‏:‏ ‏{‏وَلَوْ تَرَى إِذْ يَتَوَفَّى الَّذِينَ كَفَرُواْ الْمَلآئِكَةُ يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَأَدْبَارَهُمْ‏}‏ إلى قوله‏:‏ ‏{‏ذَلِكَ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيكُمْ‏}‏ ‏[‏الأنفال‏:‏50، 51 ‏]‏، والعرب تقول‏:‏ يَدَاك أوْكَتَا، وفُوكَ نَفَخ؛ توبيخًا لكل من جر على نفسه جريرة؛ لأن أول ما قيل هذا لمن فعل بيديه وفمه‏.‏
قلت له‏:‏ ونحن لا ننكر لغة العرب التي نزل بها القرآن في هذا كله، والمتأولون للصفات الذين حرفوا الكلم عن مواضعه، وألحدوا في أسمائه وآياته تأولوا قوله‏:‏ ‏{‏بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ‏}‏ ‏[‏المائدة‏:‏64‏]‏، وقوله‏:‏ ‏{‏لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ‏}‏ ‏[‏ص‏:‏75‏]‏ على هذا كله، فقالوا‏:‏ إن المراد نعمته، أي‏:‏ نعمة الدنيا ونعمة الآخرة،وقالوا‏:‏ بقدرته، وقالوا‏:‏ اللفظ كناية عن نفس الجود من غير أن يكون هناك يد حقيقة، بل هذه اللفظة قد صارت حقيقة في العطاء والجود، وقوله‏:‏ ‏{‏لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ‏}‏ أي‏:‏ خلقته أنا، وإن لم يكن هناك يد حقيقية‏.‏ قلت له‏:‏ فهذه تأويلاتهم‏؟‏ قال‏:‏ نعم‏.‏ قلت له‏:‏ فننظر فيما قدمنا‏:‏
المقام الأول‏:‏ أن لفظ اليدين بصيغة التثنية لم يستعمل في النعمة ولا في القدرة؛ لأن من لغة القوم استعمال الواحد في الجمع، كقوله‏:‏ ‏{‏إِنَّ الْإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ‏}‏ ‏[‏العصر‏:‏2‏]‏، ولفظ الجمع في الواحد كقوله‏:‏‏{‏الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ‏}‏ ‏[‏آل عمران‏:‏ 173‏]‏، ولفظ الجمع في الاثنين كقوله‏:‏ ‏{‏صَغَتْ قُلُوبُكُمَا‏}‏ ‏[‏التحريم‏:‏4‏]‏‏.‏ أما استعمال لفظ الواحد في الاثنين، أو الاثنين في الواحد فلا أصل له؛ لأن هذه الألفاظ عدد وهي نصوص في معناها لا يتجوز بها، ولا يجوز أن يقال‏:‏ عندي رجل، ويعني رجلين، ولا عندي رجلان، ويعني به الجنس؛ لأن اسم الواحد يدل على الجنس والجنس فيه شياع، وكذلك اسم الجمع فيه معنى الجنس، والجنس يحصل بحصول الواحد‏.‏
فقوله‏:‏ ‏{‏لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ‏}‏ لا يجوز أن يراد به القدرة؛ لأن القدرة صفة واحدة، ولا يجوز أن يعبر بالاثنين عن الواحد‏.‏
ولا يجوز أن يراد به النعمة؛ لأن نعم الله لا تحصى، فلا يجوز أن يعبر عن النعم التي لا تحصى بصيغة التثنية‏.‏
ولا يجوز أن يكون لما خلقت أنا؛لأنهم إذا أرادوا ذلك أضافوا الفعل إلى اليد، فتكون إضافته إلى اليد إضافة له إلى الفعل كقوله‏:‏ ‏{‏بِمَا قَدَّمَتْ يَدَاكَ‏}‏ ‏[‏الحج‏:‏10‏]‏ و‏{‏قَدَّمَتْ أَيْدِيكُمْ‏}‏ ‏[‏آل عمران‏:‏182،الأنفال‏:‏51‏]‏، ومنه قوله‏:‏‏{‏مِمَّا عَمِلَتْ أَيْدِينَا أَنْعَامًا‏}‏ ‏[‏يس‏:‏71‏]‏‏.‏
أما إذا أضاف الفعل إلى الفاعل، وعدى الفعل إلى اليد بحرف الباء، كقوله‏:‏ ‏{‏لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ‏}‏ فإنه نص في أنه فعل الفعل بيديه؛ ولهذا لا يجوز لمن تكلم أو مشى أن يقال‏:‏ فعلت هذا بيديك ويقال‏:‏ هذا فعلته يداك؛ لأن مجرد قوله‏:‏ فعلت، كاف في الإضافة إلى الفاعل، فلو لم يرد أنه فعله باليد حقيقة كان ذلك زيادة محضة من غير فائدة، ولست تجد في كلام العرب ولا العجم ـ إن شاء الله تعالى ـ أن فصيحًا يقول‏:‏ فعلت هذا بيدي، أو فلان فعل هذا بيديه، إلا ويكون فعله بيديه حقيقة، ولا يجوز أن يكون لا يد له، أو أن يكون له يد والفعل وقع بغيرها‏.‏
وبهذا الفرق المحقق تتبين مواضع المجاز ومواضع الحقيقة، ويتبين أن الآيات لا تقبل المجاز البتة من جهة نفس اللغة‏.‏

انتهى..

وسأحاول الوصول لهذه النقطة من كتب البلاغة العربية أخي الكريم.