ونجد القمص يقول " كما أحب أن أؤكد على حقيقة علمية هامة وهي أن التعاليم البوذية كتُبت ابتداء من القرن الأول قبل الميلاد، أما الأساطير البوذية ومنها الخاص ببوذا نفسه فقد كتبت فيما بين القرن الثاني والقرن الخامس قبل الميلاد!! "
ولا أدري ما هذا التناقض في قوله حيث أن أردف قائلاً " أي أن أول أسطورة بوذية كتبت في القرن الثاني الميلادي وليس قبل ذلك وتتكلم عنه كمجرد بشر عادي لا مميزات له إلا في كونه مجرد مصلح ديني للديانات الهندوسية وليس إله ولا أبن إله ولا شبه ذلك!!"


وأعتقد انه أراد أن يقول أن أساطير بوذا قد كتبت بين القرني الثاني والخامس الميلادي وليس قبل الميلاد ، وأي كان مراده فهذا كلا مرسل لم يضع لنا جناب القمص مصدراً له على خلاف ما أثبتنا بالدليل القاطع من المواقع الموثوقة والبوذية أن نصوص الماهايانا كُتبت قبل الميلاد أو في القرن الأول الميلادي على أكثر المؤرخين تفائلاً وتضامناً مع النصرانية

وكما نعلم عن حال الغريق فإنه قد يتمسك في قشة لعلها تنجيه مما هو فيه هكذا فعل القمص فقد قال متابعاً "وجود أي تشابه بين البوذية والمسيحية فهذا لا يعني أن البوذية أثرت على المسيحية بل العكس لأن الكتابة المسيحية هي الأقدم، كما كانت البوذية قاصرة على بلاد شرق أسيا ."

وكالعادة في كلام القمص لم يسند كلامه هذا على أي دليل ، ولكنه آثر أن يبقى الكلام مرسلاً ، ولا أعرف صراحة من أين للقمص بهذ المعلومة أن البوذية كانت مقتصرة على بلاد شرق آسيا فما لدي من مصادر ينفي ذلك بتاتاً بل يؤكد العكس فبعد انعقاد المجلس الثالث في القرن الثالث قبل الميلاد تحت رعاية الملك أسوكا أخذ الملك أسوكا على عاتقه نشر تلك الديانة وعدم اقتصارها على موطنها فحسب ومن هنا بعث الرسل ورجال الدين لنشروا تلك العقائد بين الأمم فماتدت الديانة البوذية إلى جنوب شرق آسيا ووسطها وشمالها واتجهت نحو الغرب إلى منطقة الشرق الأوسط حتى وصلت إلى فلسطين ومصر وسوريا وتركيا واليونان كل هذا بعد فتوحات الملك أسوكا وفي هذا يقول ديورانت Will Durant في قصة الحضارة " بُعث المبشرين البوذيين في جميع انحاء الهند وسيلان ، وحتى إلى سوريا ومصر واليونان ، " (*)
بينما صرح العالم ماكس مولر إن المبشرين البوذيين تم ارسالهم حتى قبل ثلاثين عاماً من قبل الملك أسوكا فنجده يقول " هذه حركة تبشيرية ملحوظة ،بدات منذ العام 300 قبل الميلاد ، قام بها سلسلة من الرجال كرسوا حياتهم من اجل نشر دين بوذا وتعاليمه في جميع أنحاء آسيا " (**)
" لاحظت وجود للبوذيين في الإسكندرية ، بمصر " (***)
ويقول نفس المصدر " من فترة طويلة اكتشف العديد من العلماء نصوص بوذية في إنجيل يوحنا ومعترف بها ..... والإستنتاج الذي لا مفر منه هو ان فلسطين ، مع العديد من أجزاء آسيا الصغرى قد غمرتها مياه الديانة البوذية قبل قرون من ميلاد المسيح " (****)
وهناك حسابات تاريخية مماثلة يوفرها لنا العالم روسر " توجد وثائق من ألكسندر تشير تشير إلى وجود تدفق مستمر من الرهبان البوذيين والفلاسفة الذين يعيشون في تلك المنطقة ، التي كانت على مفترق طرق التجارة وتبادل الأفكار وتأثير التيارات الفلسفية ببعضها في ذلك الوقت ، وهناك تشابه كبير بين التعاليم البوذية الرهبانية والتقشف في الطوائف المسيحية
مثل طائفة Essenes التي كانت جزءاً من البيئة الروحية لفلسطين في وقت قبل الميلاد " (*****)

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(*)
Will Durant, The Story of Civilization: Our Oriental Heritage, Part One (New York: Simon and Schuster, 1935), vol. 1, p. 449.
(**)
Muller quoted in John R. Remsburg, The Christ: A Critical Review and Analysis of the Evidences of His Existence (New York: Truth Seeker Company, 1909), p. 510.
(***)
S. M. Melamed, Spinoza and Buddha:Visions of a Dead God (University of Chicago Press, 1933), pp. 312-313.
(****)
نفس المصدر السابق ص 324.
(*****)
Yvette Rosser, "Buddhism in Christianity," International Internet Association, May 23, 1995, <http://www.indunet.org/alt_hindu/1995_May_2/msg00015.html>.


وعليه فإننا أثبتنا ان البوذية قد سبقت المسيحية في تراثها الفكري الشفهي والكتابي فلا يمكن بأي حال من الأحوال ان يكون البوذيين هم من اقتبسوا من المسيحية والتي لم تظهر كتاباتها إلا في القرن الرابع الميلادي ، فمن من النصارى ينكر تاريخ الإقرار بالوهية المسيح أو ألوهية روح القدس ؟!!

وسوف ألقي الضوء على هذا من باب التذكير
فبعد حادثة الصلب المشهورة نشأت العديد من الجماعات ذات الأفكار والتوجهات العقائدية المختلفة وأخذت هذه الجماعات في نشر تعاليمها وتطوير أفكارها وكل جماعة قالت في المسيح عليه السلام قول فمنهم من قال بان المسيح رسول من عند الله ومنهم من قال انه ابن الله ومنهم من قال بأنه الله وهكذا أخذت كل فرقة بضرب العداء بينها وبين الفرق الثانية واستمر هذا الأمر حتى قام قسطنطين وهو امبراطور الدولة الرومانية الوثنية والتي كانت تشكل القوة الضاربة في تلك المنطقة بعمل مجمع اسمه مجمع نيقية وذلك في القرن الثالث الميلادي وبالتحديد عام 325م والذي أقر فيه ألوهية المسيح ومحاربة كل من لم يعترف بذلك وحرق أي كتاب أو إنجيل أو رسالة لا تتوافق مع هذه المعتقدات وتقول بأن المسيح بشر وليس إله وأصدروا قانون الإيمان النيقاوي ، واستمر هذا الحال حتى عام 381 حيث أقروا فيه ألوهية الروح القدس أيضاً والذي لم يكن هناك شيء بخصوصه في مؤتمر نيقية سنة 325م وأصدروا قانون الإيمان النيقاوي القسطنطيني وهذا هو السبب الرئيسي الذي جعلنا نفتقد أي مخطوطة قبل القرن الرابع أو اثالث الميلادي على أقصى تقدير .




* قانون الإيمان النيقاوي325 م.
" نؤمن بإله واحد (آب)، خالق السماء والأرض، كل ما يرى وما لا يرى، وبربٍّ واحدٍ وهو يسوع المسيح (ابن الله) الوحيد، المولود من (الآب) قبل كل الدهور، إله من إله، و نور من نور، و إله حق من إله حق، مولودٌ غير مخلوق، مساوٍ (للآب) في الجوهر، الذي به كان كل شيء، والذي من أجلنا نحن البشر ومن أجل خلاصنا نزل من السماء وتجسد بروح القدس من مريم العذراء، وصار إنسانًا و صُلب عنا على عهد بيلاطس البنطي، تألـم ومات وقُبر، وقام في اليوم الثالث كما جاء في الكتب، وصعد إلى السماء وجلس عن يمين (الآب) وسيأتي أيضًا بمجدٍ عظيم ليدين الأحياء والأموات الذي لا فناء لملكه."




* قانون الإيمان النيقاوي القسطنطيني 381 م ." نؤمن بإله واحد (آب)، خالق السماء والأرض، كل ما يرى وما لا يرى، وبربٍّ واحدٍ وهو يسوع المسيح (ابن الله) الوحيد، المولود من (الآب) قبل كل الدهور، إله من إله، و نور من نور، و إله حق من إله حق، مولودٌ غير مخلوق، مساوٍ (للآب) في الجوهر، الذي به كان كل شيء، والذي من أجلنا نحن البشر ومن أجل خلاصنا نزل من السماء وتجسد بروح القدس من مريم العذراء، وصار إنسانًا و صُلب عنا على عهد بيلاطس البنطي، تألـم ومات وقُبر، وقام في اليوم الثالث كما جاء في الكتب، وصعد إلى السماء وجلس عن يمين (الآب) وسيأتي أيضًا بمجدٍ عظيم ليدين الأحياء والأموات الذي لا فناء لملكه ،وبالروح القدس الرب المحيي المنبثق من (الآب) و(الابن) الذي هو مع (الآب) و(الابن) يُسجد له ويُمجد، الناطق بالأنبياء، وبكنيسة واحدة جامعة مقدّسة رسولية، ونعترف بمعمودية واحدة لمغفرة الخطايا، وننتظر قيامة الأموات والحياة في الدهر الآتي."



يتبع