تتملكنى شياطين الغضب .. والعياد بالله

وعلى الرغم من انى لا اضهر غطبى ولا حزنى للغير ولكنى اشعر بضعفى وسيطرة الغضب عنى


أبــدأ ردي من كلام الأخ سـجين الأحــزان الذي اقتبســته ، ففــيه من المعــاني مافــيه فقــوله شــياطين الغضب له مدلول صــحيح لأن الشــيطان مخــلوق من نار والغضــب الذي هــو الغــيظ صــفة للـنار المســتعرة وانظر لقوله تعالى ( إِذَا رَأَتْهُم مِّن مَّكَانٍ بَعِيدٍ سَمِعُوا لَهَا تَغَيُّظًا وَزَفِيرًا ) ، ( تَكَادُ تَمَيَّزُ مِنَ الْغَيْظِ كُلَّمَا أُلْقِيَ فِيهَا فَوْجٌ سَأَلَهُمْ خَزَنَتُهَا أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَذِيرٌ ) والله سـبحانه خــلق الإنســان من صــلصــال ( الذي هـو الطين ) من حمــأ ( الذي هــو النــار ) وكل مخــلوق يــأخــذ من طبيعــة مكــوناته ( أي مــادة خـلقه ) لــذا فالغــيظ مصــدر صــفته الحمــأ أي النار أو مادة خــلق الشــيطان ، فالغـيظ يسـتعر في قلب الإنســان متى ما عصفت به الرياح التي تشـعله وهي النوازل والمشــاكل وأخطــاء الآخــرين وغــيرها ، وانظـر لقـوله تعـالى ( وَيُذْهِبْ غَيْظَ قُلُوبِهِمْ وَيَتُوبُ اللّهُ عَلَى مَن يَشَاء وَاللّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ ) لترى أن الغـيظ في القلب وقد يودي بحياة الإنســان ( وَإِذَا لَقُوكُمْ قَالُواْ آمَنَّا وَإِذَا خَلَوْاْ عَضُّواْ عَلَيْكُمُ الأَنَامِلَ مِنَ الْغَيْظِ قُلْ مُوتُواْ بِغَيْظِكُمْ إِنَّ اللّهَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ ) ، ثم يذكــر أخــي أنه لا يظهــر هــذا الغــيظ وهــذه صــفة حســنة ( وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ ) فكظـم الغـيظ يحتــاج لشــدة لقــوله صلى الله علــيه وســلم ( ليس الشــديد بالصــرعة إنمــا الشــديد الذي يمســك نفـســه عنــد الغضــب ) وهنــا يتحــول الغــيظ إلى الحــزن وهـو محمــود ألا ترى أنه ينسب إلى الأنبياء والصالحــين وانظــر معي :

( وَابْيَضَّتْ عَيْنَاهُ مِنَ الْحُزْنِ فَهُوَ كَظِيمٌ ) نسبة ليعقوب عليه السلام وتجد لفظة كظيم لتدعم المعنى .
( وَاصْبِرْ وَمَا صَبْرُكَ إِلاَّ بِاللّهِ وَلاَ تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَلاَ تَكُ فِي ضَيْقٍ مِّمَّا يَمْكُرُونَ ) والخطاب لخـير الخـلق عليه الصـلاة والسـلام ،
( فَنَادَاهَا مِن تَحْتِهَا أَلَّا تَحْزَنِي قَدْ جَعَلَ رَبُّكِ تَحْتَكِ سَرِيًّا ) والنسبة لمريم عليها الســلام المفضلة على نساء العالمين
( فَرَجَعْنَاكَ إِلَى أُمِّكَ كَيْ تَقَرَّ عَيْنُهَا وَلَا تَحْزَنَ ) والنسبة لأم موسى عليهما السلام ،
( لَا يَحْزُنُهُمُ الْفَزَعُ الْأَكْبَرُ وَتَتَلَقَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ هَذَا يَوْمُكُمُ الَّذِي كُنتُمْ تُوعَدُونَ ) والنسبة لمن سبقت لهم من ربهم الحــسنى أي الصــالحــين ،
( وَقَالُوا لَا تَخَفْ وَلَا تَحْزَنْ إِنَّا مُنَجُّوكَ وَأَهْلَكَ إِلَّا امْرَأَتَكَ كَانَتْ مِنَ الْغَابِرِينَ ) والنســبة لنبي الله لوط عليه الســلام ،
( إِنَّمَا النَّجْوَى مِنَ الشَّيْطَانِ لِيَحْزُنَ الَّذِينَ آمَنُوا ) والنســبة للذين آمنــوا ،

والأمثــلة في ذلك كثــيرة ،

وقــد كان عليــه الصــلاة والســلام كثير الحــزن لكـثرة ما يكظم في صـدره ويمسـك عنــد الغضب فــلا يظهــر مع أن الله أرسـل له يوما ملك الجبال وهـو راجع من الطائف وقد أهــين وضــرب فقــال له ( لو شـئت لأطبقـن عليهم الأخـشــبين ) ولكنـه آثـر الصــبر على الحــزن وقال ( اللهـم اهــد قومي فإنهم لا يعلمون ) فالصــرعة بل والغلبة حاضرة بقــدرة المولى العــزيز ولكن هــذا خلقــه عليـه الصــلاة والســلام وســيدنا يعقــوب عليه الصــلاة يشــكو بثــه وحــزنه إلى ربــه ( قَالَ إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللّهِ وَأَعْلَمُ مِنَ اللّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ )

أمــا إذا لم يكظــم الغــيظ يصــير غضــبا ، وذلك محمــود فقط عنــد انتهــاك حــرمات الله ( وَلَمَّا رَجَعَ مُوسَى إِلَى قَوْمِهِ غَضْبَانَ أَسِفًا ) ذلك عنــدما وجـدهم يعبدون من دون الله عجــلا صــنعته أيديهم ، وجـائز غــير محمــود كالجهــر بالسـوء من القــول عنـد الظـلم والفضــل لمن يغـفــر بعــدها ( وَالَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الْإِثْمِ وَالْفَوَاحِشَ وَإِذَا مَا غَضِبُوا هُمْ يَغْفِرُونَ ) وأجــارنا الله وإيــاكم من الغضــب ، وتــولانــا برحمتــه إنه هـو الســمبع العــليم ،