بسم الله الرحمن الرحيم
دراسة حديثة تاريخية هادفة
تأليف الدكتور / حارث سليمان الضاري
تقديم / أ.د. عمر سليمان الأشقر
مقدمة بقلم / أ.د.عمر سليمان الأشقر
الحمد لله واهب النعم، ورافع النقم، وصاحب الفضل في الأولى والآخرة، له الأمر كله، ما شاء كان، ومال لم يشأ لم يكن، المعبود بحق فلا معبود بحق سواه، له ملك السموات والأرض، فالكل ملكه وتحت قهره، وأصلي وأسلم على عبد ورسوله محمد صلى الله عليه وسلم، الذي محا الله به ظلمات الباطل، وأضاء به نفوس العباد وقلوبها، وأقام به ما أعوج من الدين، فكان في سماء بني البشر النور اللامع، والبدر المنير النافع، والضياء الساطع، وعلى آله أعلام الدجى، والنجوم الزهر الذين تلألؤا في سمائنا، ولا يزالون وعلى من سار مسارهم، وسلك مسلكهم إلى يوم الدين، وبعد:
فهذا الكتيب حديث طيب عن نفس طيبة زكية، حفظت لنا حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأحلت حب النبي صلى الله عليه وسلم في سويدائها، و صرحت بهذا الحب وتفننت به، وكان حبها عملاً واتباعاً، وقد صاغت حياتها وفق المنهج الإلهي الرباني القرآني النبوي،وأسهمت في بناء المسيرة الإسلامية التي بناها الباني الأول محمد صلى الله عليه وسلم، وقد صنع الرسول صلى الله عليه وسلم بأصحابه مسيرة خير، آتت أكلها عطاء ونماء، ولا تزال تؤتي أكلها لكل حين بإذن ربها.
إن الخير الذي أقره الرسول صلى الله عليه وسلم في جيل الصحابة، وأقره الصحابة في جيل التابعين تغلغل في نفوس هذه الأمة، ولا يزال هذا الخير يعطي عطاءه في أرض الإسلام، ولا يزال الزاد الذي غرس هذا الخير من كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم يغذي مسيرة الخير إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها.
لقد استعصى على أعداء الإسلام في عصور الإسلام الأولى اقتلاع الإسلام، وكان مكرهم بالإسلام وأهله جهداً ضائعاً، لم يستطع – على الرغم من شدته وقسوته – أن يرقى إلى مطاولة الإسلام ) يريدون ليطفئوا نور الله بأفواههم والله متم نوره ولو كره الكافرون(] الصف: 8 [.
وإذا عجز أعداء الإسلام عن طمس نور الإسلام، والاقتصار عليه في الميدان، فقد جيشوا جيوشهم لهدم الإسلام في نفوس أبنائه، ومن ذلك محاولتهم قديماً وحديثاً طعن هذا الدين بطعن حملة الوحي الإلهي، وهم صحابة رسوله، فقد حول بعض الضالين صحابة رسول الله صلى عليه وسلم إلى خونة أشقياء، يستحقون اللعن والبذاء بدل الترضي عنهم والثناء.
وكان من مكر أعداء الإسلام محاولة تشويه سيرة الصحابي الجليل أبي هريرة رضي الله عنه، فإذا نجحت المؤامرة، وتسلل الشك في النفوس، فصدقت الافتراء في هذا الصحابي، فإن الشك سيلقي بظلاله على آلاف الأحاديث التي رواها، وسيلقي ظلالاً قاتمة على الرجال الذين شكلوا أسانيد تلك الأحاديث، وسيحيك في النفوس شبهات حول كل دواوين السنة التي روت أحاديث هذا الصحابي.
إن الهجوم على هذا الصحابي ليست قصة جزئية، ولكنه هجوم على الدين كله، تريد أن تنقص منه، وتنال منه، فالهدف الذي يرمون إليه بعيد، أبعد مما نتصور، وقد أدرك الإمام أحمد رحمه الله خطورة الدعوة إلى خلق القرآن، لقد أراد أعداء الإسلام أن يحدثوا في جدار الإسلام ثلمة، وقد فقه الإمام أحمد وكل من كان له مثل فقهه وعلمه مقولة أبي بكر الصديق، عندما ثار ثورة الأسد
الهصور عندما رأى ليناً من بعض الصحابة تجاه المرتدين ومانعي الزكاة، وقال قولته التي نفقهها اليوم حق فقهها، قال: "أينقض الدين وأناحي".
رضي الله عن أبي بكر، ورحم الله الإمام أحمد، فإن الهدف الذي يرمي إليه أعداء الإسلام هدم هذا الدين.
إن ما سطره أخي الشيخ حارث سليمان ضاري في هذا الكتاب ليست سيرة تقرأ للمتعة والتسلية، بل وليست سيرة تدرس للتأسي والاقتداء فحسب، وإنما الأمر أعظم من ذلك، إن مقصده حفظ هذا الدين في نصوصه، التي تبين عقائده وأحكامه وقيمه وأخلاقه وإرشاداته، إن الذين يطعنون في أبي هريرة يريدون هدم الإسلام.
لقد أدرك أخي الحبيب هذا المقصد وهذا الهدف، فانبرى يكشف الزيف، ويشير إلى الخلل، ويبرز المؤامرة، فما يكاد قارئ هذا الكتاب – إذا رزق العدل والإنصاف – أن يأتي على آخره حتى يعرف ضخامة المكيدة، وإن كان ممن تلطخ بقاذورات الشبهات حتى يتطهر منها.
لقد أبدع أخي الكريم في تأليف هذا الكتاب، أيما إبداع، لقد حشد لمعركة الكتاب كل ما أمكنه من أدلة وبراهين، وعاص في دواوين الأحاديث والتراجم والسير، واستطاع أن يستخدم ذلك كله في كشف الشبهات، ورد المزاعم، وإيضاح الحق على نسق سواء، فجاء هذا الكتاب على الرغم من إيجازه وصغر حجمه وافياً بالغرض، محققاً للطلب.
إن مرادي بالذي ذكرته ليس المدح للمؤلف، فمدحي لا ينفعه ولا ينفعني، وإنما مرادي الدلالة بقوة على خطورة الموضوع الذي يعالجه، وأنه نجح في ذلك إلى حد بعيد، ومقصدي أيضاً الدعوة إلى نشره في الأوساط التي تنتشر فيها هذه الشبهة إما للوقاية منها، وإما لمعالجة آثارها، أما المؤلف فأحسبه والله حسيبه ولا أزكي على الله أحداً أنه من الذين يهتمون بأمر الإسلام والمسلمين، والذين يحسنون معالجة مثل القضايا التي عرضها في هذا الكتاب، وأنه محب للإسلام وأهله، لقد قرأت هذا الكتاب وراجعته، فوجدت فيه علماً نافعاً، أسأل الله أن ينفع به مؤلفه ومراجعه وناشره وقارئه، وأن يكون فيه شيء من سداد الدين الذي في أعناقنا لأئمتنا أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وبخاصة الصحابي العلم الذي نشهد الله على حبه، ونسأله تعالى أن يحشرنا معه في زمرة نبيه محمد صلى الله عليه وسلم والحمد لله رب العالمين.
أ.د.عمر سليمان الأشقر
كلية الشريعة. الجامعة الأردنية. عمان
الأحد 23 جمادى الآخرة 1420هـ
3 تشرين أول (أكتوبر) 1999م
يتبعHf, ivdvm ,hgafihj hgfh'gm hgjd Hedvj p,gi ,Hsfhfih
المفضلات