203 " افترقت اليهود على إحدى أو اثنتين و سبعين فرقة , و تفرقت النصارى على إحدى
أو اثنتين و سبعين فرقة , و تفترق أمتي على ثلاث و سبعين فرقة " .

قال الألباني في "السلسلة الصحيحة" 1 / 356 :

أخرجه أبو داود ( 2 / 503 - طبع الحلبي ) و الترمذي ( 3 / 367 ) و ابن ماجه
( 2 / 479 ) و ابن حبان في " صحيحه " ( 1834 ) و الآجري في " الشريعة "
( ص 25 ) و الحاكم ( 1 / 128 ) و أحمد ( 2 / 332 ) و أبو يعلى في " مسنده "
( ق 280 / 2 ) من طرق عن محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن # أبي هريرة # مرفوعا به
.
و قال الترمذي : " حديث حسن صحيح " .
و قال الحاكم : " صحيح على شرط مسلم " . و وافقه الذهبي .

قلت : و فيه نظر فإن محمد بن عمرو , فيه كلام و لذلك لم يحتج به مسلم , و إنما
روى له متابعة , و هو حسن الحديث , و أما قول الكوثري في مقدمة " التبصير في
الدين " ( ص 5 ) أنه لا يحتج به إذا لم يتابع , فمن مغالطاته , أو مخالفاته
المعروفة , فإن الذي استقر عليه رأي المحدثين من المحققين الذين درسوا أقوال
الأئمة المتقدمين فيه أنه حسن الحديث يحتج به , من هؤلاء النووي و الذهبي
و العسقلاني و غيره . على أن الكوثري إنما حاول الطعن في هذا الحديث لظنه أن
فيه الزيادة المعروفة بلفظ : " كلها في النار إلا واحدة " , و هو ظن باطل ,
فإنها لم ترد في شيء من المصادر التي وقفت عليها من حديث أبي هريرة رضي الله
عنه من هذا الوجه عنه .
و قد ذكره السيوطي في " الجامع الصغير " كما أوردته بدون الزيادة , و لكنه عزاه
لأصحاب " السنن " الأربعة , و هذا وهم آخر , فإن النسائي منهم و لم يخرجه ,
و قد نص على ذلك كله الحافظ في " تخريج الكشاف " ( 4 / 63 ) بقوله :
" رواه أصحاب " السنن " إلا النسائي من رواية أبي هريرة دون قوله :
( كلها الخ ) " .
و الكوثري إنما اغتر في ذلك بكلام السخاوي على الحديث في " المقاصد الحسنة "
( ص 158) فإنه ذكره من حديثه بهذه الزيادة , و عزاه للثلاثة و ابن حبان
و الحاكم ! و أما العجلوني في " الكشف " فقد قلد أصله " المقاصد " فيها ,
و لكنه اقتصر في العزو على ابن ماجه و ابن حبان و الحاكم . و كل ذلك وهم نشأ
من التقليد و عدم الرجوع إلى الأصول , و ممن وقع في هذا التقليد مع أنه كثير
التنديد به العلامة الشوكاني فإنه أورده في " الفوائد المجموعة " بهذه الزيادة
و قال ( 502 ) :
" قال في " المقاصد " : حسن صحيح , و روي عن أبي هريرة و سعد و ابن عمر و أنس
و جابر و غيرهم " .
و هذا منه تلخيص لكلام " المقاصد " , و إلا فليس هذا لفظه , و لا قال : حسن
صحيح , و إنما هو قول الترمذي كما تقدم , و قد نقله السخاوي عنه و أقره ,
و لذلك استساغ الشوكاني جعله من كلامه , و هو جائز لا غبار عليه . و إذا كان
كذلك فالشوكاني قد قلد أيضا الحافظ السخاوي في كلامه على هذا الحديث مع ما فيه
من الخطأ . و العصمة لله وحده .
على أن للشوكاني في هذا المقام خطأ آخر أفحش من هذا . و هو تضعيفه في
" تفسيره " لهذه الزيادة مقلدا أيضا في ذلك غيره , مع أنها زيادة صحيحة ,
و ردت عن غير واحد من الصحابة بأسانيد جيدة كما قال بعض الأئمة , و إن تجاهل
ذلك كله الكوثري اتباعا منه للهوى , و إلا فمثله لا يخفى عليه ذلك , و الله
المستعان .
و قد وردت الزيادة المشار إليها من حديث معاوية رضي الله عنه , و هذا لفظه :
" ألا إن من قبلكم من أهل الكتاب افترقوا على ثنتين و سبعين ملة , و إن هذه
الملة ستفترق على ثلاث و سبعين , ثنتان و سبعون في النار , و واحدة في الجنة ,
و هي الجماعة " .