520 " قال الله : أنا الله و أنا الرحمن خلقت الرحم و شققت لها من اسمي , فمن وصلها
وصلته و من قطعها بتته " .

قال الألباني في "السلسلة الصحيحة" 2 / 36 :

أخرجه أبو داود ( 1694 ) و الترمذي ( 1 / 348 ) من طريق سفيان ابن عيينة عن
الزهري عن أبي سلمة قال : " اشتكى أبو الرداد الليثي , فعاده # عبد الرحمن بن
عوف # فقال : خيرهم و أوصلهم و ما علمت أبا محمد ? فقال عبد الرحمن : سمعت رسول
الله صلى الله عليه وسلم يقول " فذكره . ثم أخرجاه من طريق معمر عن الزهري
حدثني أبو سلمة أن الرداد الليثي أخبره عن عبد الرحمن بن عوف أنه سمع رسول الله
صلى الله عليه وسلم بمعناه . و أخرجه أحمد ( 1 / 194 ) من هذه الطريق بلفظ
سفيان و ابن حبان ( 2033 ) بنحوه . و قال الترمذي : " حديث سفيان عن الزهري
حديث صحيح و معمر كذا يقول قال محمد : و حديث معمر خطأ " . و تعقبه المنذري
بقوله ( 3 / 225 ) : " و في تصحيح الترمذي له نظر , فإن أبا سلمة بن عبد الرحمن
لم يسمع من أبيه شيئا , قاله يحيى بن معين و غيره " .
قلت : الذي يبدو لي أن الترمذي لا يعني أن الحديث صحيح بالنظر إلى نسبته إلى
النبي صلى الله عليه وسلم و إنما بالنسبة للزهري فقط يعني أن ما نسبه سفيان
إليه من الحديث بالسند المذكور صحيح النسبة إليه بخلاف ما نسبه إليه معمر فهو
خطأ , هذا الذي يتبادر إلى الذهن من النظر إلى جملة كلامه و ذلك لا يعطي أن
الحديث عنده صحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم . و الله أعلم .
هذا أقوله تخريجا و توجيها لكلام الترمذي . و إلا فالحديث صحيح عندي و لم يخطىء
فيه معمر , بل إن سفيان هو الذي قصر في إسناده فصيره منقطعا . و الدليل على ذلك
أن معمرا قد توبع عليه , فقال الإمام أحمد عقب روايته السابقة و كأنه أشار إلى
تقويتها : حدثنا بشر بن شعيب بن أبي حمزة حدثني أبي عن الزهري حدثني أبو سلمة
ابن عبد الرحمن أن أبا الرداد الليثي أخبره عن عبد الرحمن بن عوف أنه سمع رسول
الله صلى الله عليه وسلم يقول : فذكره . فهذه متابعة قوية لمعمر من شعيب بن أبي
حمزة فإنه ثقة و احتج به الشيخان بل هو من أثبت الناس في الزهري كما قال الحافظ
في " التقريب " . و لذلك جزم في " التهذيب " بأن حديث معمر هو الصواب . و يؤيده
أنه قد تابعه أيضا محمد بن أبي عتيق عن ابن شهاب به .
أخرجه البخاري في " الأدب المفرد " ( 53 ) . و محمد هذا هو ابن عبد الله بن أبي
عتيق : محمد بن عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق و هو حسن الحديث عن الزهري كما
قال الذهلي .
قلت : فهذان متابعان قويان لمعمر تشهدان لحديثه بالصحة , فكيف يصح الحكم عليه
بالخطأ و لو من إمام المحدثين ? و رحم الله مالكا إذ قال : " ما منا من أحد إلا
رد و رد عليه إلا صاحب هذا القبر " . يعني النبي صلى الله عليه وسلم .
و الخلاصة أن الصحيح في إسناد هذا الحديث أنه من رواية أبي سلمة أن الرداد
أخبره عن عبد الرحمن بن عوف . فهو إسناد متصل غير منقطع .
و لكن ذلك لا يجعله صحيحا لأن أبا الرداد هذا لا يعرف إلا بهذا الإسناد و لم
يوثقه غير ابن حبان و لهذا قال الحافظ : " مقبول " . يعني عند المتابعة و إلا
فلين الحديث . و لكنه قد توبع , فقال الإمام أحمد ( 1 / 191 ) : " حدثنا يزيد
ابن هارون : أخبرنا هشام الدستوائي عن يحيى بن أبي كثير عن إبراهيم بن عبد الله
ابن قارظ أن أباه حدثه أنه دخل على عبد الرحمن بن عوف و هو مريض , فقال له عبد
الرحمن : وصلتك رحم إن النبي صلى الله عليه وسلم قال " فذكره .
و هذا إسناد رجاله ثقات رجال مسلم غير عبد الله بن قارظ والد إبراهيم , فلم أجد
من ترجمه و لا ذكروه في شيوخ ابنه إبراهيم فكأنه غير مشهور و في كلام ابن حجر
ما يشعر بذلك , فإنه قال بعد أن صوب رواية معمر المتقدمة : " و للمتن متابع
رواه أبو يعلى بسند صحيح من طريق عبد الله ابن قارظ عن عبد الرحمن بن عوف من
غير ذكر أبي الرداد فيه " . و فاته أن هذه الطريق في مسند أحمد أيضا .
و قد وجدت للحديث شاهدا قويا فقال الإمام أحمد ( 2 / 498 ) : حدثنا يزيد قال :
و أنبأنا محمد عن أبي سلمة عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه
وسلم : فذكره .
قلت : و هذا إسناد جيد رجاله ثقات رجال الشيخين إلا أنهما إنما أخرجا لمحمد
و هو ابن عمرو بن علقمة الليثي المدني - متابعة و هو حسن الحديث كما قال
الذهبي . و بذلك صح الحديث و الحمد لله . و هو يدل على أن أبا سلمة كان له فيه
إسنادان : الأول عن أبي الرداد عن عبد الرحمن كما تقدم و الآخر هذا كما أن يزيد
بن هارون له فيه إسنادان : أحدهما إسناده المتقدم عن الدستوائي عن ... عن ابن
قارظ و الآخر هذا . و هو من الأحاديث التي فاتت الحافظ الهيثمي فلم يورده في
كتابه " مجمع الزوائد " مع أنه على شرطه لتفرد أحمد به عن الستة بهذا اللفظ من
حديث أبي هريرة .
و أما ما أخرجه الطبراني في " الكبير " ( 1 / 118 / 2 ) من طريق محمد بن يزيد
البكري الجوزجاني أنبأنا أبو مطيع البلخي الحكم بن عبد الله أنبأنا شعبة عن
سليمان الأعمش عن أبي ظبيان عن جرير مرفوعا بلفظ : " إن الله كتب في أم الكتاب
قبل أن يخلق السماوات و الأرض : أنا الرحمن الرحيم خلقت الرحم و شققت لها اسما
من اسمي , فمن وصلها وصلته و من قطعها قطعته " .
قلت : فهذا ضعيف جدا من أجل البلخي , فقد ضعفوه و اتهمه بعضهم بالكذب و الوضع .
و البكري هذا لم أعرفه .