رابعا :الإخصاب و تحديد جنس الجنين :

خلال عملية الإخصاب يرحل ماء الرجل من المهبل ليقابل البييضة في ماء المرأة في قناة البييضات (قناة فالوب) و لا يصل من ماء الرجل إلا القليل و يخترق منوي واحد البييضة ، و يحدث عقب ذلك مباشرة تغير سريع في غشائها يمنع دخول بقية المنويات ، وبدخول المنوي في البييضة تتكون النطفة الأمشاج ، ومعني (نطفة أمشاج ) : أي قطرة مختلطة من مائيين ، وهذه النطفة الأمشاج تعرف علميا عند بدء تكونها (بالزيجوت ) ، ويشير القرآن الكريم إلي النطفة الأمشاج بقوله تعالي :{إِنَّا خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ نُطْفَةٍ أَمْشَاجٍ نَبْتَلِيهِ فَجَعَلْنَاهُ سَمِيعًا بَصِيرًا} [الإنسان : 2]

و هناك نقطة هامة تتصل بهذا النص و هي أن كلمة (نطفة) : أسم مفرد ، أما كلمة ( أمشاج ) فهي صفة في صيغة الجمع ( ١١ ) ، أي أنها عبارة عن كيان مفرد علي شكل قطرة تناسلية " أي نطفة" مكونة من اختلاط أمشاج (خلايا تناسلية) ذكرية و أنثوية ، وهذا يعني أن الإخصاب لا يحدث من كل السوائل التناسلية و أنه هناك اختيار خاص لعناصر الإخصاب وتتطابق هذه الحقائق العلمية مع الحديث النبوي الشريف الذي يحدد بوضوح و دقة أن خلق نسل الإنسان لا يكون من كل ماء الرجل و المرأة و لكنه يحدث من جزء ضئيل فقط منهما : " ما من كل الماء يكون الولد ..." (صحيح مسلم كتاب النكاح ، بابالعزل) .

وعن تحديد جنس المولود ذكر الدكتور النشواتي : " و من آيات الإعجاز الأخرى ما جاء في {قُتِلَ الْإِنْسَانُ مَا أَكْفَرَهُ (17) مِنْ أَيِّ شَيْءٍ خَلَقَهُ (18) مِنْ نُطْفَةٍ خَلَقَهُ فَقَدَّرَهُ (19)} [عبس : 17 - 19] ،تفصح الآيات عن أن جنس الجنين يتحدد ويقدر ذكرًا سيكون أم أنثى منذ اللحظات الأولى من حياته الجنينية ، أي منذ التقاء نطفة والده بنطفة والدته ، وكما هو معروف فإن في الحيوان المنوي ٢٣ كروموسومًا ، الأخير منها صبغي جنسي ، لقد تبين أن ٥٠ في المئة من الحيوانات المنوية تحمل صفات الأنوثة (أي الكروموسوم x) ، بينما تحمل الـ٥٠ بالمئة المتبقية الصبغي المذكر (y) ، أما الأنثى فهي تحتوي حصرًا ، الكروموسوم الأنثوي الصفات (x) ، فإذا لقح حيوان منوي يحمل صفات الذكورة ، بويضة الأم فإن الناتج الصبغي الجنسي للجنين سيكون (xy) ، أي أنه سيكون ذكرًا ، أما إذا تم اللقاء بين البويضة و بين حيوان منوي يحمل الصبغي الأنثوي ،فإن الصيغة الصبغية للبويضة الملقحة ستكون (xx) ، أي أن الجنين سيكون أنثى ، وبما أن جنس الجنين يتم فور التقاء الحيوان المنوي بالبويضة ، لذا جاءت الآية الكريمة علي هذا النحو المذهل {مِنْ نُطْفَةٍ خَلَقَهُ فَقَدَّرَهُ} فسبحانك اللهم (14).

=*=*=*=*=*=*=
١١ . أحمد ، أبو عبد الله أحمد بن محمد بن حنبل ، مسند أحمد .
١٤ . النشواتي ، محمد نبيل ، الإعجاز الإلهي في خلق الإنسان و تفنيد نظرية داروين. دار القلم ، دمشق.

يتبع ...